الصين أم الغرب.. من المسؤول الأكبر عن تغير المناخ؟
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
بين النظرة التاريخية للمسؤولية عن انبعاثات غازات الدفيئة وصعود قوى اقتصادية جديدة ودول صناعية ناشئة ودور الشركات والعامل الديمغرافي، تطرح مسألة المساهم الأكبر عن التغير المناخي على الكوكب، لكن العامل الأساسي يبدو مرتبطا بالثروة والاستهلاك والرفاهية.
أسهمت أغنى دول العالم تاريخيا بأكبر قدر في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وخلال الـ170 عاما الماضية، ارتفعت درجة حرارة الأرض بنحو 1.1 درجة مئوية، وهذا أدى إلى موجات حر أشدّ فتكا، وفيضانات، وجفاف، وحرائق غابات. وقد طلبت الدول الأفقر والأكثر تضررا من الدول الغنية المزيد من الأموال لمساعدتها على التكيف مع هذه المخاطر.
ورغم أن هذه الدول تمثل 12% فقط من سكان العالم اليوم، إلا أنها بدأت التصنيع في وقت أبكر من معظم بقية العالم، وبالتالي فهي تحرق النفط والغاز والفحم للحصول على الطاقة لفترة أطول من أي دولة أخرى.
وباعتماد هذه المقاربة التاريخية في قياس المسؤولية عن الاحتباس الحراري الحالي، ينظر الخبراء إلى الانبعاثات طوال أكثر من قرن ونصف، لأنه بمجرد وجود ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى في الهواء، يمكن أن يؤثر على الغلاف الجوي لقرون.
أما اليوم، فتعد الصين أكبر مصدر للانبعاثات في العالم بفارق كبير، حيث تمثل ثلث ثاني أكسيد الكربون للبشرية من الطاقة والصناعة في عام 2022. ومع ذلك، فهي مسؤولة عن 14% فقط من جميع انبعاثات الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري منذ عام 1850.
إعلانوهناك أيضا طرق أخرى للنظر إلى المسؤولية. فحتى داخل بلد واحد، تعتمد "البصمة الكربونية" للشخص، وهي كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن نمط حياته، عادة على الدخل والثروة والمستوى المعيشي.
ففي الولايات المتحدة، وفقا لأحد التحليلات، ينبعث من أعلى 10% من أصحاب الدخل ما يقرب من 75 طنا من ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد سنويا، بينما ينبعث من أدنى 50% من أصحاب الدخل حوالي 10 أطنان للشخص الواحد.
وعلى سبيل المقارنة، ينبعث من أعلى 10% من أصحاب أعلى الدخل في الصين حوالي 36 طنا للشخص الواحد، بينما يبلغ متوسط النصف الأدنى من أصحاب الدخل 3 أطنان للشخص الواحد.
ولا تحسب المسؤولية عن الانبعاثات من منظور تاريخي فحسب. فهناك مقياس رئيسي آخر يتمثل في معدل الانبعاثات للفرد وعدد السكان. فعلى سبيل المثال، أنتجت الهند ككل حوالي 7% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية عام 2021، وهو ما يعادل تقريبا ما أنتجته دول الاتحاد الأوروبي وحوالي نصف الولايات المتحدة.
وفي المقابل نجد أن عدد سكان الهند يفوق بكثير عدد سكان المنطقتين مجتمعتين، وهي أفقر بكثير، حيث يفتقر مئات الملايين من الناس إلى إمكانية الحصول على الكهرباء بشكل موثوق. ونتيجة لذلك، أصبحت انبعاثاتها للفرد أقل بكثير اليوم.
وغالبا ما يفضل دعاة حماية البيئة التركيز على الشركات الكبرى ومنتجي الوقود الأحفوري أنفسهم، إذ تجد أحدث البيانات أن أكثر من 70% من الانبعاثات العالمية منذ عام 1998 يمكن إرجاعها إلى النفط والغاز والفحم الذي باعته 100 شركة فقط.
وفي المقابل، يشير آخرون -معظمهم من المناهضين لنظرية التغير المناخي- إلى أن هذه الشركات لم تتصرف بمفردها، بل هي توفر حاجات المجتمع الاستهلاكي وقد اشترى العالم بالفعل منتجاتها وأحرقها.
إعلانورغم أن كل إنسان على كوكب الأرض يتحمل مسؤولية إلى حد ما تجاه ظاهرة الاحتباس الحراري، تشير المعطيات إلى أن أكبر الملوثين دولا وأفرادا ومستهلكين هم أقل من يعاني من مخاطر تغير المناخ، كما أن الأقل تلويثا لكوكب الأرض هم الأكثر تأثرا بعواقب عالمنا المتغير.
ويأتي انسحاب الولايات المتحدة من تمويل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق عليه في مؤتمر المناخ للأمم المتحدة "كوب 28″ (Cop28) بالإمارات العربية المتحدة عام 2023 كتكريس لما بات يعرف بـ"اللاعدالة المناخية".
وضمن هذا الاتفاق تعهدت الدول المتقدمة، الأكثر مسؤولية عن أزمة المناخ، بتعويض الدول النامية جزئيا عن الأضرار التي لا رجعة فيها الناجمة عن الاحتباس الحراري العالمي، لكن الاتفاق تعثر أيضا ولم تسدد معظم تلك الدول مساهماتها المفترضة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي ثانی أکسید الکربون الولایات المتحدة الاحتباس الحراری للشخص الواحد من أصحاب
إقرأ أيضاً:
الصين تدين الهجوم الأمريكي على إيران وتصفه بانتهاك صارخ للقانون الدولي
أدانت وزارة الخارجية الصينية بشدة الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، ووصفتها بأنها تمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
جاء ذلك في بيان رسمي وزعته السفارة الصينية بالقاهرة، اليوم الأحد، تعليقًا على التصعيد الأخير في المنطقة بعد إعلان واشنطن تنفيذ ضربات عسكرية ضد مواقع نووية داخل إيران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بلاده ترفض بشكل قاطع قصف المنشآت النووية الإيرانية، خاصة أنها تقع تحت إشراف وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرًا أن هذا التصرف يُعد سابقة خطيرة في التعامل مع المرافق النووية السلمية، ويقوّض المبادئ الأساسية للمعاهدات الدولية المعنية بعدم الانتشار النووي.
وأكد أن تصرفات واشنطن تُشكل انتهاكًا خطيرًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتسهم في تأجيج التوترات في منطقة الشرق الأوسط، مما يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
دعوة لوقف إطلاق النار والحوار بين أطراف النزاع
وفي سياق متصل، دعت بكين جميع أطراف النزاع، وعلى رأسهم إسرائيل، إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، واتخاذ خطوات جدية لضمان حماية المدنيين، وبدء حوار بنّاء يسهم في احتواء التصعيد وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وشدد المتحدث الرسمي على أن الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لتوحيد الجهود الرامية إلى دعم العدالة الدولية، وتعزيز مساعي إحلال السلام، وإيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة المتصاعدة بين طهران وتل أبيب، ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة قد تكون لها تداعيات كارثية على العالم بأسره.
تصاعد الانتقادات الدولية بعد الضربات الأمريكيةوكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن، في وقت سابق اليوم، أن الولايات المتحدة شنت هجمات على ثلاث منشآت نووية رئيسية داخل إيران، وهي "نطنز" و"فوردو" و"أصفهان"، في إطار ما وصفه بـ "ضربة وقائية" لوقف برنامج إيران النووي، مما أثار ردود فعل واسعة وإدانات دولية من عدة عواصم، أبرزها موسكو وبكين.