أفهم في السياسة الأمريكية أنه جيئ بـ«ترامب» في الدورة الأولى ليحارب الصين ولم ينجح وواقعياً هو فشل لكنه لم ينهزم..
جيئ بـ«بايدن» بعده ليحارب «روسيا» والترتيبات كانت تهيأت ليفجر حرب أوكرانيا وليفجر ما عُرف بخط السيل الشمالي للغاز الروسي..
و حقيقة فإن «بايدن» نجح في حشد الغرب للتمويل والتسليح إلى جانبه، لكن روسيا بالمقابل كانت تهيأت لهذا الاحتمال بل وقرأته بشكل دقيق استخباراتياً، وبالتالي فهي حاربت كل الغرب في أوكرانيا وليس فقط أمريكا.
هزيمة أمريكا والغرب هو الفشل في إلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا وبقدر ما أفشلت روسيا أن تلحق بها هزيمة استراتيجية في أوكرانيا فإن روسيا هي التي انتصرت استراتيجياً حتى في ظل استمرار هذه الحرب..
مجرد عودة أو إعادة «ترامب» للمكتب البيضاوي إن لم يؤكد انهزام أمريكا استراتيجيا فهو يؤكد انتصار روسيا استراتيجيا في أوكرانيا..
يؤكد هذا تعامل ترامب مع الحالة الأوكرانية وما يطرحه عن المعادن النفيسة النادرة في أوكرانيا في تصوره للحل أو الحلحلة..
الحرب مع الصين يظل ثقلها الاقتصادي والتجاري أساساً ربطاً بـ«تايوان»، والحرب العسكرية المحتملة وبهذه الأرضية والمتراكم فالحرب لم تعد تقاس أو تقرأ بمعيار أو سقف النصر أو الهزيمة الاستراتيجية على طريقة الحالة الأوكرانية..
و لهذا فكأنما أمريكا ومن عهد «بايدن» ثم «ترامب» كأنما وجدت في «طوفان الأقصى» مهرباً من هزيمتها استراتيجياً في أوكرانيا ومن عجزها من إلحاق هزيمة استراتيجية بالصين فبات طموحها الآني و الواقعي أن تحقق نصراً لها فيما يسمى الشرق الأوسط لتقدمه على أنه انتصار استراتيجي لها على روسيا والصين معاً..
و لهذا فطوفان الأقصى تحوّل إلى قضية لأمريكا طغت على قضية أوكرانيا حتى في عهد بايدن ذاته..
بمعنى أن بايدن وهو من فجر حرب أوكرانيا لم يكن يعد باستطاعته أو بمقدوره التعامل مع أوكرانيا وروسيا بذات طريقة ترامب..
سقف فشل ترامب في صراع الدورة الأولى من حكمه هو ما أوصل بايدن للبيت الأبيض خلفاً له وهزيمة بايدن الاستراتيجية بأوكرانيا هي التي أعادت ترامب للحكم خلفاً لبايدن و إن لم يكن ذلك هو العامل الحاسم للإخراج والمخرج في سيناريوهات الدولة العميقة فهو العامل الأهم والأكثر تأثيراً في مشهد هذه التقلبات الأمريكية الدراماتيكية..
من هذه الخلفيات والخافيات يأتي الضغط ليس فقط على المقاومة ومحور المقاومة بل على كامل أنظمة المنطقة وعلى المنطقة برمتها..
المشكلة لم تعد بسقف الطرح الإسرائيلي «وجودية» وإنما باتت شبه «وجودية» لأمريكا ذاتها فأقل ما يلزم به «بايدن» ثم «ترامب» هو هذا الانتصار الذي يسعى له في المنطقة لتأكيد أن أمريكا قوية ولا زالت الأعظم فوق فشلها مع الصين وعجزها الاستراتيجي أمام روسيا..
الأداء السياسي لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في غزة يؤكد استيعاب المقاومة ومحور المقاومة لهذه الخلفية وما يرتبط بها من خفايا..
مثلما حزب الله يقبل «بتمطيط» «الهدنة» ويصبر على الخروقات الصهيونية فإن حركه حماس تساير الاقتراح الإماراتي وهو مقترح أمريكي بقبولها التخلي عن السلطة في غزة بشرط تسليمها، والطريف أن «نتنياهو» هو من انبرى لرفض مقترح «حماس»..
إذا ترامب طالب العرب بمقترح بديل للتهجير فها هي حماس تفاجئ الجميع بمقترح لم يكن أي أحد يتوقعه، وبالتالي فما دخل «نتنياهو» يرفض مقترحاً لترامب هو من طلبه؟..
من الواضح أنه لا حل بعد مقترح «حماس»، وبالتالي فالمشكلة شبه الوجودية لأمريكا ربطاً بالوجودية الصهيونية «إعلامية» هي باتت تدفع المنطقة إلى حرب مفروضة عليها أمريكياً ولا خيار لها لتجنبها..
دعونا ننتظر مخرجات القمة العربية وربما الإسلامية كما يطرح ولكنه لم يعد من بديل لمقترح «حماس» من بديل غير بديل الحرب..
اذا لم يعد أمام أمريكا من بديل غير الحرب فأراهن أن نتائج هذه الحرب لن تكون كما تريد أمريكا أو أسرئيل لأنه يفترض أن يكون من شنوا أبشع حرب إبادة على غزة ومارسوا أبشع وأوسع دمار وتدمير هم من يعنيهم بل وعليهم أن يفكرواً مجرد التفكير في عودة هذه الحرب..
إذا هم يقولون إن حماس لم تعد حماس وحزب الله أنهك وبات ضعيفاً، فماذا كانت حماس وماذا كان حزب الله في عقود سبقت الطوفان، ثم ماذا كانت إيران وماذا كانت اليمن؟..
ألا يعني أن أمريكا طرحت مثل هذه التساؤلات وهي تجبر المنطقة على حرب لا يريدها أحد فيها؟..
اذا أمريكا فشلت في أبشع حرب لعام ونصف في تحقيق ما تقدمه انتصاراً استراتيجياً فماذا لو تعرضت لانكسار أو فشل جديد، وكيف سيفهم ذلك أو يربط بالحالة الأوكرانية أو بالصراع مع الصين وفي ظل عداء العالم وغربه قبل شرقه لهذه البجاحة والوقاحة الأمريكية في الاستعلاء على العالم؟!.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أمريكا ترفع درعها في الشرق الأوسط: هل يقترب تدخلها المباشر في الحرب؟
16 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا متسارعًا في التوترات بين إيران وإسرائيل، مع نقل الولايات المتحدة لأنظمة دفاع جوي متقدمة إلى المنطقة، بما في ذلك منظومات اعتراض الطائرات المسيرة التي كانت مخصصة لأوكرانيا.
هذه الخطوة، التي أُعلن عنها في 15 يونيو 2025، أثارت تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للانخراط في نزاع عسكري مباشر مع إيران لحماية حليفتها الاستراتيجية إسرائيل.
السياق الاستراتيجي: لماذا الشرق الأوسط الآن؟
تأتي خطوة نقل أنظمة الدفاع الجوي إلى الشرق الأوسط في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، خاصة بعد هجمات إسرائيلية استهدفت مواقع نووية وعسكرية إيرانية في يونيو 2025. هذه الهجمات، التي تضمنت تدمير قاعدة جوية في تبريز وقتل قادة بارزين في الحرس الثوري، دفعت إيران إلى الرد بإطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل، مما استدعى تدخل أنظمة الدفاع الأمريكية “ثاد” لاعتراضها.
وتعكس هذه التحركات الأمريكية تحولًا في أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تبدو أقل اهتمامًا بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، وأكثر تركيزًا على مواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. وفقًا لمجلة “ناشيونال إنترست”، فإن هذا القرار يعكس إدراك واشنطن لمصالحها الملحة في المنطقة، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة من الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية.
الدوافع الأمريكية: بين الدبلوماسية والضغط العسكري
تاريخيًا، حافظت الولايات المتحدة على دعم قوي لإسرائيل، سواء عسكريًا أو سياسيًا، حيث بلغت المساعدات الأمريكية لإسرائيل منذ عام 1946 حوالي 158.6 مليار دولار. ومع ذلك، يبدو أن إدارة ترامب تتبنى نهجًا براغماتيًا يجمع بين التهديد العسكري والدبلوماسية. فقد هدد ترامب باتخاذ إجراءات عسكرية إذا فشلت المفاوضات النووية مع إيران، لكنه أبدى تفضيلًا للتفاوض على اتفاق يحد من البرنامج النووي الإيراني بدلاً من الانجرار إلى حرب شاملة.
تشير التقارير إلى أن ترامب تراجع عن دعم خطة إسرائيلية لضرب مواقع نووية إيرانية في مايو 2025، مفضلاً إعطاء الدبلوماسية فرصة. ومع ذلك، فإن نشر أنظمة دفاعية متقدمة مثل “ثاد” وبطاريات “باتريوت”، إلى جانب حاملات طائرات وقاذفات “بي-2” في المنطقة، يشير إلى استعداد أمريكي للرد العسكري في حال تصاعد الصراع.
ويظل الدعم الأمريكي لإسرائيل حجر الزاوية في سياسة واشنطن بالمنطقة. ومع ذلك، أعرب ترامب عن رغبته في تجنب “المغامرات العسكرية” الخارجية، مما يشير إلى أن أي تدخل أمريكي قد يكون محدودًا ومركزًا على الدفاع عن إسرائيل بدلاً من شن هجوم مباشر على إيران.
و تدرك إيران تفوق القوة العسكرية الأمريكية، مما يجعلها تميل إلى استراتيجيات غير تقليدية مثل الهجمات عبر وكلاء أو ضربات رمزية محدودة. ومع ذلك، فإن أي هجوم إيراني مباشر على القواعد الأمريكية قد يدفع واشنطن إلى الرد بقوة، خاصة إذا استهدفت مصالح أمريكية حيوية.
ويواجه ترامب ضغوطًا داخلية من قاعدته الانتخابية التي تعارض التدخلات العسكرية الخارجية. ومع ذلك، قد يرى البعض في إدارته أن التصعيد مع إيران يمكن أن يحول الانتباه عن القضايا الداخلية أو يعزز موقفه السياسي.
وشاركت دول عربية، مثل الأردن والسعودية، في أنظمة دفاع جوي مشتركة مع إسرائيل خلال العام الماضي، مما يعكس تحولًا في المواقف الإقليمية تجاه إيران. هذا التعاون قد يشجع الولايات المتحدة على تعزيز وجودها العسكري دون الحاجة إلى تدخل مباشر.
ومن المرجح أن تقتصر الولايات المتحدة على تقديم دعم دفاعي لإسرائيل، مثل استخدام أنظمة “ثاد” و”باتريوت” لاعتراض الصواريخ الإيرانية، مع تجنب الانخراط في هجوم مباشر على إيران. هذا النهج يتماشى مع تصريحات ترامب التي تؤكد على تجنب الحروب الشاملة.
وإذا ردت إيران بضربات مباشرة على القواعد الأمريكية أو المصالح الإسرائيلية، فقد تلجأ واشنطن إلى ضربات عسكرية دقيقة تستهدف منشآت عسكرية أو نووية إيرانية. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يحمل مخاطر التصعيد إلى حرب إقليمية.
وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن الولايات المتحدة تسعى إلى حرب شاملة مع إيران، بل تعمل على تعزيز قدراتها الدفاعية في الشرق الأوسط لحماية إسرائيل وردع طهران.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts