غزة- قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ألفا و309 فلسطينيين، بمعدل 69 شهيدا يوميا، وأصابت زهاء 3200 آخرين، جلهم من المدنيين، أطفالا ونساء، منذ استئنافها حرب الإبادة على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي.

وتصنف أوساط محلية ومتخصصة هذه المرحلة بأنها الأعنف والأكثر دموية من بين شهور الحرب التي سبقت خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع المقاومة الفلسطينية في 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

ويقول أطباء ومسؤولون وحقوقيون -للجزيرة نت- إن الاحتلال عاد للحرب بشكل أكثر شراسة وإجراما، وقد ارتكب مجازر مروعة استخدم فيها أسلحة وذخائر ذات قوة تدميرية هائلة، استهدف بها المنازل السكنية والأعيان المدنية، ومراكز وخيام الإيواء.

واستكمل الاحتلال بجولته الحالية فصول "حرب الإبادة الجماعية" المستعرة على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وبدعم أميركي مطلق، حيث خلّفت حتى الآن أكثر من 165 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وبحسب هذه الأوساط، فإن الاحتلال يستخدم قطاع غزة "مختبرا" لتجربة ترسانته العسكرية التي تعتمد بشكل أساسي على الأسلحة والذخائر والقنابل أميركية الصنع، كان آخرها ما وافقت عليه إدارة دونالد ترامب ببيع أكثر من 20 ألف بندقية هجومية بقيمة 24 مليون دولار، وهي صفقة صغيرة مقارنة بمليارات الدولارات من صفقات حصلت عليها إسرائيل منذ اندلاع الحرب.

إعلان ذخائر فتاكة

يقول مدير عام الطب الشرعي والمعمل الجنائي في غزة الدكتور خليل حمادة، للجزيرة نت، إن الاحتلال استأنف حربه من حيث انتهى قبل اتفاق وقف إطلاق النار، وبشكل أكثر عنفا ودموية، ويلاحظ استخدامه الكثيف للقنابل الثقيلة وأبرزها (MK-84) زنة ألفي باوند (حوالي ألف كيلوغرام)، وهي أميركية الصنع ومخصصة لاختراق التحصينات على أعماق كبيرة في باطن الأرض.

ومنذ استئنافه الحرب، يستخدم جيش الاحتلال مثل هذه القنابل في أحياء ومناطق سكنية مكتظة، وتؤدي إلى دمار واسع، وقلما ينجو منها أحد، جراء ما ينتج عنها من "عصف انفجاري" هائل، ودرجات حرارة قاسية جدا، ويصل تأثيرها لمسافة نحو 100 متر من بؤرة الاستهداف المباشر، بحسب خليل حمادة.

وأوضح المسؤول الصحي أن بعض الشهداء يصلون المستشفيات دون أن تظهر على أجسادهم أي جروح أو إصابة بشظايا الصواريخ والقنابل، غير أنهم فارقوا الحياة نتيجة تهتك شديد بالأنسجة، وخلايا الدماغ والخلايا والأوعية الدموية، جراء قوة الانفجار، فيما تتمزق أجساد شهداء وتختفي جثامين آخرين تماما.

ومن ينجو من هذه الأسلحة المحرمة، يقول حمادة، إنها "نجاة مؤقتة" قد تمتد ساعات أو أياما قليلة بالنسبة لبعض الجرحى، نتيجة الجروح الخطرة وعدم توفر الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة لإنقاذهم، فيما البعض الآخر منهم يقضي بقية حياته يعاني من إعاقات أو تشوهات وحروق.

ويضيف حمادة "ليست القنابل الثقيلة وحدها، وإنما كل سلاح يستخدم ضد المدنيين هو محرم دوليا"، ويستشهد بمجزرة مدرسة دار الأرقم في مدينة غزة، وهي مركز إيواء استهدفته غارات جوية من مقاتلات حربية، وأدت إلى مئات الضحايا من الشهداء والجرحى، جلهم من المدنيين، "وهي واحدة من جرائم الحرب التي يندى لها جبين البشرية"، وفقا لوصفه.

الثوابتة: واشنطن شريكة للاحتلال في جرائمه المتصاعدة في غزة (الجزيرة) استئناف دموي للحرب

يصف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت الأسبوعين الماضيين بعد خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، واستئناف ما وصفها بـ"الحرب الإجرامية"، بأنهما "الأعنف في مسار الحرب على غزة".

إعلان

فخلال هذه الفترة تصاعدت هجمات الاحتلال بشكل غير مسبوق، حيث تم استهداف المنازل، والمستشفيات، والمدارس، وحتى طواقم الاستجابة الإنسانية والمراكز الطبية التي تعمل على تقديم الخدمات الأساسية للمدنيين، وفقا للمسؤول الحكومي.

ويستند الثوابتة إلى شواهد وأدلة تؤكد استخدام الاحتلال أسلحة غير تقليدية، وأشد فتكا، تتمتع بقدرة تدميرية هائلة، في إطار إستراتيجية إبادة شاملة تستهدف تدمير الإنسان والأرض معا.

ويوضح أن "هذه الأسلحة تشمل قنابل عنقودية وقنابل تحتوي على مواد كيميائية محرمة دوليا، يستخدمها الاحتلال بشكل مكثف على نطاق واسع، وتؤدي إلى دمار شامل في البنية التحتية والمنازل، بل وتتسبب في إصابات خطيرة ومشوهة للمدنيين الذين يبقون على قيد الحياة".

ويقول "من الواضح أن الاحتلال لا يكتفي بالتدمير المادي، بل يسعى إلى تدمير الإنسان الفلسطيني من خلال هذه الأسلحة الفتاكة، التي تتجاوز كل الحدود الأخلاقية والقانونية، وتندرج في سياق مخططه لجعل غزة غير قابلة للحياة في إطار مساعيه لتهجير السكان".

جرائم بأسلحة أميركية

وعلى وقع هذه الجرائم، كشفت وثيقة أن إدارة الرئيس ترامب مضت قدما في بيع أكثر من 20 ألف بندقية هجومية لإسرائيل الشهر الماضي، وهي صفقة أرجأتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن بسبب مخاوف من إمكانية وصول هذه الأسلحة إلى مستوطنين إسرائيليين متطرفين.

وهذه الصفقة تعتبر صغيرة مقارنة بأسلحة بمليارات الدولارات تزود بها الولايات المتحدة إسرائيل، ولم تتوقف إمدادات السلاح الأميركية لها منذ اندلاع الحرب على غزة.

يذكر أنه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو أول يوم له بالمنصب، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا يلغي العقوبات الأميركية المفروضة على المستوطنين الإسرائيليين، ووافقت إدارته منذ ذلك الحين على بيع أسلحة بمليارات الدولارات لإسرائيل.

إعلان

كما رفض مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة، الخميس الماضي، محاولة منع بيع أسلحة بقيمة 8.8 مليارات دولار لإسرائيل بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، إذ صوّت 82 مقابل 15 عضوا، و83 مقابل 15 عضوا، لصالح رفض قرارين بعدم الموافقة على بيع قنابل ضخمة وغيرها من المعدات العسكرية الهجومية.

ويقول رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبد العاطي للجزيرة نت، إن "إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة، وجرائم ممنهجة من جنودها ومستوطنيها في الضفة الغربية، بشراكة أميركية كاملة".

ووضع إفراج إدارة ترامب عن صفقة البنادق في سياق إمعانها وتشجيعها لإسرائيل لارتكاب مزيد من الجرائم، والأخطر -برأي الخبير الحقوقي- هو تزويد الإدارة الأميركية للاحتلال بقنابل زنة ألفي باوند، يستخدمها حاليا في غزة، وتتسبب في حدوث ما يشبه الزلازل في المناطق التي تستهدفها، ودمار على نطاق واسع، وأضرار بيئية جسيمة، علاوة على رفع فاتورة الضحايا من الشهداء والجرحى.

ويؤكد عبد العاطي أن الشواهد كثيرة على استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دوليا، خاصة في المناطق المكتظة بالمدنيين، من قنابل فراغية وارتجاجية تحتوي على مواد كيميائية، تنسف بها أحياء ومناطق بأكملها على رؤوس ساكنيها، وتؤدي إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا، وهناك أعداد كبيرة من الشهداء اختفت أجسادهم وتبخرت نتيجة هذه الذخائر المحرمة.

فيديو يكذب رواية إسرائيل حول استهداف المسعفين في رفح قبل أسبوعين في غزة.. ماذا في التفاصيل؟#رقمي #حرب_غزة pic.twitter.com/ect27kPHUF

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 5, 2025

مختبر أسلحة

وإضافة إلى ما تحصل عليه من إمدادات عسكرية أميركية، فإن إسرائيل تستخدم القطاع مختبرا وحقل تجارب لما تنتجه مصانعها من أسلحة وذخائر، وهو أمر يؤكد عبد العاطي أنها اعتادت عليه في كل حروبها السابقة، لكن هذه الحرب هي الأشد فتكا ودموية وتدميرا.

إعلان

ويقول عبد العاطي إن إسرائيل توظف حربها على غزة لتطوير صناعاتها العسكرية من الأسلحة، خاصة المحرمة دوليا من دون رقابة أو قيد أو محاسبة دولية، حيث ترتكز دولة الاحتلال في اقتصادها على تجارة الأسلحة كونها من أكبر المصدرين عالميا.

ويتفق الثوابتة مع عبد العاطي على أن الولايات المتحدة في شراكة كاملة مع الاحتلال فيما يرتكب من جرائم، ويقول "تأتي صفقة البنادق بعد جريمة الإعدام الميداني التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق طواقم الدفاع المدني وطواقم الإسعاف في مدينة رفح".

"هذه الصفقة تندرج في إطار دعم الاحتلال في حربه المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، وتشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية التي تحظر تزويد أطراف النزاع بالأسلحة التي تستخدم في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومن الواضح أن هذه الأسلحة لا تستخدم فقط في التصعيد العسكري ضد المقاومة الفلسطينية، بل بشكل خاص في استهداف المدنيين، بما في ذلك الطواقم الطبية وفرق الإغاثة"، بحسب الثوابتة.

ويقول المسؤول الحكومي "هذا القرار يعكس الدور المريب للإدارة الأميركية في تعزيز آلة الحرب للاحتلال الإسرائيلي، ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة ويقوّض كل جهود السلام، والإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعات سياساتها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الأسلحة للجزیرة نت عبد العاطی فی غزة

إقرأ أيضاً:

كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية

على الأغلب، كان أفراد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتوقّعون أن يهاجمهم اليسار الأميركي، الذي هاجم سلفه الرئيس السابق جو بايدن، على موقفهم الداعم لدولة الاحتلال أثناء حرب الإبادة على قطاع غزة، لكن لعل ما لم يتوقعوه هو الضغط الهائل الذي مارسته مجموعة من أبرز المؤثرين والإعلاميين اليمينيين المحافظين في البلاد ضد ممارسات دولة الاحتلال والانحياز الأميركي الأعمى لها.

وواحدة من أبرز هؤلاء الإعلاميين التي لم تدخِر جُهدا في الهجوم على دولة الاحتلال وعلى السياسة الأميركية تجاهها هي كانديس أوينز، الإعلامية اليمينية المسيحية المحافظة، التي اشتهرت بمقولتها: "الله سينتقم من كل مَن يدافع عن ما ترتكبه إسرائيل في غزة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماركس يغزو نيويورك.. الثروة ملك إيلون ماسك وممداني يملك الشارعlist 2 of 2هل أصبح تيك توك في قبضة إسرائيل بعدما استحوذ عليه الملياردير الغامض؟end of list

إن هذا الاتجاه غير المألوف الذي جسَّدته كانديس وأمثالها في صفوف اليمين الأميركي المحافظ، ومخالفتهم موقف اليمين المُعتاد من دولة الاحتلال، قد مثل ضغطا جديدا من نوعه على الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة من الحرب، خاصة أن الضغط استهدف القاعدة الانتخابية لترامب، وكان مبنيا على حجج مُقنعة للمواطن الأميركي المحافظ المتديّن الذي تعتمد الإدارة الأميركية على صوته.

كان نقد كانديس ورفاقها يرتكز على فكرة أن سياسة ترامب تجاه دولة الاحتلال مناقضة لشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، فضلا عن أن خطابها يركّز على استثارة النزعة الوطنية الأميركية بالتركيز حول فكرة انصياع الولايات المتحدة الدائم للمصالح الإسرائيلية حتى حين تخالف تلك المصالح الأولويات الأميركية.

وتهاجم كانديس الفكرة القائلة إن الولايات المتحدة تحتاج لدولة الاحتلال، وتؤكد على حقيقة أن الولايات المتحدة كانت موجودة وفاعلة وقوية قبل حتى أن تتأسس دولة الاحتلال بفترة طويلة.

ليس هذا فحسب، بل إن كانديس قد وجَّهت قطاعا من الرأي العام الأميركي اليميني بعد مقتل تشارلي كيرك نحو اتجاه جديد للغاية حين أشعلت الجدل بقولها في برنامجها إن بيل أكمان، وهو من أبرز مؤيدي حملة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، وفي الوقت نفسه من أبرز مؤيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي، قد هدَّد كيرك بعد أن وجد أنه على وشك تغيير آرائه بشأن ما يحدث في غزة وبشأن تأييده المطلق لدولة الاحتلال في ما سبق.

إعلان

وحسب بليك نيف، وهو الرجل الذي أنتج العديد من أعمال تشارلي كيرك، فإن الهجمات التي شنتها كانديس على اليمينيين من أصدقاء كيرك، الذين اتهمتهم بمحاولة التأثير عليه وتهديده قبل اغتياله، قد عرَّضت هؤلاء الأشخاص لمضايقات جمَّة نظرا لأن قطاعا كبيرا من الجمهور تأثر برواية كانديس عن الأحداث.

ما قصة كانديس أوينز إذن، التي وصفتها صحيفة الإندبندنت بكونها من أخطر النساء وأكثرهن تأثيرا على الإنترنت، والتي تُعَد واحدة من أبرز وأشهر الصحفيين اليمينيين المستقلين في الولايات المتحدة، بعد أن وصلت شهرتها إلى العالمية، ولعبت دورا هاما على المستوى الثقافي في الخندق المُعادي لدولة الاحتلال في الإعلام الغربي مؤخرا؟

لعل أهم ما عزز الصلة بين كانديس وجموع كبيرة من الجمهور الأميركي هو دفاعها عن قِيم الأسرة المسيحية وهجومها العنيف على النسوية (غيتي)الثورة اليمينية السوداء والحبة الحمراء

بدأت حياة كانديس أوينز بداية مختلفة عمَّا وصلت إليه الآن من قناعات، فقد كان سبب شهرتها في البداية مناقضا لقواعد شهرتها الحالية للمفارقة. ففي حين تشتهر كانديس اليوم برفضها عقلية الضحية التي يعيش بها قطاع عريض من أصحاب البشرة السوداء والنساء في الولايات المتحدة من وجهة نظرها، كان سبب شهرتها الأوّلي في الواقع كونها ضحية.

ففي عام 2007، حينما كانت كانديس أوينز طالبة في مدرسة ستامفورد الثانوية وتبلغ من العمر 17 عاما، تحوَّلت إلى حديث الصحف الأميركية بسبب شكواها المتعلقة بتلقيها رسائل صوتية تحتوي على خطاب كراهية عنصرية وتهديدات بالقتل من مجموعة شباب، كان من بينهم ابن رئيس البلدية في المنطقة.

وقد استطاعت عائلة أوينز آنذاك أن تتلقى 37 ألفا و500 دولار من الإدارة التعليمية التي تتبع لها مدرستها للتسوية بعد أن تقدمت العائلة بشكوى للجمعية الوطنية للنهوض بالمُلوَّنين ضد الإدارة التعليمية في ستامفورد بدعوى أنها قصَّرت في حمايتها وفي استجابتها لحالتها بعد تعرُّضها لتلك الحادثة.

بعد أن تركت كانديس دراستها الجامعية وواصلت تعليمها لنفسها، تدرَّبت في مجلة "فوغ"، ثم عملت في شركة استثمار بمدينة نيويورك، وبحلول عام 2015 تمكَّنت كانديس أيضا من إنشاء وكالة تسويق تُدعى "180 درجة"، وقد كانت هناك مُدوَّنة تابعة لتلك الوكالة تكتب فيها كانديس مقالات معادية بشدة لليمين وللأفكار المحافظة، إلى درجة أنها كانت تسخر على نحو جنسي من الرمز اليميني الصاعد آنذاك دونالد ترامب.

حتى هذا التوقيت كانت كانديس على طريقها لتصبح ناشطة في تيار اليسار الليبرالي الديمقراطي، خاصة أنها هي نفسها امرأة سوداء تعرضت لخطاب الكراهية العنصري، ومن ثمَّ عُدَّت قصتها تجسيدا لفكرة "سياسات الضحية" التي كان يُروِّج لها اليسار الليبرالي الأميركي في هذا التوقيت، والتي تعني التركيز على الفئات المستضعفة مثل النساء وأصحاب البشرة السوداء ومحاولة تمكينهم وإعطائهم امتيازات تحصنهم في مجتمع يتعرضون فيه للتهميش والاضطهاد، حسب الخطاب السائد آنذاك.

ولكن بحلول منتصف العقد الثاني من القرن تعرّضت كانديس لحادثة غيَّرت مسار حياتها، فقد أعلنت عن منصة لمكافحة التنمر اسمها "سوشيال أوتوبسي"، كان هدفها فضح المتحرشين والمتنمرين على الإنترنت بجمع منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وربطها بالهويات الحقيقية لمَن كتبها بما في ذلك عناوينهم وأسماؤهم ومدارسهم، لتُفاجأ كانديس آنذاك بسيل من النقد اللاذع من المنتمين للتيار الليبرالي واليساري والنسوي نفسه، الذي رأى قطاع منه في مشروعها استنساخا لتكتيكات المتحرشين والمتنمرين أنفسهم، وأن مثل هده المنصة قد تُعرِّض النساء والمُلوَّنين والمنتمين لمجتمع الميم أنفسهم لأزمات كبيرة.

إعلان

اعتبرت كانديس أن الهجمة على مشروعها كشفت لها حقيقة التيار التقدُّمي، وأنه تيار منافق من وجهة نظرها، كما وصفت ما مرَّت به بعد ذلك قائلة: "لقد أصبحتُ محافظة بين عشية وضحاها، إذ أدركتُ أن الليبراليين هم العنصريون والمتنمرون الحقيقيون".

وفيما بعد، أنشأت كانديس عام 2017 قناة على يوتيوب بعنوان "حبة حمراء سوداء"، وتعبير الحبة الحمراء هو تعبير مُستقى من فيلم "الماتريكس"، ويعني اختيار حبة معرفة الحقيقة المُرَّة التي يخفيها المجتمع. وقد بدأت في نشر مقاطع تُروِّج فيها للأفكار المحافظة، وتقول إن مشاكل السود الحقيقية تكمُن في ثقافتهم وأفعالهم هم، وليس في الاضطهاد الهيكلي المستمر من البيض.

وبدأت كانديس تستخدم الإحصاءات والبيانات لتدلل على ذلك، داعية المجتمع الأسود في الولايات المتحدة الأميركية أن يتخلى عن ثقافة الضحية التي ينشرها بينه الديمقراطيون والتقدُّميون، وأن يتيقَّظ لحقيقة أن الأغلبية المطلقة التي تتجاوز 90% من ضحايا العنف من السود يحدث لهم ذلك في جرائم يرتكبها سود مثلهم، وأن نسب الآباء الذين يتركون أسرهم ويتخلون عن أبنائهم تتعلق بما يفعله السود أنفسهم في بعضهم البعض، وليس لها علاقة باضطهاد البيض لهم، على حد وصفها.

اكتسبت مقاطع كانديس المناهضة للأفكار التقدمية والنسوية وسياسات الهوية والضحية متابعين كُثرا في وقت تمتعت فيه تلك الأفكار بسطوة كبيرة، وكانت مناهضتها فعلا جريئا في حينه ومحفوفا بالمخاطر. ولكن ما أكسب كانديس القدرة على الاستمرارية واجتذاب المزيد من المتابعين هو قدرتها الكبيرة على المناظرة واستخدام البيانات والبراهين لإثبات قوة حُجتها.

بحلول نهاية عام 2017، أصبحت كانديس مديرا للمشاركة الحضارية بمنظمة "نقطة تحوُّل الولايات المتحدة الأميركية"، تلك المنظمة الشهيرة التي ارتبطت باسم مؤسسها تشارلي كيرك وكانت تنظم فعاليات للمحافظين واليمينيين في الولايات المتحدة، ثم أصبحت مديرة الاتصالات بالمنظمة. وفي حين التقى تشارلي كيرك بكانديس للمرة الأولى في مؤتمر لليمينيين المحافظين بفلوريدا في ذلك العام، قال إنه بعد 30 ثانية من رؤيتها على المسرح قال لنفسه إنه لم يرَ موهبة مثلها طوال سنوات عمله في السياسة، ومن ثم سرعان ما وظَّفها.

كانت كانديس تتحول بسرعة رهيبة من فتاة اشتهرت في بداية حياتها بسبب تعرضها لحادثة تنمر عنصري إلى ناشطة ذات جماهيرية واسعة بين المحافظين والأميركيين من أصحاب البشرة البيضاء، ومناهضة لحركة "حياة السود مُهِمة" (Black Lives Matter) بوصفها حركة تُرسِّخ نظرة غير واقعية للسود على أنهم ضحايا.

صارت كانديس أيضا صحفية بارزة ذات علاقة ناشئة قوية بالرئيس الأميركي ترامب الذي اعتبرته أفضل رئيس للسود في الولايات المتحدة، وكان ترامب قد وصفها بأنها امرأة ذكية، ولعل أهم ما عزز الصلة بين كانديس وجموع كبيرة من الجمهور الأميركي هو دفاعها عن قِيم الأسرة المسيحية وهجومها العنيف على النسوية في وقت رأى فيه كثير من الرجال الأميركيين البيض أنفسهم مظلومين ولا صوت لهم في الخطاب الإعلامي السائد.

منذ بداية حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وقفت كانديس أوينز بوضوح إلى جانب غزة (الفرنسية)

باختصار، وفي وقت التف فيه مجتمع السود حول الأفكار التقدمية والديمقراطية، حاولت كانديس أن تقود ثورة سوداء في المجتمع الأسود نفسه، بقولها إن اليسار يحاول دوما أن يُقنِع السود بأكاذيب من وجهة نظرها، وهي أكاذيب تؤدي في النهاية إلى ترسيخ عقلية الضحية واختلاق الأعذار بدلا من الفعل والمبادرة لتغيير الواقع، فبدلا من أن يبدأ الرجل الأسود والمرأة السوداء في محاولة استغلال إمكاناتهم للوصول للنجاح وللأسرة المستقرة، يغرقون دوما في فخ التفكير في الماضي والعنصرية المُمنهَجة وما إلى ذلك، وحينها يتوقف السود عن النظر للمشاكل المتعلقة بالثقافة السائدة بينهم التي تؤدي لاستمرار الفقر.

إعلان

بدأت كانديس تتبنى أيضا خطابا مثيرا للجدل بقولها إنه إن كانت هناك عنصرية، فهي ضد البيض وليس السود، فإذا قال أي أبيض شيئا، حتى لو كان عاديا، لكن يمكن أن يُشم منه رائحة العنصرية، فحينها سيتعرض لثقافة الإلغاء ويتم إقصاؤه، في حين أن الشخص الأسود يمتلك حرية أكبر خلال هذا العصر في التعبير عن نفسه وعن آرائه.

باختصار بَنَت كانديس أفكارها، ليس بإنكار وجود حالات عنصرية على المستوى الفردي ضد السود في الولايات المتحدة، ولكن بإنكارها أن يكون هناك حجاب غير مرئي يمنع السود من النجاح الفردي كما يدعي اليسار من وجهة نظرها، وأنه لربما كان حقيقيا في الماضي، لكنه منذ سنوات طويلة لم يعد كذلك، وأن المجتمع الأسود يجب أن يتبنَّى الآن فكرة المسؤولية الشخصية والتحلّي بأخلاقيات عمل أفضل واتباع نهج أكثر انضباطا في الحياة والتمسُّك بقِيم الأسرة وعدم إنجاب أطفال قبل الزواج، كي يُغيِّر واقعه الاقتصادي والاجتماعي دون الدخول في ماراثون الاضطهاد الذي يريد اليسار أن يُدخِل فيه الجميع، وأن يلعب فيه أفراد المجتمع دور الضحية إلى ما لا نهاية.

يقول الكثيرون من منتقدي كانديس أيضا إنها كانت تروّج لنظريات المؤامرة، وحسب صحيفة لوموند الفرنسية فإنها "مؤيدة قوية لبعضٍ من أغرب نظريات المؤامرة" مثل تشكيكها في وصول الأميركيين إلى القمر، وتشكيكها في أرقام الوفيات الناجمة عن جائحة كورونا عام 2020، فضلا عن رفضها للقاحات والتطعيم، واتهامها النشطاء من أقصى اليسار الراديكالي بمهاجمة شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي الأميركي برسائل مفخخة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو أمر ثبت بعد ذلك من تحقيقات الشرطة أنه كان بفعل عضو من الحزب الجمهوري نفسه ومؤيد لترامب.

يُضاف إلى ذلك العاصفة العالمية التي أثارتها مؤخرا بسلسلة حلقاتها التي حاولت أن تبرهن فيها على أن زوجة الرئيس الفرنسي ماكرون رجل بيولوجيا وليست امرأة، وقد راهنت بتاريخها الصحافي كله وفق كلماتها على أن تلك هي الحقيقة التي لا يستطيع ماكرون الرد على أدلتها. ونتيجة لذلك رفع إيمانويل وبريجيت ماكرون في يوليو/تموز 2025 دعوى تشهير في ولاية ديلاوير الأميركية تحتوي على 22 تهمة ضد كانديس، والتهمة الرئيسية كانت أن كانديس قد نشرت عمدا بيانات "كاذبة وتشهيرية" ضدهما لتحقيق الربح.

ورغم وصفها المتكرر بأنها مُروِّجة لنظريات المؤامرة، فإن كانديس ترد على ذلك دائما بأنها تسائل الرواية الرسمية، وأن هذا حقها كصحافية ما دامت تقوم بذلك من خلال المنهج العلمي وباتباع الأدلة، والواقع أنه سواء كانت كانديس بالنسبة للبعض مُروِّجة لنظريات المؤامرة أم لا فهي لا تفعل ذلك على النحو التقليدي لهذه الكلمة، وإنما ما تفعله عادة هو تتبع النواقص والفجوات في الرواية الرسمية ومحاولة إبراز تلك الفجوات.

فلسطين مفترق طرق

منذ اندلاع طوفان الأقصى ومن بعده بداية حرب الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، اتخذت كانديس أوينز موقفا مناقضا لموقف الأغلبية الساحقة من اليمين الأميركي خصوصا، والغربي عموما، إذ وقفت بوضوح إلى جانب غزة وانتقدت دولة الاحتلال بنبرة جريئة وغير معهودة حتى على اليسار الأميركي.

نتيجة لذلك، خسرت كانديس وظيفتها بموقع "ديلي واير"، إذ أعلن جيريمي بورينغ، الرئيس التنفيذي للموقع، على منصة "إكس" بعد مرور أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية أن "ديلي واير" وأوينز قد أنهيا علاقتهما، وسرعان ما أكدت كانديس الأمر نفسه، وقد حدث ذلك في أعقاب الخلافات الكبيرة بينها وبين الناشط اليميني الأشهر في الولايات المتحدة بن شابيرو في ما يخص تأييد دولة الاحتلال، وهو أيضا من مؤسسي "ديلي واير"، وهي خلافات وصلت إلى حد النزاع العلني على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مواقف كانديس المؤيدة لفلسطين والمنتقدة بشدة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.

باعتبارها مسيحية مُتديِّنة وذات صوت مسموع لدى المسيحيين المحافظين الأميركيين، فقد لعبت كانديس دورا كبيرا في تفكيك المقولات المسيحية الصهيونية والهجوم على الأفكار التي تقول إن المسيحيين مأمورون من الكتاب المقدس بدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تدخر كانديس جهدا في التأكيد على أن الموقف المسيحي الحقيقي ينبغي ألا يكون داعما لانتهاكات دولة الاحتلال التي تقتل الأطفال وترتكب أفعالا شيطانية مند نشأتها، على حد وصفها.

إعلان

كانت كانديس من أول مَن لفتوا الانتباه في الإعلام الأميركي إلى حقيقة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يهجم على الكنائس في فلسطين ويقتل المسيحيين في غزة تماما مثلما يقتل المسلمين والأطفال في القطاع، كما أنها من أوائل مَن وصفوا ما يحدث في القطاع بالهولوكوست، وأكدت أنها مع هذا الكم من جثث الأطفال المحترقة التي تراها يوميا فإنها تعتقد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترتكب هولوكوست عن عمد.

إن هجوم كانديس أوينز المستمر على دولة الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة لم يتسبَّب فقط في فقدانها عملَها، لكنّه منحها لقب المعادية للسامية من قِبل إعلام دولة الاحتلال ومؤيديها، وفي عام 2024 منحت منظمة "أوقفوا معاداة السامية"، وهي منظمة يهودية ممولة من القطاع الخاص، لقب "مُعادِية السامية للعام" لكانديس.

ولكن من جهة أخرى، اكتسبت كانديس شعبية كبيرة سواء في الولايات المتحدة والعالم الغربي بسبب موقفها الراسخ منذ انطلاق حرب الإبادة المتعلق بانتقاد وفضح انتهاكات دولة الاحتلال ومُساءلة السلطة الأميركية وانتقادها اللاذع، وقد شدَّدت كانديس على كشف التناقض بين خطاب السلطة الذي يرفع شعار "أميركا أولا"، وعلى المواقف الحقيقية التي انتهجتها إدارة ترامب، التي فضَّلت -من وجهة نظرها- المصالح الإسرائيلية على المصالح الأميركية ذاتها.

ويكفي القول إنه منذ انفصالها عن منصة دايلي واير وصناعة مشروعها الخاص المتمثل في البودكاست الذي يحمل اسمها، كان نجاحها مذهلا، حسب وصف صحيفة الإندبندنت البريطانية، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2025، تصدَّر برنامجها قائمة البرامج الأكثر مشاهدة على مختلف المنصات من حيث عدد مرات التحميل والمشاهدات لكل حلقة، بمتوسط ​​3.5 ملايين تحميل تقريبا لكل حلقة.

وحسب منصة فورتشن الأميركية، فإن نجاح كل حلقة من حلقات كانديس كان استثنائيا، وتضم قناتها حاليا على يوتيوب 5.58 ملايين مشترك، وحصدت أكثر من 1.1 مليار مشاهدة، بمعدل يتراوح بين 500 ألف ومليوني مشاهدة لكل مقطع.

وفي هذا العام وحده حصدت كانديس مشاهدات تصل إلى 617 مليون مشاهدة، بينما يتابع كانديس حوالي 7 ملايين شخص على منصة "إكس"، وأكثر من 5 ملايين على منصة إنستغرام، ويحظى برنامج كانديس بأعلى كثافة إعلانية بين 8 محطات إذاعية محافظة رئيسية في الولايات المتحدة، وقد احتوت أكثر من 90% من حلقات برنامجها على إعلانات تتلوها، ولديها نحو 60 راعيا متناوبا، من بينهم أسماء بارزة في عالم الإعلانات.

من مُلهمة لإرهابي يُهاجِم المسلمين إلى مدافعة عنهم

في 15 مارس/آذار 2019 خرج الشاب الأسترالي برينتون تارانت من منزله وهو ينوي قتل أكبر عدد يستطيع أن يقتله من المسلمين، ومن ثم حمل معه بنادق نصف آلية عسكرية الطراز، وذهب إلى مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلاند، واقتحمهما وقتل 51 شخصا، وهي مذبحة هزَّت العالم آنذاك، خاصة أن الإرهابي بثَّ الحادث بأكمله على موقع فيسبوك مباشرة عبر كاميرا مثبَّتة على قبعة يرتديها، كما نشر الشاب الأسترالي بيانا مطولا من 74 صفحة يُشجع فيه على الإرهاب ضد المسلمين.

كان هذا الحادث أسوء حادث إطلاق نار جماعي في تاريخ نيوزيلاندا، ومع ذلك فإن القاضي الذي حاكم برينتون تارانت لاحظ أنه لم يظهر أي ندم أو تأنيب ضمير تجاه ما فعله.

وللمفارقة فإن السبب الكبير في ثبات الإرهابي وقتها، واقتناعه بأن ما اقترفه صواب، كان تأثره بأفكار المعلقة المحافظة الأميركية كانديس أوينز كما أوَّلها، إذ قال إن أفكارها كانت مذهلة بالنسبة له وإنها دفعته للجنوح نحو استخدام العنف بدلا من الخنوع والاستسلام أمام مدِّ الأفكار التقدُّمية من جهة وتزايد أعداد المسلمين في الغرب من جهة أخرى.

توجَّهت سهام النقد بشدة تجاه كانديس بعدئذ، وهُوجم محتواها الذي ألهم مُنفّذ العمل الإرهابي، لكن كانديس دافعت عن نفسها حينها قائلة إن ربط اسمها بمنفذ العملية أمر مضحك ومجرد هراء لأنها لم تكتب أي محتوى عن الإسلام. لكن حسب موقع بيزنس إنسايدر، فإن كانديس كانت بالفعل قد كتبت قبل الحادثة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تعبّر فيها عن الخوف من أن أوروبا ستصبح قارة مسلمة بحلول منتصف القرن الحالي وفقا لمعدل المواليد القائم الآن، ومن ثم سيُطبِّق المسلمون فيها الشريعة الإسلامية.

ورغم أن أوينز حينها لم تكن قد كتبت كثيرا عن الإسلام والمسلمين بالفعل حتى ذلك الوقت، فإنها ألهمت مُنفِّذ العملية على الأرجح من خلال فلسفة خطابها التي تنطلق من فكرة أن الأغلبية البيضاء المسيحية في الغرب مُهدَّدة بالمؤامرات كي تتضاءل، وأنها تعاني من مظلمة حقيقية.

بيد أن الصورة اختلفت على مدار السنوات اللاحقة، إذ بدأت كانديس تكتسب شعبية متصاعدة بين المسلمين، ليس فقط بسبب موقفها الحاسم من القضية الفلسطينية، وإنما أيضا بسبب تعليقاتها حول الإسلام والمسلمين.

في لقائها مع المؤثر الأميركي البريطاني الشهير المحسوب على اليمين أندرو تيت بعد إشهار إسلامه، ورغم أن كانديس قد عبَّرت عن حزنها من أن أندرو لم يتمسك بالمسيحية، تحدَّثت كانديس بأدب شديد واحترمت اختياره، كما أكدت على كونها لا تعرف شيئا عن الإسلام يؤهلها كي تجادله في اختياره.

وكانت تلك اللهجة "المتواضعة" في الحديث عن الإسلام غير شائعة بين أبناء أقصى اليمين، الذين عادة ما يسارعون لإلقاء الاتهامات للإسلام ولا يعترفون بأنهم يفتقرون للمعرفة الكافية حوله.

في حوار لها في بداية العام الماضي استخدمت كانديس لهجة تجاه المسلمين يندر للغاية أن يستخدمها من ينتمي لليمين في الدول الغربية، فقد أرادت أن تضرب مثالا حول التحكُّم في عقول الأميركيين بواسطة البروباغندا، ولم تجد أفضل مما حدث بالولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي جعلت الناس آنذاك تشعر بالخوف من المسلمين.

وقالت كانديس إنها لا تتخيل كيف كانت حياة مسلمي الولايات المتحدة في هذا التوقيت حين كانت كل وسائل الإعلام والنظام التعليمي يضخان في عقول الأميركيين أن كل مسلم إرهابي، ثم عقَّبت كانديس بقولها إنها تريد قبل كل شيء أن تتأسَّف بالنيابة عن الولايات المتحدة لكل المسلمين الذين نشؤوا في تلك الفترة داخل الولايات المتحدة، على الطريقة التي عُوملوا بها حينها.

وأكدت كانديس في هذا الحوار أيضا على أن غسيل المخ تجاه المسلمين الذي جرى على نطاق واسع في مطلع الألفية، كان يهدف إلى التغطية على الجرائم التي ارتُكبت بعد ذلك في حق المسلمين، حيث قتلت الولايات المتحدة مليون مدني عراقي بعد أن ادعت كذبا وجود أسلحة دمار شامل في العراق.

وتقول كانديس إن تلك البروباغندا التي وُجِّهَت ضد الإسلام والمسلمين حينئذٍ كانت محاولة لتمهيد العقل الأميركي كي يُطبِّع مع فكرة قصف المسلمين وقتلهم، وأن يتمرن على ألا يشعر بأي شيء تجاه المسلمين حين يموتون. وقد أبدت كانديس انزعاجها الشديد، باعتبارها امرأة مسيحية متدينة، من أنها سمحت للبروباغندا وللنظام التعليمي في الولايات المتحدة أن يُعلِّمها ألا تهتم بحياة الإنسان المسلم.

مقالات مشابهة

  • الكرملين رداً على الناتو: تصريحات “الاستعداد للحرب ضد روسيا” تعكس نسيان تجارب الحرب العالمية الثانية
  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
  • تطورات ميدانية بالضفة وغزة .. قصف مدفعي ومدرعات الاحتلال تدخل المدن
  • كاتب أمريكي: ترامب يحاول البحث عن حل يضع حدًا للحرب في أوكرانيا
  • بيتر روف: التطورات العسكرية المتسارعة في أوكرانيا تجعل الأوضاع أكثر تعقيدا
  • تأخر الإجلاء الطبي يودي بحياة أكثر من 1000 مريض في غزة
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • تحذيرات إسرائيلية من أسلحة كاسرة للتوازن في الضفة الغربية