جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@15:42:25 GMT

بعض المنطق

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

بعض المنطق

 

 

فاطمة الحارثية

 

بلغنا من بعض الروايات والأخبار، مثل قصة النمرود وفرعون  وغيرها من القصص التي نشأت عن نبوءة، مدى جهل الإنسان وجشعه، وكيف لهذا الجهل أن يصنع الكثير من الألم والصراعات، وقدرته الفائقة والغريبة في تغيير مجرى الأحداث، وصناعة التاريخ؛ من يوم أن تنبأ إبليس لآدام بالخلود إلى أن تقوم الساعة، ونحن في غياهب النبوءات والافتراضات، يأتي أحدهم ليوسوس في أذنيك، أو يوعز لك بباطل لا خير فيه "ماذا لو.

.. أو سوف يحدث..."، لتسقط صريعا للخيالات والتهيؤات، وبدون دليل أو برهان تؤذي نفسك قبل غيرك، إنه ذاك الغيب الذي صنع الشر على الأرض، إنها الغيبيات والتكهنات التي تقاعسنا عن التعامل معها كما أمرنا الله، فوقعنا في هاوية لا قعر لها.

غزت منصات التواصل الاجتماعي عقول الناس بترهات التنبؤات، وكفر من صدقها وآمن بها، وهي في زمننا ليست إلا تشتيتا واضحا، وتخديرا منكرا لحقائق مهمة يجب أن نُدركها، فعندما يأتي أو تأتي متنبئة تؤكد تحرير فلسطين، ليهلل الناس ويبدؤون بمتابعة وانتظار النصر وكأن النصر يصنع نفسه، ولا دور لهم في ذلك، إنه الجهل والخزي بعينه، ومتنبئ/ ه آخر يقول "فايروس جديد" فيتصارع الناس بشراء الكمامات وتخزين الطعام، وكأنه رب يُمرض ويُشفي ويُطعم، أي زمن نحن فيه اليوم! وأي منطق نعيش عليه، وأين قيمة التعليم والجهد الذي بُذل في المؤسسات التعليمة والأكاديمية، لنعود إلى الجاهلية الأولى، ما هو العذر في هذا الزمن فالأمية تكاد تكون معدومة.

والغريب أن المنصات تغرد بما تهوى وعن غاية في نفس شياطين الإنس، فنحن نكاد لا نسمع شيئا عن مذابح وجرائم السودان، أم بما أن المنصات من صنع الإنسان فهي أيضا عنصرية، ونقل صانعها إليها عقدة الخواجة، فلا نسمع إلا عن مآسي البيض دونا عن خلق الله، إن السودان تأن وتتألم، انتُهك الدين والعرض والإنسانية والبشرية على أرضها، لم ترحم حربها طفلًا ولا نساءَ ولا كهلًا ولا شبابًا، ولا نجد خبرًا إعلاميًا ولا حتى متنبئي إبليس الحقير يذكرونها، وهذا عمدا واضحا، يا لسخرية الإنسان، ما قوله أمام الله وما حجته، تذكر لم يُجبرك إبليس بل دعاك واستجبت له، وربما أنت من قدمت له الخطة وهو اعتمدها لك.

أصبح رهان اليوم الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي السلبي، الذي يؤثر على الرأي العام بما يخدم مصالح سياسية، بعيده كل البعد عن الغرض الذي قبلنا به في حياتنا، وهو الإعمار والتطوير ورفاهية الإنسان، على الابتكار أن يخدم الإنسان ويُمكن له الحياة الطيبة، مثل ذلك مثل الاختراعات والدراسات والبحوث.

نتائج فعل الجهل لا تختلف، فعواقبها مؤذية مهما كانت نية وقصد الفعل، مثل الطفل الذي يعاند أباه فينتهي سلوكه بتدمير أسرة، أو الصاحب الذي يُقدم على مزحة حمقاء تقود لإصابة أو فاجعة، بمجرد أن نقرر أمرا دون تصور احتمالات النتائج والتعمق في ذلك، فالقرار يكون عن جهل، أو تعمد سواء كان من امرأة أو رجل أو مسؤول أو ولي. القدرة على فهم مشاعرنا الحقيقية والرؤية الشاملة، ومُراعاة الجوانب المختلفة قد يقينا من براثن تباعات أفعالنا، الكون لا يدور حولنا وحدنا، بل ثمة آخرين قد نسبب لهم الألم ونحن في وهم تبريرات بلوغ الغاية أو الفوز، وقد يمتد الألم إلى سنوات وعقود وأجيال، بل وقد يكون هو السبب الأساسي في شرور الأرض وجراح الانتقام والكثير من الجرائم.

عندما نتمالك أنفسنا عند أي فكرة، ونعطي للمنطق مساحة، فنحن بذلك ننأى بأنفسنا فعل الجهل، فبمجرد الاعتراف بأن الجهل لا يرتبط بالأمية، ولا بأي من صنوف الاعتقاد من حولنا، فإننا نفتح لعقولنا مجالات واسعة، ونسيطر على ما يتبادر أو يصلنا من نبوءات أو هواجس أو خيالات أو غيرها، فيقل الضرر ونفرق بين الوهم والحقيقة، ونأتي الأمور بروية وحكمة.

سمو...

لسنا على الأرض بالخطأ، ولا صدفة، ولا تعتقد أنك في سلام، ولم تؤثر على أحد أو أمر، لأن إدراكك محدود وعلمك قاصر، فلتأثيرك ما هو بيّن وغيبي، حتى كلماتك تلمس أبعد مما تُدرك أو تعلم، سواء كان من قريب أو بعيد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عرض "تاتانيا" لفرقة أحمد بهاء الدين بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية

 

استقبل مسرح السامر بالعجوزة، العرض المسرحي "تاتانيا"، ضمن فعاليات المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية، في دورته السابعة والأربعين، الذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن برامج وزارة الثقافة، والمستمر حتى 5 يوليو المقبل.

أحداث العرض المسرحي "تاتانيا"

العرض لفرقة قصر ثقافة أحمد بهاء الدين، تأليف بدر محارب، وإخراج محمد يسري، وتدور أحداثه داخل قرية نائية تحاصرها الخرافة ويسيطر عليها الجهل، بسبب الكاهن الذي يصدر القوانين مدعيا أنه يحتكر المعرفة، إلي أن يصل معلم من العاصمة بهدف محو أمية السكان، ويصطدم برفض سلطات القرية التي تعتبر التعليم تهديدا مباشرا لنفوذها.

 

 

 

 

وقال المخرج محمد يسري: إن العرض المسرحي يمثل تجربة غنية بالتفاصيل، سواء على مستوى الأداء التمثيلي أو البناء الدرامي، وهو ما تطلب مجهودا استثنائيا لضمان خروجه بالشكل الذي يليق برسالته الفنية والفكرية التي ترتكز على الصراع بين الجهل والمعرفة.

 

 

 


وأشار إلى أن العمل بدأ التحضير له منذ ست سنوات، وواجه خلال تلك الفترة الكثير من التحديات في اختيار عناصر العرض من ديكور، وممثلين، وغيرها.

من ناحيته، أوضح بطل العرض چون عصمت أنه جسد شخصية "رامون دي جارو"، المعلم القادم من العاصمة بهدف نشر العلم ومحو الجهل المنتشر بين سكان القرية.

 

 


وأضاف أن الشخصية تواجه تحديات كبيرة منذ لحظة دخولها القرية، نتيجة فرض القيود، كمنع شرح بعض المعلومات، وحظر استخدام كتب معينة، في تجسيد واضح لصراع التنوير مع قوى الجهل والتقييد.

 

 

 

وقالت بطلة العرض كريستين ماهر: أجسد شخصية "مونيكا"، فتاة تنتمي إلى قرية ترفض العلم وتؤمن بالخرافات، وعلى الرغم من أن القرية تستقبل كل عام معلما جديدا، لكن لا أحد منهم يستمر، لرفض الأهالي لوجوده، في ظل سلطة كاهن يفرض طقوسا غريبة.

 

 

 

وأشارت كارولين عماد إلى أنها تؤدي دور "سارة"، ابنة صاحب المقهى وأحد أغنى رجال القرية، وتعد من أجمل الفتيات، وهي الأخرى ترفض الممارسات المفروضة من الكاهن، وتتمرد على الواقع المفروض على الأهالي.

وعبّر الشاعر محمد أبو زيد، عن سعادته بمشاركة العرض ضمن فعاليات المهرجان، وأوضح أن الأشعار لم تقتصر على التزيين اللفظي، بل ساهمت في توضيح المشاهد والتعبير عنها بأساليب مختلفة، بما يتناسب مع طبيعة العرض والأحداث.

صناع العرض المسرحي “تاتانيا”

"تاتانيا" تمثيل: زياد محمد، بسام حسن، مينا القس، مريم أيمن، كريستينا ماهر، كيرلس ممدوح، كارولين عماد، ماري نشأت، مريم نشأت، محمد عثمان، إبراهيم عبد الجليل، هيلانا ممدوح، مريم عقاب، عبد الرحمن أحمد، باسيليوس عجيب، وچون عصمت. بالإشتراك مع: مريم، طارق، ريم، رنا.

أشعار: محمد أبو زيد، تصميم ديكور وملابس عبد الناصر أحمد، تنفيذ ديكور علي محمد، وعصام الكر، موسيقى وألحان رضا فاضل، توزيع موسيقي عبد الباري عبد العزيز، تنفيذ ملابس سوسن عبد العال، إكسسوارات مريم عصام، ماكياچ ولاء قناوي، غناء أحمد ظاهر، محمد كمال، ونجلاء فتحي.

لجنة التحكيم 

شهد العرض لجنة التحكيم المكونة من الناقد المسرحي د. محمد سمير الخطيب، الموسيقار د. طارق مهران، د. سيد خاطر، مهندس الديكور حازم شبل والمخرج أحمد البنهاوي، ومقرر لجنة التحكيم ومدير المهرجان الكاتب سامح عثمان. 
وبحضور سمر الوزير، مدير عام الإدارة العامة للمسرح.

المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية

المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية الـ47 يقام بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، والإدارة المركزية للشئون الفنية، برئاسة الفنان أحمد الشافعي، ويشارك به 26 عرضا مسرحيا من إنتاج الإدارة العامة للمسرح، وتقدم مجانا للجمهور بمسرحي السامر وقصر ثقافة روض الفرج، ويصدر عنه نشرة يومية، برئاسة تحرير الشاعر والناقد يسري حسان.

وتتواصل فعاليات المهرجان اليوم الاثنين مع عرضين مسرحيين، الأول بعنوان "الوهم" لفرقة المركز الثقافي بطنطا، عن "ست شخصيات تبحث عن مؤلف"، للكاتب الإيطالي لويجي برانديللو، إعداد أحمد عصام، وإخراج محمود فايد، ويعرض على مسرح قصر ثقافة روض الفرج في السادسة مساء.
بينما يستقبل مسرح السامر في التاسعة مساء، عرض" اليد السوداء" لفرقة بورسعيد النوعية (ابدأ حلمك)، تأليف ميشيل منير، وإخراج بيشوي عماد.

 

مقالات مشابهة

  • قائدُ الأنصارِ.. ناصرُ الطوفان
  • الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ
  • «جوج وماجوج» وعلاقتهما بحرب إيران.. هل اقتربت الساعة؟ الأزهر يكشف أسرار «النبوءات»
  • هشام عبد العزيز: الإسلام رسالة أخلاق وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
  • الإمام الأطروش.. الداعية الإسلامي الحصيف والمَثَلُ الأعلى للمُبَلِّغيْن والقادة في عصرنا الراهن
  • محمد بن راشد: رحم الله محمد عبيد الله.. أحد رجال الإمارات المخلصين
  • في ذكرى رحيله.. عاطف الطيب مخرج الواقعية الذي وثق هموم البسطاء وصراع الإنسان مع السلطة
  • عرض "تاتانيا" لفرقة أحمد بهاء الدين بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية
  • كيف تحصن نفسك من الحسد والسحر؟.. الأزهر للفتوى يكشف 4 طرق مجربة
  • داء القلق