أوهام نتنياهو بالتفاوض تحت النار هل تعيد المحتجزين؟
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
القدس المحتلة- رغم أن قضية المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة بغزة تُعد محور النقاش العام في إسرائيل، فالحقيقة أن مصيرهم -لا يشكل مطلقا- جزءا من الأسباب الحقيقية وراء انتهاك الحكومة الإسرائيلية اتفاق وقف إطلاق النار، واستئناف الحرب على غزة فجر الثلاثاء الماضي.
وأن القضية تكمن بالسؤال نفسه الذي طرح للنقاش، ولكن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يتهرَّب باستمرار من التقرير بشأنه، وهو: ماذا سيحدث في اليوم التالي لانتهاء الحرب؟
وسط الحملة الإعلامية والاحتجاجات المتواصلة بالشارع الإسرائيلي والمطالبة بإعادة المحتجزين "بأي ثمن"، قرَّر نتنياهو العودة للحرب، بظل احتدام النقاش بإسرائيل حول التداعيات الخطيرة على قضية المحتجزين، التي ستتفاقم إذا تواصل القتال والثمن الذي قد تدفعه إسرائيل مستقبلا، بحسب تقديرات للمحللين ومراكز الأبحاث الإسرائيلية.
وحمَّلت أوساط إسرائيلية الحكومة ونتنياهو المسؤولية عن انتهاك وقف إطلاق النار، وعدم البدء بمفاوضات المرحلة الثانية وإفشال الصفقة والعودة للحرب، وأجمعت أن الضغط العسكري على غزة لم يسهم بتحرير المحتجزين، وأن إعادتهم عبر صفقات التبادل تمت بالمفاوضات، مما يؤكد عدم وجود أي وسيلة حربية يمكنها التأثير على قرار حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إعلان
حرب سياسية
ويقول الصحفي يوسي ميلمان، الخبير بالشؤون الأمنية والاستخباراتية "تجددت مسيرة الحماقة الإسرائيلية، حيث انتهكت الحكومة برئاسة نتنياهو، مرة أخرى الاتفاق مع حماس، بعد أن رفضت البدء بالمفاوضات بشأن المرحلتين المقبلتين والتوجه نحو وقف إطلاق النار الدائم".
ولكن بعيدا عن الجانب القانوني والشكلي، والمبدأ المهم الذي ينص على ضرورة احترام الاتفاقات "حتى لو لم تعجبك"، تساءل ميلمان: ما الفائدة من الغارات الجوية الضخمة والقضاء على عدد من قادة حماس من المستوى الثاني، والتوغل البري بعد ذلك؟
وأجاب ميلمان على تساؤله قائلا إن "استئناف الحرب سببه دوافع سياسية بحتة، إذ لا توجد أي وسائل حربية يمكن أن تؤثر على قرار حماس، وإن نتنياهو يهدف لخلق حالة طوارئ دائمة بإسرائيل لضمان البقاء على كرسيه إلى ما لا نهاية".
ويعتقد ميلمان أن خطوة استئناف القتال لن تعيد المحتجزين، بل تُعرِّض للخطر حياة 22 منهم، ممن تقدر الاستخبارات الإسرائيلية أنهم ما زالوا أحياء، وستجعل من الصعب أكثر إعادتهم وإعادة جثث الـ37 المحتجزة.
هذه المرة، وفي جولة القتال الحالية، يقول ميلمان "من الصعب العثور على أي مبرر لقرار تجديد الحرب، الجميع يدرك أنه قرار بخوض حرب اختيارية، فهذه ليست حربا تدخلها وظهرك للحائط، وليست حربا على المنزل، بل هي حرب سياسية، وأصبحت ممكنة بفضل الدعم الأعمى الذي يقدمه دونالد ترامب، الرئيس الأميركي، لإسرائيل ونتنياهو".
ويضيف ميلمان: إن أهداف هذه الحرب تبدو خفية ولكنها واضحة تماما، "وتتلخص بإعادة إيتمار بن غفير وحزبه إلى الائتلاف والحكومة، ومواصلة الاندفاع لتسريع التشريعات الهادفة لتعزيز التغيير بطبيعة النظام بإسرائيل، وتلميع صورة إيال زامير، رئيس الأركان الجديد، باعتباره أمير حرب وجنرالا عدوانيا، كما ادعى نتنياهو ووزراؤه".
إعلان ورقة المحتجزينوتحت عنوان "مصير المحتجزين لا يشكل جزءا من القصة الحقيقية على الإطلاق"، انتقد أفي شيلون، المؤرخ الإسرائيلي، في مقال له بالموقع الإلكتروني "واي نت"، انتهاك حكومة نتنياهو وقف إطلاق النار، واتهمها بالمماطلة والمراوغة لإطالة الحرب، بسبب عدم وجود أي خطة لنتنياهو لمسألة اليوم التالي للحرب.
ويقول شيلون "حكومة نتنياهو تتهرب باستمرار من اتخاذ قرار شجاع بشأن، ماذا سيحدث باليوم التالي لانتهاء الحرب؟، لأن حماس هُزمت عسكريا بالفعل، والسؤال الآن، من سيسيطر على غزة؟ ولكن ما لم تخبر به الحكومة الجمهور الإسرائيلي، هو أن المحتجزين ليسوا سوى ورقة مساومة بالمفاوضات المتعثرة حول مستقبل غزة".
ويضيف أنه ورغم تقويض القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية المسلحة، فإن "حماس تريد البقاء في السلطة، ولن يؤثر الضغط العسكري على قرارها، وهي مستعدة لإعادة المحتجزين، أحياء وأمواتا، مقابل انسحاب إسرائيل من غزة، بينما تريد إسرائيل الرهائن، ولكنها غير راغبة ببقاء حماس في الحكم".
وأوضح أن المطلب الإسرائيلي المتعلق بإنهاء حكم حماس مبرر من حيث المبدأ، لكن المشكلة -حسب شيلون- "أن النصر المطلق الذي وعد به نتنياهو ضرب من الخيال، خاصة أن إسرائيل غير قادرة على إجبار حماس على الاستسلام، إلا إذا قررت احتلال القطاع والسيطرة عليه بنفسها".
أوهام وتضليلأما ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز "موشيه ديان" بجامعة تل أبيب، فرأى أنه وبالوقت الذي انتهكت فيه حكومة نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار واستأنفت الحرب على غزة، تواصل التلويح بالشعارات التي تؤكد إمكانية الإطاحة بنظام حماس وإطلاق سراح المحتجزين، "بدلا من إبلاغ الجمهور بالحقيقة الصعبة، وهي أنه لا يوجد سوى خيار واحد للاختيار".
وقال ميلشتاين، بمقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، استعرض فيه، ما وصفه بـ"أوهام" إسرائيل في غزة، ومستقبل القطاع، إن "العودة للقتال هي استمرار للأوهام التي طرحت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول2023، بدلا من الإستراتيجيات المنظمة، وإن الإفراط بالقوة العسكرية سيجبر حماس على إطلاق سراح الرهائن".
إعلانواستعرض ميلشتاين الأوهام التي تروج لها حكومة نتنياهو التي تتحمل مسؤولية انتهاك اتفاق غزة والفشل بإعادة المحتجزين، وقال "نتنياهو ما زال يضلل الجمهور الإسرائيلي بأنه سينجح في القضاء على حماس ونزع سلاحها، وبطبيعة الحال، إفراغ غزة من سكانها وتهجيرهم".
وأكد الباحث الإسرائيلي أن القوة العسكرية لا تؤثر على قرارات حماس حول ملف المحتجزين، وأن كل الخيارات أمام إسرائيل سيئة، وعليها أن تختار الأقل سوءا، وأن تقسِّم أهدافها حسب الأبعاد الزمنية.
وختم "انهيار نظام حماس يتطلب احتلال غزة بأكملها والبقاء لفترة طويلة في القطاع، مع دفع ثمن باهظ اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، ومن المشكوك فيه ما إذا كانت إسرائيل مستعدة له حاليا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان وقف إطلاق النار حکومة نتنیاهو على قرار على غزة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل ومخاطر.. ما الذي يهدد خطة ترامب بشأن غزة؟
وافقت إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، وهي عبارة عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن قد يكون خطوة أولى نحو إنهاء حرب دامية مستمرة منذ عامين وعصفت بالشرق الأوسط.
ما الذي نعرفه عن الاتفاق؟
جاء الاتفاق على المرحلة الأولية من إطار العمل الذي اقترحه ترامب والمكون من 20 نقطة بعد محادثات غير مباشرة في مصر، بعد يوم واحد فقط من الذكرى الثانية لهجوم حماس على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة على غزة.
وأعلن ترامب أن إسرائيل وحماس وقعتا على المرحلة الأولى من الخطة، وهو ما سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء كانوا أو أمواتا، "قريبا جدا" وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يسمى بالخط الأصفر في غزة.
ووفقا لمصدر أمني إسرائيلي كبير، فإن هذه هي حدود الانسحاب الإسرائيلي الأولي بموجب خطة ترامب.
وأكدت حركة حماس أنها توصلت إلى اتفاق لإنهاء الحرب، يتضمن انسحابا إسرائيليا من غزة وتبادل الرهائن بمعتقلين فلسطينيين، لكن الحركة دعت ترامب والدول الضامنة إلى ضمان أن تنفذ إسرائيل وقف إطلاق النار بالكامل.
ما هو أبرز ما لا نعرفه؟
رغم الآمال المعقودة من أجل إنهاء الحرب، لا تزال هناك تفاصيل جوهرية لم تتضح بعد.
ومن بين هذه التفاصيل التوقيت وإدارة قطاع غزة بعد الحرب ومصير حماس.
ولا يوجد مؤشر واضح على من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب.
واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترامب والدول الغربية والعربية أن يكون هناك دور لحماس التي تدير غزة منذ طرد منافسيها الفلسطينيين في عام 2007.
وتلمح خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لدور للسلطة الفلسطينية، ولكن فقط بعد أن تخضع لإصلاحات كبيرة.
ما هي أكبر المخاطر التي تهدد الخطة؟
إذا تكلل تنفيذ الاتفاق بالنجاح فإن هذا سيمثل أكبر إنجاز في السياسة الخارجية حتى الآن لترامب.
وترفض حماس حتى الآن مناقشة مطلب إسرائيل بأن تتخلى الحركة عن أسلحتها. وأكد مصدر فلسطيني أن حماس ستظل ترفض ذلك ما دامت القوات الإسرائيلية تحتل الأراضي الفلسطينية.
وكشف مصدران مطلعان على المحادثات أن النقاط الخلافية تشمل آلية الانسحاب الإسرائيلي، إذ تسعى حماس لجدول زمني واضح مرتبط بالإفراج عن الرهائن وضمانات بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية.
وفي داخل غزة، قلصت إسرائيل من عملياتها العسكرية بناء على طلب من ترامب لكنها لم توقف ضرباتها بالكامل.
وتقول الدول العربية التي تدعم الخطة إنها يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يقول نتنياهو إنه لن يحدث أبدا.
وتقول حماس إنها لن تتخلى عن حكم غزة إلا لحكومة تكنوقراط فلسطينية تشرف عليها السلطة الفلسطينية وتدعمها الدول العربية والإسلامية.
وترفض كذلك أي دور لبلير أو أي حكم أجنبي لغزة.