الأسبوع:
2025-05-28@02:03:27 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تلعب سوريا دورًا محوريًا في المخطط الجيوسياسي المعروف بمشروع مملكة داوود أو الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الذي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية دينية يهودية تستند إلى مسار سيدنا إبراهيم.

هذا المسار، الذي يمتد من العراق عبر الشام وصولًا إلى فلسطين ومصر، كان عبر التاريخ خطًا استراتيجيًا للتجارة والثقافة والدين، وهو ذاته الذي يُراد اليوم إعادة رسمه لتحقيق هيمنة جيوسياسية ودينية تخدم فكرة الدولة اليهودية الكبرى.

في السياق التاريخي، لم تكن مملكة داوود ومن بعده ابنه سليمان كيانًا مستقلاً عن المحيط، بل كانت تعتمد على التحالفات لضمان بقائها، وكان لمصر دور مركزي في ذلك. لم يتمكن سليمان من تثبيت حكمه إلا عبر التحالف مع مصر، حيث تزوج من ابنة فرعون لضمان الحماية والاستقرار لمملكته، مما يعكس أهمية مصر كمركز قوة لا يمكن تجاوزه في أي مخطط توسعي. اليوم، تتعرض مصر لحروب متنوعة تهدف إلى إضعافها وإخضاعها لهذا المشروع، عبر وسائل اقتصادية وسياسية وأمنية، في محاولة لتركيعها وإجبارها على أن تكون جزءًا تابعًا لرؤية الشرق الأوسط الجديد.

تمثل دمشق نقطة ارتكاز جيوسياسية في هذا المخطط، فهي تربط بين الممرات المائية والثروات الطبيعية، وخاصة مياه نهر الفرات، الذي كان جزءًا من شبكة التجارة القديمة. السيطرة على دمشق تعني التحكم في عقدة طرق تربط الخليج بالبحر المتوسط، وتوفر منفذًا استراتيجيًا للهيمنة على الممرات الملاحية التي كانت جزءًا أساسيًا من النظام التجاري في العهد القديم. من هنا، كانت الحرب على سوريا جزءًا من مخطط يستهدف تفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية، عبر زجّ تنظيمات إرهابية مثل داعش بقيادة شخصيات مثل أحمد الشرع، لخلق حالة من الفوضى تدفع الأقليات الدينية لطلب الحماية الخارجية، وهو ما شهدناه في المجازر التي وقعت في الساحل السوري، حيث جرى الدفع ببعض المكونات السكانية إلى البحث عن تدخل إسرائيلي مباشر لضمان بقائها، مما منح شرعية لوجود إسرائيلي في المنطقة.

ضمن هذا المخطط، تأتي الحرب على غزة كجزء من عملية إعادة تشكيل المنطقة. الهدف من تهجير سكان غزة ليس مجرد تفريغها من الفلسطينيين، بل تحويلها إلى مركز لوجيستي يربط بين المشروع الجغرافي لمملكة داوود وأوروبا، بحيث تصبح محطة وسيطة تسهّل السيطرة على التجارة والاستثمار في الموارد الطبيعية. هذا التهجير القسري يتماشى مع سياسة تغيير السمات الديموغرافية والثقافية في المنطقة، التي تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي والإسلامي في الشرق الأوسط، وفرض واقع ديني يهودي يتماشى مع طبيعة الحكم المطلوب.

في قلب هذا المشروع، يأتي هيكل سليمان كرمز للسيادة الدينية والسياسية. إعادة بناء الهيكل تستلزم إزاحة المسجد الأقصى، وهو ما يفسر التصعيد المستمر في القدس، حيث تجري محاولات مستمرة لفرض أمر واقع جديد يمهد لمرحلة قادمة من الصراع. فالهيكل ليس مجرد رمز ديني، بل هو كرسي الحكم الذي يُراد من خلاله إعلان السيادة على المنطقة كلها، بما يتجاوز حدود فلسطين ليشمل كل الممرات الاستراتيجية الممتدة عبر سوريا والعراق والخليج.

لكن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة كبرى تتمثل في تعارضه مع طريق الحرير الصيني، وهو المشروع الاقتصادي الذي يهدف إلى إعادة إحياء التجارة بين الصين وأوروبا عبر الممرات البرية والبحرية التي تمر في قلب مناطق الشرق الأوسط. الصين تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر ممرات تشمل إيران والعراق وسوريا ومصر، مما يجعل المخطط اليهودي الصهيوني في حالة صدام مع المصالح الصينية. فبينما تسعى إسرائيل إلى الهيمنة الجيوسياسية وإعادة تشكيل المنطقة على أسس دينية، تهدف الصين إلى تثبيت نفوذها عبر مشاريع اقتصادية تعتمد على الاستقرار وليس التفكيك.

مصر، باعتبارها نقطة ارتكاز رئيسية في طريق الحرير، تشكل عقدة مركزية في هذا التنافس. فالممرات البحرية التي تمر عبر قناة السويس تعد أهم مفصل لربط الشرق بالغرب، وهذا يجعل السيطرة على مصر هدفًا مشتركًا لكل من المخطط الإسرائيلي والمشروع الصيني. لكن الفرق الجوهري يكمن في أن الصين تعتمد على استقرار مصر لضمان تدفق التجارة، بينما تسعى القوى الداعمة لمملكة داوود إلى إضعافها أو تحييد دورها. وهذا يجعل من الصعب تحقيق تحالف بين المشروعين، حيث أن نجاح أحدهما قد يعني إفشال الآخر.

إلا أن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة أساسية متمثلة في قوة الدولة المصرية. فكما كان سليمان بحاجة إلى التحالف مع مصر لحماية مملكته، فإن المشروع الحالي لا يمكن أن ينجح في ظل وجود دولة مصرية قوية تملك جيشًا قادرًا على تعطيل هذه المخططات. ولهذا، فإن الحرب على مصر ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي جزء من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحييدها أو إضعافها، لأنها تمثل آخر الحواجز الصلبة أمام تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشرق الأوسط هذا المخطط

إقرأ أيضاً:

المدينة المستدامة يتي تطرح خطط سداد مرنة لتسهيل التملك

مسقط - الرؤية

أعلنت المدينة المستدامة – يتي، المشروع الرائد للتنمية المستدامة في سلطنة عُمان وأول مدينة على مستوى المنطقة تهدف إلى تحقيق حيادية الانبعاثات بحلول العام 2040، اليوم ، خلال مؤتمر ومعرض عمان العقاري، عن إطلاق خطط سداد مرنة بعد التسليم، مصممة خصيصاً لمشتري المنازل من الراغبين في السكن في المدينة بعد اكتمالها. ويأتي هذا الإطلاق استجابةً للطلب المتزايد، حيث يشكّل المشترين لغرض السكن أكثر من 90% من مشتري الفلل، ما يعكس التزام المشروع بتسهيل تملك المنازل وتعزيز نمط حياة مستدام طويل الأمد.

وتتيح خطط السداد الجديدة للمشترين إمكانية دفع قيمة المنزل على مدى ثلاث أو خمس سنوات بعد الاستلام، ما يوفر مرونة مالية أكبر ويجعل عملية التملّك أكثر سهولة ويسراً. وتأتي هذه المبادرة في إطار التزام المشروع بتمكين المزيد من العائلات من تبنّي أسلوب حياة مستدام ضمن أحد أكثر المجتمعات السكنية تطوراً في السلطنة.

وبهذه المناسبة، قال محمود شحادة، رئيس المبيعات والتسويق في "المدينة المستدامة – يتي : " يأتي طرح خطط سداد بعد التسليم نتيجة فهم واضح لاحتياجات المشترين، وهم في الغالب من الراغبين بالاستقرار ضمن بيئة مستدامة متكاملة توفر مختلف مقومات الحياة العصرية. وتهدف هذه الخطوة إلى تسهيل تملك المنازل، خاصة بالنسبة للمقيمين في سلطنة عُمان، الذين قد يواجهون تحديات في الحصول على تمويل عقاري من البنوك المحلية."

وأضاف شحادة :"نسعى منذ سنوات إلى تصحيح الفكرة المغلوطة بأن المشاريع المستدامة ترتبط بتكاليف مرتفعة، وتأتي خطط الدفع المرنة الجديدة امتداداً لهذا التوجه، إذ تسهم في تمكين العائلات من الاستثمار في منزل يجمع بين جودة الحياة والحفاظ على البيئة."

ويتم تطوير مشروع المدينة المستدامة – يتي من قبل شركة "دايموند ديفيلوبرز" إحدى الشركات التابعة لمجموعة "سي القابضة"، بالشراكة مع الشركة العمانية للتنمية السياحية (مجموعة عُمران)، ويُعد المشروع أول مشروع سكني في المنطقة يلتزم بتحقيق صافي صفرية الانبعاثات بحلول العام 2040. هو يمثل نموذجًا رائداً ومتكاملاً لمدن المستقبل، حيث يجمع بين الطاقة المتجددة وإعادة استخدام المياه وفرز النفايات لتفادي تحويلها إلى المكبّات، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال أنظمة الزراعة المستدامة.

وتضم المدينة مجموعة متنوعة من الفلل المكونة من ثلاث وأربع غرف نوم، تجمع بين التصميم المعماري المستدام وأعلى معايير الحياة العصرية. وتتميّز كل فيلا بتجهيزها بألواح شمسية، وأنظمة موفرة للطاقة، وتقنيات ذكية. كما يوفر المشروع لسكانه وزواره مجموعة واسعة من المرافق، بما في ذلك مدرسة، ودار حضانة، ونادٍ للفروسية، ومجمّع رياضي داخلي، ومساحات مفتوحة للأنشطة الترفيهية، وجميعها تقع ضمن مسافة مشي قصيرة. ومن المتوقع أن تستوعب المدينة عند اكتمالها نحو 10,000 مقيم وزائر، لتقدم نموذجًا رائدًا للحياة الحضرية المستدامة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • 20.6 مليار دولار نمو سوق الإعلام في الشرق الأوسط 2028
  • الرئيس الشرع: هذا الذي نراه من دعم الأشقاء والأصدقاء ورفع العقوبات ليس من قبيل المجاملة السياسية، بل هو استحقاق استحقه السوريون من العالم لما بذلوه من تضحيات وسطروه من بطولات، وما يثقل عاتقنا عظم الأمانة فلا تخذلوا أنفسكم فتخذلوا عالماً تعلقت آماله عليكم
  • تقرير: المغرب يملك أغلى الشركات في المنطقة العربية بعد دول الخليج البترولية
  • هل هناك مخطط سري لتفكيك سوريا؟
  • تونس تعود إلى الشرق الليبي.. الهدف علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف
  • المدينة المستدامة يتي تطرح خطط سداد مرنة لتسهيل التملك
  • "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط
  • برعاية الرئيس السيسي .. إطلاق أضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط وتسليم عينات الرياضيين
  • إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط
  • عضو في الحزب الجمهوري الأمريكي: رفع العقوبات عن سوريا خطوة مهمة للغاية لتقدم البلاد