حراك إنجيلي يضغط على ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيلية على الضفة الغربية
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
واشنطن- لا تتوقف جهود الحشد الإنجيلي، الداعم لإسرائيل لأسباب عقائدية، الضاغطة على البيت الأبيض لجني المزيد من المكاسب لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، دون الاكتراث بالحقوق العربية المشروعة، وسط تجاهل الاعتبارات التاريخية والقانونية والإنسانية المشروعة.
ويقود الحراك الإنجيلي المطالب بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية -باستخدام اللفظ العبري يهودا والسامرة- الكثير من المؤسسات والمنظمات والكنائس الإنجيلية، وتعد منظمة "القادة المسيحيين الأميركيين من أجل إسرائيل" (ACLI) إحدى أهم هذه الجهات الضاغطة بهذا الاتجاه.
وتؤمن هذه المنظمة وغيرها بـ"حق الشعب اليهودي في يهودا والسامرة" باعتبارها "معقل إسرائيل التوراتي"، وسبق ووقع 3000 من القادة الدينيين وثيقة سلموها للرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية الرئاسية تطالبه بدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية.
وفي تجمع عُقد أمس الثلاثاء بمدينة دالاس بولاية تكساس، أكدت المنظمة "على حق الشعب اليهودي غير القابل للتصرف في يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية، حيث يمثل هذا الإعلان -الذي يدعمه أكثر من 200 قس مسيحي وقادة تنظيميين- موقفا موحدا يمثل ملايين المسيحيين الأميركيين، الذين يدافعون عن سيادة إسرائيل على موطن أجدادها.
إعلانوجاء الاجتماع تزامنا مع قرب إصدار ترامب قراره حول مستقبل الضفة الغربية، حيث سبق أن رد على سؤال وجه له بتاريخ 5 فبراير/شباط الماضي حول احتمالية الاعتراف بضم إسرائيل للضفة الغربية، قائلا إنه "سيصدر إعلانا بشأن هذه المسألة في غضون 4 أسابيع تقريبا"، حيث تنتهي هذه المهلة اليوم الأربعاء 5 مارس/آذار.
دين انتخابيحشدت المنظمة جهود الإنجيليين على مدى العقد الماضي -خاصة بين كبار القادة المسيحيين- للدفاع عن إسرائيل خلال اللحظات الحاسمة بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث قامت منذ تأسيسها عام 2015 بتسخير النفوذ الجماعي للحركات والكنائس الإنجيلية لدعم إسرائيل، وزيادة الوعي حول ما يعتبرونه "تهديدات من الدول المجاورة"، أو من الفلسطينيين، أو حتى داخل الولايات المتحدة، متمثلا في ظاهرة "معاداة السامية".
ويذكر موقع المنظمة أن جهودها "ساعدت في تأمين التزام دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، وفي أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اتخذت المنظمة التي تترأسها السيدة سوزان مايكل، منحى أكثر حسما تجاه ضرورة اعتراف أميركا بسيادة إسرائيل على كامل الضفة الغربية.
وتستغل هذه المنظمات ضخامة صوتها الانتخابي لخدمة أهداف إسرائيل، فبدون أصوات الإنجيليين المسيحيين البروتستانت ما كان يمكن للرئيس دونالد ترامب الفور بانتخابات 2024 أو حتى انتخابات 2016.
وتمثل كتلة الإنجيليين ما نسبته 41% من إجمالي الناخبين الأميركيين، ويمكن تصنيف هذه الكتلة الذي تصل نسبة دعم ترامب بينها إلى ما يقرب من 72% ككتلة بيضاء محافظة في أغلبها، تؤمن بحق إسرائيل الإلهي في كل أراضي فلسطين، بما فيها الضفة الغربية ومدينة القدس.
وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 81% بين الإنجيليين البيض، وبين متبعي طائفة "البنتوكوستاليزم"، وليس من المستغرب أن تطالب هذه الفئة ترامب برد الجميل، ممثلا في ضرورة اعترافه بسيادة إسرائيل على كل الضفة الغربية، كما سبق وفعل الشيء نفسه مع مدينة القدس ومرتفعات الجولان.
إعلان جهد إنجيلي منظميروج الإنجيليون لعدد من الادعاءات التي تكتسب زخما بين المتدينين المسيحين الغربيين داخل وخارج الولايات المتحدة، وتعد منظمة "أصدقاء صهيون" إحدى الجهات الفعالة لدفع ترامب باتخاذ قرار دعم ضم إسرائيل للضفة الغربية، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها مدينة فينيكس بولاية أريزونا، ويترأسها الدكتور مايكل إيفانز.
وتذكر المنظمة أنها "موجودة لحراسة الشعب اليهودي والدفاع عنه وحمايته والصلاة من أجل سلام القدس"، وتذكر أيضا "نحن ملتزمون بتشجيع الآخرين على الصلاة من أجل سلام أورشليم وشعب الله المختار".
ويقول رئيسها إيفانز "أعطى الإنجيليون ترامب الرئاسة، وهو سيدعم موقفنا مما جاء في الكتاب المقدس، ولهذا السبب اختار مايك هاكابي سفيرا في القدس، وهو الذي يدعم السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة"، وادعى إيفانز في حديث لشبكة فوكس الإخبارية أن منظمته تضم 30 مليون عضو من مختلف دول العالم.
ويؤكد إيفانز أن الإنجيليين يدعمون إسرائيل "لأنهم يؤمنون بالوضوح الأخلاقي، الخير مقابل الشر، فهم أصدقاء صهيون، إنهم يرون اليهود يقتلون لأنهم يهود، وليس بسبب الأرض".
في حين يقول القس جون هاجي، رئيس مجلس إدارة "المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل" وهي إحدى أهم المؤسسات الإنجيلية الداعمة لإسرائيل، إن الإنجيليين "يعرفون أن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب سيحافظ دائما على كلمته لبني إسرائيل من البداية إلى النهاية، والكتاب المقدس وثيقة صهيونية تفرض على جميع المؤمنين الوقوف مع إسرائيل وشعبها ومباركتهم".
ويضيف القس المقرب من ترامب ""منذ ما يقرب من نصف قرن، كنت أعظ برسالة مفادها أن إسرائيل لا تحتل الأرض، وإسرائيل تمتلك الأرض، والتي تم تسجيل سند ملكيتها في صفحات الكتاب المقدس، لقد وهبها الله الأرض للشعب اليهودي إلى الأبد".
جدير بالذكر أن اتفاق أوسلو الموقع عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وبرعاية وصياغة أميركية في عهد إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، قسمت الضفة الغربية إلى 3 مناطق: مناطق (أ) تحت الولاية الفلسطينية الكاملة، ومناطق (ب) تحت الإدارة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، ومناطق (ج) تحت السلطة الإسرائيلية الكاملة.
إعلانوطورت خطة ترامب لسلام الشرق الأوسط -والتي عُرفت بـ"صفقة القرن"- ضم إسرائيل أجزاء إضافية من أراضي الضفة الغربية، ولكن تم تأجيلها بعد التوصل للاتفاقيات الإبراهيمية مع عدد من الدول العربية.
ويقوم الجيش الإسرائيلي بشن عمليات ضخمة داخل مدن الضفة، وقام مؤخرا بتهجير قسري لأكثر من 60 ألف شخص من سكان مخيم جنين، وقتل ما لا يقل عن ألفي فلسطيني خلال العام الأخير داخل مدن ومخيمات الضفة الغربية الواقعة نظريا تحت حكم السلطة الفلسطينية.
من جهتها، تعول الجمعيات والقادة الإنجيليون على دعم إدارة ترامب، خاصة كونها تضم مسؤولين مرتبطين بشدة بإسرائيل، ويؤمنون بـ"حقها التوراتي" في هذه الأراضي، التي يعيش فيها بالفعل وفي مستوطنات غير شرعية ما يزيد عن نصف مليون يهودي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان یهودا والسامرة الضفة الغربیة إسرائیل على من أجل
إقرأ أيضاً:
مع قصفها لإيران.. إسرائيل تحوّل حركة الفلسطينيين إلى معاناة يومية
رام الله- في بلدة بيت دجن شرقي مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية، شعر المسن الفلسطيني ثابت أبو ثابت بألم شديد في قدمه، وبعد فحصها في العيادة المحلية، شُخصت حالته بأنها بداية جلطة، وتم تحويله على وجه السرعة إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج.
لكن "الأقرب" هنا ليس متاحا، فقد فصل الحاجز العسكري الإسرائيلي أبو ثابت عن مستشفى رفيديا بمدينة نابلس؛ فعقب الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران فجر الجمعة، فرضت سلطات الاحتلال إغلاقا مشددا على محافظات الضفة الغربية ومنعت التنقل ومرور المركبات، بما فيها سيارات الإسعاف عبر المئات من الحواجز والبوابات العسكرية.
اضطر أبو ثابت لمرافقة ابنه وحفيده بسيارتهم الخاصة نحو الحاجز العسكري على مدخل بلدة بيت فوريك المجاورة، على أمل السماح لهم بالمرور. وانتظر هناك لأكثر من 4 ساعات متواصلة، وأجرى خلالها اتصالات مع جهاز الارتباط الفلسطيني الذي ينسق العبور والحركة مع الجانب الإسرائيلي، بحكم حالته الصحية الحرجة، لكن دون جدوى.
يقول أبو ثابت (75 عاما) للجزيرة نت "حتى العلاج أصبح يحتاج إلى تنسيق أمني مع الاحتلال".
أخيرا، فتح الجنود الحاجز لوقت قصير، فاستطاع أبو ثابت العبور وتلقي العلاج، لكنه واجه رحلة معاناة مشابهة في طريق العودة، حيث هدد الجنود ابنه بإطلاق النار عليه عندما حاول شرح الحالة الصحية وتقديم التقارير الطبية.
لم يتمكنوا من العودة إلى البلدة، واضطروا للمبيت في نابلس، وفي اليوم التالي عاد أبو ثابت مجددا ليجرب "حظّه"، منتظرا أن يغير الجنود رأيهم ويفتحوا الحاجز لدقائق معدودة.
وقال "لستُ وحدي.. عشرات المرضى ينتظرون منذ الصباح على الحاجز، بعضهم ينقل على أسرة الطوارئ تحت البوابات الحديدية".
حاجز بيت فوريك واحد من عشرات الحواجز التي أعادت إسرائيل تشديد الحركة عبرها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها باتت أكثر صرامة بعد الهجوم على إيران والرد الإيراني على إسرائيل، حيث أضافت سلطات الاحتلال بوابات حديدية قبل وبعد الحاجز، ليجد نحو 25 ألف فلسطيني أنفسهم محاصرين داخل ما يشبه "سجنا كبيرا"، وفق وصف الأهالي.
إعلانويعَد أبو ثابت مثالا لمئات الفلسطينيين العالقين منذ أيام خارج بلداتهم، يقضون ساعات طويلة بانتظار فرصة للمرور، وقد أصبحوا رهائن لمزاج الجنود الإسرائيليين.
ومع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، فرض الاحتلال طوقا أمنيا شاملا على الضفة الغربية، وأغلق الحواجز والبوابات العسكرية بشكل متزامن، فعُزلت التجمعات السكانية من بلدات وقرى ومدن بعضها عن بعض بالكامل، وفصلت المدن عن أحيائها وقراها ومخيماتها.
وبينما تُفتح بعض الحواجز لدقائق، فإنها تعود للإغلاق لساعات طويلة دون سابق إنذار.
خريطة إغلاقيرى الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، أن هذا الإغلاق ناتج عن "خطة مدروسة للسيطرة على الضفة في حالات الطوارئ". وقال للجزيرة نت إن عدد الحواجز المنتشرة في الضفة تجاوز 900 حاجز وبوابة عسكرية، بعد أن كان أقل من 600 قبل بدء الحرب على قطاع غزة.
وأضاف أن سلطات الاحتلال ركّبت العشرات من البوابات الحديدية عند مداخل التجمعات السكانية منذ مطلع العام الجاري، مما أتاح لها إغلاق الضفة الغربية بالكامل وشل حركة السكان في أي لحظة.
وزاد هذا التضييق -مع شحّ الإمدادات، لا سيما الوقود- من معاناة نحو 3 ملايين فلسطيني يسكنون الضفة الغربية، وأدى إلى شبه شلل في الحركة داخل هذه المناطق.
بلا ملاجئلا تقتصر القيود منذ بدء الهجوم على إيران على حركة فلسطينيي الضفة فقط، فقد باتوا يفتقرون لأية حماية في ظل تصاعد القصف والقصف المتبادل.
وأثارت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تساؤلات حول غياب خطط الطوارئ، وغياب الأمن الغذائي، ودور السلطة الفلسطينية الذي اقتصر على إصدار تعليمات عبر رسائل قصيرة تتعلق بالإجراءات الوقائية خلال القصف.
وبحسب المتحدث باسم المجلس الأعلى للدفاع المدني نائل العزة، فإن الخطة تشمل تعليمات السلامة العامة وتفعيل المتطوعين، واستجابة سريعة للبلاغات، منها الحرائق والإصابات الخفيفة جراء سقوط شظايا صواريخ، خاصة من الاعتراضات التي تطلقها "القبة الحديدية" الإسرائيلية.
وعن غياب الملاجئ، أوضح العزة للجزيرة نت، أن الدفاع المدني يعمل ضمن خطة إستراتيجية طويلة الأمد لإنشاء الملاجئ، لكن في الوقت الراهن يتم توجيه السكان للتصرف وفق الإمكانات المتوفرة، والاحتماء في الطوابق الأرضية والابتعاد عن النوافذ، نظرا لطبيعة البناء المتين نسبيا في الأراضي الفلسطينية.
ومن جانبها، عقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعا مع بداية الهجوم على إيران، وأعلنت توفر مخزون من السلع الأساسية يكفي لـ3 أشهر، وأكدت اتخاذ ترتيبات لضمان استمرارية الخدمات الأساسية من وقود وغاز ورعاية صحية.
لكن على الأرض، شهدت الضفة منذ اليوم الأول نقصا حادا في الوقود، وتزاحما كبيرا على المحطات، وسط تقارير عن عجز في التوريد، رغم تطمينات هيئة البترول الفلسطيني بأن الإمدادات متوفرة.
وانتقد المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء أُبَي عابودي، ما وصفه بـ"القصور الحكومي" في الاستجابة للظروف الاستثنائية. وقال للجزيرة نت "حتى الآن لم تعلن الحكومة حالة الطوارئ، ولم نشهد إجراءات فعلية على الأرض".
إعلانوأضاف أن التعليمات التي أرسلت للمواطنين لا ترقى إلى مستوى مسؤوليات حكومة تواجه أزمة بهذا الحجم، مؤكدا أن ما يجري من إغلاق شامل للضفة هو تصعيد سياسي يستدعي تدخلا سياسيا لا يقتصر على التوجيهات والإرشادات.
ورغم أجواء التوتر، فإن سقوط الصواريخ الإيرانية على مدن إسرائيلية شكل مصدر بهجة لدى العديد من الفلسطينيين، خاصة بعد نحو عامين من الحرب الإسرائيلية على غزة.
بيد أن هذه الاحتفالات البسيطة أثارت غضب الاحتلال، الذي بدأ بحملات دهم واعتقال استهدفت من عبروا عن ابتهاجهم، خاصة عبر وسائل التواصل أو في الشوارع.
ففي بلدة عزون شمال الضفة، اقتحمت قوات الاحتلال منذ اليوم الثاني للحرب أكثر من 400 منزل، واعتقلت عشرات الشبان، بعضهم أفرج عنه لاحقا.
وقال رئيس بلدية عزون، فضل حواري للجزيرة نت، إن الجنود أبلغوا الأهالي بأن البلدة "أكثر من احتفل بالصواريخ"، وأن المداهمات لن تتوقف إلا بانتهاء "مظاهر الفرح".
وبث ضباط إسرائيليون على مواقع التواصل صورا لمعتقلين فلسطينيين، مرفقة بتعليقات تؤكد استمرار الحملة ضد "كل من احتفل بما قامت به إيران".