الأسبوع:
2025-08-12@21:09:00 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تلعب سوريا دورًا محوريًا في المخطط الجيوسياسي المعروف بمشروع مملكة داوود أو الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الذي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية دينية يهودية تستند إلى مسار سيدنا إبراهيم.

هذا المسار، الذي يمتد من العراق عبر الشام وصولًا إلى فلسطين ومصر، كان عبر التاريخ خطًا استراتيجيًا للتجارة والثقافة والدين، وهو ذاته الذي يُراد اليوم إعادة رسمه لتحقيق هيمنة جيوسياسية ودينية تخدم فكرة الدولة اليهودية الكبرى.

في السياق التاريخي، لم تكن مملكة داوود ومن بعده ابنه سليمان كيانًا مستقلاً عن المحيط، بل كانت تعتمد على التحالفات لضمان بقائها، وكان لمصر دور مركزي في ذلك. لم يتمكن سليمان من تثبيت حكمه إلا عبر التحالف مع مصر، حيث تزوج من ابنة فرعون لضمان الحماية والاستقرار لمملكته، مما يعكس أهمية مصر كمركز قوة لا يمكن تجاوزه في أي مخطط توسعي. اليوم، تتعرض مصر لحروب متنوعة تهدف إلى إضعافها وإخضاعها لهذا المشروع، عبر وسائل اقتصادية وسياسية وأمنية، في محاولة لتركيعها وإجبارها على أن تكون جزءًا تابعًا لرؤية الشرق الأوسط الجديد.

تمثل دمشق نقطة ارتكاز جيوسياسية في هذا المخطط، فهي تربط بين الممرات المائية والثروات الطبيعية، وخاصة مياه نهر الفرات، الذي كان جزءًا من شبكة التجارة القديمة. السيطرة على دمشق تعني التحكم في عقدة طرق تربط الخليج بالبحر المتوسط، وتوفر منفذًا استراتيجيًا للهيمنة على الممرات الملاحية التي كانت جزءًا أساسيًا من النظام التجاري في العهد القديم. من هنا، كانت الحرب على سوريا جزءًا من مخطط يستهدف تفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية، عبر زجّ تنظيمات إرهابية مثل داعش بقيادة شخصيات مثل أحمد الشرع، لخلق حالة من الفوضى تدفع الأقليات الدينية لطلب الحماية الخارجية، وهو ما شهدناه في المجازر التي وقعت في الساحل السوري، حيث جرى الدفع ببعض المكونات السكانية إلى البحث عن تدخل إسرائيلي مباشر لضمان بقائها، مما منح شرعية لوجود إسرائيلي في المنطقة.

ضمن هذا المخطط، تأتي الحرب على غزة كجزء من عملية إعادة تشكيل المنطقة. الهدف من تهجير سكان غزة ليس مجرد تفريغها من الفلسطينيين، بل تحويلها إلى مركز لوجيستي يربط بين المشروع الجغرافي لمملكة داوود وأوروبا، بحيث تصبح محطة وسيطة تسهّل السيطرة على التجارة والاستثمار في الموارد الطبيعية. هذا التهجير القسري يتماشى مع سياسة تغيير السمات الديموغرافية والثقافية في المنطقة، التي تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي والإسلامي في الشرق الأوسط، وفرض واقع ديني يهودي يتماشى مع طبيعة الحكم المطلوب.

في قلب هذا المشروع، يأتي هيكل سليمان كرمز للسيادة الدينية والسياسية. إعادة بناء الهيكل تستلزم إزاحة المسجد الأقصى، وهو ما يفسر التصعيد المستمر في القدس، حيث تجري محاولات مستمرة لفرض أمر واقع جديد يمهد لمرحلة قادمة من الصراع. فالهيكل ليس مجرد رمز ديني، بل هو كرسي الحكم الذي يُراد من خلاله إعلان السيادة على المنطقة كلها، بما يتجاوز حدود فلسطين ليشمل كل الممرات الاستراتيجية الممتدة عبر سوريا والعراق والخليج.

لكن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة كبرى تتمثل في تعارضه مع طريق الحرير الصيني، وهو المشروع الاقتصادي الذي يهدف إلى إعادة إحياء التجارة بين الصين وأوروبا عبر الممرات البرية والبحرية التي تمر في قلب مناطق الشرق الأوسط. الصين تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر ممرات تشمل إيران والعراق وسوريا ومصر، مما يجعل المخطط اليهودي الصهيوني في حالة صدام مع المصالح الصينية. فبينما تسعى إسرائيل إلى الهيمنة الجيوسياسية وإعادة تشكيل المنطقة على أسس دينية، تهدف الصين إلى تثبيت نفوذها عبر مشاريع اقتصادية تعتمد على الاستقرار وليس التفكيك.

مصر، باعتبارها نقطة ارتكاز رئيسية في طريق الحرير، تشكل عقدة مركزية في هذا التنافس. فالممرات البحرية التي تمر عبر قناة السويس تعد أهم مفصل لربط الشرق بالغرب، وهذا يجعل السيطرة على مصر هدفًا مشتركًا لكل من المخطط الإسرائيلي والمشروع الصيني. لكن الفرق الجوهري يكمن في أن الصين تعتمد على استقرار مصر لضمان تدفق التجارة، بينما تسعى القوى الداعمة لمملكة داوود إلى إضعافها أو تحييد دورها. وهذا يجعل من الصعب تحقيق تحالف بين المشروعين، حيث أن نجاح أحدهما قد يعني إفشال الآخر.

إلا أن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة أساسية متمثلة في قوة الدولة المصرية. فكما كان سليمان بحاجة إلى التحالف مع مصر لحماية مملكته، فإن المشروع الحالي لا يمكن أن ينجح في ظل وجود دولة مصرية قوية تملك جيشًا قادرًا على تعطيل هذه المخططات. ولهذا، فإن الحرب على مصر ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي جزء من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحييدها أو إضعافها، لأنها تمثل آخر الحواجز الصلبة أمام تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشرق الأوسط هذا المخطط

إقرأ أيضاً:

إعداد دراسات الجدوى لإنشاء المنطقة اللوجستية المتكاملة بأبوسمبل

كلف اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان السكرتير العام المساعد اللواء ماهر هاشم بترأس الجلسة الأولى لسلسلة الإجتماعات التنسيقية مع وفد الهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل برئاسة المهندس سيد متولى رئيس هيئة الموانئ البرية والجافة بوزارة النقل من أجل بحث ومناقشة المقترحات الخاصة بإعداد دراسات الجدوى المبدئية لإنشاء وإدارة وتشغيل المنطقة اللوجستية المتكاملة بمدينة أبو سمبل .

وذلك بحضور الدكتور لؤى سعد الدين القائم بأعمال رئيس جامعة أسوان ، بالإضافة إلى مديرى ومسؤلى الجهات التنفيذية والجامعية والأكاديمية ، وأيضاً ممثلى الهيئات والبنوك والمؤسسات المعنية بالإستثمار ، بجانب عدد من المستثمرين وأصحاب المشروعات الخاصة بالمحافظة .

وأكد الدكتور إسماعيل كمال على إن إنشاء المنطقة اللوجستية المتكاملة بأبو سمبل يعد من المشروعات الإستراتيجية التى تستهدف تعزيز القدرات التنافسية وتوفير فرص إستثمارية واعدة للمحافظة .

ولفت إلى أنه يشكل خطوة هامة لتعزيز البنية التحتية للنقل وتطوير منظومة الإستثمار بأسوان ما يساهم في دفع التنمية الإقتصادية وخلق فرص عمل جديدة ومتنوعة للمواطنين والشباب الأسوانى ، كما أشار الدكتور إسماعيل كمال إلى أهمية هذا المشروع لتحويل مدينة أبو سمبل لتكون نقطة جذب وإنطلاق إقليمى ومحورى لتدعيم التكامل والتعاون مع دول إفريقيا بمختلف المجالات الإقتصادية والإستثمارية والتنموية مما يعزز من مكانة أسوان كمركز لوجستى وإقتصادى هام على المستويين المحلى والدولى .

إجتماعات تنسيقيةمواقيت الصلاة في أسوان اليوم الإثنينمحافظ أسوان: أجرينا دراسات جدوى لتشغيل المنطقة اللوجستية المتكاملة بأبوسمبل

وقد وجه المحافظ بتقديم أوجه الدعم الكامل لفريق عمل الدراسات ، وتذليل أية عقبات، مع سرعة تزويده بكافة البيانات والمعلومات اللازمة بما يسهم في إنجاز الدراسات في أقصر وقت ممكن تمهيداً للبدء في تنفيذ هذا المشروع التنموى الكبير .

وخلال الإجتماع حرص المهندس سيد متولى وفريق العمل المرافق له بشرح أهداف المشروع ودوره فى دعم التبادل التجاري بين مصر والسودان ودول حوض النيل مستفيداً من الموقع الحدودى والقريب من معبر قسطل وبحيرة ناصر وعلى مسار الطريق الدولى القاهرة كيب تاون ، بالإضافة إلى شرح مكونات المشروع المزعم تنفيذه على مساحة ٤٠٠ فدان على بعد ١٠ كم شمال شرق أبوسمبل وبتكلفة إستثمارية تقديرية تصل إلى 153,6 مليون دولار .

ويشمل إنشاء ميناء جاف وعدد من المناطق المخصصة للصناعات الغذائيه والصناعات الخفيفة والتخزين واللوجستيات والخدمات المساعدة ، علاوة على إنشاء مبانى حكومية وخدمية ووحدات سكنية وخدمات عامة ، كما تضمن الإجتماع أيضاً عرض الخطة التنفيذية المقررة للمشروع خلال ٤ مراحل تتراوح مدتها ما بين ١٢ إلى ٣٠ شهر ، فضلاً عن عرض دراسات الأثر البيئى والإقتصادى والدراسات القانونية المتعلقة بالمشروع .

كما شهد الإجتماع فتح باب الحوار للإستماع وطرح كافة الرؤى والأفكار والمقترحات والمطالب والإحتياجات المقدمة من جميع المشاركين والتى سوف يتم مراعاتها فى إعداد الدراسات المبدئية لهذا المشروع العملاق بجنوب عاصمة الإقتصاد والثقافة الإفريقية .

طباعة شارك أسوان محافظة اسوان اخبار محافظة اسوان

مقالات مشابهة

  • بحضور بيكيه وأشهر المؤثرين في المنطقة.. الرياض تشهد الكشف عن الفرق المشاركة في «دوري الملوك الشرق الأوسط»
  • نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على مشاريع مجموعة روشن
  • نائب أمير الشرقية يطلع على مشاريع مجموعة روشن في المنطقة 
  • نائب أمير الشرقية يطلع على مشاريع مجموعة روشن
  • الكشف عن الفرق المشاركة في “دوري الملوك الشرق الأوسط” بالرياض
  • الإمارات تتصدر قائمة فوربس لأقوى قادة السياحة والسفر في المنطقة لعام 2025
  • إعداد دراسات الجدوى لإنشاء المنطقة اللوجستية المتكاملة بأبوسمبل
  • أرباح على الورق وخسائر في الواقع.. الخطر الخفي الذي يفتك بالأعمال
  • أحمد داوود في «الكراش»
  • بين قيادة إيمانية ووعي شعبي .. التكامل الذي هزم المشروع الصهيوأمريكي