ترامب والأسواق وحسابات 401K.. قصة قلق أميركي متجدد
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
تُعد حسابات التقاعد المعروفة بـ401K واحدة من الركائز الأساسية لضمان الاستقرار المالي للمتقاعدين في الولايات المتحدة الأميركية. إذ يعتمد عليها حوالي 60 مليون أميركي في تأمين حياتهم بعد التقاعد.
وتصل القيمة الإجمالية لهذه الحسابات إلى نحو 7.3 تريليون دولار، وفقا لتقرير معهد الاستثمار الأميركي لعام 2024.
ويقوم هذا النظام على مساهمات الموظفين التي تُخصَّص من رواتبهم قبل فرض الضرائب، مع مساهمة أرباب العمل بنسب تختلف قيمتها باختلاف سياسات مؤسساتهم، الأمر الذي يزيد من قيمتها بمرور الوقت.
ويعتبر هذا النظام استثماريا بالدرجة الأولى، حيث تُستثمَر أمواله عادة في الأسهم والسندات والصناديق المشتركة، مما يربط مصير المدخرات المالية مباشرة بأداء الأسواق.
تاريخيا، كانت هذه الحسابات مكملة لأنظمة التقاعد التقليدية التي تقدم معاشات شهرية مضمونة.
لكن مع مرور الوقت، قل الاعتماد على التقاعد التقليدي لتواضع مبلغه الذي لم يعد يغطي متطلبات الحياة المتزايدة، وأصبحت حسابات 401K تشكل الجزء الأكبر من خطط التقاعد الفردية.
لكن هذا فرض تحديات كبيرة أمام ملايين الأميركيين، إذ أن مدخرات التقاعد باتت أكثر تعرضا لتقلبات الأسواق والظروف الاقتصادية والسياسية المتغيرة.
في تقرير لمجلة 401K Specialist عام 2024، تبين أن حوالي 46% من المتقاعدين الأميركيين قلقون من نفاد مدخراتهم التقاعدية، فيما قال 32% منهم إنهم بدؤوا ينفقون من مدخراتهم بشكل أسرع مما خططوا له، نتيجة ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الرعاية الصحية التي ارتفعت بنسبة 6.5% خلال العام نفسه وفقا لمكتب إحصاءات العمل الأميركي.
هذا التحدي المالي أضيفت إليه صعوبات أخرى ناتجة عن التقلبات الحادة في الأسواق.
فخلال السنوات الأخيرة، شهدت الأسواق الأميركية تقلبات كبيرة، خصوصا في ظل النزاعات التجارية والتعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ما أدى إلى توترات تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي وعدد من الشركاء التجاريين الآخرين.
وقد أدت هذه السياسات إلى تراجع حاد في الأسواق المالية وارتفاع مستوى عدم اليقين بين المستثمرين.
حسابات التقاعد 401K شهدت بالتالي تأثيرات كبيرة نتيجة للتقلبات الحادة في الأسواق المالية، والتي نجمت عن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في في 2 أبريل 2025.
ففي الأيام الثلاثة التالية لهذا الإعلان، انخفض مؤشر S&P 500 بأكثر من 10%، وهو ما انعكس سلبا على قيمة حسابات التقاعد المرتبطة بأداء السوق .
بالإضافة إلى ذلك، في 9 أبريل 2025، أعلن الرئيس ترامب عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما للتعريفات على معظم الدول، مما أدى إلى انتعاش كبير في الأسواق المالية حيث شهد مؤشر S&P 500 ارتفاعا بنسبة 5.6% في ذلك اليوم، وهو أحد أكبر المكاسب اليومية منذ الحرب العالمية الثانية.
ومع ذلك، استمرت حالة عدم الاستقرار التي بدت واضحة في تراجع مؤشرات الأسواق الأميركية عند افتتاحها اليوم الموالي، خاصة مع استمرار النزاعات التجارية مع الصين، التي ردت بزيادة تعريفاتها على الواردات الأميركية، مما زاد من تقلبات الأسواق وأثر على مدخرات التقاعد.
وفقًا لتقرير نشرته Investopedia، فإن هذه التقلبات أثرت بشكل خاص على حوالي 4.1 مليون أميركي ممن بلغوا سن 65 هذا العام أو يقتربون من التقاعد.
فالانخفاضات في الأسواق قد تؤدي إلى تقليل قيمة مدخراتهم التقاعدية، مما يضطر البعض إلى إعادة تقييم خططهم المالية وربما تأجيل التقاعد أو تعديل نفقاتهم .
وقد برزت ضغوط شديدة من جانب الأميركيين، خاصة كبار السن، على المشرعين الجمهوريين الذين يدعمون عادة سياسات الرئيس ترامب التجارية.
فقد عبر كبار السن، الذين يشكلون قاعدة انتخابية مهمة للحزب الجمهوري، عن قلقهم المتزايد من استمرار التدهور في مدخراتهم، مطالبين المشرعين بالتدخل للحد من المخاطر التي تفرضها هذه السياسات الاقتصادية المتقلبة.
فتراجع قيمة حسابات التقاعد قد يؤثر على الدعم السياسي، خاصة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس أن غالبية الأميركيين، بمن فيهم عدد كبير من الجمهوريين، يرون أن سياسات ترامب الاقتصادية متقلبة للغاية، مما يزيد من الضغوط على المشرعين الجمهوريين للاستجابة لمخاوف ناخبيهم.
وفي محاولة لمعالجة هذه المخاوف، اقترح بعض أعضاء مجلس الشيوخ، بمن فيهم الجمهوري تشاك غراسلي والديمقراطية ماريا كانتويل، تشريعا يتطلب موافقة الكونغرس على أي تعريفات جديدة خلال 60 يوما من فرضها، بهدف إعادة سلطة فرض التعريفات إلى الكونغرس.
ومع ذلك، صرح زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون، بأن هذا التشريع يواجه صعوبات في التقدم بسبب احتمال استخدام الرئيس ترامب لحق النقض (الفيتو).
في ظل هذه الظروف، غزت مواقع البحث بنصائح الخبراء الماليين المستفيدين من هذا النوع من التقاعد، والتي تتمحور بشكل أساسي حول تجنب اتخاذ قرارات متسرعة بناء على تقلبات السوق قصيرة الأجل كتلك التي تحدث الآن، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يخططون للتقاعد قريبا.
الكاتب المالي المعروف توني روبنز، أكد أن أحد الأسباب الرئيسية لخسائر مدخرات التقاعد يكمن في نقص المعرفة المالية لدى الأميركيين، مشددا على ضرورة تعزيز الوعي المالي وتوفير التوجيه الاستثماري المهني لمساعدة المواطنين على إدارة حساباتهم التقاعدية بشكل أكثر استقرارا وأمانا.
وتشير بيانات حديثة إلى أن حوالي 62% من الأميركيين يملكون استثمارات مباشرة أو غير مباشرة في سوق الأسهم، ونحو 48% من الأصول المالية للأسر الأميركية مرتبطة بشكل مباشر بأداء البورصة، مما يعني أن أي تراجع حاد في الأسواق ينعكس مباشرة على مدخراتهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها مصير حسابات التقاعد هذه وأهمية حمايتها وأصحابها من تقلبات الأسواق التي تخضع أحيانا لمزاجات سياسية متقلبة.
فقد بدأت منذ سنوات عديدة نقاشات تشريعية داخل الكونغرس لحماية هذه الحسابات.
وتم إقرار قوانين مثل SECURE Act عام 2019 وقانون SECURE 2.0 عام 2022، رفعت تدريجيا سن السحب الإلزامي من حسابات 401K إلى 73 عاما حاليا، وستصل إلى 75 عاما بحلول عام 2033، مما يمنح المتقاعدين فرصة أطول لتعويض أي خسائر ناتجة عن تقلبات السوق.
كما سهلت هذه القوانين دخول موظفي الشركات الصغيرة والعاملين بدوام جزئي إلى هذه الخطط، مما يعزز من الاستفادة من نظامي التقاعد التقليدي والخاص معا لضمان استقرار مالي أفضل للأميركيين عند بلوغهم سن التقاعد ما بين 62 و67 عاما.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الأسواق الأميركية ترامب الصين مجلس الشيوخ الكونغرس الفيتو البورصة التقاعد حسابات التقاعد الولايات المتحدة التقاعد أخبار أميركا أخبار أمريكا الأسواق الأميركية ترامب الصين مجلس الشيوخ الكونغرس الفيتو البورصة التقاعد أخبار أميركا فی الأسواق
إقرأ أيضاً:
هيئة الرقابة: شبهات فساد في ملف الكتاب المدرسي وإيقاف مسؤولين وتجميد حسابات
هيئة الرقابة الإدارية تُراجع ملف الكتاب المدرسي: شبهات فساد وتوجيهات بترسية العطاءات على شركات عالمية
ليبيا – عقد رئيس هيئة الرقابة الإدارية، عبد الله قادربوه، اجتماعًا مع وزير التربية والتعليم في حكومة عبد الحميد الدبيبة، ووكيل الوزارة للشؤون التربوية، وعدد من الجهات المعنية، وذلك لمناقشة مستجدات ملف طباعة وتوريد الكتاب المدرسي للعام الدراسي 2025-2026م، في ظل إجراءات احترازية مشددة اتخذتها الهيئة مؤخرًا على خلفية شبهات فساد.
إيقافات وقرارات تجميد على خلفية شبهات فساد
وبحسب المكتب الإعلامي للهيئة، فقد تناول الاجتماع استعراض الإجراءات المتخذة من قبل وزارة التربية والتعليم ومركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية، في ضوء قرارات الهيئة الأخيرة القاضية بإيقاف بعض التعاقدات وتجميد الحسابات المصرفية المرتبطة بملف الكتاب المدرسي، بالإضافة إلى إيقاف عدد من المسؤولين عن العمل احتياطيًا لدواعي تتعلق بالمصلحة العامة.
تشديد على الجودة والشفافية وإبعاد الشركات غير المؤهلة
وشدد قادربوه خلال الاجتماع على ضرورة تسريع الإجراءات لاستكمال عمليات الطباعة والتوريد في آجالها المحددة، مع الالتزام الكامل بتعليمات الهيئة، واشتراط التعاقد مع شركات ذات كفاءة عالية وفق مواصفات فنية ومالية معتمدة، بما يضمن تنفيذ الأعمال بجودة عالمية.
وأكد ضرورة استبعاد جميع الشركات المحلية التي ثبت عدم قدرتها على التنفيذ أو ارتكابها لمخالفات في طباعة الكتاب المدرسي خلال العام الماضي، وخاصة تلك التي تعاقدت بالباطن مع شركات أجنبية بمبالغ مرتفعة أثقلت كاهل الدولة.
توجيه بطباعة الكتاب المدرسي محليًا وتفعيل المطابع الحكومية
كما دعت الهيئة وزارة التعليم إلى الاتجاه نحو طباعة الكتاب المدرسي داخل ليبيا، من خلال تطوير وتفعيل المطابع التابعة للوزارة، بما يسهم في تحسين الجودة، وضمان تنفيذ الأعمال في مواعيدها، وتوفير فرص عمل محلية، وخفض الكُلف الباهظة التي تحمّلتها الدولة لسنوات بسبب الطباعة الخارجية.
لجان للرقابة والمعاينة كشفت مخالفات جوهرية
وأشارت الهيئة إلى أنها شكّلت لجانًا متخصصة لمعاينة كفاءة الشركات المحلية، وقد تبيّن من خلال أعمال هذه اللجان وجود مخالفات تتعلق بقيم رأسمالية ضعيفة، وتعاقدات باطنية مع شركات أجنبية، بالإضافة إلى نسب أرباح مرتفعة غير مبررة، ما استوجب توجيهًا بطرح العطاءات أمام شركات عالمية وفق التشريعات النافذة.
كما تم تكليف لجان أخرى لزيارة ومتابعة المطابع التابعة للوزارة، بهدف تقييم مدى جدواها وتحديد احتياجات صيانتها وتشغيلها، بما يخدم المصلحة العامة ويوفر حلاً وطنيًا مستدامًا لطباعة الكتاب المدرسي.