شركات التكنولوجيا الصينية تُكثف طلباتها على رقائق الذكاء الاصطناعي H20 من إنفيديا
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
كثفت الشركات الصينية طلباتها على رقائق الذكاء الاصطناعي H20 من شركة إنفيديا، وذلك في ظل الطلب المتزايد على نماذج الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة التي تطورها شركة DeepSeek.
وتمثل هذه الزيادة في الطلب، تأكيداً جديداً على هيمنة إنفيديا في سوق الذكاء الاصطناعي، كما قد تسهم في تبديد المخاوف بشأن احتمال تراجع الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي بسبب توسع DeepSeek، بحسب رويترز.
وأفاد مصدران بأن شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين، مثل تينسنت وعلي بابا وبايت دانس، قامت بزيادة طلباتها بشكل كبير على رقائق H20، وهي الشريحة التي صممتها إنفيديا خصيصاً للسوق الصينية بسبب القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين.
يأتي هذا التحول في الطلب بعد أن برزت شركة DeepSeek إلى الواجهة العالمية خلال الشهر الماضي، ما يعكس الأثر المتزايد لنماذج الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة في تعزيز استهلاك الرقائق المخصصة لهذا المجال.
خدمات الحوسبة السحابية
إلى جانب احتياجاتها الداخلية من رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، توفر شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى تينسنت وعلي بابا وبايت دانس خدمات الحوسبة السحابية، مما يتيح للشركات الأخرى الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي واستخدامها.
ووفقاً لمصدر في إحدى أكبر شركات تصنيع الخوادم في الصين، فإن شركات أصغر في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم بدأت أيضاً في شراء خوادم الذكاء الاصطناعي المجهزة بنماذج DeepSeek ورقائق H20 من إنفيديا. وأشار المصدر إلى أن هذا يمثل تحولاً ملحوظاً، حيث كانت المؤسسات المالية وشركات الاتصالات الكبرى هي الوحيدة القادرة سابقاً على الاستثمار في خوادم متطورة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض قيود إضافية على بيع رقائق H20 للصين. وبينما قد يكون التهديد بفرض قيود جديدة أحد العوامل وراء القفزة في الطلب، إلا أن المصادر أكدت أن النمو المتسارع لنماذج DeepSeek هو المحرك الأساسي لهذا الطلب المتزايد.
لم يكشف المصدر عن تفاصيل حجم الطلبات، إذ لم يكن مصرحاً له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، ورفض الإفصاح عن هويته.
من جانبها، لم تستجب إنفيديا للاستفسارات حول حجم الطلب على رقائق H20 من الصين، لكنها أكدت أن منتجاتها «تفوز بجدارتها في سوق تنافسية». ومن المقرر أن تعلن الشركة عن نتائجها الفصلية يوم الأربعاء.
كذلك، لم ترد كل من تينسنت وبايت دانس وعلي بابا على طلبات التعليق.
تُعد نماذج الذكاء الاصطناعي DeepSeek منافساً قوياً للأنظمة الغربية، إذ تحقق أداءً مشابهاً لكن بتكلفة أقل بكثير، نظراً لتركيزها على الاستخلاص أو إنتاج النتائج، وهو ما يعزز كفاءة الحوسبة دون الاعتماد فقط على قوة المعالجة الخام.
قال نوري تشيو، مدير الاستثمار في شركة White Oak Capital Partners ومقرها سنغافورة: «عند إطلاق DeepSeek، أساء الكثيرون تقدير تأثيره، معتقدين أن الطلب على الحوسبة قد يتباطأ أو ينخفض. لكن في الواقع، تدفع نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً نحو اندماج أعمق في الحياة اليومية، مما يؤدي إلى زيادة هائلة في احتياجات الحوسبة على مستوى الاستخلاص».
وشهدت أسواق الأسهم العالمية اضطرابات كبيرة بعد ظهور DeepSeek، حيث تراجعت أسهم إنفيديا بما يصل إلى 20% في أواخر يناير كانون الثاني، لكنها استعادت معظم خسائرها لاحقاً، وهي الآن منخفضة بنسبة 3% فقط منذ بداية العام.
رقائق H20 من إنفيديا
ورغم أن الانتشار الواسع لنماذج DeepSeek قد يعزز قدرة الشركات الصينية، مثل هواوي، على المنافسة داخل السوق المحلية، فإن رقائق H20 من إنفيديا لا تزال المعيار الأساسي لصناعة الذكاء الاصطناعي في الصين.
ويقدر المحللون أن إنفيديا شحنت حوالي مليون وحدة من H20 خلال عام 2024، مما حقق للشركة إيرادات تجاوزت 12 مليار دولار.
تعد رقاقة H20 المنتج الأساسي الذي يُسمح قانونياً لشركة إنفيديا ببيعه في الصين، حيث تم إطلاقها بعد دخول أحدث القيود الأميركية على الصادرات حيز التنفيذ في أكتوبر تشرين الأول 2023. وكانت واشنطن قد حظرت تصدير أكثر الرقائق تقدماً من إنفيديا إلى الصين منذ عام 2022، بسبب مخاوف من إمكانية استخدام التقنيات المتقدمة في تعزيز القدرات العسكرية الصينية.
وأعلنت العديد من الشركات الصينية عن خطط لاستخدام نماذج DeepSeek، من بينها شركة تينسنت، التي قالت إنها ستبدأ اختبارات تجريبية لدمج هذه النماذج في تطبيق WeChat الشهير، إلى جانب شركة جريت وول، التي قامت بدمج نموذج DeepSeek في نظام المركبات الذكية الخاص بها.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار رقائق الذکاء الاصطناعی نماذج الذکاء الاصطناعی نماذج DeepSeek على رقائق فی الصین
إقرأ أيضاً:
حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الثانية من الشهر الماضي، أقال الرئيس دونالد ترامب مديرة مكتب حقوق النشر، وذلك بعد يوم واحد فقط من صدور تقرير للمكتب بعنوان: «حقوق النشر والذكاء الاصطناعي – الجزء الثالث: الذكاء الاصطناعي التوليدي».
فقد اعتبر هذا التقرير بمثابة إعلان حرب من قبل «أباطرة التقنية» الذين أنفقوا مبالغ طائلة لدعم وصول ترامب إلى السلطة، وجرى التشكيك في صلاحية استخدام مبدأ «الاستخدام العادل»، وهو السند القانوني الذي تستخدمه شركات مثل «أوبن إيه آي» و«ميتا» وغيرهما لتبرير حقها غير المقيد في «جمع» البيانات من الإنترنت لأغراض تدريب نماذجها. وتصدرت قضية حماية حقوق النشر واجهة التحديات الكبرى التي فرضتها الطفرة السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى ساحة صراع محتدم داخل أروقة البرلمان البريطاني، في أعقاب مشاورات حكومية موسعة. ويتركز الخلاف بشكل خاص بين الحكومة التي تهيمن على مجلس العموم، ومجلس اللوردات الذي يتبنى موقفاً مغايراً.
وفي هذا السياق، وجهت البارونة بيبان كيدرون، التي تتزعم حملة الدفاع عن أصحاب حقوق النشر، انتقادات لاذعة للموقف الحكومي قائلة: «تفضل الحكومة التنازل عن حقوق ملكية من اكتسبوها بجهدهم مقابل وعود فضفاضة بالنمو الاقتصادي للأمة، غير أنها تعجز عن تحديد المستفيدين من هذا النمو المزعوم أو حجمه الفعلي. والأمر الوحيد المؤكد لدى جميع الأطراف – الحكومة والمعارضة وشركات الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أصحاب الحقوق أنفسهم – هو أن الصناعات الإبداعية لن تكون ضمن المستفيدين من هذه المعادلة».
وعليه، إذا رغبت شركات التكنولوجيا في استثمار إبداعات الآخرين، فيتعين عليها دفع المقابل العادل، وهذا ما يفسر اعتراف الدول المتقدمة بحقوق النشر وتبنيها آليات لحمايتها. وتطرح الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق النشر على وجه الخصوص إشكاليات معقدة، يأتي في مقدمتها مسألة المدة الزمنية المناسبة لهذه الحماية، فبموجب القانون البريطاني تتمتع المصنفات الإبداعية من كتب وموسيقى وأفلام بحماية تمتد لـ 70 عاماً بعد وفاة مبدعيها، وهي فترة وإن بدت اعتباطية، إلا أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً لا جدال فيه.
وتبرز إشكالية أخرى تتعلق بآليات إنفاذ هذه الحقوق، حيث تؤكد البارونة كيدرون أن من حق المبدعين معرفة متى يتم استخدام ممتلكاتهم الفكرية، خصوصاً أن عمليات انتهاك حقوق النشر باتت تتم اليوم بصورة مجهولة الهوية، مما يحول دون قدرة أصحاب الحقوق على حمايتها. وبذلك يغدو محور القضية الرئيسية هو الشفافية.
وتدعي حكومة كير ستارمر انفتاحها على مختلف الخيارات، بل إنها لم تستبعد خيار «انهب ما تشاء». ويمكن تفسير هذا الموقف باعتبارات عدة، منها تجنب إثارة غضب الإدارة الأمريكية – الحليف المشكوك في ولائه أصلاً – بفرض متطلبات الشفافية، نظراً لهيمنة شركات التكنولوجيا على القرار السياسي هناك، أو ربما اعتقاداً بأن العوائد الاقتصادية من مغازلة صناعة الذكاء الاصطناعي ستفوق الأضرار التي ستلحق بالصناعات الإبداعية المحلية، أو حتى تشككاً في إمكانية تطبيق متطلبات الشفافية على أرض الواقع.
ورغم وجاهة هذه التبريرات، إلا أن هناك اعتبارات موازية لا يمكن تجاهلها، فوفقاً لتقديرات الحكومة نفسها، «ساهمت الصناعات الإبداعية بنحو 126 مليار جنيه استرليني كقيمة مضافة للاقتصاد (أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي) ووفرت 2.4 مليون فرصة عمل في عام 2022». ومن غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت القيمة المضافة لصناعة الذكاء الاصطناعي ستصل يوماً إلى هذا الحجم في المملكة المتحدة.
يضاف إلى ذلك أن الصناعات الإبداعية تمثل جوهر التميز البريطاني، بل وذروة الإنجاز الإنساني، مما يجعل فكرة التنازل عن مخرجاتها مجاناً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. وقد تجاوزنا حتماً مرحلة منح هذه الصناعة «حسن الظن»، فشعارها المعلن «تحرك بسرعة وحطم القواعد» تمت ترجمته حرفياً على أرض الواقع، حيث دمرت بالفعل الكثير، بما في ذلك، على الأرجح، الصحة النفسية لكثير من الشباب، ناهيك عما اختبرته شخصياً عندما استخدمت تقنية «التزييف العميق» لاستنساخ هويتي، مما أدى إلى فقدان السيطرة على انتشار عمليات الاحتيال المالي.
ومن المفارقات التاريخية المثيرة أن الولايات المتحدة نفسها لم تعترف بحقوق النشر الدولية في تشريعاتها المحلية طوال معظم فترات القرن التاسع عشر، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني الشهير أنتوني ترولوب للاحتجاج بشدة على سرقة حقوق نشر مؤلفاته، حيث كتب قائلاً: «يدعون بلا خجل أو مواربة بأنهم يستمتعون بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين، وأنهم سيواصلون فعل ذلك طالما يمكنهم الإفلات من العقاب، غير أن هذه الحجة، وفقاً لتقديري، لا تصدر عن عامة الناس، بل عن وحوش، وعن أولئك السياسيين الذين نجحت هذه الوحوش في ربطهم بمصالحها التجارية». وقد تغيرت طبيعة هذه الوحوش اليوم، لكن الدافع ظل هو ذاته.
وتصر البارونة كيدرون على وجود فرصة حقيقية لبناء علاقة صحية ومثمرة بين عمالقة التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، لكنها تستدرك قائلة: «هذا الزواج القسري، بشروط تشبه العبودية، ليس هو الإطار المنشود لتلك العلاقة» – وهو رأي أتفق معه تماماً.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب