الوجة الاخر لحركة حماس والكلمة السحرية
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
الوجة الاخر لحركة #حماس والكلمة السحرية
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
في العالم المثالي، يفترض أن تكون الحروب لحظات استثنائية، كالعواصف التي تأتي فجأة ثم تزول. لكن في #غزة، الحرب ليست استثناءً، بل هي الأصل، والاستثناء الوحيد هو تلك الدقائق النادرة التي يتنفس فيها الفلسطيني دون أن يسقط عليه سقف بيته أو تمزقه شظية.
“الهدنة”.. الكلمة السحرية التي تعني الاستعداد لجولة جديدة
تبدأ القصة بمبادرة مصرية تحاول، للمرة الألف، إقناع إسرائيل أن بإمكانها أن تفكر بشيء آخر غير القتل. المبادرة، بحكم التجارب السابقة، تعلم أن إسرائيل لا تفهم إلا منطق القوة، لكن لا بأس من المحاولة، فربما يلتقط العالم صورة جميلة لوزير خارجية يقف بجانب وزير آخر، يبتسمان كأن غزة ليست جحيماً متفحماً. مصر، رغم معرفتها بأن إسرائيل لا تحترم المواثيق، اقترحت حلاً من ثلاث مراحل: تهدئة إنسانية، تبادل للأسرى، ثم وقف إطلاق نار شامل. وانتقال لتشكيل هكيل سياسي فلسطيني يقنع العالم المنافق في ادارة قطاع غزة من اجل اعادة بناء القطاع وليس الاعمار لان غزة دمرت كاملا
لكن مهلاً، إسرائيل ليست في مزاج للسلام. لماذا تهدأ والدم ما زال دافئاً في الشوارع؟ لماذا تتوقف والسماء لا تزال تتسع لطائرات الـ F-35 التي لم تختبر بعد كل أسلحتها الذكية على الأحياء الفقيرة؟ إسرائيل، التي أنهكتها جبهة الجنوب، وجدت نفسها في راحة غير متوقعة على جبهة الشمال، بعد أن قرر حزب الله، فجأة، أن يأخذ استراحة. استراحة المحارب؟ لا نعلم، لكن في تل أبيب، الأريكة أصبحت مريحة أكثر، والأوامر العسكرية يمكن أن تعود إلى غزة حيث “الموت أرخص والتبرير أسهل”.
خططٌ جديدة.. ونفسٌ جديدٌ للمجزرة.
صحيفة وول ستريت جورنال لم تكن بحاجة إلى الكثير من العناء لتكشف عن الخطة الإسرائيلية القادمة
1. إغلاق المعابر ووقف دخول البضائع والمساعدات، لأن الجوع كان دائمًا سلاحًا فعالًا ضد الشعوب المحتلة.
2. قطع الماء والكهرباء، فربما يدرك الفلسطيني أخيرًا أن القهر ليس تجربة مؤقتة، بل هو نظام حكم.
3. قصف جديد.. واحتلال جديد.. ودم جديد، لأن إسرائيل، مثل شركة تجارية ضخمة، لا تستطيع أن تترك أسلحتها في المخازن دون تجربة دورية.
في السيناريو الإسرائيلي، غزة ليست سوى مختبر تجارب للأسلحة، والاتفاقيات ليست سوى حبرٍ على ورقٍ يتمزق مع أول قذيفة. أما المبادرة المصرية، فهي تبدو كأنها دعوة للرقص في جنازة، فإسرائيل تتعامل مع هذه المقترحات كما يتعامل الجلاد مع توسلات الضحية: يستمع قليلاً، ثم يضغط على الزناد.
عندما يخذل العالم غزة، ويشاهد المذبحة بصمتٍ منحاز
العالم، في هذه المهزلة، لا يريد أن يتسخ بدماء الضحايا. أمريكا، كعادتها، ترسل بيانات “قلقة”، لكنها لا تتوقف عن تزويد إسرائيل بالقنابل الذكية، لتضمن أن القتل سيتم بكفاءة هندسية. أوروبا، تلك القارة التي أعطتنا فلسفات حقوق الإنسان، تبدو وكأنها أُصيبت بالعمى والصمم، مكتفية بعبارات خشبية عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها
الأمر هنا يتعدى مجرد مراجعة المبادئ أو إعادة تقييم القيم الأمريكية. إنه تجسيد لـ”أجندة اللحظة”، حيث يتم ترتيب الأولويات حسب ما يخدم المصالح الفورية. وحماس، التي كانت تُعتبر عدوًا ينبغي القضاء عليه، أصبحت طرفًا يمكن التفاوض معه، فقط لأن رهائن أمريكيين وإسرائيليين باتوا في قبضة بعضهم. فهل أصبح مفهوم الإرهاب في السياسة الأمريكية مجرد أداة تُستخدم عندما تقتضي الحاجة؟
“الخطة الواقعية الوحيدة: صمودٌ في وجه الموت”
لكن ما تجهله إسرائيل، وما لا تفهمه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، هو أن غزة لا تموت. غزة تقتل لكنها لا تُقتل، تهدّها القنابل لكنها تُعيد بناء نفسها بين الركام، تُحاصر لكنها تُبدع في الحياة، تُجوّع لكنها تجد طريقًا لتقتسم كسرة الخبز بين آلاف الجوعى.
الخطة الإسرائيلية، ككل الخطط السابقة، ستسقط أمام هذه الحقيقة. المبادرة المصرية، حتى لو لم تحقق الكثير، ستبقى شهادة على أن هناك من حاول إيقاف المجزرة. أما العالم، فهو سيستمر في مراقبة المشهد بصمته المخزي، إلى أن يأتي يوم تُقلب فيه الطاولة، ويُعاد ترتيب الأوراق، ليس وفق قوانين القوة، بل وفق قوانين العدالة التي لم تمت،لكنها ما زالت تنتظر لحظة الانتصار
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الشيطان يكمن في التفاصيل.. ما أبرز البنود التي قد تعرقل مفاوضات شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل؟
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك: "من يظن أن حماس ستعيد الرهائن إلينا وأن الجيش سيبقى في مكانه، فهو واهم". اعلان
رغم انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ بمصر، تبرز عدة عقبات رئيسية قد تحول دون تحقيق اختراق سريع في غزة.
فالمرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتطلب موافقة الطرفين السريعة على البنود الـ21 التي طرحها، لكن الوفدين المفاوضين لا يكفّان عن ترديد عبارة: "نعم... ولكن" عند كل بند.
وبينما تمارس واشنطن ضغوطًا كبيرة لدفع العملية قدمًا، يحاول الطرفان المناورة لتحصيل مزيد من المكاسب، في ظل عقبات نظرية وعملية، أبرزها: صعوبة جمع جميع الرهائن في مكان واحد، قضية نزع سلاح حماس ومستقبلها في القطاع، إضافة إلى توقيت وكيفية انسحابها، فضلًا عن نطاق الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وأسماء الأسرى الفلسطينيين المتوقع الإفراج عنهم.
ورغم تفاؤل ترامب، يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك متشائمًا، إذ قال الزعيم الإسرائيلي اليوم الاثنين: "من يظن أن حماس ستعيد الرهائن إلينا وأن الجيش سيبقى في مكانه، فهو واهم".
وأضاف أن حماس ستناور وتطالب بانسحاب مقابل كل دفعة من الرهائن تُفرج عنها، مشيرًا إلى أن الجداول الزمنية لن تكون قصيرة، "لا يومين ولا ثلاثة... ربما ستة أيام، وحتى حينها قد يُكتشف أن بعض الجثث لم يُعثرعليها".
في هذا السياق، نقلت صحيفة التلغراف عن المفاوض الأمريكي آرون ديفيد ميلر قوله إن خطة ترامب تجعل من إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، وإنهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية أمرًا ممكنًا، لكنها في الوقت نفسه ضبابية، إذ تبقى الأهداف بعيدة المدى للطرفين غير واضحة حتى الآن.
Related يهود أمريكا ينتقدون إسرائيل: 61% يتحدثون عن جرائم حرب و39% عن إبادة جماعية في غزةالأنظار تتجه إلى شرم الشيخ: ما القضايا الأبرز في "المفاوضات الحاسمة" لتنفيذ خطة ترامب حول غزة؟الحرب في يومها الـ731: استمرار القصف الإسرائيلي على غزة وترامب يحث على "التقدم بسرعة" في المفاوضات نزع سلاح حماسحين ردّت حماس بالإيجاب على خطة ترامب، تجنبت ذكر النقاط الأكثر إثارة للجدل، وعلى رأسها نزع سلاحها. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعّد بأن هذا البند سيُطبّق "إما بالحسنى أو بالقوة"، ملمحًا إلى أن إسرائيل قد تتولى المهمة "بمفردها"، لكن أحد قياديي حماس قال إن السلاح قد يُسلَّم للجنة فلسطينية ـ مصرية مشتركة.
ورأت صحيفة هآرتس أن حلم ترامب بـ"سلام عالمي في الشرق الأوسط" تجاهل التفاصيل الصغيرة التي قد تتحول إلى عقبات كبرى أمام الخطة. وأضافت أن نزع السلاح لن يكون فوريًا، بل من المشكوك فيه أن يكتمل أصلًا.
وتوضح الصحيفة أن البند السابع عشر من الخطة ينص على أنه حتى لو رفضت حماس المقترح أو أعاقت تنفيذه، فإن إسرائيل ستسلّم إدارة "المناطق منزوعة السلاح" إلى قوة استقرار دولية تضم أطرافًا عربية ودولية، وتستند إلى آلية استشارة مصرية وأردنية.
مع ذلك، لم تحدد الوثيقة طبيعة هذه المناطق، ولا كيفية تشكيل القوة، ولا توقيت نشرها، ولا علاقتها بتفكيك قوة حماس العسكرية.
جدول الانسحاب الإسرائيليما يزال الجدول الزمني المقترح للانسحاب الإسرائيلي من القطاع محل خلاف. فحماس تصرّ على انسحاب كامل، بينما يؤكد نتنياهو لجمهوره أن الجيش سيبقى في معظم مناطق غزة.
وتشير خطة ترامب إلى انسحاب على ثلاث مراحل:
الأولى: انسحاب جزئي من مناطق مأهولة (أو كانت مأهولة قبل الحرب)، منها أجزاء من مدينة غزة.
الثانية: مرتبطة بتشكيل قوة الاستقرار الدولية.
الثالثة: انسحاب نهائي، لكن العمق والتوقيت والآلية لا تزال ضبابية.
مستقبل حماس في غزةإلى جانب ما ذكر، هناك اختلاف في تفسير نصوص الخطة: فترامب ينص على أن حماس "لن تضطلع بأي دور في حكم غزة، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر"، فيما ردّت الحركة بالقول إن الخطة "لا يمكن مناقشتها إلا ضمن إطار وطني فلسطيني شامل" يشملها بالضرورة.
وأكدت موافقتها على تسليم غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، لكنها لم تشر إلى لجنة "السلام الدولية" التي اقترح ترامب أن يقودها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
أسماء الأسرى وصعوبة نقل الرهائنتقترح الخطة إطلاق سراح 48 رهينة دفعة واحدة مقابل الإفراج عن 250 أسيرًا فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد، إلى جانب 1700 معتقل من سكان غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم جميع النساء والأطفال.
مع ذلك، قد تُبدي إسرائيل تحفظًا على إطلاق شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي، الذي يُنظر إليه باعتباره أحد أبرز القادة الفلسطينيين.
ووفق ما أوردته القناة 14 العبرية، فقد تعهد نتنياهو لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعدم الإفراج عن من تصفهم إسرائيل بـ"القيادات الإرهابية"، وفي مقدمتهم البرغوثي.
أما حماس، فترى أن جمع الرهائن في مكان واحد يمثل معضلة حقيقية، إذ تؤكد أن المحتجزين موزعون في عدة مواقع، من بينها مدينة غزة التي لا يزال الجيش الإسرائيلي يواصل اجتياحها. وهو ما يجعل تنفيذ هذا البند أمرًا بالغ الصعوبة، لما ينطوي عليه من تعقيدات الاتصال والتنسيق بين القيادة والمجموعات المكلفة بحراستهم وتأمينهم.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة