خطة ترامب لغزة خيار مستحيل.. الغارديان: تسخر من موقف الدول العربية بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
رأت صحيفة الغارديان، بأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة، تترك الدول العربية أمام خيار مستحيل، وأن هذه المعضلة المهينة تمس روح المنطقة ذاتها، وقادتها هم الذين جلبوا هذه المعضلة على أنفسهم، بسبب ضعفهم التاريخي بشأن فلسطين.
ووفق مقال لكاتبة العمود في الصحيفة البريطانية The Guardian نسرين مالك "الواقع أن الدول العربية في مأزق، فقد ارتبك الملك عبد الله ملك الأردن في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، عندما سألته الصحافة ودونالد ترامب عن خطة الأخير بشأن غزة، فهو في موقف حرج، يريد أن يبقي ترامب إلى جانبه وفي الوقت نفسه لا يوافق على التطهير العرقي في غزة.
وبعد ذلك مباشرة، قالت "مصادر أمنية" مصرية مجهولة الهوية -وهي ليست جهات معرضة للتسريب دون توجيه استراتيجي من الرئيس عبد الفتاح السيسي- إن السيسي لن يقبل دعوة لزيارة واشنطن طالما كانت خطة تهجير غزة على جدول الأعمال.
والآن، ربما كان هذا من أجل الاستهلاك العام المصري أكثر منه لصالح ترامب -فمصر ليست في وضع يسمح لها بجعل الإدارة الجديدة عدوة- لكنه مع ذلك يُظهِر مدى صعوبة تأمين ترامب لموافقة أقرب حلفاء الولايات المتحدة. وفق المقال.
كما أرجأت المملكة العربية السعودية زيارة للولايات المتحدة بمجرد أن أعلن ترامب عن نواياه بشأن غزة، وفي تغيير ملحوظ في النبرة، فقدت السعودية، التي كانت قبل 7 أكتوبر 2023 في طريقها إلى التطبيع مع إسرائيل، لكنها فقدت صبرها رغم أنها في العادة لا تميل للإدلاء بتصريحات حادة.
وبرز ذلك فعندما قال بنيامين نتنياهو إنه ربما يرغب في إخراج الفلسطينيين من غزة "لديهم الكثير من الأراضي كما قال"، أطلقت وسائل الإعلام الرسمية السعودية عاصفة من الشتائم ضده. وعندما أعلن ترامب عن خطته، أصدرت السلطات السعودية على الفور بيانًا يرفضها.
ووفق مقال الغارديان "كانت الحكومة (السعودية) حريصة جدًا على الإشارة إلى هذا الرفض لدرجة أنها أصدرت البيان في الساعة الرابعة صباحًا بالتوقيت المحلي".
في هذه الأثناء، يبذل القادة قصارى جهدهم لمعايرة ردود أفعالهم في قمة طارئة ستعقد في المملكة العربية السعوديةـ لكنهم سيجدون صعوبة في القيام بذلك دون الوقوع في مأزق مع ترامب أو الجمهور العربي أو الرأي العام العالمي بشأن عدم شرعية الخطة.
وقال سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة عندما سُئل عما إذا كانت حكومته قادرة على إيجاد "أرضية مشتركة" مع ترامب بشأن غزة: "النهج الحالي سيكون صعبًا". ربما كان ليتمكن من الإفلات من ذلك. ولكن ربما شعر أن الأمر كان قويًا بعض الشيء، فاستمر في القول "نحن جميعًا في مجال البحث عن الحلول" ولا "أرى حقًا بديلاً لما يتم اقتراحه".
بدأ المقطع على الفور في الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على تأييد الإمارات العربية المتحدة للتطهير العرقي. من الواضح أنه لا يوجد إجماع على نهج ترامب في غزة، أو حتى كيفية الرد عليه، بين البلدان التي تشكل كتلة سياسية ولكن لديها مصالح متباينة.
إن الوقت ينفد ففي يوم الأحد، بدأ ماركو روبيو رحلة إلى إسرائيل والشرق الأوسط، وسوف يتعين على المحادثات التي كان البعض يتجنبها على أرضية ترامب أن تتم هناك، والآن أصبحت الحاجة إلى التوصل إلى خط واستراتيجية مشتركة نيابة عن الدول العربية ملحة.
العرب خطة ترامب
وتتلخص المهمة في إيجاد حل وسط -وفق المقال- الذي رأى أن "التملق لترامب ورفض خطته بشأن غزة أمران لا يمكن التوفيق بينهما، وفي كل مرة يتفاعل فيها رئيس دولة واحد مع ترامب أو يُسأل عن غزة، هناك خطر التعليق الذي قد يشعل المشاعر أو يثير غضب الإمبراطور الأمريكي".
ولفتت "يبدو أن القمة العربية بعيدة للغاية عندما يحمل كل يوم مناورة أخرى من ترامب أو تهديدات بإنهاء وقف إطلاق النار في غزة، حيث أن هذا التدافع هو جزء من مشكلة أكبر، فالدول العربية غير قادرة على الاتفاق على موقف بشأن فلسطين".
قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، نجحت بعض الدول العربية في تأمين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وكانت جارية مع دول أخرى، وكانت الدولة الفلسطينية احتمالاً معقولاً ظاهرياً يخضع لأسئلة فنية، على الرغم من أن الجميع في الواقع كانوا يدركون أن هذا الاحتمال أصبح أبعد من أي وقت مضى. لكن الحرب قتلت هذا الاحتمال، ودفنه ترامب.
في ظل هذه المخاطر المرتفعة، من المستحيل أن تتعاون الدول العربية مع إسرائيل والولايات المتحدة بشأن غزة وفلسطين بطريقة أو بأخرى دون إبطال شيء كبير، إن المشهد السياسي متوازن بشكل دقيق. فمصر والأردن هما الطرفان الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بأي تهجير للفلسطينيين من غزة بسبب قربهما، وسوف يتأثران أكثر من أي حملة لإعادة التوطين.
كما أنهما من المتلقين الرئيسيين للمساعدات الخارجية الأميركية، مع اقتصادات ضعيفة وحكومات ذات تفويضات غير مستقرة، وهذه المدفوعات والمساعدات العسكرية هي في جزء منها مكافأة لهذه الدول باعتبارها أطرافاً "مستقرة" في المنطقة، وتعمل كحواجز بين إسرائيل وإيران وحماس وجميع الوكلاء، وتستوعب اللاجئين وتسهل حركة الأصول العسكرية الأميركية عبر المنطقة.
إن فقدان المساعدات الأميركية لا يضعف اقتصاداتهما فحسب، بل وأيضاً جيوشهما وأجهزتهما الأمنية وقدرتهما على الحفاظ على المحسوبيات والقمع اللازمين لاستقرار السياسة. وفق مقال الغارديان البريطانية.
صعوبة تنفيذ خطة غزة
ولكن هناك حسابات أخرى، فالموافقة على خطة تتضمن طرد الفلسطينيين في جوهرها تحول جميع الدول المستقبلة والميسرة إلى أطراف فيما سيكون ببساطة صراعا أوسع نطاقا ومختلفا بين إسرائيل وفلسطين. وفق مقال الغارديان.
فبدلا من أن يكون إبعاد الفلسطينيين من غزة نهاية لشيء ما، فإنه سيكون بداية لشيء آخر، مع رعب النزوح الجماعي على رأس ذلك. وقالت الكاتبة "وهو أمر لا يمكن فهمه ليس فقط من حيث القسوة والإجرام، بل وأيضا من حيث التطبيق العملي، حيث أن 35٪ من سكان الأردن هم لاجئون".
"يمكننا أن نغفر لترامب لعدم فهمه لهذا بالنظر إلى مدى عدم ظهورهم لكن هناك الملايين منهم يعيشون في هذه البلدان وقد لا يكون لهم رأي في كيفية إدارة سياساتهم، ولكن بالطبع لديهم رأي. وقد تم التعامل معه تاريخيا ولكن لم يتم محوه بأي حال من الأحوال" وفق الكاتبة.
وتابعت "ليس من الآمن أن نفترض أن الطرد الجماعي للفلسطينيين لن يفجر شيئا متفجرا، سواء من حيث الخلاف الشعبي، أو استغلاله من قبل اللاعبين السياسيين المتنافسين أو حتى المتطرفين".
فلسطين وموقف العرب التأريخي
باختصار، تُرغَم الحكومات العربية على مواجهة وتسوية لمسألة تمس جوهر المنطقة المعاصرة. -وفق الكاتبة التي تساءلت- ما الذي تعنيه الهوية العربية بعد الآن؟ هل هي مجرد مجموعة من البلدان التي تتحدث نفس اللغة وتتقاسم الحدود.
ولكن مع أنظمة ونخب أصبحت متشابكة إلى حد كبير مع الغرب بحيث لم يعد بوسعها أن تصمد بشروطها الخاصة؟ أم أن هذه الأنظمة لا تزال تحتفظ ببعض الشعور بالقدرة على التصرف، وبعض أصداء النزاهة السياسية والواجب تجاه العرب الآخرين؟
ولكن إلى جانب الخيار الوجودي، إليكم ما ينبغي للقادة العرب أن يتعلموه من أوامر ترامب لهم بشأن أراضيهم وشعوبهم: إن ثمن الوضع الراهن الذي استقرت فيه الولايات المتحدة أصبح الآن مرتفعا للغاية لدرجة أنه أصبح أقل منطقية على أساس عملي.
ووفق مقال الصحيفة البريطانية "إن الخضوع لترامب يعني قبول وضع التبعية الكاملة واستدعاء تحديات محلية جديدة، وكل هذا من أجل "رئيس غير موثوق به، إن تحديه يستلزم إعادة تشكيل كاملة للسياسة في المنطقة قد تبدو هائلة للغاية بحيث لا يمكن التفكير فيها".
وتجد النخب السياسية العربية نفسها في هذا الموقف المهين بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين -وفق كاتبة المقال- التي قالت: "إنه تعبير مركّز عن ضعفها وتقييدها وقصر نظر مصالحها الذاتية".
وأختتم المقال بالقول: "لم يعد مستقبل غزة قضية يمكن التعامل معها بمهارة مع حفظ ماء الوجه إلى أجل غير مسمى" مضيفا "إن خطة ترامب هي بوابة للتآكل النهائي لسلامة وسيادة الشرق الأوسط الأوسع
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
تفاصيل المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة.. حكومة تكنوقراط وقوات دولية
وفقا لوسائل إعلام غربية فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم الإعلان قبل عيد الميلاد الذي سيحل بعد نحو ثلاثة أسابيع عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب في غزة وتشكيل هيئة حاكمة جديدة لحكم القطاع، كما ذكر مسؤولون أمريكيون.
ومع تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بالكامل تقريبًا، ترغب الولايات المتحدة في الانتقال إلى المرحلة الثانية لمنع انهيار وقف إطلاق النار واستئناف القتال.
وذكر مسؤولون أمريكيون كبار لموقع "أكسيوس"، أنهم في المراحل النهائية لتشكيل القوة الدولية وإطار الحكم الجديد في غزة، ويأملون في إطلاقهما خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وقال مصدر غربي مشارك بشكل مباشر في العملية: "جميع العناصر في مرحلة متقدمة نسبيًا. كل شيء يتقدم، والهدف هو الإعلان عنه قبل عطلة عيد الميلاد".
وقال مسؤولون أمريكيون إن الهيئة الحاكمة في غزة ستعمل تحت مظلة "مجلس السلام" الذي يرأسه الرئيس ترامب ويضم نحو 10 قيادات من دول عربية وغربية.
وفي إطار مجلس السلام، ستعمل لجنة توجيهية دولية تضم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، ومستشاري ترامب - جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، ومسؤولين كبار آخرين من الدول الأعضاء في مجلس السلام بحسب الموقع.
وفي إطار اللجنة التنفيذية، ستعمل حكومة تكنوقراطية فلسطينية تتكون من 12 إلى 15 فلسطينياً من ذوي الخبرة في الإدارة والأعمال، والذين لا ينتمون إلى حماس أو فتح أو أي فصيل فلسطيني آخر.
ونقل "أكسيوس" عن مصدر مطلع على عملية اختيار أعضاء حكومة الخبراء، أن القائمة الأولية ضمت 25 مرشحًا، ثم خُفِّضت إلى النصف. ويقيم بعض المرشحين حاليًا في غزة، بينما أقام آخرون فيها سابقًا وسيعودون إليها للمشاركة في الحكومة الجديدة.
وتمر الولايات المتحدة حالياً بالمراحل النهائية للحصول على موافقات من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودول المنطقة بشأن تشكيل حكومة التكنوقراطي.
وبحسب ما نقله الموقع، ستعمل قوة الاستقرار الدولية (ISF) جنبًا إلى جنب مع حكومة الخبراء الفلسطينية مبينا أن الدول التي أبدت استعدادها لإرسال قوات، مثل إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا، لا تزال مستعدة لذلك.
من المتوقع نشر القوة الدولية في مناطق غزة الخاضعة حاليًا لسيطرة الجيش الإسرائيلي حيث صرح مسؤولون أمريكيون كبار بأن نشر القوة سيسمح بانسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي من هذه المناطق.
ويقول مسؤولون أميركيون كبار ومصادر أخرى إن الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تتفاوض مع حماس بشأن اتفاق تنسحب الحركة بموجبه من إدارة غزة وتبدأ عملية نزع السلاح، أولا الأسلحة الثقيلة ثم الأسلحة الخفيفة.
وقال المصدر الغربي، المشارك مباشرةً في المحادثات للقناة 12 العبرية، إن مصر وقطر متفائلتان بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع حماس، بينما يبدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر تشككًا. وأضاف المصدر: "إنه متشكك، لكنه ملتزم بإعطاء فرصة للنجاح".
وتريد الولايات المتحدة والوسطاء أن يتم تجميع كل أجزاء اللغز والتوصل إلى اتفاق مع كل الدول المعنية، قبل عرض الخطة على حماس والمطالبة بقبولها.
وأضاف المصدر الغربي إنه "ستكون المعادلة كالتالي: يغادر الجيش الإسرائيلي غزة، وتترك حماس السلطة".
وأوضح، "السؤال الأهم هو: هل ستوافق حماس على نزع سلاحها والسماح للحكومة الجديدة بحكم القطاع وإدارته؟ لا يمكنهم الوصول إلى السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال أسلحتهم. ستأتي لحظة الحقيقة في الأسابيع المقبلة".
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الإعلانات المتعلقة بمجلس السلام والمزيد من تنفيذ خطة السلام في غزة سيتم الإعلان عنها في الأسابيع المقبلة.
وبين المسؤول الكبير في البيت الأبيض، "إن إدارة ترامب وشركاءنا يعملون بجد لتنفيذ خطة الرئيس ترامب التاريخية المكونة من 20 نقطة، والتي من شأنها أن تجلب الأمن والازدهار لشعب غزة والمنطقة بأكملها"
من جانبه أعرب وسيط مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشارة بحبح، عن أمله في الإعلان عن تشكيل مجلس السلام الخاص في غزة ولجنة إدارة القطاع قبل نهاية العام الحالي.
وقال بحبح عبر صفحته في "فيسبوك": "كلنا أمل أن يتم الإعلان، قبل نهاية هذا العام، عن مجلس السلام الخاص بغزّة، وعن أسماء اللجنة الفلسطينية المستقلة لإدارة القطاع، إضافة إلى أعضاء قوّة الردع/ السلام الدولية".
وتابع، "نسعى أن يبدأ تنفيذ وقف إطلاق نار حقيقي وفعلي، من دون الخروقات الإسرائيلية شبه اليومية، مع مطلع العام الجديد".
وأضاف بحبح، "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جادّ في أن يعمّ السلام قطاع غزّة وأن تبدأ عملية إعادة الإعمار على الأرض بصورة ملموسة".