الولايات المتحدة – يواجه بيت هيغسيث أخطر أزمة قانونية منذ توليه منصب وزير الحرب الأمريكي، حيث تلاحقه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في البحر الكاريبي، إلى جانب سوء التعامل مع معلومات استخباراتية سرية.

وتشمل الأزمة قضيتين مترابطتين تلقيان الضوء، بحسب مشرعين وخبراء وسياسيين سابقين، على نمط من “التهور الخطير” في إدارة وزارة الحرب، وتتمحور القضية الأولى حول الحملة العسكرية التي تشنها إدارة ترامب ضد مهربي المخدرات في الكاريبي، والتي أسفرت عن مقتل 87 شخصا في 22 هجوما منذ سبتمبر.

وتفجرت القضية بعد الكشف عن مقتل ناجيين اثنين كانا يتشبثان بحطام قارب دمرته غارة أمريكية، حيث تم استهدافهما عمدا في هجوم ثانٍ (Double-tap strike).

وفي حين برر هيغسيث الحادثة في البداية بأنها “مفبركة”، عاد ليعترف بالوقائع الأساسية خلال اجتماع وزاري، متذرعا بـ”ضباب الحرب” ومشيرا إلى أنه “لم يبقَ لمتابعة بقية المهمة”.

بالتزامن مع ذلك، خلص تحقيق للمفتش العام بوزارة الحرب، نُشر الخميس، إلى أن هيغسيث انتهك سياسات البنتاغون بشكل صارخ عبر مشاركة تفاصيل حساسة حول خطط حربية عبر تطبيق المراسلة “سيغنال” (Signal) قبل ساعات فقط من شن غارات جوية في اليمن بما في ذلك كمية وأوقات ضربات الطائرات الأمريكية، في 15 مارس الماضي.

وأكد التقرير أن أفعال هيغسيث “خلقت خطرا على الأمن العملياتي كان من الممكن أن يؤدي إلى فشل أهداف المهمة الأمريكية وإمكانية تعرض الطيارين الأمريكيين للأذى”. ونُقلت المعلومات، المصنفة سرية والتي لا يُسمح بمشاركتها مع الأجانب، عبر جهاز هيغسيث الشخصي غير المصنف في محادثات جماعية مع مسؤولين آخرين في إدارة الرئيس دونالد ترامب. ووجد التحقيق أيضا أنه لم يحتفظ بجميع الرسائل المرتبطة، مخالفا متطلبات حفظ السجلات الفيدرالية.

وأثارت هذه التطورات غضبا واسعا في الكونغرس. وقال السيناتور جاك ريد، أبرز ديمقراطي في لجنة الخدمات المسلحة، إن التقرير أوضح أن “الوزير هيغسِث انتهك سياسات وزارة الدفاع وشارك معلومات كانت سرية وقت إرسالها إليه. هذه كانت توقيتات وأماكن الضربات الدقيقة، ولو وقعت في أيدي العدو، كان من الممكن أن تمكن الحوثيين من استهداف الطيارين الأمريكيين”.

بدورها، صرحت السيناتورة باتي موراي، نائبة رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، قائلة: “بين الإشراف على هذه الحملة في الكاريبي، والمخاطرة بحياة الجنود عبر مشاركة خطط الحرب على سيغنال.. أصبح من الواضح تماما أن الوزير هيغسيث غير مؤهل لهذا الدور”.

من جهتها، أصدرت كتلة “الديمقراطيين الجدد” – وهي أكبر تكتل ديمقراطي في مجلس النواب وتضم 116 عضوا – بيانا وصفت فيه هيغسيث بأنه “غير كفء ومتهور ويمثل تهديدا لأرواح الرجال والنساء الذين يخدمون في القوات المسلحة”. واتهم رئيس الكتلة براد شنايدر، ورئيس مجموعة العمل للأمن القومي جيل سيسنيروس، وزير الحرب بـ”الكذب والمراوغة وتحميل المسؤولية لمرؤوسيه بدلا من تحمّلها”. وقالا: “مرة تلو الأخرى، كذب الوزير، وتهرّب، وضلّل، وبشكل صادم ألقى باللوم على مرؤوسيه. إنه عار على المنصب الذي يشغله، وعليه أن يستقيل فورا قبل أن تتسبب أفعاله في إزهاق أرواح أمريكية”.

وفي سياق متصل، شكك خبراء ومسؤولون سابقون في الجدوى الاستراتيجية لحملة الكاريبي التي يبررها ترامب بمحاربة تهريب “الفنتانيل”. وأشار جيك براون، المسؤول السابق في إدارة بايدن، إلى أن التركيز العسكري في الكاريبي يبدو في غير محله، قائلا: “إذا أرادوا وقف الفنتانيل، فالأجدر التركيز على الأنفاق والحدود في أريزونا، وليس القوارب في الكاريبي”، موضحا أن المخدرات تدخل برا من المكسيك وليس بحرا من فنزويلا.

البنتاغون بدوره بدا مرتبكا في رسائله الإعلامية، وفشل في تقديم رواية متماسكة لسلسلة القيادة التي أشرفت على الضربات. ففي حين أوحى البيت الأبيض في بادئ الأمر بأن الأدميرال فرانك برادلي، قائد العمليات الخاصة في القيادة الجنوبية، أمر بتنفيذ الضربة الثانية دفاعا عن النفس، قال هيغسيث لاحقا إن برادلي اتخذ القرار بموافقته المسبقة، لكنه كان يمتلك السلطة الكاملة للتصرف بشكل مستقل. أما الرئيس دونالد ترامب فزعم أنه لا يعرف شيئا عن التفاصيل العملياتية، بل وذهب إلى القول إنه لم يكن ليؤيد تنفيذ الضربة الثانية.

ووسط هذا التضارب في الروايات، تتصاعد الضغوط السياسية والإعلامية على هيغسيث، في وقت لا تزال فيه التساؤلات القانونية والأخلاقية حول حملة الكاريبي – وطريقة إدارة البنتاغون للمعلومات الحساسة – دون إجابات حاسمة.

من جانبه، بدا هيغسيث، متحدّيا خلال اجتماع للحكومة يوم الثلاثاء الماضي، مؤكدا أن الجيش “بدأ فقط” في استهداف قوارب المخدرات، رغم إقراره بوجود “صعوبة في العثور على أهداف حاليا”. وبعد يومين فقط، أعلنت وزارة الحرب عن ضربة جديدة أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص.

ورغم كل ذلك، يواصل ترامب الدفاع عن وزير حربيته، مؤكدا “الثقة الكاملة” به وبفريق الأمن القومي، ما يعني أن هيغسيث سيظل بمنصبه على الأرجح في ظل هيمنة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.

المصدر: الغارديان

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: فی الکاریبی

إقرأ أيضاً:

هاكان فيدان: لا يمكن وجود “جيشين” في سوريا

أنقرة (زمان التركية) – قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لا تظهر أي نية للالتزام بالاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه مع حكومة دمشق في مارس الماضي، والذي كان ينص على اندماجها في هياكل الدولة السورية، وطرح في الوقت ذاته إمكانية مناقشة الحكم الذاتي للأكراد.

وأكد فيدان في مقابلة خاصة مع وكالة “رويترز” على هامش منتدى الدوحة، أن الإشارات الميدانية تشير إلى أن قسد تحاول “الالتفاف” على الاتفاق بدلاً من تنفيذه، مشدداً على مبدأ سيادة الدولة، وأضاف قائلاً:”عليهم أن يُدركوا أن القيادة والسيطرة يجب أن تأتي من مصدر واحد. لا يُمكن وجود جيشين في أي بلد. لا يُمكن أن يكون هناك سوى جيش واحد وهيكل قيادة واحد… ومع ذلك، يُمكن التوصل إلى توافق وتفاهم مختلف بشأن الحكم المحلي”.

على صعيد آخر، تطرق فيدان إلى الوضع في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد، موضحاً أن بعض القضايا المتعلقة بحقوق الأقليات لا تزال عالقة. وأكد فيدان أن دعم تركيا للحكومة السورية الجديدة ليس بمثابة “ضمانة مطلقة” لسحق أي جماعة. وأشار إلى أن دمشق اتخذت خطوات نحو الوحدة الوطنية، لكن “سياسات زعزعة الاستقرار” الإسرائيلية تُمثل أكبر عقبة أمامها.

كما تناول وزير الخارجية التركي خطة وقف إطلاق النار في غزة، محذراً من أنه إذا لم تنتقل الخطة التي نفذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصياً إلى المرحلة التالية، فسيكون ذلك بمثابة “فشل ذريع” للعالم ولواشنطن.

وأكد فيدان على ضرورة نزع سلاح حماس، مشترطاً لذلك وجود إدارة مدنية فلسطينية موثوقة وقوة شرطة مدربة، قائلاً: “أولاً، نحتاج إلى رؤية لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين تتولى إدارة غزة، ثم نحتاج إلى رؤية قوة شرطة مؤلفة من فلسطينيين، وليس من حماس”.

Tags: الحكم الذاتي للأكرادتركياغزةفيدانهاكان فيدان

مقالات مشابهة

  • مدفيديف: وصول “بايدن جديد” للبيت الأبيض قد يدمر “بذور البراغماتية” في إدارة ترامب
  • نجل الرئيس الأمريكي: ترامب قد ينسحب من دعم أوكرانيا
  • هيغسيث يدافع بشراسة عن ضربات الكاريبي: سنُغرق كل من يجلب المخدرات
  • المبعوث الأميركي: اتفاق لإنهاء حرب أوكرانيا “قريب جدًا”
  • الكرملين: اختفاء “التهديد الروسي” من استراتيجية الأمن القومي الأمريكية أمر إيجابي
  • هيغسيث يرفض الكشف عن مصير فيديو الضربة الثانية في البحر الكاريبي
  • هاكان فيدان: لا يمكن وجود “جيشين” في سوريا
  • متهوّر وغير كفوء.. انتقادات متزايدة تلاحق وزير الحرب الأمريكي
  • الأمن القومي الأمريكي: يجب التخلي عن اعتبار “الناتو” حلفا يتوسع إلى ما لا نهاية