علماء يحذرون من تفشٍ واسع لمتحور جديد من فيروس جدري القرود
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
حذّرت دراسة من تسارع انتشار فيروس إمبوكس (المعروف سابقا بجدري القرود) في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع ظهور متحوّر جديد أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، مما يزيد المخاوف من تفشٍ أوسع.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة التقنية في الدنمارك ومعاهد بحثية من ست دول مختلفة: الكونغو الديمقراطية، رواندا، الدنمارك، المملكة المتحدة، إسبانيا، وهولندا، ونُشرت نتائجها في مجلة نيتشر ميدسن Nature Medicine في فبراير/ شباط الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
ويُعرف المتحور بأنه نسخة متغيرة من الفيروس الأصلي، تَحدث بفعل طفرات جينية أثناء تكاثره، مما قد يؤدي إلى اختلاف في قدرته على الانتشار أو شدة تأثيره على المصابين.
ما فيروس إمبوكس؟عرّفت منظمة الصحة العالمية جدري القرود على أنّه مرض فيروسي يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية (Poxviridae)، وهي نفس العائلة التي تضم فيروس الجدري البشري. ويتميز المرض بظهور طفح جلدي يمر بعدة مراحل قبل الشفاء، إلى جانب أعراض أخرى مثل الحمى، وآلام العضلات، وتضخم الغدد الليمفاوية.
واكتُشف الفيروس لأول مرة في عام 1958 لدى قردة المختبر، ومن هنا جاء اسمه، وسُجلت أول إصابة بشرية فيه عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وشهد جدري القرود عدة تحوّلات منذ اكتشافه، حيث ظل انتشارُه محدودا في أفريقيا عقودا، قبل أن يتفشى عالميا عام 2022، وانتقل إلى البشر على نطاق واسع، بعد الاعتقاد السائد أن جدري القردة ينتقل أساساً من الحيوانات مثل القوارض والقردة إلى البشر.
إعلان
وبناء على التحليلات الجينية، ينقسم الفيروس إلى نوعين رئيسيين يختلفان من حيث مناطق الانتشار وشدة الأعراض:
كلايد 1 (Clade I): ينتشر في وسط وشرق أفريقيا، ويُعد الأكثر خطورة. يضم السلالة الفرعية كلايد 1 إيه (Clade Ia) المنتشرة في الكونغو والسودان، وكلايد 1 بي (Clade Ib)، التي تثير القلق حاليا بسبب قدرتها المتزايدة على الانتقال بين البشر. كلايد 2 (Clade II): ينتشر في غرب أفريقيا، وهو أقل خطورة من سلالة كلايد 1. يضم السلالة الفرعية كلايد 2 إيه (Clade IIa) الأقل خطورة بين جميع الأنواع الفرعية، وكلاد 2 بي (Clade IIb) المسؤولة عن التفشي العالمي بين البشر الذي بدأ في عام 2022. المتحوّر الجديد وانتشاره السريعرُصد المتحوّر كلايد 1 بي لأول مرة في سبتمبر/ أيلول 2023 بمدينة كاميتيغا، جنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكشفت التحليلات الجينية أنه تطور إلى ثلاثة أنواع فرعية، أحدها انتشر إلى مدن أخرى داخل الكونغو، ثم إلى دول مثل السويد وتايلاند.
ويختلف انتشار كلايد 1 بي عن التفشي في 2022، مع تسجيل ارتفاع في الإصابات عند الأطفال والعاملين الصحيين.
وكشفت الأبحاث أن كلايد 1 بي قد يزيد من خطر الإجهاض لدى النساء المصابات، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ انتشار الفيروس.
إصابات متزايدة ومخاطر صحية جديدة
بلغ عدد الإصابات المؤكدة بالمتحوّر الجديد كلايد 1 بي حتى 5 يناير/كانون الثاني الماضي أكثر من 9500 حالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، مع نسبة وفيات تقدر بـ 3.4%، أي ما يعادل 323 حالة وفاة تقريبا.
وحلل الباحثون المشاركون في الدراسة عينات من 670 مريضا مصابا بالفيروس، وكشفت النتائج أن الإصابات توزعت على 52.4% من النساء و47.6% من الرجال، معظمها انتقلت عبر الاتصال الجنسي. كما سُجلت 7 وفيات بين المرضى الذين خضعوا للتحليل.
وتعرضت 8 من أصل 14 امرأة حامل مصابة بالفيروس للإجهاض، مما يشير إلى احتمال ارتباط الفيروس بارتفاع مخاطر فقدان الحمل.
إعلان إجراءات عاجلة لاحتواء التفشييرى الباحثون أن استمرار انتشار هذا المتحوّر دون تدخل فوري قد يؤدي إلى تفشٍ عالمي جديد. لهذا، يدعو العلماء إلى استجابة محلية ودولية عاجلة للحد من خطورته. وتشمل الإجراءات الضرورية تعزيز المراقبة الصحية لرصد الحالات الجديدة بسرعة، وتكثيف حملات التوعية الصحية حول طرق انتقال الفيروس والوقاية منه، إلى جانب توسيع نطاق التطعيم في المناطق الأكثر تضررا، وإصدار تحذيرات السفر إلى المناطق الموبوءة.
ويؤكد الخبراء أن التراخيَ في اتخاذ التدابير الوقائية قد يسمح للفيروس بالتحوّر أكثر، مما يزيد من صعوبة احتوائه لاحقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة جدری القرود
إقرأ أيضاً:
لماذا لا تصاب الخفافيش بالسرطان؟
كشفت دراسة تبحث في سبب عدم إصابة الخفافيش طويلة العمر بالسرطان آفاقا جديدة فيما يتعلق بالدفاعات البيولوجية التي تقاوم المرض.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة روتشسترـ ونشرت في مجلة نيتشر كومينكيشنز Nature Communications ، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
ووجد الباحثون أن 4 أنواع شائعة من الخفافيش تتمتع بقدرات خارقة تمكنها من العيش حتى 35 عاما، أي ما يعادل نحو 180 عاما من حياة الإنسان، دون الإصابة بالسرطان.
قادت الدكتورة فيرا غوربونوفا، والدكتور أندريه سيلوانوف، وهما عضوان في قسم الأحياء بجامعة روتشستر ومعهد ويلموت للسرطان، هذا العمل. ومن أهم اكتشافاتهما حول كيفية وقاية الخفافيش من السرطان:
وتوصل الباحثون إلى أن الخفافيش والبشر تمتلك جينا يسمى "بي 53" (p53)، وهو جين مثبط للأورام قادر على إيقاف السرطان. تحدث طفرات في بي 53، مما يحد من قدرته على العمل بشكل صحيح، في نحو نصف حالات سرطانات البشر).
ويحتوي نوع يعرف باسم الخفاش "البني الصغير" -الموجود في روتشستر وشمال ولاية نيويورك- على نسختين من بي 53، ويتمتع بنشاط بي 53 مرتفع مقارنة بالبشر. يمكن للمستويات العالية من بي 53 في الجسم أن تقتل الخلايا السرطانية قبل أن تصبح ضارة في عملية تعرف باسم موت الخلايا المبرمج. ومع ذلك، إذا كانت مستويات بي 53 مرتفعة جدا، فهذا أمر سيئ لأنه يقضي على عدد كبير جدا من الخلايا. لكن الخفافيش لديها نظام محسن يوازن موت الخلايا المبرمج بفعالية.
إعلانإنزيم التيلوميراز نشط بطبيعته في الخفافيش، مما يسمح لخلاياها بالتكاثر إلى أجل غير مسمى. وهذه ميزة في الشيخوخة لأنه يدعم تجديد الأنسجة أثناء الشيخوخة والإصابة. ومع ذلك، إذا انقسمت الخلايا بشكل لا يمكن السيطرة عليه، فإن نشاط بي 53 الأعلى في الخفافيش يعوض ويمكنه إزالة الخلايا السرطانية التي قد تنشأ.
تتمتع الخفافيش بجهاز مناعي فعال للغاية، يقضي على العديد من مسببات الأمراض القاتلة. وقال جوربونوفا إن هذا يسهم أيضا في قدرات الخفافيش المضادة للسرطان من خلال التعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها. مع تقدم البشر في السن، يتباطأ الجهاز المناعي، ويميل الناس إلى الإصابة بمزيد من الالتهابات (في المفاصل والأعضاء الأخرى)، لكن الخفافيش جيدة في السيطرة على الالتهابات أيضا. يسمح لها هذا النظام المعقد بدرء الفيروسات والأمراض المرتبطة بالعمر.
كيف تنطبق أبحاث الخفافيش على البشر؟السرطان عملية متعددة المراحل وتتطلب العديد من "الضربات" حيث تتحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا خبيثة. وهكذا، كلما طالت حياة الإنسان أو الحيوان، زاد احتمال حدوث طفرات خلوية مصحوبة بعوامل خارجية (كالتعرض للتلوث ونمط حياة غير صحي، على سبيل المثال) تعزز الإصابة بالسرطان.
أفاد الباحثون بأن من الأمور المدهشة في دراسة الخفافيش أن الخفافيش لا تمتلك حاجزا طبيعيا ضد السرطان. يمكن لخلاياها أن تتحول إلى سرطان بـ"ضربتين" فقط – ومع ذلك، ولأن الخفافيش تمتلك آليات قوية أخرى لقمع الأورام، كما هو موضح أعلاه، فإنها تبقى على قيد الحياة.
وأكد الباحثون، بشكل هام، أنهم أكدوا أن زيادة نشاط جين بي 53 تمثل دفاعا جيدا ضد السرطان من خلال القضاء عليه أو إبطاء نموه. تستهدف العديد من الأدوية المضادة للسرطان بالفعل نشاط بي 53، ويجري دراسة المزيد.
وأضاف سيلوانوف أن زيادة إنزيم التيلوميراز بأمان قد تكون أيضا وسيلة لتطبيق نتائجهم على البشر المصابين بالسرطان، لكن هذا لم يكن جزءا من الدراسة الحالية.
إعلان