الاستلاب المتراكب والذل الطوعي
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
غاية الدولة الحديثة انتاج الفرد المستسلم؛ لا يخرج عن الاطر واللوائح .
هذا الفرد الطيع يحوز على هامش حرية هي الأخرى مقيدة . لكن السلطة هذه تحفظ له سلامته الجسدية والنفسية. وهذان مدخلان للكرامة. تعوضه عم تسلبه من حريات بأمن جماعي وتحقيق ذات وحرية شخصية ووعد رفاه قيد البناء.
تضعه امام بنود عقد اجتماعي واضحة المعالم إلى حد ما.
ليست هذه السلطة خالية من العيوب لكنها لا تبنى على فرد ذي سلطة مطلقة انما تؤول السلطة لمؤسسة. الاعتبارية هذي تزيح المواجهة بين الافراد نحو نقاش عام ومواجهة مع احكام ولوائح وقوانين. ضابط الشرطة هو الحائز على سلطة ليس لذاته ولكن للمؤسسة الاعتبارية التي ينتمي اليها والاعتراض على سلطته لا يكون اعتراضا على شخصه انما على اللوائح المنظمة لعمله.
وهنا يتحقق انزياح عن شخصنة الصراع.
لم تسلم هذه السلطة من التهافت على التغول السلطوي. بل ان التكنولوجيا وتعزيز فرص المراقبة والضبط تجعلها كلية الحضور وشمولية.
مع هذا فهي قابلة لإعادة النظر والحفاظ على الحرية والحقوق، بالتالي الحفاظ على الكرامة الإنسانية .
لكن السلطة -على غرار السلطة الدينية – التي تتأسس على عقد مفادة خلق العبد الذليل المستلب عاطفيا وروحيا لا مجال لاصلاحها أو التصالح مع عيوبها.
انظروا إلى الفرد الخارج من سلطة الحوثية كيف يتصرف ضمن دوائر الاستلاب المتراكبة مذهبياً.
البديهي ان يتشكل داخل كل جماعة انتماء وولاء. وهو ولاء يمكن عقلنته في الجماعات المهنية او الحزبية والأندية الرياضية في إطار عقد (ضمني او صريح ) نفعي تبادلي. حتى القبيلة اليمنية تقوم على صيغة تعاقدية نفعية تبادلية.تتعرف فيها المسافة بين القائد والمقود. واهم ثوابتها الاحتفاظ بحيز خاص عاطفي وروحي لان العلاقة تضامنية بالأساس وهامش السلطة فيها لمن يحوز على القيادة محدود ومقيد.
إلا ان الولاء في الجماعات الدينية والطائفية ولاء مطلق يقوم على سحق التابع. يبيع التابع نفسه يبذلها ويسحقها. هذا الفرد المهدور قيمةً مرة لن يتوانى في ان يندرج في علاقة هدر وانسحاق تالية.
ما نراه من سلوك بعض اعضاء الجماعة الحوثية المشاركين في مراسم عزاء حسن وقد يستنكره ويأنفه البعض هو في نظر الجماعة حالة طقوسية وتأكيد ولاء لدائرة أعلى. كان حسن يقدم كل آيات وفروض الولاء والطاعة لمن هو أعلى منه في ايران ويخاطبه بأسمى ايات التبجيل.
لان العلاقة بين الفرد بقائده في اطار هذا التيار الديني السياسي علاقة تقوم على المحبة والتبجيل والتأليه. تبجيل ينسحب على القائد ومتعلقاته ودوائره البشرية ايضا.
خاتمه وجبته حذاؤه سيكونون غدا أشياء ذات قداسة. المحيطين به وخدمه وحاشيته هي الأخرى ستنال من التقديس حظها.
هذه البنى الطائفية لا تقوم إلا على علاقة ينسحق فيها التابع وتهدر قيمته الإنسانية. في المحصلة، هذه العبودية الطوعية لا يمكن ان تؤسّس لمجتمع متعاف .
لان الفرد المسحوق سيبحث عن دائرة اخرى يمارس عليها سطوته ويسحقها ولن يجد افضل من خصومه لتشيئهم. وهنا نجد واحدا من منابع العنف.
العقد الذي تفرضه من حيث المبدأ لا يحفظ للفرد كرامته او يخصص مسافة عاطفية تفصل بين الرئيس والمرؤوس .
هذه العلاقة هي النقيض الكلي للسلطة العقلانية .
انهم فرحون بكل هذا التذلل. وسيدافعون عنه. يدافعون عنه لانه شرط جوهري لوجودهم. إذا خضعت هذه الجماعات السياسية الدينية – وغيرها كثيرة – إلى عقلنة العلاقة بين الفرد وزعيمه سينتفي المذهب/الكيان السياسي.
سينتفي لانه سينفلت من حالة اختطاف الدين. من حيث المبدأ ظهر الإسلام كعقيدة توحيد تحارب الشرك وتنظم الأفراد في اطار شامل السلطة فيه أفقية.
اعادة بناء السلطة رأسيا تعني استعباد الأفراد وهذه خطوة سياسية دينية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفهل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...
ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...
ذهب غالي جدا...
نعم يؤثر...
ان لله وان اليه راجعون...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
تأجيل محاكمة 68 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية لـ 1 فبراير لسماع الشهود
قررت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة بدر، برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، تأجيل محاكمة 68 متهمًا في القضية رقم 12567 لسنة 2024 جنايات التجمع، والموجه لهم اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، وذلك إلى جلسة 1 فبراير المقبل لاستكمال سماع الشهود.
وجاء انعقاد الجلسة بهيئة قضائية تضم المستشارين وائل عمران وغريب عزت ومحمود زيدان.
وبحسب أمر الإحالة، فإن المتهمين من الرقم الأول حتى الـ41 أسندت إليهم تهم تولي قيادة جماعة إرهابية خلال الفترة الممتدة من عام 1992 وحتى 3 نوفمبر 2024. وتشمل الاتهامات السعي للإخلال بالنظام العام، وتعريض أمن المجتمع للخطر، وتعطيل العمل بالدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة من أداء مهامها، إلى جانب الاعتداء على الحريات الشخصية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
كما وُجهت للمتهمين من الرقم 42 وحتى الأخير تهم الانضمام إلى الجماعة مع العلم بأهدافها، بينما نُسب لبعض المتهمين تهم تتعلق بتمويل أنشطة إرهابية.