الحكومة الموازية والتصدى لخطر تقسيم السودان
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
١
شهدت البلاد تطورات خطيرة الأيام الماضية بعد إعلان تشكيل “تحالف السودان التأسيسي” الذي يضم قوى سياسية وعسكرية بارزة، بالتزامن مع الحديث عن تشكيل حكومة موازية غير شرعية وخارجة من رحم حكومة انقلابية غير شرعية ، وما يتبعها من مخاطر تقسيم السودان، ويظل الخطر ماثلا رغم العقبات المصاعب في الوصول لرؤية موحدة من طيف القوى السياسية والعسكرية التي تضم تحالف الحكومة الموازية، وتباين الطرح كما في العلمانية من جانب حركة الحلو وتقرير المصير، اضافة لاستمرار جرائم الحرب وتزايد لهيبها مما يعقد الوصول لحل سياسي، يؤدي لعدم الاستقرار، فضلا عن خطر قيام الحكومة الموازية التي تهدد بتقسيم البلاد.
٢
هذا وترجع جذور فكرة الحكومة الموازية كما أوضحنا في مقال سابق عندما هدد حميدتي بتكوين حكومة عاصمتها الخرطوم (قبل التطورات الأخيرة فيها) في حالة إعلان البرهان حكومة في بورتسودان.. مما يعيد السيناريو الليبي في قيام حكومتين في بلد واحد، الذي يكرس تقسيم السودان في حال استمرار هذه الحرب اللعينة، من طرفين متورطين في جرائم حرب ولا شرعية لأي منهما في التقرير في شأن البلاد، بعد أن فقدا شرعيتها بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر في 25 اكتوبر، مما قاد في نهاية المطاف للحرب اللعينة الجارية الانَ.
٣
اشرنا سابقا الي ضرورة الوقف الفوري للحرب ودرء آثارها، لأن إطالة أمد الحرب وتكوين الحكومة الموازية يهدد وحدة البلاد ، ويهدد أمن البلدان المجاورة له بحكم التداخل القبلي ، فضلا عن مشاكل النزوح ، ويبدو أن الإسلامويين يريدون تكرار تجربتهم الفاشلة التي لم يتعلموا منها في تصعيد الحرب بعد انقلابهم في 30 يونيو 1989م بعد أن طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، وكان الحصاد هشيما وانفصالا للجنوب.
بعد انتفاضة مارس ـ أبريل85 19م كما اشرنا سابقا ، تواصلت الجهود لوقف الحرب، و للحل السلمي لمشكلة الجنوب، فكان إعلان كوكادام الذي وقعة وفد التجمع الوطني لإنقاذ البلاد ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 24/ مارس/1986م الذي أشار إلى إلغاء قوانين سبتمبر 1983م وجميع القوانين المقيدة للحريات ، واعتمد دستور 1956م المعدل في 1964م ، مع تضمين الحكم الإقليمي وكافة القضايا الأخرى التي تجمع عليها القوي السياسية ، وكان من ضمن الأجندة التي اتفق عليها في إعلان كوكادام للمؤتمر الدستوري : مسالة القوميات ، المسألة الدينية ، الحقوق الأساسية للإنسان ، التنمية والتنمية غير المتوازنة. الخ
بعد ذلك جاءت مبادرة السلام السودانية (الميرغيي – قرنق) في 16/نوفمبر 1988م والتي تم فيها الاتفاق علي تهيئة المناخ الملائم لقيام المؤتمر الدستوري ، والذي يتلخص في الأتي: ـ
– تجميد مواد الحدود وكافة المواد ذات الصلة المضمنة في قوانين سبتمبر 1983م ، وان لا تصدر إيه قوانين تحتوي علي مثل تلك المواد وذلك إلى حين انعقاد المؤتمر الدستوري والفصل نهائياً في مسالة القوانين.
– كما اتفق الطرفان علي ضرورة عقد المؤتمر الدستوري.
ولكن انقلاب 30/يونيو/1989م الإسلاموي قطع مسار ذلك الحل ، وتم الرجوع للمربع الأول ، وتصاعدت الحرب الأهلية.
3
كان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي أن تم توقيع اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م، وتوفرت فرصة تاريخية للخروج بالبلاد من نفق الدكتاتورية والشمولية المظلم، بتنفيذ استحقاقات الاتفاقية التي تتلخص في: التحول الديمقراطي، والتنمية وتحسين الاحوال المعيشية وترسيخ السلام ووحدة البلاد القائمة علي اسس طوعية وديمقراطية.
لكن نظام الانقاذ استمر في طبيعته الديكتاتورية والشمولية والتي تقوم علي القمع ونقض العهود والمواثيق مثل: عدم تنفيذ اتفاقية السلام 1997م، و جيبوتي، و القاهرة وابوجا والشرق . الخ، والتي افرغها من مضامينها وحولها لوظائف ومناصب. كما ضرب بعرض الحائط الدستور الانتقالي لسنة 2005م بعدم انجاز التحول الديمقراطي وقمع المسيرات السلمية والرقابة علي الصحف، ولم تذهب عائدات البترول للتنمية في الشمال والجنوب، وتم تتويج ذلك بتزوير الانتخابات، واعادة انتاج الحكم الشمولي والسير في طريق القمع ومصادرة الحريات وزيادة اعباء المعيشة علي الجماهير، وتضخم جهاز الدولة الذي كان يمتص اكثر من 75% من ميزانية الدولة ( 77 وزير مركزي) غير وزراء الولايات والمناصب الأخري في المجالس المركزية والولائية.
كان من نتائج تلك السياسات انفصال الجنوب واندلاع الحرب في جنوب كردفان بعد تزوير المؤتمر الوطني للانتخابات هناك، وبعد احتلال الجيش لابيي، مما ادي الي خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات ونزوح الالاف وقصف المواطنين بالطائرات وحملات التطهير العرقي التي وجدت استنكارا واسعا من الرأي العام المحلي والعالمي.
4
أخيرا ،مهم مواصلة وتوسيع التصعيد الجماهيري داخليا وخارجيا من أجل :
– وحدة البلاد، ورفض تقسيم البلاد والحكومة الموازية بالوقف الفوري للحرب ودرء آثارها ، وعدم اطالة أمدها وتحويلها لحرب عرقية ، بالدعوة للحشد لها من القبائل كما هو جاري في أطراف البلاد والتجنيد للشباب في المعسكرات من طرفي الصراع ، وانضمام بعض أقسام من الحركات المسلحة لطرفي الحرب.
– احباط مخطط طرفي الحرب لتمزيق وحدة البلاد في حالة استمرارها التي تتوسع يوميا في مدن العاصمة الخرطوم كردفان ودارفور وجنوب كردفان النيل الأزرق ، وما يرتبط بها من جرائم حرب ونزوح وقتلي واغتصاب وجرحي، واعتقالات وانتهاكات لحرية التعبير كما حدث في الدمازين وسنجة وبقية المدن ، ونهب وسلب ، وتطهير عرقي.
– عدم تكرار تجربة انفصال الجنوب بعد انقلاب الإسلامويين في 30 يونيو 1989 ، الذي أطال أمد الحرب، وكون مليشيات الجنجويد والإسلاميين، ونتج عن ذلك قيام الحركات المسلحة، وتمددت الحرب من الجنوب الي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، ومواصلة المعركة لوقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يضمن وحدة البلاد .
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحکومة الموازیة وحدة البلاد
إقرأ أيضاً:
أمطار غزيرة في السودان خلال الساعات المقبلة
متابعات- تاق برس- توقعت هيئة الأرصاد الجوية أن تشهد بعض المناطق في السودان عواصف رعدية وأمطارا غزيرة، حيث تتأثر جنوب وغرب كردفان، شرق ووسط دارفور بعواصف رعدية وأمطار غزيرة. وشمال سنار، جنوب وغرب شمال كردفان، وسط وجنوب شمال دارفور، جنوب وغرب دارفور بأمطار متوسطة إلى غزيرة. وجنوب البحر الأحمر، كسلا، القضارف، شرق وجنوب سنار، النيل الأزرق، جنوب وجنوب شرق الجزيرة، النيل الأبيض، شمال شمال دارفور بأمطار خفيفة إلى متوسطة.
وأشارت إلى استمرار هيمنة منخفض الهند الموسمي على معظم أنحاء البلاد.
وأوضحت أن الفاصل المداري يمر اليوم شمال ولاية البحر الأحمر، شمال أبوحمد، جنوب دنقلا، شمال الأجزاء الشمالية من شمال دارفور.
وأشار تقرير الهيئة إلى أنه من المتوقع أن تشهد درجات الحرارة انخفاضًا طفيفًا في شرق، غرب، وجنوب أواسط البلاد، بينما ترتفع في شمال الأواسط وتستمر القيم المرتفعة في شمال وشمال شرق البلاد.
وتوقعت الهيئة أن يكون الطقس حارًا إلى حار جدًا نهارًا في الولاية الشمالية، وشمال نهر النيل، والبحر الأحمر، بينما يكون معتدلًا نهارًا ويميل للبرودة ليلًا في بقية أنحاء البلاد.
وتوقعت الأرصاد الجوية أيضًا نشاطًا للرياح الجنوبية الغربية المثيرة للغبار والأتربة في بعض المناطق، حيث تصل أعلى درجة حرارة متوقعة إلى 47.0°C في دنقلا، بينما تصل أدنى درجة حرارة صباح الغد إلى 20.0°C في كادقلي.
أمطار السودانطقس السودانمنخفض الهند الموسمي الحراري