الثورة / غزة/كالات

في مشهدٍ يطغى عليه الحصار والدمار، تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بشكلٍ مأساوي مع استمرار إغلاق المعابر التي تربط القطاع المحاصر بالعالم الخارجي منذ أكثر من ثلاثين يومًا.

فقد باتت أبواب الحياة تُغلق تباعاً أمام أكثر من مليوني فلسطيني، يعانون من نقصٍ حاد في الغذاء والدواء والوقود، في ظل ظروف معيشية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ومع تعثر وصول المساعدات الإنسانية ومنع إدخال المواد الأساسية، تحولت غزة إلى منطقة منكوبة، حيث تئن المستشفيات بعذابات الجرحى والمرضى، بينما تقف العائلات في طوابير طويلة على أمل الحصول على لقمة تسد رمق أطفالها.

أزمة طاحنة من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، باتت المخابز مغلقة بالكامل بعد نفاد كميات الطحين، في مشهد على عكس حجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها القطاع المحاصر.

ففي ظل تفاقم الأوضاع المعيشية، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الظروف في غزة باتت “مأساوية” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مشيرة إلى أن انعدام المواد الأساسية، وعلى رأسها الطحين، يهدد الأمن الغذائي لأكثر من مليوني نسمة.

وتأتي هذه الأزمة في وقت حرج، حيث تعاني مستشفيات القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وسط تحذيرات من انهيار كامل في الخدمات الإنسانية إذا استمرت هذه الظروف دون تدخل عاجل من المجتمع الدولي.

توقف المخابز وفي ظل استمرار الحصار والإغلاق التام للمعابر، تتفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة مع توقف عمل المخابز، أحد الأعمدة الأساسية في تأمين الغذاء للسكان، ما ينذر بكارثة وشيكة تهدد حياة المدنيين. رئيس جمعية المخابز في غزة، عبدالناصر العجرمي، أكد أن القطاع يشهد “حرب تجويع حقيقية”، مع توقف عمل العديد من المخابز نتيجة نفاد المواد الأساسية، وعلى رأسها الدقيق والسولار والخميرة، بالإضافة إلى غاز الطهي، ما أدى إلى شلل شبه كامل في إنتاج الخبز.

وأشار العجرمي خلال تصريح خاص لوكالة “شهاب” إلى أن “الإغلاق والحصار المفروض على البضائع هو السبب الرئيسي لهذه الأزمة”، مضيفًا أن الوضع المعيشي في القطاع بات في تدهور خطير، حيث يرزح المواطنون تحت وطأة الحرب والحرمان، وسط عجز الجهات المعنية عن التدخل.

ورغم تواصل الجمعية مع مؤسسات دولية، أبرزها برنامج الأغذية العالمي، فإن الاستجابة كانت غائبة، بحسب العجرمي، الذي وصف الوضع بأنه “سياسي ضاغط بامتياز”، مشددًا على أن فتح المعابر بات ضرورة إنسانية عاجلة.

ويُستهلك في قطاع غزة نحو 450 طنًا من الدقيق يوميًا، وكانت المخابز تغطي ما نسبته 50% من احتياجات السكان، ومع تدمير نسبة كبيرة من المخابز الآلية البالغ عددها 70 مخبزًا – من أصل 140 – خاصة في شمال القطاع، تتعاظم الأزمة، وسط خسائر تقدر بملايين الدولارات.

من جانبه حذّر مدير عام شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، من كارثة إنسانية وشيكة في القطاع، بعد نفاد كميات الدقيق المخصصة للمخابز المدعومة من برنامج الأغذية العالمي بشكل كامل.

وأوضح الشوا لوكالة “شهاب”، أن هذه المخابز كانت تغطي نحو 30% من احتياجات مراكز الإيواء المختلفة، في حين تُوزَّع الكميات المتبقية على الأهالي، الذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية في ظل استمرار العدوان والحصار.

وأشار إلى أن نفاد الدقيق ينذر بتوقف إعداد الوجبات الساخنة في التكيات والمطابخ المجتمعية، ما قد يؤدي إلى تسارع في تدهور الوضع الإنساني “المتدهور أصلاً” – على حد تعبيره – محذرًا من أن إغلاق المخابز سيُدخل القطاع في مرحلة المجاعة، في ظل فقدان مقومات الحياة الأساسية.

الوضع الإنساني في قطاع غزة ينحدر نحو الكارثة، ويتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً لإنقاذ المدنيين، عبر فتح المعابر وضمان دخول الإمدادات الغذائية والطبية قبل فوات الأوان.

 

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حرب إسرائيل وإيران تضرب قطاع السياحة في الأردن

عمّان – تراجع قطاع السياحة في الأردن بصورة حادة على وقع التوترات الإقليمية المتسارعة وتصاعد وتيرة حرب إسرائيل وإيران، لا سيما في ظل تعليق أو تأجيل شركات الطيران رحلاتها إلى دول المنطقة.

ورغم أن الأردن ليس طرفا مباشرا في الصراع الإيراني الإسرائيلي، فإن تداعياته الأمنية والعسكرية سرعان ما انعكست على المملكة وهي تقع جغرافيا بين طرفي المواجهة، وهو ما تُرجم عمليا إلى إلغاء كثير من السياح حجوزاتهم الفندقية، بالإضافة إلى التراجع الحاد في أعداد الزوار، وتباطؤ حركة الطيران السياحي، وهي جميعها مؤشرات على حجم التأثر الكبير الذي أصاب القطاع السياحي الأردني الذي يشكل أحد أهم أعمدة اقتصاد المملكة.

تراجع كبير

يسهم القطاع السياحي بنسبة كبيرة في الناتج المحلي للأردن ويوفر فرص عمل لآلاف المواطنين في مختلف أنحاء المملكة، إلا أن هذا القطاع الحيوي بات يواجه تحديات غير مسبوقة، عبّرت عنها وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب بالقول إن "نسب إلغاء الحجوزات السياحية في الأردن كبيرة جدا، وراوحت بين 70% و100% على الحجوزات الفورية للفترة الحالية".

وأضافت عناب أن حجم الإلغاءات الكبير متوقع وغير مستغرب بحكم عدم وضوح الأوضاع الراهنة والتصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني، مشيرة إلى أن الإلغاءات جاءت على الحجوزات القريبة.

وشهد الأردن في المدة الأخيرة نموًّا في القطاع السياحي، وأصبح وجهة مفضّلة لزوار من مختلف أنحاء العالم، وزاد الدخل السياحي خلال شهر أبريل/نيسان من العام الجاري بنسبة 34.2% ليبلغ 710.3 ملايين دولار، ليسجل ارتفاعًا بنسبة 15.3% خلال الثلث الأول من العام الحالي ليبلغ أكثر من ملياري دولار، إلا أن هذه الطفرة السياحية سرعان ما تعرضت لانتكاسة شديدة بسبب بدء الحرب الإسرائيلية الإيرانية منذ أسبوع.

أزمة ممتدة

من جانبه، أكد نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، حسين هلالات، أن أزمة السياحة في الأردن بدأت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن مع اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية تأثرت الحجوزات بشكل سريع ومباشر.

إعلان

وقال في حديث للجزيرة نت إن جمعية الفنادق فعّلت غرفة عمليات لرصد أعداد السياح، والتي قدرت بنحو 3500 سائح أجنبي كانوا في المملكة وقت تصاعد التوتر.

وأشار هلالات إلى أن نسب الإشغال في بعض الفنادق السياحية، لا سيما في البتراء، تراجعت إلى ما دون 6%، بينما كانت في عمان بحدود 34% وانخفضت لاحقًا، مضيفا أن بعض شركات الطيران أوقفت رحلاتها للأردن حتى منتصف شهر يوليو/تموز، مما أسهم في تراجع الطلب على السياحة بشكل عام.

وبيّن هلالات أن القطاع السياحي سجل تراجعا حادا مقارنة بالسنوات السابقة، وتجاوز الانخفاض في بعض المناطق نسبة 90% مقارنة بعام 2023، وهو العام الذي اعتُبر مقياسا بعد الجائحة.

وأوضح أن السياحة الأردنية تعتمد بشكل كبير على المواسم، ومع خسارة الموسم الحالي، فإن الفنادق، خاصة في المناطق التاريخية مثل البتراء ومادبا ووادي رم، تواجه خطر الإغلاق المؤقت نتيجة انعدام الحجوزات.

انتكاسة سياحية

قال الخبير الاقتصادي الأردني محسن الزبيدي إن القطاع السياحي في الأردن من أكثر القطاعات تأثرًا نتيجة استمرار الحرب بين إيران والجانب الإسرائيلي.

ولفت الزبيدي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن الأردن يعتمد بصورة مباشرة على القطاع السياحي الذي يعتبر من أهم الروافد الاقتصادية للأردن، فقد سجل أرقامًا متقدمة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أن الحرب بين طهران وتل أبيب شكلت ما يشبه الانتكاسة على المجال السياحي والاقتصادي معًا.

وأكد الخبير الاقتصادي أن الأردن من أكثر الدول تأثرًا بالحرب بين الإسرائيليين والإيرانيين، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب سوف يلحق بالأردن آثارًا سلبية مباشرة بمختلف القطاعات الاقتصادية، متوقعًا أن يتراجع الدخل السياحي نتيجة تسارع إلغاء الحجوزات الفندقية بسبب إلغاء الأفواج السياحية رحلاتها إلى المنطقة بصورة عامة، وإلى الأردن على وجه الخصوص.

أعداد المسافرين بالأردن تراجعت 48% جراء الحرب (شترستوك)

ويمكن إجمال المخاطر التي قد تلحق بالأردن نتيجة اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران واستمرارها على النحو التالي:

انخفاض أعداد السياح القادمين، وإلغاء حجوزات جماعية وفردية، خاصة من الأسواق الأوروبية والأميركية. تراجع الإيرادات السياحية، وتضرر قطاعات مرتبطة كالفنادق، والنقل، والمطاعم. تعطّل الاستثمارات السياحية، وتجميد مشاريع سياحية جديدة بسبب الضبابية الجيوسياسية. ضغط اقتصادي عام نتيجة تراجع إيرادات القطاع السياحي.

وكان رئيس مجلس مفوضي هيئة الطيران المدني الأردني هيثم مستو أكد تراجع أعداد المسافرين في المملكة بنسبة 48% وعدد الطائرات بنسبة 43% منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، مع بدء الحرب بين إسرائيل وإيران، موضحًا أن سلامة الطيران المدني وضمان خلوّ الأجواء من المخاطر مطلب رئيسي ضمن الاتفاقية الدولية للطيران المدني.

وأشار إلى أن الأحداث الجارية أدت إلى إغلاق للأجواء الأردنية على فترات وفتحها جزئيا بشكل تكتيكي يضمن الحفاظ على مستوى السلامة.

مقالات مشابهة

  • يعلن قطاع الحج والعمرة بوزارة الارشاد پان علي جميع المنشآت والوكالات ضرورة مراجعة القطاع
  • حصيلة دامية في غزة .. 51 شهيداً خلال 24 ساعة والضحايا تحت الأنقاض
  • تعطيش غزة.. نفاد الوقود يهدد تحلية المياه ويفاقم المأساة الإنسانية
  • صحة غزة تعلن حصيلة شهداء وجرحى الحرب على القطاع
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل منع دخول شحنات الوقود إلى غزة
  • 26 شهيدا بنيران الاحتلال في غزة والمعاناة الإنسانية تتفاقم
  • 21 شهيدا بنيران الاحتلال في قطاع غزة بينهم 11 من منتظري المساعدات
  • حرب إسرائيل وإيران تضرب قطاع السياحة في الأردن
  • استشهاد 38 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على غزة
  • اليونيسف: أطفال غزة مهددون بالموت عطشًا وسط انهيار شبكات المياه