سودانايل:
2025-06-03@12:50:35 GMT

الحكومة الموازية والتصدى لخطر تقسيم السودان

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

١
شهدت البلاد تطورات خطيرة الأيام الماضية بعد إعلان تشكيل “تحالف السودان التأسيسي” الذي يضم قوى سياسية وعسكرية بارزة، بالتزامن مع الحديث عن تشكيل حكومة موازية غير شرعية وخارجة من رحم حكومة انقلابية غير شرعية ، وما يتبعها من مخاطر تقسيم السودان، ويظل الخطر ماثلا رغم العقبات المصاعب في الوصول لرؤية موحدة من طيف القوى السياسية والعسكرية التي تضم تحالف الحكومة الموازية، وتباين الطرح كما في العلمانية من جانب حركة الحلو وتقرير المصير، اضافة لاستمرار جرائم الحرب وتزايد لهيبها مما يعقد الوصول لحل سياسي، يؤدي لعدم الاستقرار، فضلا عن خطر قيام الحكومة الموازية التي تهدد بتقسيم البلاد.

لقد ساعد في تصاعد الاحتقان تصرفات حكومة بورتسودان غير العقلانية كما في التمييز بين المواطنين في امتحانات الشهادة السودانية، وتغيير العملة، وإصدار الجوازات،الخ وغير ذلك من تراكم التمييز والمظالم التاريخية والمواطنة من الدرجة الثانية الضار الذي قاد لانفصال جنوب السودان.علما بأن قيام حكومة موازية تؤدي للمزيد من التصعيد واشتداد لهيب الحرب،والمزيد من تفكيك البلاد، فضلا عن خطر الإفلات من العقاب بعد جرائم الحرب التي ارتكبها الدعم السريع مع ميليشيات الكيزان في الجيش.
٢
هذا وترجع جذور فكرة الحكومة الموازية كما أوضحنا في مقال سابق عندما هدد حميدتي بتكوين حكومة عاصمتها الخرطوم (قبل التطورات الأخيرة فيها) في حالة إعلان البرهان حكومة في بورتسودان.. مما يعيد السيناريو الليبي في قيام حكومتين في بلد واحد، الذي يكرس تقسيم السودان في حال استمرار هذه الحرب اللعينة، من طرفين متورطين في جرائم حرب ولا شرعية لأي منهما في التقرير في شأن البلاد، بعد أن فقدا شرعيتها بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر في 25 اكتوبر، مما قاد في نهاية المطاف للحرب اللعينة الجارية الانَ.

٣
اشرنا سابقا الي ضرورة الوقف الفوري للحرب ودرء آثارها، لأن إطالة أمد الحرب وتكوين الحكومة الموازية يهدد وحدة البلاد ، ويهدد أمن البلدان المجاورة له بحكم التداخل القبلي ، فضلا عن مشاكل النزوح ، ويبدو أن الإسلامويين يريدون تكرار تجربتهم الفاشلة التي لم يتعلموا منها في تصعيد الحرب بعد انقلابهم في 30 يونيو 1989م بعد أن طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، وكان الحصاد هشيما وانفصالا للجنوب.

بعد انتفاضة مارس ـ أبريل85 19م كما اشرنا سابقا ، تواصلت الجهود لوقف الحرب، و للحل السلمي لمشكلة الجنوب، فكان إعلان كوكادام الذي وقعة وفد التجمع الوطني لإنقاذ البلاد ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 24/ مارس/1986م الذي أشار إلى إلغاء قوانين سبتمبر 1983م وجميع القوانين المقيدة للحريات ، واعتمد دستور 1956م المعدل في 1964م ، مع تضمين الحكم الإقليمي وكافة القضايا الأخرى التي تجمع عليها القوي السياسية ، وكان من ضمن الأجندة التي اتفق عليها في إعلان كوكادام للمؤتمر الدستوري : مسالة القوميات ، المسألة الدينية ، الحقوق الأساسية للإنسان ، التنمية والتنمية غير المتوازنة. الخ
بعد ذلك جاءت مبادرة السلام السودانية (الميرغيي – قرنق) في 16/نوفمبر 1988م والتي تم فيها الاتفاق علي تهيئة المناخ الملائم لقيام المؤتمر الدستوري ، والذي يتلخص في الأتي: ـ

– تجميد مواد الحدود وكافة المواد ذات الصلة المضمنة في قوانين سبتمبر 1983م ، وان لا تصدر إيه قوانين تحتوي علي مثل تلك المواد وذلك إلى حين انعقاد المؤتمر الدستوري والفصل نهائياً في مسالة القوانين.

– كما اتفق الطرفان علي ضرورة عقد المؤتمر الدستوري.
ولكن انقلاب 30/يونيو/1989م الإسلاموي قطع مسار ذلك الحل ، وتم الرجوع للمربع الأول ، وتصاعدت الحرب الأهلية.

3

كان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي أن تم توقيع اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م، وتوفرت فرصة تاريخية للخروج بالبلاد من نفق الدكتاتورية والشمولية المظلم، بتنفيذ استحقاقات الاتفاقية التي تتلخص في: التحول الديمقراطي، والتنمية وتحسين الاحوال المعيشية وترسيخ السلام ووحدة البلاد القائمة علي اسس طوعية وديمقراطية.
لكن نظام الانقاذ استمر في طبيعته الديكتاتورية والشمولية والتي تقوم علي القمع ونقض العهود والمواثيق مثل: عدم تنفيذ اتفاقية السلام 1997م، و جيبوتي، و القاهرة وابوجا والشرق . الخ، والتي افرغها من مضامينها وحولها لوظائف ومناصب. كما ضرب بعرض الحائط الدستور الانتقالي لسنة 2005م بعدم انجاز التحول الديمقراطي وقمع المسيرات السلمية والرقابة علي الصحف، ولم تذهب عائدات البترول للتنمية في الشمال والجنوب، وتم تتويج ذلك بتزوير الانتخابات، واعادة انتاج الحكم الشمولي والسير في طريق القمع ومصادرة الحريات وزيادة اعباء المعيشة علي الجماهير، وتضخم جهاز الدولة الذي كان يمتص اكثر من 75% من ميزانية الدولة ( 77 وزير مركزي) غير وزراء الولايات والمناصب الأخري في المجالس المركزية والولائية.
كان من نتائج تلك السياسات انفصال الجنوب واندلاع الحرب في جنوب كردفان بعد تزوير المؤتمر الوطني للانتخابات هناك، وبعد احتلال الجيش لابيي، مما ادي الي خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات ونزوح الالاف وقصف المواطنين بالطائرات وحملات التطهير العرقي التي وجدت استنكارا واسعا من الرأي العام المحلي والعالمي.

4

أخيرا ،مهم مواصلة وتوسيع التصعيد الجماهيري داخليا وخارجيا من أجل :
– وحدة البلاد، ورفض تقسيم البلاد والحكومة الموازية بالوقف الفوري للحرب ودرء آثارها ، وعدم اطالة أمدها وتحويلها لحرب عرقية ، بالدعوة للحشد لها من القبائل كما هو جاري في أطراف البلاد والتجنيد للشباب في المعسكرات من طرفي الصراع ، وانضمام بعض أقسام من الحركات المسلحة لطرفي الحرب.
– احباط مخطط طرفي الحرب لتمزيق وحدة البلاد في حالة استمرارها التي تتوسع يوميا في مدن العاصمة الخرطوم كردفان ودارفور وجنوب كردفان النيل الأزرق ، وما يرتبط بها من جرائم حرب ونزوح وقتلي واغتصاب وجرحي، واعتقالات وانتهاكات لحرية التعبير كما حدث في الدمازين وسنجة وبقية المدن ، ونهب وسلب ، وتطهير عرقي.
– عدم تكرار تجربة انفصال الجنوب بعد انقلاب الإسلامويين في 30 يونيو 1989 ، الذي أطال أمد الحرب، وكون مليشيات الجنجويد والإسلاميين، ونتج عن ذلك قيام الحركات المسلحة، وتمددت الحرب من الجنوب الي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، ومواصلة المعركة لوقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يضمن وحدة البلاد .

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحکومة الموازیة وحدة البلاد

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء جديد.. آخر مستجدات الأوضاع في السودان

 


في لحظة مفصلية من تاريخ السودان الحديث، وفي ظل تصاعد العمليات العسكرية وتدهور الأوضاع الإنسانية، أدى البروفيسور كامل إدريس، رئيس الوزراء الجديد، اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إيذانًا ببدء مرحلة انتقالية حساسة وسط حرب دامية تشهدها البلاد منذ أكثر من عام.

أقيمت مراسم القسم بمدينة بورتسودان، المقر المؤقت للحكومة، بحضور الأمين العام لمجلس السيادة الفريق الركن محمد الغالي علي يوسف، ورئيس الجهاز القضائي بولاية البحر الأحمر، ممثلًا لرئيس القضاء.

وجاء تكليف إدريس في وقت يتسم بتعقيدات سياسية وأمنية، ما يعكس رهان القيادة العسكرية على شخصية ذات ثقل دولي وخبرة قانونية لقيادة البلاد نحو الاستقرار وإعادة البناء.


أول تحركات إدريس: دبلوماسية السلام والانفتاح

لم تمضِ ساعات على تسلمه المنصب حتى استهل رئيس الوزراء الجديد نشاطه الرسمي بلقاء مع المبعوث السويسري الخاص لمنطقة القرن الأفريقي، السفير سيلفان أستير. وقد تناول اللقاء، الذي عُقد في بورتسودان، آفاق التعاون بين السودان وسويسرا، خاصة في مجالات تحقيق السلام الإقليمي، والدعم الإنساني، وجهود الاستقرار.

ويُعد هذا اللقاء مؤشرًا على التوجه الدبلوماسي للحكومة الجديدة، التي تسعى لكسر العزلة الخارجية واستقطاب الدعم الدولي في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والإنسانية على البلاد.

 

تصعيد خطير في دارفور وكردفان

في موازاة التحركات السياسية، تشهد ولايتا دارفور وكردفان تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا. فقد كشفت منظمة أطباء بلا حدود عن علاج 659 حالة عنف جنسي في جنوب دارفور بين يناير ومارس 2025، منها حالات اغتصاب جماعي، في سياق هجمات ممنهجة ضد النساء والفتيات.

وفي ولاية شمال كردفان، أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع نفذت هجمات عشوائية أودت بحياة 26 مدنيًا خلال 72 ساعة فقط، وتضمنت قصفًا لمستشفى الأبيض، مما أدى إلى تدمير أقسام حيوية وعزل آلاف المدنيين عن الخدمات الطبية.


انهيار صحي شامل وكارثة إنسانية

مع استمرار الحرب، باتت الأزمة الإنسانية أكثر تعقيدًا. وقدّرت الحكومة السودانية تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة بنحو تريليون دولار، فيما خسر قطاع الصحة وحده ما يعادل 11 مليار دولار من مرافق وتجهيزات.

كما أعلنت وزارة الصحة تسجيل أكثر من 60،000 إصابة بالكوليرا و1،600 حالة وفاة منذ أغسطس 2024 وحتى مايو 2025، وسط انهيار شبه تام للمنظومة الصحية وانعدام الأدوية ومياه الشرب الآمنة.

 

 

 

البرهان: "المعركة لن تنتهي إلا بسحق مليشيا آل دقلو الإرهابية"

وفي موقف حاسم، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن الحرب الدائرة "لن تتوقف إلا بعد القضاء الكامل على مليشيا آل دقلو الإرهابية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ أبريل 2023.

وجاء تصريح البرهان خلال حفل تخريج الدورة 21 لأمن ومخابرات، التي نظمت ببورتسودان تحت شعار "رجال الأمن.. عيون الوطن الساهرة"، بحضور مدير جهاز المخابرات الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.

وأكد البرهان أن "جهاز المخابرات يؤدي دورًا محوريًا في دعم القوات المسلحة وتأمين البلاد"، داعيًا إلى رص الصفوف ونبذ القبلية والانقسامات السياسية التي وصفها بـ "شعارات دمرت السودان"، كما شدد على أهمية تخريج دفعات أمنية جديدة لدعم المنظومة الوطنية في هذه المرحلة الحرجة.

 


السودان يطرح رؤية متكاملة لإعادة إعمار قطاع النقل

في خطوة لإعادة تأهيل البنية التحتية، عرض الوفد السوداني أمام جامعة الدول العربية رؤية شاملة لإعمار قطاع النقل، خلال الدورة 23 لاجتماع اللجان الفنية للنقل البري والبحري ومتعدد الوسائط، التي عُقدت في القاهرة.

وطرح السودان خمس أولويات استراتيجية أبرزها:

تنظيف الممرات الملاحية

إنشاء وتأهيل موانئ

تحديث الأسطول النهري

إنشاء معهد متخصص في النقل النهري

إقامة منطقة لوجيستية على الحدود لدعم التجارة الإقليمية


وحظيت هذه المقترحات بدعم واسع من اللجنة الفنية، التي أوصت بتكليف الأمانة العامة بالتنسيق مع مؤسسات التمويل العربية لتوفير الموارد اللازمة، كما تم اعتماد تشكيل فريق عمل مشترك يتابع تنفيذ مشروع المنطقة اللوجيستية.


مسار شاق بين الحرب والإنقاذ

مع تولي كامل إدريس رئاسة الحكومة، واحتدام المعارك في الداخل، وبين العقوبات والتدهور الصحي، يقف السودان على مفترق طرق حاسم. فبين الدمار القائم ورؤية الإعمار، تتحدد ملامح المرحلة المقبلة، في انتظار أن ينجح التحرك السياسي والدبلوماسي في فتح بوابات الخروج من أعمق أزمة تواجه البلاد منذ عقود

مقالات مشابهة

  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • مبعوثة أوروبية: لابد من إنهاء حرب السودان والحل الوحيد التفاوض
  • نائب:لاسيادة للعراق في ظل حكومة السوداني
  • رئيس وزراء السودان يحل الحكومة..ويشدد على أولوية الأمن واستعادة الاستقرار
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • وزير الخارجية السوداني يبلغ مسؤول مصري موقف السودان من إعلان حكومة موازية
  • كندا تحترق.. آلاف السكان يفرّون من جحيم حرائق الغابات التي تلتهم البلاد
  • مسؤول حزب: الانتخابات المقبلة مجرد تدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • رئيس وزراء جديد.. آخر مستجدات الأوضاع في السودان
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد