سوريا – وصفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، اجتماعات دمشق التي تم عقدها امس السبت برئاسة مديرها العام فرناندو غونزاليز، بالمثمرة والمنفتحة، مؤكدة استعدادها لدعم سوريا في إيفاء التزاماتها.

وعقد وفد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية برئاسة غونزاليز مع رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، اجتماعات في العاصمة دمشق.

وذكرت المنظمة في بيان أورده مركز أنباء الأمم المتحدة، أن الزيارة “تضمنت اجتماعات مطولة ومثمرة ومنفتحة جدا جرى خلالها تبادل معمق للمعلومات، وهو ما سيمثل أساسا سيستند إليه للتوصل إلى نتائج ملموسة وكسر الجمود الذي استمر لما يزيد على 11 عاما”.

وقالت المنظمة إن “هذه الزيارة تشكل خطوة أولى نحو إعادة بناء علاقة عمل مباشرة بين الأمانة الفنية للمنظمة وسوريا، بعد 11 عاما من الركود وعدم إحراز تقدم مع السلطات السابقة”.

وأوضحت المنظمة أن الجانبين ناقشا في اجتماعهما التزامات سوريا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ودور المنظمة وولايتها، ونوع الدعم الذي يمكن أن تقدمه الأمانة الفنية إلى سوريا لإزالة مخلفات برنامج الأسلحة الكيميائية.

بدوره، قال المدير العام للمنظمة: “هذه الزيارة تمثل إعادة ضبط للأمور، فبعد 11 عاما من العرقلة التي مارستها السلطات السابقة، أمام حكومة تسيير الأعمال السورية فرصة لطي الصفحة والإيفاء بالتزامات سورية بموجب الاتفاقية”.

وأضاف: “وجودي في دمشق تجسيد لالتزام المنظمة بإعادة بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة والشفافية”، مشيرا إلى أن “ملف الأسلحة الكيميائية السوري ظل لأكثر من عقد من الزمن في طريق مسدود، واليوم علينا أن نغتنم هذه الفرصة معا للخروج من هذا الطريق المسدود لما فيه خير الشعب السوري والمجتمع الدولي”.

وشدد المدير العام للمنظمة على أن “المنظمة تتطلع إلى العمل مع الحكومة السورية في سبيل معالجة هذه المسائل المفتوحة والإيفاء بمسؤولياتها لاستعادة حقوقها في المنظمة”، لافتا إلى أنه “قدم إلى الرئيس الشرع والوزير الشيباني خطة عمل الأمانة المؤلفة من تسع نقاط بشأن سوريا”.

وأكد مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية استعداد المنظمة لدعم سوريا في الإيفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، موضحا أن حكومة تسيير الأعمال ستعمل على حماية الشعب السوري، وستساعد على محاسبة كل من ثبت أنهم استخدموا الأسلحة الكيميائية، وستعزز سمعة البلد باعتباره عضوا في المجتمع الدولي يمكن الاعتماد عليه والوثوق به.

واختتم بالقول: “إن هذه الزيارة تمهد الطريق للعمل معا في سبيل إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية السوري إلى الأبد، وتعزيز الامتثال على المدى الطويل، والاستقرار الإقليمي، والمساهمة في السلم والأمن الدوليين”.

 

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: منظمة حظر الأسلحة الکیمیائیة

إقرأ أيضاً:

سوريا ولبنان بين اختبار الانفتاح وتراكم الأزمات

تتهيأ بيروت ودمشق لاستحقاق دبلوماسي غير عادي، مع الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وهي الأولى من نوعها منذ وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الحكم وسقوط نظام بشار الأسد. أهمية هذه الزيارة لا تكمن فقط في كونها بداية التواصل العلني على هذا المستوى بين الحكومتين، بل أيضا في كونها تحمل أربعة ملفات شائكة ستختبر مدى استعداد البلدين لفتح صفحة جديدة أو الاكتفاء بالرسائل الرمزية.

على المستوى الإجرائي، يجري التحضير للزيارة على عدة خطوط متوازية. فالاتصالات بين وزارتي العدل في البلدين نشطة منذ أسابيع بهدف صياغة تفاهم مبدئي حول ملف الموقوفين السوريين في لبنان، وهو الأكثر حساسية من الناحية الإنسانية والسياسية. وبحسب التسريبات، يسعى الجانب السوري إلى ضمان الإفراج عن 375 معتقلا كبادرة حسن نية، على غرار ما فعله الرئيس الشرع في زيارته الأخيرة إلى الإمارات حين عاد برفقة المعتقل السوري مهند المصري. لكن خلف هذا الرقم، هناك واقع أكثر تعقيدا: أكثر من 2700 سوري ما زالوا في السجون اللبنانية منذ 2011، كثيرون منهم معتقلو رأي أو أشخاص موقوفون إداريا دون محاكمة، ما يعني أن أي خطوة جزئية لن تُقرأ إلا باعتبارها اختبارا للنيات لا حلا نهائيا.

أما الملف الثاني، وهو ضبط الحدود، فيحمل طابعا أمنيا بامتياز، إذ يشمل وضع آليات مشتركة لإغلاق المعابر غير الشرعية ووقف تهريب السلاح والمخدرات بين البلدين، وهي أنشطة تداخلت فيها مصالح شبكات سياسية وعسكرية واقتصادية طوال العقد الماضي. من وجهة نظر دمشق، فإن إحكام السيطرة على هذه الحدود لم يعد ترفا، بل ضرورة لوقف استهدافها سياسيا وأمنيا، خاصة بعد الاتهامات الدولية باستخدام بعض المناطق السورية كمراكز لتصنيع المخدرات وتهريبها. ومن وجهة نظر بيروت، فإن وقف تهريب السلاح من سوريا إلى الداخل اللبناني -أو العكس- جزء من الالتزامات التي تفرضها الضغوط الإقليمية والدولية، ولا سيما في ظل التوتر المستمر مع إسرائيل.

الملف الثالث، أموال المودعين السوريين في المصارف اللبنانية، يلامس صميم الأزمة الاقتصادية اللبنانية. منذ انهيار 2019، جُمدت ودائع تُقدَّر بمئات ملايين الدولارات تعود لسوريين، كثير منهم رجال أعمال كبار كانت لديهم حسابات تشغيلية أو استثمارية في لبنان. دمشق ترى أن استعادة هذه الأموال أو على الأقل إعادة جدولتها ضرورة اقتصادية، فيما يجد لبنان نفسه عاجزا عن تقديم ضمانات حقيقية في ظل أزمة مصرفية غير مسبوقة.

الملف الرابع، ملاحقة فلول النظام السابق الفارين من العدالة، قد يكون الأكثر إثارة للجدل سياسيا. فدمشق تريد تسلم شخصيات متهمة بارتكاب جرائم حرب أو فساد مالي، وتقول إنها تملك أدلة على نشاط بعضهم من لبنان ضد الدولة السورية الجديدة. غير أن هذا الطلب سيصطدم بجملة تعقيدات قانونية وسياسية داخل لبنان، من بينها الانقسام حول تعريف "شرعية" النظام السوري الحالي، والحساسيات الطائفية والسياسية المرتبطة بهذه الأسماء.

أما البعد الأمني غير المعلن للزيارة، فيرتبط مباشرة بملف حزب الله واستمرار حضوره كمصدر تهديد للأمن القومي السوري في عهد الشرع. فدمشق الجديدة ترى أن نشاط الحزب في بعض مناطق الساحل السوري -الذي كُشف أخيرا بعد إحباط تحركات عسكرية كانت تتم بالتنسيق مع شبكات محلية- يمسّ باستقرار بيئات تعتبرها القيادة السورية خط دفاع أول عن الدولة. كما تتهم الأجهزة السورية الحزب بلعب دور الوسيط والمموّل في إعادة تنظيم بعض فلول النظام السابق، وتوفير خطوط دعم لوجستي لهم، وهو ما تعتبره دمشق تقويضا لجهودها في تفكيك إرث الأسد. وفي أحداث السويداء الأخيرة، رصدت دمشق إشارات إلى استفادة بعض الفصائل المحلية من قنوات دعم أو تحريض غير مباشر مرتبطة بالحزب، ما عزز قناعة القيادة بأن ملف حزب الله لم يعد شأنا لبنانيا صرفا، بل مسألة أمن قومي سوري تتطلب معالجة مباشرة مع بيروت، ولو في إطار تفاهمات غير معلنة.

هذه الزيارة ستتضمن أيضا بعدا سياسيا داخليا لبنانيا، حيث سيلتقي الشيباني رئيسَ الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يملك قدرة على لعب دور الوسيط بين أطراف لبنانية متباعدة. وهناك أيضا مسعى لترتيب زيارة إلى طرابلس، استجابة لدعوات فعاليات سياسية واجتماعية محلية، تقديرا لمواقف المدينة المؤيدة للشعب السوري خلال الثورة.

لكن القراءة التحليلية للمشهد تكشف أن هذه الزيارة تحمل أكثر من رسالة. أولا، إعلان من دمشق أنها لم تعد تقبل بترحيل الملفات العالقة مع بيروت، وأنها تنظر إلى العلاقة مع لبنان بوصفها جزءا من إعادة تموضعها الإقليمي بعد الانفتاح على الخليج وتركيا. ثانيا، اختبار لمدى قدرة بيروت على التعامل مع الحكومة السورية الجديدة بمرونة أكبر، في وقت تضغط فيه قوى إقليمية، خصوصا السعودية والإمارات، باتجاه تطبيع تدريجي مع دمشق لكن وفق شروط سياسية واضحة. ثالثا، هي أيضا مناسبة لدمشق لتأكيد حضورها الدبلوماسي في ساحة إقليمية تتحرك بسرعة، ولتقديم نفسها كشريك في ملفات أمنية واقتصادية عابرة للحدود.

في المقابل، يواجه هذا المسار عقبات حقيقية. فملف الموقوفين لا يمكن فصله عن الانقسام اللبناني حول اللاجئين السوريين، وملف ضبط الحدود يتطلب تعاونا عسكريا واستخباريا غير مضمون، وملف الأموال رهينة أزمة مصرفية أعمق من أن تُحل بقرار سياسي، أما ملف الفارين فسينفتح على مواجهة داخلية بين حلفاء وخصوم دمشق.

ختاما، يمكن القول إن زيارة أسعد الشيباني لن تكون مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل محطة اختبار جدية لمسار العلاقات السورية-اللبنانية في عهد الشرع. نجاحها سيعني فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون، وفشلها سيعيد تثبيت الجمود وربما يضاعف التوترات. وفي الحالتين، فإنها تعكس حقيقة أن دمشق، بعد سنوات العزلة والحرب، قررت أن تضع الملفات المؤجلة على الطاولة، وأن تفرض إيقاعها على جيرانها، بدءا من لبنان الذي يجد نفسه بين حاجته إلى التعاون مع سوريا، وحساباته الداخلية والإقليمية المعقدة.

مقالات مشابهة

  • الأعلى تصويتًا فى تاريخه.. محمد سامح عمرو يكشف كواليس رئاسته لمجلس اليونسكو
  • أحداث الساحل السوري بين رواية دمشق وتقرير لجنة الأمم المتحدة
  • سوريا ولبنان بين اختبار الانفتاح وتراكم الأزمات
  • 10 ملايين دولار مكافأة لمن يرشد عن قادة منظمة المخدرات المكسيكية
  • منظمة التعاون الإسلامي تدين خطة إسرائيل لبناء 3400 وحدة استيطانية في الضفة والقدس
  • التعاون الإسلامي تدين خطة إسرائيل لبناء 3400 وحدة استيطانية في الضفة والقدس
  • دمشق تمنع طائرة إيرانية من استخدام المجال الجوي السوري
  • تركيا تحذر قسد من مغبّة المماطلة في الاندماج ضمن الجسم السوري
  • مباحثات لتعزيز التعاون بين سوريا وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة
  • منظمة الصحافيين:إدماج الصحافة الالكترونية فرصة تاريخية