هناك أمثلة عديدة على أدباء وكتاب ومثقفين عاشوا الفقر على أصوله رغم أنهم أنتجوا أفضل الإبداعات الأدبية للبشرية التي أسعدت الناس، لكنهم عاشوا الشقاء الحقيقي عبر بوابة الفقر والحاجة، ولم يلتفت إليهم أحد؛ فبعضهم لم يُطبع نتاجه إلا بعد وفاته، حيث حققت كتبهم حينها أرباحًا كبيرة، وبعضهم طُبعت كتبه، لكنها لم تحقق الربح المأمول إلا بعد وفاته، وآخرون غمطت حقهم دار نشر أكلت القسم الأكبر من الكعكة.
ونظرًا إلى كثرة هذه النماذج، أسماها بعضهم آفة، في حين أطلق البعض على هذا الصنف من الناس، مقولة: (أدركته حِرفة الأدب)؛ بدءًا من الجاحظ، الذي عاش فقيرًا، ينام في محل بيع الكتب حارسًا، أو كان- كما قيل- يستأجره في الليل، حتى يقرأ فيه بعض الكتب إلى الصباح، حتى أصاب عينيه الجحوظ كما قيل؛ إلى أبي حيان التوحيدي، الذي كان لا يأكل سوى أسوأ المأكولات وأرخصها، ويلبس الثياب المرقعة، حتى قال: غدا شبابي هربًا من الفقر، والقبر عندي خير من الفقر؛ إلى الشاعر الكبير أمل دنقل الذي كان لا يجد ما يأكله، وكان يشك أن باستطاعته أن يتزوج من الصحفية عبلة الرويني، التي تعدّ من طبقة اجتماعية أخرى، لكنها أحبته وأصرّت على الزواج به متحملة فقره.
وكان الشاعر المصري المعروف بيرم التونسي، الذي كتب أجمل القصائد، والذي طُرد من مصر، وتشرد في عدد من البلدان، قد عانى الجوع والتشرد قبل أن يصدر عفو عنه ويعود إلى مصر.
حتى الكاتب الشهير عباس محمود العقاد، الذي اكتسب مكانة كبيرة حتى بين أدباء عصره مثل طه حسين والرافعي، عاش ومات فقيرًا.
وهذا ما دفع البعض إلى الوقوع في فخ التعميم بالقول: إن الفقر قدر محتوم على الأدباء، حتى قال الشاعر المصري محمود غنيم لصديقه:
هوّن عليك وجفّف دمعك الغالي *** لا يجمع الله بين الشعر والمال
ولا بد أن نختم هنا بالقول: إن هناك نماذج كثيرة لأدباء حققوا ثروات كبيرة، إمّا من أدبهم، أو من مصادر أخرى، لهم قصة أخرى يجب أن تروى.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
"رحلة نحو الشعر".. تكريم نادي حافظ بمؤتمر ثقافي كبير في الفيوم
تنطلق غدًا السبت فعاليات مؤتمر اتحاد الكتاب – فرع بني سويف والفيوم – لتكريم الشاعر نادي حافظ والاحتفاء بمسيرته الشعرية، تحت عنوان "نادي حافظ.. رحلة نحو الشعر"، برئاسة العلامة اللغوي وأستاذ اللسانيات والنقد د. سعد مصلوح.
وقال أمين عام المؤتمر د. محمود الشرقاوي إن الفعاليات، التي يحتضنها نادي محافظة الفيوم من العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساءً، ستتضمن جلسات نقدية وشهادات إبداعية حول تجربة الشاعر، يشارك فيها نخبة من النقاد والمبدعين من الفيوم وخارجها.
وتشهد الجلسة الافتتاحية منح درع النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر للشاعر نادي حافظ تكريمًا لمكانته الأدبية، إلى جانب تكريم رئيس المؤتمر د. سعد مصلوح. كما يقدم الشاعر قراءات من أعماله، يصاحبها الفنان عهدي شاكر بأغانٍ من كلماته.
ويكرم المؤتمر عددًا من رفقاء رحلة الشاعر الذين ساهموا في إثراء مسيرته، ويشارك في فعالياته أكثر من 25 ناقدًا ومبدعًا، من بينهم: د. أيمن بكر، د. محمود العشيري، د. محمود عبد الغفار، د. أمين الطويل، د. الحملاوي صالح، د. أشرف عبد الكريم، د. منى حواس، إضافة إلى الشعراء مختار عيسى، محمود خيرالله، وليد ثابت، أحمد فضل شبلول، مؤمن سمير، أحمد قرني، أحمد طوسون، محمد توفيق، حنان عبد القادر، محمد حسني إبراهيم، نور سليمان، حسني التهامي، أشرف دسوقي علي، محمد زين العابدين، وآخرين.