وتجوّل برنامج "في رحاب الشام"، خلال حلقة 2025/3/31 في أنحاء مدينة إدلب وريفها، ووقف على تفاصيل تاريخية تجمع بين عراقة التاريخ وصمود الحاضر.

وطافت الكاميرا من قلعة حارم الأثرية إلى مساجد إدلب العتيقة، مرورا بمدينة أريحا التاريخية، لتروي الأرض حكايات الحضارات المتعاقبة والمعارك الخالدة التي شكّلت هوية هذه المنطقة.

وتعد قلعة حارم، التي يزيد عمرها عن 2000 عام، أحد أهم الشواهد على عراقة المنطقة، بناها الرومان على تل صناعي، ثم طورها البيزنطيون، قبل أن يُعيد صلاح الدين الأيوبي ترميمها بعد تحريرها، لتصبح حصنا منيعا يشرف على سهل العمق.

وسُميت "حارم" نسبة إلى الكلمة الآرامية "البلد الحرم"، أي الأرض الآمنة لأهلها والمحرمة على الأعداء.

وتميّزت القلعة بتصميمها الدفاعي الفريد، إذ تضم سراديب سرية وأبراج مراقبة وخندقا مائيا يحميها من الغزاة.

كما تحوي أسواقا تاريخية وأقبية تعود إلى العهود الرومانية والمملوكية، مما يجعلها متحفا مفتوحا يحكي قصص الحضارات.

ووفق الحلقة، فإن حارم شهدت واحدة من أبرز المعارك التاريخية بين المسلمين والصليبيين في القرن الثاني عشر للميلاد، بعد هزيمة سابقة، جمع نور الدين محمود زنكي جيشا جديدا وواجه تحالفا صليبيا ضم إمارة أنطاكيا والبيزنطيين والأرمن.

إعلان

وبالدعاء "يا رب أنصر دينك ولا تنصر محمود"، تحقق النصر للمسلمين، مما أعاد هيبة الدولة الزنكية ووحّد الشام.

الأم الحنون

وانتقل البرنامج إلى مدينة إدلب، التي لُقبت بـ"الأم الحنون" لجمعها النازحين والمهجرين خلال الأزمات، حيث تُعَد ساحة الساعة في مركز المدينة رمزا لصمودها، في حين يروي الجامع الكبير حكاية تحوّله من كنيسة قديمة إلى مسجد أثري.

وتعرّض هذا الجامع للقصف خلال الحرب، لكنه أُعيد ترميمه ليبقى شاهدا على الإرث الديني والثقافي.

وفي ريف إدلب، تبرز مدينة أريحا كواحدة من أقدم المدن، حيث يعود تاريخها إلى 5000 عام، وحررها المسلمون في عهد عمرو بن العاص، وتميزت بمسجدها الكبير الذي بُني في العهد المملوكي وجُدد لاحقا في العصر العثماني.

كما تضم أريحا "غار الأربعين"، الذي يُعتقد أن مجموعة من القديسين لجؤوا إليه هربا من الاضطهاد.

واختتمت الحلقة بالتأكيد على أن إدلب وريفها ليست مجرد مواقع جغرافية، بل هي رموز للصمود والتاريخ الحي، من قلعة حارم إلى مساجد أريحا، تبقى هذه الأرض شاهدة على حضارات صنعت المجد، وشعب يحمل الأمل رغم كل التحديات.

الصادق البديري3/4/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

نزوى.. الجهة السياحية الرائدة في كل المواسم

 

 

 

سالم بن نجيم البادي

سألني الرجل الذي كان يجلس بجانبي عند مدخل قلعة نزوى قائلًا: هل تعلم السر الذي يجعل الزوار يتوافدون إلى ولاية نزوى بأعداد غفيرة وفي كل المواسم؟

ثم أضاف: إنهم أهل نزوى. انظر… هل ترى أحدًا من العمالة الوافدة؟ مُعظم من يبيعون هنا والحرفيون هم من أهل نزوى. وأينما يممت وجهك ستجد أبناء نزوى من مُختلف الأعمار؛ كبارًا وصغارًا، نساءً ورجالًا، وحتى الأطفال يبيعون ويشترون. الكل يعمل ويتحرك ويفكر ويُبدع في مشاريع تجارية متميزة تجذب الزوار وتنال إعجابهم ورضاهم.

ولقد أصاب الرجل كبد الحقيقة؛ فأهل نزوى اشتهروا منذ آلاف السنين بالتميز والعمل والعصامية والاعتماد على النفس، وتوارثوا ذلك جيلًا بعد جيل حتى يومنا هذا. وليس هذا الكلام إنشائيًا بلا أدلة، بل تُؤيده الشواهد الكثيرة، ومنها قلعة نزوى الشامخة التي بناها الإمام سلطان بن سيف اليعربي، واستغرق بناؤها نحو 12 سنة، وذلك في منتصف القرن السابع عشر الميلادي.

وكذلك المباني الرائعة في حارة العقر الشهيرة، المتميزة بطريقة بناء مساكنها، وفيها المسجد الذي بُني قبل نحو 1200 سنة، وقد تم ترميمه مؤخرًا. كما إن سور حارة العقر بُني قبل 1200 سنة، وأُعيد ترميمه مع الحفاظ على أجزاء منه شاهدة على عبقرية الإنسان العُماني وتاريخه الحافل بالمنجزات الحضارية ويخترق السور ضواحي النخيل، والمشي خلاله متعة لا توصف.

لقد أصبحت حارة العقر مزارًا يجذب الزوار من كل مكان بعد أن عادت إليها الحياة بجهود أبناء نزوى، فافتُتحت فيها المحال التجارية والمقاهي ومحلات بيع الأطعمة والمشروبات والبوظة. وفي هذه الحارة يوجد متحف نزوى الذي يضم 2500 قطعة أثرية تحكي تاريخ عُمان، وقد أُقيم المتحف بجهود ذاتية من شباب الولاية.

أما سوق نزوى فهو عامر بالحركة على مدار الساعة، ويتميز بالسلع التقليدية والصناعات المحلية، وعلى رأسها الحلوى العُمانية بنكهاتها المختلفة.

زرتُ نزوى برفقة العائلة في إجازة اليوم الوطني، وشاهدنا تلك الأعداد الهائلة من الزوار، خاصة بعد العصر وفي الليل، في السوق، وفي حارة العقر، وفي قلعة نزوى. وبصعوبة بالغة يمكن التنقّل بين هذه الأماكن من شدة الزحام.

لقد رأينا في نزوى حياة ضاجّة بالحيوية والنشاط؛ بيعًا وشراءً، عملًا وجدًّا، وبهجة وفعاليات متنوعة. إنها نزوى… تاريخٌ مجيد، وعلمٌ وعلماء، وأئمة عظام، ودينٌ وبيضة الإسلام، وعاصمة عُمان في أوج ازدهارها وقوتها. وهي قصص العدل والشهامة والمروءة والكرم والكرامات والأولياء الصالحين، وتراثٌ خلدته حضارة ضاربة في عمق التاريخ، وشاهدة على عظمة الإنسان العُماني.

رجعنا من نزوى على أمل العودة إليها.

نزوى وأهل نزوى يستحقون الإعجاب والتقدير، وأن يكونوا قدوة ومثالًا يُحتذى به في العصامية والاعتماد على النفس وحب العمل.

ونزوى تستحق أن تكون عاصمة السياحة في كل المواسم… وبلا منازع.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إصابة 4 متضامنين أجانب بهجوم لمستوطنين إسرائيليين في أريحا
  • التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
  • اختطاف وتهديد وترهيب… تسنيم الهمّص تروي تفاصيل مروّعة عن اختطافها
  • البرهان يستقبل الرئيس الإريتري ومعارك بين الجيش والدعم السريع
  • السياحة التي نُريد!
  • نزوى.. الجهة السياحية الرائدة في كل المواسم
  • لم تسقط أبدا بيد النظام السابق.. أحمد الشرع يجري اتصالا بأهالي مدينة بنش في إدلب خلال حملة دعم
  • النشار تروي كواليس الفوز بجائزة الإعلام العربي بفلاش توعوي
  • سر مكالمة عبلة كامل لـ أشرف زكي التي غيَّرت قراره بالإستقالة من النقابة
  • الاحتلال يُهجر عائلتين من شمال أريحا للمرة الثانية