لجريدة عمان:
2025-06-30@22:27:21 GMT

حارات للاستخدام

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

تمثل الحارات القديمة أهمية كبيرة للفكر الاجتماعي البشري، لأنها تخبر عن كيفية عيش سكانها وطريقتهم في الحياة، ويُمكن مراقبة الحارات القديمة في عُمان لتبيّن الكثير عن أولئك الذين عاشوا فيها، لا سيما فيما يتعلق بالبناء الاجتماعي والفكري والمعماري، إذ إن البناء كان يدلّ -على سبيل المثال- استغناء سكّان هذه الحارات عن السيارة في معيشتهم، لذلك تجد السكة تحاذي البيت تماما ويُمكنها أن توصلك إلى مناطق الارتكاز في الحارة مثل المسجد أو السوق، مما يجعلها حارة قابلة للمشي، إذ إنها تعتمد بشكل كامل على المشي في أرجائها من غير الحاجة لوسائل أخرى.

شهدت هذه الحارات تحولات اجتماعية وعمرانية، فمن الجانب الاجتماعي هجرها الكثير من السكان ولم يتم الاهتمام بها، حيث إن السكن في بيوت حديثة ربما قريبة أو بعيدة كان الخيار الأسهل بدلا من ترميم البيوت المبنية بالجص والحجارة في الغالب، وساعد على ذلك كثرة الهجرة إلى المدن حيث العمل أو الدراسة. أما من الجانب العمراني، فإن هذه الحارات بسبب هجران أهلها لها وعدم اهتمامهم بها، بدأت تعاني من سقوط البيوت فيها بسبب الأمطار أو الرياح أو غيرها من العوامل الطبيعية.

في هذه الحالة، وبدلا من الهجران التام لها، وعدم الاهتمام بهذه البيوت أو النسق العمراني الذي يشكّل أنموذجا مهمًّا لدراسة الفكر العمراني البشري وإمكانية معالجة الحارات الحديثة -العشوائية وغير المنظمة- من خلاله، فإن حل الاستخدام الاقتصادي والسياحي يأتي باعتباره ضرورةً مهمّة وملحة.

يُمكن البدء في هذا الاستغلال من خلال المبادرات الأهلية المهتمة بإعادة إحياء الحارة، إذ إن النظر إليها ومحاولة استكشاف الفرص الاقتصادية الممكنة ليس أمرًا صعبا، فمن خلال نظرة بسيطة للحارة يُمكن إيجاد الكثير من الإمكانات المختبئة بين جدران بيوتها وسكيكها، كيف إذن بسكّانها والعارفين بتاريخها ومواردها. توفّر الحارات فرصًا اقتصادية عديدة يُمكنها أن تخلق فرص عمل للشباب الساكنين بجوارها، فعلى سبيل المثال، يُمكن تحويل بعض بيوتها إلى مقاه للجلوس، وبعض البيوت فنادق للسياح، والبعض الآخر متاحف وهكذا.

هناك بعض الأمثلة للاستغلال الاقتصادي والسياحي لمثل هذه الحارات، لن يُطرح مثال حارة العقر هنا لأنه أولا أشهر من أن يُذكر وثانيا بحاجة لمقالة أخرى أكثر تفصيلا، لكن عدا حارة العقر، فإن حارة العين في إزكي على سبيل المثال هي واحدة من تلك الحارات التي استغلت بشكل جيد، فتم ترميمها أولا بنفس الطريقة التي بُنيت من خلالها (جميع البيوت في حارة العين بُنيت بالحجارة) ثم أضيفت لها بعض المقاهي والنزل، فصارت مزارًا سياحيا يُمكّن استغلالها سينمائيًّا أيضًا، وقد التفت لهذا بعضهم فبدأ بتصوير فيلم أو بعض المشاهد فيها. ومن الأماكن التراثية التي استغلّت لإيجاد مقهى فيها أيضا حصن شناص، حيث أقيم مقهى داخله، وبدأ الزوار بارتياده سواءً من أهل الولاية أو من خارجها. كذلك الأمر في حارة الصفح في إبراء. أما من حيث المتاحف، فإن حارة قصرى افتتح فيها متحفًا كان كفيلا بجذب الزوار إليه، وكذا الأمر في حارة المنزفة في إبراء عندما افتُتح بيت الدروازة متحفًا، حيث يقصده الكثير من الزوار ويكون من ضمن خططهم عند زيارة الولاية.

هذه النماذج ليست كافية، لأن كثيرًا منها يعتمد على مصدرٍ وحيد وهو المقهى أو النزل أو المتحف الذي افتتح فيها، لكن باقي الحارة تُركت ليعيث فيها الزمن خرابًا، فإذا أُخذت حارتي القناطر والمنزفة في إبراء مثالًا، فإن في هاتين الحارتين مقومات كثيرة للاستغلال الاقتصادي، إذ إنهما يحتويان على إمكانيات تؤهلهما لتكونا أكثر استدامة، سواء من الناحية الاقتصادية أو الناحية السياحية، إذا تم الاهتمام بها وترميمها، ثم تحويل كل بيت فيها، أو الأغلب على الأقل، إلى مكان للزيارة. يُمكن أن تكون هذه الحارات مزارات لقضاء عدة أيام فيها، أو في الولاية نفسها ثم العودة إليها مرة أخرى، مع توفير منافذ البيع المختلفة التي تجعل السائح يجد فيها ما يريد من أكل وشرب ومسكن وتحف أثرية وسياحية فيها. يُمكن كذلك أن تستغل في أفكار سياحية أكثر إبداعًا مثل أن تكون التجربة في هذه الحارات مخالفة للتجارب السياحية الأخرى فيعود فيها الساكن إلى «العيش في التاريخ» دون انترنت أو سيارة أو استخدام أي تكنولوجيا. مما يدعو السياح لقضاء وقتٍ أكبر في هذه الأماكن، يستفيد من خلاله الاقتصاد. الأفكار كثيرة لكنها بحاجة إلى التفات وحسن استغلال. ولا يجب أن يُعوّل على الجهود الأهلية فحسب، بل أن تلتفت المؤسسات الخاصة والحكومية إلى مثل هذه الفرصة لخلق بيئة سياحية واقتصادية أكثر استدامةً.

من التحديات التي تواجه مثل هذا التوجه أولا نقص التمويل والصيانة، ويُمكن حل هذه المسألة من خلال التفات القطاع الخاص والحكومي إليها وتوفير التمويل اللازم بحيث يُمكن إعادة إحيائها. وكذلك ضعف الترويج لها، وهنا يأتي دور الوكالات الإعلامية التي يُمكن أن تجد في ذلك فرصةً تجارية بحيث تكون مروّجًا لها وإيجاد مكان لنفسها فيها بحيث تقدّم خدماتها للزوار. والتحدي الثالث الذي يُمكن ذكره هنا هو التحديات القانونية المتعلقة بملكية هذه العقارات، وحل هذه العقبة أن ينتشر الوعي بأهمية استغلال الحارات وإعطاء أصحاب الملكيات منافع في حال تم استغلالها مثل الأولوية في فرص العمل، أو نسبة من الأرباح أو شراء الملكية.

هذه الحارات تمثل فرصًا ضائعة وغير ملتفت لها، ولذلك يجب على أهلها أو الساكنين بجوارها أن يبدأوا في حسن استغلالها اقتصاديًا وسياحيًا، كما يجب على المستثمرين والقطاع الخاص والحكومي أن يوفرّوا التمويل اللازم لإعادة إحيائها من جديد بحيث تشكّل أماكن سياحية مستدامة والترويج لها باستمرار، فإن السياح -خاصة أولئك الآتين من الخارج- يوّدون عيش تجربة مماثلة، بحيث تجعلهم قادرين على استنتاج طريقة العيش والفكر الاجتماعي والعمراني لأولئك الذين كانوا يسكنون فيها ثم ذهبوا وتركوها لوحدها، أطلالًا تدلّ عليهم وتخبر الزائرين بوجودهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه الحارات

إقرأ أيضاً:

طقس الاثنين: أجواء جد حارة مع هبوب رياح قوية 

تتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية، اليوم الاثنين، أن تتميز الحالة الجوية عامة، بطقس حار إلى محليا جد حار بعدد من مناطق البلاد، بما في ذلك السهول الشمالية والوسطى والسايس وجنوب الريف، وهضاب الفوسفاط ووالماس والجنوب الشرقي للبلاد، وداخل كل من منطقة سوس والأقاليم الصحراوية.

وستكون الأجواء حارة نسبيا فوق مرتفعات الأطلس المتوسط وشرق البلاد، إلى جانب تمركز سحب غير مستقرة شيئا ما ومصحوبة بقطرات مطرية ورعد متفرق فوق مرتفعات الأطلسين الكبير والصغير وكذا بسفوحهما الشرقية.

كما سيلاحظ تشكل ضباب محلي خلال الصباح والليل على سواحل البحر الأبيض المتوسط وبالقرب من السواحل الوسطى والجنوبية.

وستهب الرياح قوية نوعا ما بكل من الجنوب الشرقي والمناطق الوسطى والأقاليم الصحراوية ومنطقة طنجة ومرتفعات الأطلس حيث ستكون مرفوقة بتطاير الغبار محليا.

وستتراوح درجات الحرارة الدنيا ما بين 30 و 35 درجة بأقصى الجنوب الشرقي للبلاد، وبين 17 و 25 درجة بكل من مرتفعات الأطلس والجنوب وسواحل البحر الأبيض المتوسط وشرق البلاد، وستكون مابين 25 و 30 درجة فيما تبقى من ربوع المملكة.

أما درجات الحرارة خلال النهار، فستكون في انخفاض فوق السواحل الوسطى ومنطقة سوس وغرب الأقاليم الجنوبية.

وسيكون البحر هادئا بالواجهة المتوسطية، وهادئا إلى قليل الهيجان بالبوغاز، وقليل الهيجان إلى هائج مابين كاب سبارتيل وبوجودر، وهائجا بباقي السواحل، وسيكون أحيانا هائجا الى قوي الهيجان ليلا جنوب كاب بارباص.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمات دلالية أحوال الطقس اجواء حارة الحالة الجوية رياح قوية

مقالات مشابهة

  • 47 – 48 مئوية.. موجة حارة على أجزاء من المنطقة الشرقية
  • إخماد حريق محدود داخل حارة اليهود بالموسكي
  • اندلاع حريق في أحد المحلات التجارية بـ حارة اليهود
  • طقس الاثنين: أجواء جد حارة مع هبوب رياح قوية 
  • قاعدة العديد في قطر والإنذار الأخير.. خفايا الليلة التي عبرت فيها الصواريخ الإيرانية أجواء الخليج
  • موجة حارة تضرب العراق
  • الأحد .. أجواء حارة نسبياً 
  • تبدأ غداً.. موجة حارة تضرب العراق والجنوب الأشد تأثراً
  • ماذا حرم في شهر محرم الهجري؟.. 3 أفعال الوقوع فيها سهل
  • موجة حارة.. بيان درجات الحرارة ونسب الرطوبة على مدن المملكة