حذّرت دراسة من تسارع انتشار فيروس إمبوكس (المعروف سابقا بجدري القرود) في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع ظهور متحوّر جديد أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، مما يزيد المخاوف من تفشٍ أوسع.

وأجرى الدراسة باحثون من جامعة التقنية في الدنمارك ومعاهد بحثية من ست دول مختلفة: الكونغو الديمقراطية، رواندا، الدنمارك، المملكة المتحدة، إسبانيا، وهولندا، ونُشرت نتائجها في مجلة نيتشر ميدسن Nature Medicine في فبراير/ شباط الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

ويُعرف المتحور بأنه نسخة متغيرة من الفيروس الأصلي، تَحدث بفعل طفرات جينية أثناء تكاثره، مما قد يؤدي إلى اختلاف في قدرته على الانتشار أو شدة تأثيره على المصابين.

ما فيروس إمبوكس؟

عرّفت منظمة الصحة العالمية جدري القرود على أنّه مرض فيروسي يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية (Poxviridae)، وهي نفس العائلة التي تضم فيروس الجدري البشري. ويتميز المرض بظهور طفح جلدي يمر بعدة مراحل قبل الشفاء، إلى جانب أعراض أخرى مثل الحمى، وآلام العضلات، وتضخم الغدد الليمفاوية.

واكتُشف الفيروس لأول مرة في عام 1958 لدى قردة المختبر، ومن هنا جاء اسمه، وسُجلت أول إصابة بشرية فيه عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وشهد جدري القرود عدة تحوّلات منذ اكتشافه، حيث ظل انتشارُه محدودا في أفريقيا عقودا، قبل أن يتفشى عالميا عام 2022، وانتقل إلى البشر على نطاق واسع، بعد الاعتقاد السائد أن جدري القردة ينتقل أساساً من الحيوانات مثل القوارض والقردة إلى البشر.

إعلان

وبناء على التحليلات الجينية، ينقسم الفيروس إلى نوعين رئيسيين يختلفان من حيث مناطق الانتشار وشدة الأعراض:

كلايد 1 (Clade I): ينتشر في وسط وشرق أفريقيا، ويُعد الأكثر خطورة. يضم السلالة الفرعية كلايد 1 إيه (Clade Ia) المنتشرة في الكونغو والسودان، وكلايد 1 بي (Clade Ib)، التي تثير القلق حاليا بسبب قدرتها المتزايدة على الانتقال بين البشر. كلايد 2 (Clade II): ينتشر في غرب أفريقيا، وهو أقل خطورة من سلالة كلايد 1. يضم السلالة الفرعية كلايد 2 إيه (Clade IIa) الأقل خطورة بين جميع الأنواع الفرعية، وكلاد 2 بي (Clade IIb) المسؤولة عن التفشي العالمي بين البشر الذي بدأ في عام 2022. المتحوّر الجديد وانتشاره السريع

رُصد المتحوّر كلايد 1 بي لأول مرة في سبتمبر/ أيلول 2023 بمدينة كاميتيغا، جنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكشفت التحليلات الجينية أنه تطور إلى ثلاثة أنواع فرعية، أحدها انتشر إلى مدن أخرى داخل الكونغو، ثم إلى دول مثل السويد وتايلاند.

ويختلف انتشار كلايد 1 بي عن التفشي في 2022، مع تسجيل ارتفاع في الإصابات عند الأطفال والعاملين الصحيين.

وكشفت الأبحاث أن كلايد 1 بي قد يزيد من خطر الإجهاض لدى النساء المصابات، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ انتشار الفيروس.

إصابات متزايدة ومخاطر صحية جديدة

بلغ عدد الإصابات المؤكدة بالمتحوّر الجديد كلايد 1 بي حتى 5 يناير/كانون الثاني الماضي أكثر من 9500 حالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، مع نسبة وفيات تقدر بـ 3.4%، أي ما يعادل 323 حالة وفاة تقريبا.

وحلل الباحثون المشاركون في الدراسة عينات من 670 مريضا مصابا بالفيروس، وكشفت النتائج أن الإصابات توزعت على 52.4% من النساء و47.6% من الرجال، معظمها انتقلت عبر الاتصال الجنسي. كما سُجلت 7 وفيات بين المرضى الذين خضعوا للتحليل.

وتعرضت 8 من أصل 14 امرأة حامل مصابة بالفيروس للإجهاض، مما يشير إلى احتمال ارتباط الفيروس بارتفاع مخاطر فقدان الحمل.

إعلان إجراءات عاجلة لاحتواء التفشي

يرى الباحثون أن استمرار انتشار هذا المتحوّر دون تدخل فوري قد يؤدي إلى تفشٍ عالمي جديد. لهذا، يدعو العلماء إلى استجابة محلية ودولية عاجلة للحد من خطورته. وتشمل الإجراءات الضرورية تعزيز المراقبة الصحية لرصد الحالات الجديدة بسرعة، وتكثيف حملات التوعية الصحية حول طرق انتقال الفيروس والوقاية منه، إلى جانب توسيع نطاق التطعيم في المناطق الأكثر تضررا، وإصدار تحذيرات السفر إلى المناطق الموبوءة.

ويؤكد الخبراء أن التراخيَ في اتخاذ التدابير الوقائية قد يسمح للفيروس بالتحوّر أكثر، مما يزيد من صعوبة احتوائه لاحقا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة جدری القرود

إقرأ أيضاً:

من غزة إلى الكونغو ثم إيران.. كيف تنسج قطر خيوط دبلوماسيتها في الملفات الشائكة؟

نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا يُسلط الضوء على الدور المحوري الذي لعبته قطر في التوسط لوقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال الإسرائيلي بعد 12 يوما من التصعيد، معتبرا أن ذلك لم يكن مفاجئا بالنظر إلى جهود الوساطة التي تبذلها الدوحة في أكثر من ملف شائك دوليا.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مسؤولين أمريكيين أكدوا لوسائل الإعلام أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت متأخر من أمس الاثنين ما كان ليُكلَّل بالنجاح لولا الدور الحاسم الذي لعبته قطر كوسيط نشط وديناميكي.

وأوضح الموقع أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني لعب دورًا محوريًا في دعم المقترح الأمريكي بإنهاء الاشتباكات، وذلك بعد أن قامت الدوحة في اليوم السابق بإغلاق مجالها الجوي وتوصلت إلى اتفاق مع إيران بشأن تنسيق الرد على الهجمات الأمريكية التي وقعت الأحد، عبر استهداف قاعدة "العديد" الأمريكية على الأراضي القطرية.

وساطات في غزة والكونغو
واعتبر الموقع أن جهود الوساطة القطرية لم تكن أمرًا مفاجئًا، إذ أظهرت الدوحة خلال الأشهر الأخيرة اهتمامًا ملحوظًا بتبني دبلوماسية فعّالة تهدف إلى تخفيف حدة التوترات والنزاعات على الساحة الدولية.

قبل أيام فقط، قدمت قطر مقترحًا لإحياء المفاوضات بين الكونغو ومتمردي حركة "إم 23" المدعومة من رواندا، في إطار وساطة مشتركة مع الولايات المتحدة.

كما لعبت قطر دورًا حاسمًا في كانون الثاني/ يناير الماضي في التفاوض على وقف مؤقت للحرب الإسرائيلية على غزة، والذي انهار لاحقًا نتيجة قرار أحادي من تل أبيب.

وذكر الموقع أن قطر كانت اللاعب الرئيسي في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، حيث لم تكتفِ باستضافة الجولة النهائية من المحادثات بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس في الدوحة، بل تولّت أيضًا مسؤولية الدفع نحو التوصل إلى اتفاق نهائي يشمل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.


تعزيز النفوذ
وحسب الموقع، فإن جهود قطر لوقف الحرب في غزة - بدعم من مصر والولايات المتحدة - تندرج ضمن جهودها لبناء شرق أوسط جديد، حيث أن المناورات الإسرائيلية تفتح المجال أمام تمدد الإخوان المسلمين المقرّبين من الدوحة وأنقرة.

ويأتي ذلك بشكل خاص بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وصعود الفصائل المسلحة التي تقودها هيئة تحرير الشام إلى أعلى هرم السلطة، وهي فصائل حظيت لفترة طويلة بدعم قطري.

وأضاف الموقع أن الوساطة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي تأتي ضمن هذا الطموح الاستراتيجي والرغبة في تعزيز النفوذ.

وقال الموقع، إن الدوحة تسعى للحفاظ على مصالحها مع طهران، حيث تتقاسم معها حقل بارس الجنوبي للغاز الذي استهدفه الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الماضية، فضلًا عن الأهمية البالغة التي توليها لمضيق هرمز.

وأشار الموقع إلى أن الدوحة عززت نفوذها بشكل متزايد في سوريا، إذ تمثل الذراع المالية والدبلوماسية لمنظومة نفوذ تلعب فيها تركيا الدور العسكري والاستخباراتي، كما أنها منخرطة على نحو متصاعد في لبنان من خلال الدفع نحو العودة إلى الاستقرار مع انتخاب الجنرال جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بعد عامين من الجمود.

جهود سابقة
وقد فسّر تقرير صادر عن جامعة نافارا في أيار/ مايو 2024 هذا النهج الدبلوماسي الذي تتبعه الدوحة بـ"هشاشة قطر أمام المخاطر الأمنية، بما في ذلك الاعتداءات العسكرية والعمليات السرية، وهو ما برز جليًا في سياق المقاطعة التي فرضتها كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بين عامي 2017 و2021".

ويذكّر تقرير آخر نشرته جامعة نافارا بأن هناك العديد من الحالات السابقة التي أظهرت فيها قطر هذه القدرة الدبلوماسية في عدد من الملفات الدولية الشائكة، ففي الواقع لدى قطر "تاريخ من الجهود الفعالة في الوساطة، كما يتضح من مشاركتها في التوسط في اتفاقات سلام في لبنان عام 2008، واليمن عام 2010، ودارفور عام 2011، وغزة عام 2012".

كما لفتت جامعة نافارا في تقرير نُشر في 2021 إلى أن "الدوحة سعت إلى التقريب بين مواقف الغرب وحركة طالبان بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021"، وذلك في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه في الدوحة.

ورغم أن محاولات الوساطة بين روسيا وأوكرانيا لوضع حد للأزمة المرتبطة بالهجمات على البنى التحتية للطاقة كانت أقل نجاحا، فإن جهود قطر في كل هذه الملفات رسخت -وفقا للموقع- دورها كقوة دبلوماسية كبرى، وهو دور لا تستطيع إلا قلة من الدول أن تلعبه.


مصالح استراتيجية
يرى الموقع أن كل هذه الجهود الدبلوماسية ليست مسألة نابعة من حسن النية، فالدوحة تسعى بالتنسيق مع تركيا إلى تشكيل شرق أوسط يتمحور حول أنقرة، وضمان مواجهة أي تحركات عدائية محتملة من الدول العربية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب توسيع نفوذها الناعم على الصعيد العالمي.

وهذا الدور يمكن أن يفتح أمامها الطريق لتتحرك أيضًا كمستثمر وشريك سياسي في العديد من السياقات الأخرى، من أفريقيا إلى آسيا.

ويختم الموقع بأن مساعي قطر في ملف غزة كانت المحاولة الجادة الوحيدة لوضع حد للمجازر في القطاع، كما أدت جهودها إلى بلورة حل ينهي التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران بينما كانت الصواريخ تحلّق فوق سماء الدوحة، حيث آمنت الإمارة الخليجية بإمكانية تحقيق السلام عندما كانت التوقعات متشائمة للغاية.

مقالات مشابهة

  • من غزة إلى الكونغو ثم إيران.. كيف تنسج قطر خيوط دبلوماسيتها في الملفات الشائكة؟
  • خبراء يحذرون: لقاح كورونا قد يسبب "التهابا قاتلا" في الدماغ
  • خبراء يحذرون: تعليم القراءة في سن الثالثة قد يُعيق نمو الطفل
  • لقاح واعد ضد فيروس نقص المناعة البشرية بجرعة واحدة فقط
  • فيروس يعيش داخل ثلثي البشر يسطو على الخلايا ويتلاعب بها!
  • ترامب يعلن اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا: يوم عظيم إلى إفريقيا والعالم
  • من الفيروس إلى التليف.. كيف يبدأ المرض الخفي في تدمير الرئة؟
  • علماء يكشفون كيف سيمتلك البشر قوى خارقة بحلول عام 2030!
  • الكونغو الديمقراطية تمدد حظر تصدير الكوبالت
  • اكتشاف ثوري يوقف انتشار فيروس الهربس عبر تعطيل إنزيم حيوي في الجسم