صدر مؤخراً عن كنوز المعرفة رواية "صانع الفَخّار" للكاتبة فوزية علي الفهدية، بعد مجموعة من الأعمال الأدبية في مجال أدب الطفل واليافعين، والرواية التاريخية، والكتابة البحثيّة والمقالية.

تأتي رواية صانع الفخار بإهداء "لكل أصحاب الحِرَف، أهديكم المعنى من رحلة صانع الفخار"، لتتناول الرواية بذلك ليس تفاصيل حرفة الفخار فحسب، بل تتجاوزها إلى المعاني الأعمق للحرف عامة، ولحرفة الفخار على وجه الخصوص، فتتناول البعد الوجودي من طينة المدر التي يصنع منها الفخار، فينطلق صانع الفخار "كناسك في صومعته" نحو أسئلته الوجودية عبر مونولوج داخلي، وأحداث من الواقعية السحرية من حوله، فتصطفّ من حوله الخِزاف، فيقول: كلما صنعت واحدة خسرت الناس من حولي، فتسير به الأحداث في جدلية قائمة ما بين الإرادة والقدر، فيقول: "يخلق من الشبه أربعين، لكن ليس من بني البشر، بل يخلق منك شبهاً من آنية الفخار، وعددها أربعون".

لتتوزّع أحداث الرواية في فصول عديدة، تتأرجح ما بين طين الأرض وروح السماء، لتعبّر الرواية بذلك عن ذات الإنسان الحقيقية المخلوقة من حفنة طين ونفحة ربّ، فطينه يشدّه إلى الأرض وروحه تناجي السماء، فيحكي عبر حرفته حكاية الفناء، وتهمس روحه بوعد البقاء، لتكون بذلك حياة الإنسان آية في جدلية الإرادة والقدر.

بداية من تلك الزاوية التي يصنع فيها، فيقودك النور إليه، كحلزون يحتمي بظلف من فخار، فيقوم بدمج الألوان ليحصل على فخار بلون يشابه لون أدمة البشرة، ليعيش بعدها حياة يفقد فيها الناس كلما صنع آنية من الفخار، حتى تربّعت الآنية عرش حياته، إلى أن أصبح أمامها يغتني بالقناعة فتغنيه.

يدور قرص الدولاب فتبدأ فوهة الجحلة بالدوران، فيبدأ معها رحلته وارتحاله متعجباً: "هل عُجِنت سلالته القديمة بطين الأرض؟ " ليخبئ في داخله أمنيته التي لن تتحقق، بأن يكون آخر صانع فخار في بلدته، لكنّ الحلم لن يتحقّق، فصنع الفخار بما يفوق الصنعة ومادتها، بل انه كتَب المعنى من رحلة الإنسان في صانع الفخار.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الجبير يربط أمن البحر الأحمر باستقرار اليمن.. محاولة لإعادة إنتاج الرواية ’’الصهيونية-الأمريكية’’ أم تهرب سعودي من استحقاقات السلام؟

يمانيون / تحليل

تصريحات وزير الشؤون الخارجية للملكة العربية السعودية عادل الجبير في القمة العربية التي انطلقت أعمالها اليوم السبت 19 ذو القعدة 1446هـ الموافق 17 مايو 2025م في العاصمة العراقية بغداد، والتي ربط فيها أمن الممرات الملاحية في البحر الأحمر بتحقيق الاستقرار في اليمن، تأتي في توقيت حساس من عمر الحرب والصراع الإقليمي التي يديرها النظام الأمريكي.. هذه التصريحات تفتح الباب لقراءة أعمق لما تسعى إليه الرياض في المرحلة المقبلة.

 

من الناحية الدبلوماسية، يبدو تصريح الجبير وكأنه دعوة للسلام، إذ يربط الأمن البحري بالاستقرار السياسي. لكن في الواقع، فإن هذا الطرح يحمل نبرة مشروطة، تضع عبء تحقيق الأمن على طرف واحد – هو اليمن – بينما تتجاهل العدوان الصهيوني على غزة الذي يمثل السبب الحقيقي في الموقف اليمني، خصوصا وأن هذه القضية -العدوان على غزة- غابة تماما من خطابات قيادات المثلث الخليجي “السعودية وقطر والإمارات”.

 

اللافت أن الشرط الذي أشار إليه الجبير ونصه: “لا أمن في البحر الأحمر دون إنهاء تهديدات الحوثيين”، يتقاطع بشكل مباشر مع الرواية التي تبنّتها كل من إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في الفترة الأخيرة، خاصة خلال عملياتهم العسكرية ضد اليمن بذريعة حماية الملاحة.

 

هذا التماهي في الخارجية السعودية يعكس ما يمكن اعتباره محاولة سعودية لإعادة تدوير الموقف الصهيوأمريكي بغطاء عربي، في ظل تراجع الحضور الأمريكي المباشر بعد الفشل العسكري والسياسي.

الفشل في تحقيق “ردع بحري” ضد اليمن، والاضطرار الأميركي إلى الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار، كشف حدود القوة للولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الملف، وأعطى اليمن موقعًا تفاوضيًا أقوى.

هنا، يُفهم من تصريح الجبير كمحاولة لإعادة تموضع السعودية في هذا الملف، عبر نقل الضغوط من واشنطن إلى العواصم العربية، ومحاولة تصوير الأزمة كأزمة “استقرار يمني” بدلاً من كونها نتيجة تدخل و”عدوان خارجي”.

وبدل أن تبادر السعودية بدور واضح للتعامل مع السبب الرئيسي للحصار المفروض على السفن الإسرائيلية بشكل مباشر، يفتح الجبير بابًا جديدًا من الشروط. هذا ليس طرحًا لحل، بقدر ما هو تعليق للمسار السياسي على مشجب الأمن البحري، وكأن الرياض تقول: “لن يتحقق السلام قبل أن يتحقق أمننا البحري”، بينما الأصح دبلوماسيًا هو: “لن يتحقق الأمن البحري دون سلام حقيقي وشامل”.

تحمل تصريحات الجبير رسالة ضغط سياسية موجهة لليمن، مفادها أن الانخراط في المفاوضات المستقبلية سيكون مشروطًا بمحددات أمنية إقليمية، وليس فقط بمطالب داخلية يمنية.. وهذا يعزز قناعة أن السعودية لم تحسم بعد خيار التحول من طرف في الحرب إلى طرف في السلام، كما أنها تشير إلى أن الرياض تسعى لخلق غطاء سياسي جديد للتماهي مع شروط العدو الصهيوني أمريكي، ولو على حساب غزة والفظائع التي ترتكب بحق الالاف من النساء والأطفال.

مقالات مشابهة

  • عاصفة شمسية تضرب الأرض.. ما تأثيرها على الإنسان والتكنولوجيا؟
  • صانع محتوى يستعرض تجربة توضح أن الأمن والأمان أسلوب حياة بالمملكة .. فيديو
  • ما سر الحشرة الزومبي التي تخرج بالملايين في أميركا كل 17 سنة؟
  • الجبير يربط أمن البحر الأحمر باستقرار اليمن.. محاولة لإعادة إنتاج الرواية ’’الصهيونية-الأمريكية’’ أم تهرب سعودي من استحقاقات السلام؟
  • “أسئلة الرواية السعودية”.. قراءة نقدية في تحوّلات الواقع عبر السرد
  • الأسس الفكرية في رواية مئة عام من العزلة لماركيز
  • السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتاب
  • «كمال الحسيني»: الرواية الفلسطينية السلاح الحقيقي ضد الاحتلال
  • مطبخ الرواية... الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير
  • رواية جديدة للدانة البوهاشم السيد: «كان شغفي عطاء» إرادة تقهر الانكسار