12 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: يتريث العراق تقديم التهنئة لأحمد الشرع بتوليه رئاسة المرحلة الانتقالية في سوريا، ما أثار تساؤلات حول موقف بغداد الحقيقي من التغيرات الجارية في الجارة المضطربة.

لم يكن هذا التجاهل مجرد تفصيل بروتوكولي، بل يعكس موقفًا سياسيًا واضحًا، إذ اعتبر بعض السياسيين العراقيين أن ما حدث في سوريا “فتنة”، وهو توصيف يشي بقلق عراقي عميق من تداعيات المشهد السوري على الداخل العراقي.

رأى عدد من السياسيين العراقيين أن الشرع وحكومته يحملون إرثًا من الشبهات، ما يجعل تقديم التهنئة أمرًا غير محسوب العواقب.

القيادي في الإطار التنسيقي، محمود الحياني، كشف عن وجود “ملاحظات وإشكاليات” على الرجل وفريقه، مشيرًا إلى أن بعضهم متهمون بقضايا إرهابية داخل العراق، في إشارة ضمنية إلى الارتباطات السابقة لبعض الفاعلين في المشهد السوري الحالي بالجماعات المتطرفة التي نشطت في العراق خلال السنوات الماضية.

و تبنى البرلمان العراقي موقفًا متريثًا إزاء الحكومة السورية الانتقالية، وهو نهج لم يكن مستغربًا في ظل حساسية الملفات الإقليمية، وخصوصًا تلك التي تمس التوازنات الدقيقة بين بغداد ودمشق وطهران وواشنطن. الحسابات المعقدة للقوى العراقية المتحالفة مع إيران لعبت دورًا رئيسيًا في صياغة هذا التريث، إذ إن أي انحياز واضح قد يترتب عليه تداعيات داخلية وإقليمية.

مثلت شخصية أحمد الشرع نقطة خلافية في المشهد العراقي، نظرًا لماضيه الحافل بعلاقات متشابكة مع أطراف متطرفة.

ومشاركته في الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية والحكومة العراقية حتى عام 2005، واحتجازه في سجن بوكا، الذي كان مرتعًا لصعود قادة التنظيمات الإرهابية، لم يكن تفصيلًا يمكن تجاوزه بسهولة.

كما ان ارتباطه اللاحق بجبهة النصرة، التي شكلت فرعًا للقاعدة في سوريا، عزز من الشكوك حول نواياه، رغم محاولاته لاحقًا إعادة التموضع سياسيًا والتخلي عن الارتباطات الجهادية السابقة.

و تعاملت الولايات المتحدة بحذر مع الشرع، حيث وضعته وزارة الخارجية الأميركية على قائمة “الإرهابيين الدوليين” في 2013، وأعلنت لاحقًا مكافأة مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، قبل أن تلغي هذه المكافأة في ديسمبر 2024. هذا التبدل في الموقف الأميركي أثار تكهنات حول تغيرات محتملة في المشهد السوري، لكنه لم يكن كافيًا لإقناع بغداد بالتعامل مع الشرع كحليف محتمل.

يبقى موقف العراق محكومًا بعوامل متعددة، تبدأ بحسابات الداخل وتنتهي بميزان القوى الإقليمي، حيث يسعى إلى تجنب الوقوع في أي استقطاب حاد قد يؤثر على استقراره الهش.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: لم یکن موقف ا

إقرأ أيضاً:

بغداد تدخل نادي المدن الذكية: الأمانة تتبنى رقمنة المعاملات لخدمة المواطن

30 مايو، 2025

بغداد/المسلة: انطلقت في العاصمة بغداد أولى ملامح التحول الجاد نحو مفهوم المدن الذكية، من خلال خطوات رقمية متسارعة تبنّتها أمانة بغداد لتحديث أداء مؤسساتها وتسهيل معاملات المواطنين.

ووسّعت أمانة بغداد من رؤيتها التخطيطية لتشمل التنمية المستدامة والتكنولوجيا الحضرية، مستندة إلى توجهات الدولة العراقية في ربط مفاصل الخدمات البلدية بأنظمة رقمية متطورة، تسهم في تقليل البيروقراطية، وتحسين كفاءة الأداء، وتلبية حاجات السكان في بيئة حضرية متغيرة.

وتعكس هذه المبادرات توجهاً واضحاً لدى الأمانة لتجاوز الأساليب التقليدية في الإدارة والخدمات، والدخول في مرحلة نوعية ترتكز على التكامل بين التحول الرقمي، والتخطيط البيئي، والابتكار الخدمي، بما يجعل من بغداد مدينة متصلة ببنية المستقبل العمراني العالمي.

واعلن أمين بغداد المهندس عمار موسى كاظم عن دخول العاصمة في طور جديد من التحول الرقمي عبر تحديث آليات إنجاز معاملات المواطنين في دوائر أمانة بغداد، بوصفها خطوة أولى نحو بغداد ذكية ومستدامة تستلهم نماذج عالمية في التطوير الحضري.

واكد خلال مشاركته في مؤتمر المدن الذكية العراقي الذي نظمه اتحاد الغرف التجارية بالتعاون مع غرفة التجارة الدولية، أنّ الأمانة باتت تضطلع بدور ريادي في مواجهة التحديات الحضرية من خلال رقمنة خدماتها، وانضمامها إلى المنتدى العربي للمدن الذكية يعزز من فرص تبادل التجارب والخبرات مع مدن عربية متقدمة.

واوضح أنّ الأمانة شرعت بتطبيقات جديدة لاستقبال شكاوى المواطنين رقمياً، وتطوير نظام معاملات البناء بما يقلل التماس المباشر ويزيد من الشفافية والسرعة، في مشهد يعكس انتقالاً تدريجياً نحو مدينة إلكترونية الإدارة وخدمية الهوية.

واشار إلى أنّ إطلاق الأعمال التنفيذية لمشروع مدينة الصدر الجديدة جاء بوصفها نموذجاً لمدينة ذكية ومستدامة، تراعي المعايير البيئية والمعمارية الحديثة، بالتوازي مع مشاريع طموحة أخرى مثل غابات بغداد المستدامة، ومشروع تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية، ما يشير إلى توجّه شامل لإعادة تعريف البنية الخدمية والبيئية للعاصمة.

واستحضر مراقبون في تدوينات متفرقة على منصة “إكس” أهمية هذه المبادرات في معالجة تراكمات عقود من التراجع الخدمي والتخطيط العشوائي.

وكتب الصحفي حسام الطائي: “أخيراً نسمع عن بغداد ذكية.. التحول الرقمي ليس رفاهية بل أداة عدالة حضرية”. فيما غردت المهندسة سهى اللامي: “إذا التزمت أمانة بغداد بخارطة الطريق الرقمية، فسنشهد تحوّلاً حقيقياً في حياة الناس”.

واستندت هذه القفزة إلى رؤية أمانة بغداد في اللحاق بمستوى المدن العربية الكبرى، بعد سنوات من الغياب عن خارطة التنمية الحضرية المستدامة، إذ تسعى لجعل العاصمة ساحة تجريب فعلي لأفكار مدن المستقبل، لا مجرّد تقليد نظري لتجارب الآخرين.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  •  ملف الرواتب على طاولة الحل الدستوري.. وبغداد تشترط الالتزام بالموازنة والمحكمة
  • بارزاني والسوداني بين السطور.. الرواتب تكتب فصلاً جديداً من الصراع
  • البلبل العراقي على قائمة الانقراض
  • أثير الشرع: المثقف العراقي عاش اغترابا داخليا
  • الأمن العراقي يطيح بأكبر شبكة للتهريب في بغداد
  • بغداد تدخل نادي المدن الذكية: الأمانة تتبنى رقمنة المعاملات لخدمة المواطن
  • باحث بالشأن الثقافي العراقي: حرية المثقفين موجودة في العراق ولكن دون تجاوز الخطوط الحمراء
  • مديونية العراق تتجاوز 130 مليار دولار وعجز يهدد الرواتب
  • أردوغان يعيد إحياء معركة الدستور.. ما موقف المعارضة وكيف يبدو المشهد؟
  • بغداد ترفض الضغوط: السيادة لا تُستدرج بالعقوبات