كيف انهارت البُنية التحتية العسكرية لإيران في سوريا؟
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
اعتبر ماركوس شنايدر، مدير مشروع "السلام والأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، في مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية العريقة، أنّ هزيمة طهران في سوريا تُماثل سيناريو هزيمة الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان، وهو ما يُمكن أن يُبشّر بنهاية النظام الإيراني وسقوطه، خاصة مع تصاعد قوة المُعارضة الإيرانية في الداخل والخارج.
????EXCLUSIF. « L’Iran a été trahi par l’armée syrienne »
Ancien haut commandant des gardiens de la Révolution islamique, Hossein Kanani Moghaddam explique les raisons qui ont, selon lui, entraîné la chute de Bachar el-Assad.
➡️ https://t.co/pswHs2EPEe
Par @arminarefi pic.twitter.com/vN4OUm1fat
وكشف تقرير أورده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في برلين، أنّ إيران كان لديها لغاية يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) 2024، ما يصل إلى 10 آلاف جندي من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، و5 آلاف جندي آخر من الجيش، بالإضافة إلى آلاف أخرى من عناصر الميليشيات المسلحة المدعومة من طهران.
كما امتلكت إيران 55 قاعدة عسكرية في سوريا، بالإضافة إلى 515 نقطة للمسلحين الموالين. وكان على الأراضي السورية نحو 830 موقعاً عسكرياً أجنبياً، 70% منها كانت تابعة لإيران، أي 570 موقعاً خسرتها طهران اليوم. وحسب عدّة مصادر فقد أنفقت إيران ما يزيد عن 60 مليار دولار لإبقاء النظام السوري السابق في السلطة.
وكانت الجمهورية الإسلامية أول دولة تُرسل "مُستشارين" عسكريين إلى سوريا في عام 2011، لمُساعدة الرئيس السوري السابق ضدّ الفصائل المسلحة المُعارضة.
وحسب القائد السابق في الحرس الثوري المحلل السياسي حسين كناني مقدم، فإنّ "إيران تعرّضت للخيانة من قبل الجيش السوري"، مُشيراً إلى أنّ بلاده هي الخاسر الأكبر من سقوط بشار الأسد. وهو يرى في الإطاحة المُفاجئة بالنظام السوري خسارة حلقة أساسية في "محور المقاومة" طهران-بغداد-دمشق-بيروت، الذي تمّ تجهيزه على مدار 45 عاماً.
مكافحة الإرهاب ـ واقع الجماعات المسلحة الموالية لإيران بعد سقوط نظام الأسد - https://t.co/Oz4GsG7FaY
— ECCI (@European_ct) February 9, 2025 هل تعود إيران؟وذكرت الباحثة في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بسمه فايد، أنّ البنية التحتية الإيرانية العسكرية الواسعة في سوريا انهارت مع سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وهو ما يُمثّل ضربة قوية لاستراتيجية طهران لفرض قوتها في الشرق الأوسط، وسط تنامي المخاوف الإقليمية والدولية من السُّبل التي قد تتبعها طهران للحفاظ على مصالحها في ظلّ المتغيرات السياسية.
وسحبت إيران كل أفراد الحرس الثوري الإيراني من سوريا، وكذلك مُقاتلي الجماعات المسلحة من الباكستانيين والأفغانيين والعراقيين واللبنانيين والسوريين، وذلك إلى بلدة القائم الحدودية على الجانب العراقي. كما أنّ بعض العناصر الإيرانيين في دمشق رجعوا إلى طهران، بينما فرّ مُقاتلو حزب الله برّاً إلى لبنان، حيث أجبروا على ترك كميات كبيرة من المُعدّات العسكرية والأسلحة، والتي دُمّر الكثير منها لاحقاً في غارات جوية إسرائيلية، أو استولى عليها تنظيم هيئة تحرير الشام ومجموعات مسلحة أخرى تمّ حلّها مؤخراً.
وقالت باربرا ليف، المسؤولة الكبيرة في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، إنّ التضاريس الاستراتيجية في سوريا أصبحت الآن مُعادية للغاية لعودة الإيرانيين عسكرياً، إلا أنّ هذا لا يعني أنّهم لن يُحاولوا إعادة إدخال أنفسهم.
وعلى عكس زعماء إيران، الذين قللوا من حجم الخسارة الاستراتيجية التي تكبّدتها بلادهم في سوريا، يعترف العميد في الجيش الإيراني بهروز أسبتي "تلقينا ضربة قوية للغاية وكان الأمر صعباً جداً". كاشفاً أنّ علاقات إيران مع النظام السوري السابق كانت متوترة مما أدّى إلى الإطاحة به، حيث رفض طلبات متعددة للجماعات المدعومة من إيران لفتح جبهة ضدّ إسرائيل من سوريا.
ويُحذّر مراقبون من أنّ إيران ستواصل دعم وكلائها في الشرق الأوسط، إلا أنّ هذا لا يُخفي حقيقة مفادها أنّ قُدرات طهران المالية والعسكرية قد تقلّصت بشكل كبير. كما أنّ إيران تخشى من تداعيات داخلية فضلاً عن فقدان نفوذها في سوريا.
«Le régime iranien tombera comme le régime syrien est tombé» : des milliers d’opposants à la dictature des mollahs mobilisés à Paris https://t.co/mJs7gM7SCl
— Le JDD (@leJDD) February 9, 2025 عودة الزخم للمُعارضة الإيرانيةوبحسب الباحثة أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط، فإنّ سقوط النظام السوري يُقلق النظام الإيراني الذي يُواجه معارضة داخلية، والذي تمّ إضعافه جراء القصف الإسرائيلي. وهي ترى أنّ "الحرس الثوري صامد حتى الآن، لكنّ ما حدث يُمكن أن يُعيد الزخم إلى حركة الاحتجاج الشعبية في إيران".
وحذّر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في برلين، من أنّ إيران لن تتخلّى عن طموحاتها في الهيمنة الإقليمية، ويبدو أنها قد تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الجماعات الجهادية التي تعتزم مواصلة الأنشطة الجهادية ضدّ إسرائيل من الأراضي السورية. كما يُمكن الافتراض أن إيران ستسعى إلى استعادة قنوات نفوذها في سوريا من خلال استغلال علاقاتها مع قيادة تنظيم القاعدة.
كما وستسعى إيران لتغيير استراتيجيتها، للحفاظ على نفوذها عبر منع إنشاء نظام جديد ومُستقر في سوريا، حيث دعمت في السابق قوى عمدت إلى زعزعة الاستقرار في العراق وأفغانستان لمواجهة النفوذ الأمريكي وفرض قوتها.
وذكرت الباحثة في المركز بسمه فايد، أنّه من غير المُرجّح أن تسمح القيادة السورية الجديدة للحرس الثوري الإيراني بتجديد وجوده العسكري في سوريا في القريب العاجل. ومع بدء تراجع توازن القوى في المنطقة ضدّ مصلحة النظام الإيراني، تتصاعد الدعوات من المُعارضة الإيرانية لفرض أقصى الضغوط على طهران بالاستفادة من شلال سقوط الأسد.
ويأمل مُعارضو نظام طهران أن تُساهم الضغوط الدولية في تسريع سقوطه. وقالت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قبل أيام من باريس، إنّ "القادة الدوليين يجب أن يقفوا إلى جانب الشعب الإيراني، بدلاً من استرضاء الملالي".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران الحرس الثوري الإيراني سوريا إيران الحرس الثوري الإيراني سوريا مکافحة الإرهاب النظام السوری الشرق الأوسط الحرس الثوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. من الضربات العسكرية إلى الضغوط التفاوضية
وأفاد مراسل الجزيرة بوقوع انفجارات قوية، في حين أعلن التلفزيون الإيراني أن "الكيان الصهيوني" استهدف منشأة نطنز بمحافظة أصفهان.
وجاء هذا التصعيد العسكري المباشر نتيجة حتمية لسلسلة من التطورات المتراكمة التي رصدتها حلقة (2025/6/13) من برنامج "بانوراما الجزيرة نت"، والتي تناولت كيف تصاعدت الأزمة، وكيف تباينت مواقف الأطراف الفاعلة في هذه الأزمة المعقدة.
ولفهم جذور هذا التصعيد يجب تتبع الأحداث منذ بدايتها، حيث كانت الشرارة الأولى عندما كشفت إيران حصولها على كنز إستراتيجي من داخل إسرائيل يتمثل في آلاف الوثائق السرية المتعلقة معظمها ببرنامج إسرائيل النووي وعلاقاتها الخارجية.
ولم يكن هذا الكشف مجرد إعلان عادي، بل رسالة مدروسة التوقيت تهدف إلى إظهار امتلاك إيران أوراق ردع غير تقليدية لتعزيز موقفها أمام الضغوط الغربية المتزايدة.
وفي تطور لهذا المسار نقلت مصادر إيرانية أن طهران حدّثت بنك أهدافها داخل إسرائيل استنادا إلى المعلومات السرية التي حصلت عليها، مما يشكل تهديدا مباشرا وملموسا للأمن الإسرائيلي.
مخاوف إسرائيلية
وعلى الجانب الآخر من المعادلة ازدادت المخاوف داخل إسرائيل من أي اتفاق أميركي إيراني جديد، واعتبرته تل أبيب تهديدا مباشرا لأمنها الإستراتيجي.
إعلانودفعت هذه المخاوف إسرائيل إلى التفكير جديا في خيار التصعيد العسكري كوسيلة لعرقلة أي تقدم في المسار التفاوضي بين واشنطن وطهران.
لكن هذا التوجه الإسرائيلي اصطدم بموقف أميركي حازم، حيث كشفت وسائل الإعلام أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية من اتخاذ أي خطوات قد تعرقل جهوده للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، مؤكدا أن هذا ليس وقت التصعيد.
موقف واضح
ويمكن فهم الموقف الأميركي من خلال تصريحات ترامب نفسه التي جاءت واضحة ومباشرة "لا أقول إن هجوما إسرائيليا على إيران وشيك لكنه قوي ومحتمل، لا أريد أن توجه إسرائيل ضربة لإيران طالما هناك اتفاق، نحن قريبون للغاية من إيران لتقديم تنازلات في المفاوضات".
وبالتوازي مع هذا الموقف الدبلوماسي اتخذت واشنطن إجراءات احترازية عملية تمثلت في إصدار أوامر بمغادرة طوعية لعائلات العسكريين الأميركيين من بعض قواعد الشرق الأوسط، فضلا عن إجلاء الموظفين غير الأساسيين من بعض سفاراتها في المنطقة.
وتعكس هذه الخطوات إدراكا أميركيا لخطورة الوضع واحتمالية تطوره إلى صراع عسكري واسع النطاق.
من جهتها، ردت إيران على هذه التطورات بإعلان رفع جاهزيتها الدفاعية إلى أقصى المستويات، مؤكدة أنها أعدت سيناريوهات لمواجهة أسوأ الاحتمالات.
لكن الرد الإيراني لم يقتصر على الجانب الدفاعي، بل تعداه إلى التهديد المباشر بالقول إن "كافة القواعد الأميركية تحت مرماها، وستستهدف تلك القواعد إذا فُرض عليها صراع".
ويمكن فهم هذا التصعيد في الخطاب الإيراني كإستراتيجية ردع تهدف إلى رفع تكلفة أي عمل عسكري ضدها، وجعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها قبل السماح لإسرائيل بتوجيه أي ضربة.
وفي إطار هذا التصعيد المتبادل دخل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على خط الأزمة بقرار رسمي يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها النووية، مؤكدا أن نقص المعلومات يحول دون التحقق من سلمية برنامجها النووي.
إعلانوأضاف هذا القرار الدولي ضغطا إضافيا على إيران، خاصة في ضوء تقديرات تشير إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب يكفي نظريا لصنع 10 قنابل نووية.
تنديد إيراني
وردا على قرار الإدانة الدولي نددت طهران بما اعتبرته تسييسا لملفها النووي، وسارعت إلى اتخاذ إجراءات مضادة تمثلت في تشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم والاستعاضة عن أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول بأخرى من الجيل السادس.
وهي خطوة تعني عمليا زيادة كبيرة في قدرة إيران على إنتاج اليورانيوم المخصب بوتيرة أسرع وبكميات أكبر.
كما هددت إيران بإنشاء مجمع ثالث للتخصيب إذا استمر الضغط عليها، مؤكدة أن "هناك مفاجآت قادمة في هذا المجال"، وأن "رد إيران على أي تهديدات عسكرية سيكون موجعا".
ورغم هذا التصعيد فإن أبواب التفاوض ظلت مواربة، حيث تستضيف سلطنة عمان الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية الأميركية، والتي يراها محللون مفصلية في رسم ملامح المستقبل.
لكن هناك تشكيك من مراقبين بجدوى الدبلوماسية في ظل إصرار أميركا على تصفير التخصيب داخل إيران وتأكيد الأخيرة على حقها في مواصلته لأغراض مدنية.
وفي لحظة بدا فيها أن المفاوضات قد تفضي إلى خفض التوتر جاءت الضربة الإسرائيلية لتفتح فصلا جديدا من التصعيد وتجعل كل الاحتمالات واردة.
وهذا التوقيت ليس صدفة، بل يعكس إستراتيجية إسرائيلية مدروسة لعرقلة أي تقدم في المسار التفاوضي.
وتشير التحليلات إلى أن هذه التحركات العسكرية قد تبدو جزءا من الحرب النفسية، لكن الهدف الحقيقي هو دفع إيران إلى تقديم تنازلات جوهرية أثناء المفاوضات، فالتهديدات لا تعني أن خيار الحرب مطروح فعليا، بل هي ورقة في مفاوضات دولية شديدة التعقيد.
الصادق البديري13/6/2025