ط³ط§ظ… ط¨ط±ط³
ط§ط³طھظ‡ط¯ظپ ط§ظ„ط¹ط¯ظˆط§ظ† ط§ظ„ط£ظ…ط±ظٹظƒظٹ طŒ ظٹظˆظ… ط§ظ„ط§ط±ط¨ط¹ط§ط، ط§ظ„ط³ط§ط¯ط³ ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¥ط¨ط±ظٹظ„ 2025ظ… طŒ ظ…ط¯ظٹط±ظٹط© ظ…ظٹظپط¹ط© ط¹ظ†ط³ ظپظٹ ظ…طط§ظپط¸ط© ط°ظ…ط§ط±.
ظˆظ†ظپط° ط§ظ„ط¹ط¯ظˆط§ظ† ط§ظ„ط§ظ…ط±ظٹظƒظٹ ط£ظƒط«ط±ط± ظ…ظ† ط؛ط§ط±ط© ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„ظ…ط¯ظٹط±ظٹط© طŒ ط¯ظˆظ† ط°ظƒط± ط§ظٹ طھظپط§طµظٹظ„ ظ„ظ„ط®ط³ط§ط¦ط± ط§ظ„ظ…ط§ط¯ظٹط© ط§ظˆ ط§ظ„ط¨ط´ط±ظٹط© ط§ظ„ظ†ط§طھط¬ط© ط¹ظ† ظ‚طµظپ ط§ظ„ط·ظٹط±ط§ظ† ط§ظ„ط§ظ…ط±ظٹظƒظٹ ظˆط§ظ„ظ…ظˆط§ظ‚ط¹ ط§ظ„طھظٹ طھظ… ط¶ط±ط¨ظ‡ط§.
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
الحج بين قدسية العبادة والحفاظ على البيئة (تقرير)
يُعد الحج واحدًا من أعظم الشعائر الإسلامية وأركان الإسلام الخمسة، حيث يجتمع المسلمون من شتى بقاع الأرض في زمانٍ ومكانٍ واحد لأداء مناسك تعبّدية تعبّر عن التوحيد والخضوع لله عز وجل، حاملين أرواحهم إلى الله، وأمنياتهم إلى السماء مناجين الله بها.
ومع هذا التزايد المستمر في أعداد الحجاج سنويًا، برزت الحاجة إلى النظر في الجوانب البيئية لهذا التجمع البشري الضخم، لما له من تأثيرات مباشرة على الموارد الطبيعية والنظام البيئي.
ومن هنا تبرز أهمية ربط فريضة الحج بمفاهيم الاستدامة البيئية، التي تعني استخدام الموارد بشكل يُحافظ عليها للأجيال القادمة، ويقلل من الأضرار البيئية الناتجة عن النشاطات البشرية، حيث إن السعي لتحقيق حج مستدام بيئيًا لا يعكس فقط الالتزام بالشريعة في عبادتنا، بل ينسجم أيضًا مع مبدأ الاستخلاف في الأرض، ويعزز من وعي الحاج بمسؤوليته تجاه البيئة، بدءًا من تقليل النفايات، مرورًا باستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة، وصولًا إلى ترشيد استهلاك المياه والطاقة، حيث أن هذه التحديات البيئية الضخمة تتطلب تخطيطًا محكمًا وإجراءات مدروسة لتحقيق التوازن بين أداء الشعائر والحفاظ على البيئة.
استدامة بيئية تقودها المملكة
لا تكتفي المملكة بالنجاح في جوانب التنظيم الأمني والإداري، بل تخطو خطوات نوعية نحو ترسيخ مفهوم «الاستدامة البيئية في الحج»، إدراكًا منها بأن حماية البيئة ضرورة لا تقل أهمية عن أي جانب آخر في إدارة هذا الحدث الاستثنائي.
وعلى صعيدٍ ذي صلة، تظهر جهود المملكة جليّة وواضحة في إدارة هذا الحدث الضخم، حيث ان «قطار المشاعر المقدسة» أحدث نقلة نوعية كبيرة بتقليص الحاجة إلى عشرات الآلاف من الحافلات، مما ساهم في تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء، ولم تتوقف المبادرات عند هذا الحد، بل شملت كذلك استخدام الطاقة النظيفة، واعتماد الحافلات الذكية، وتنفيذ مشاريع مبتكرة كتقنية تبريد الطرق، وكلها خطوات تؤكد على أن المملكة تتبنى الاستدامة كمسار استراتيجي، وليس مجرد خيار.
ورغم هذا التقدم اللافت، فإن الحفاظ على البيئة لا يمكن أن يكون مسؤولية جهة واحدة فقط، بل هو التزام جماعي تشارك فيه الدولة والحاج معًا، حيث أن العادات اليومية التي قد تبدو بسيطة كالإفراط في استهلاك المياه أثناء الوضوء، أو ترك المخلفات بعد تناول الوجبات، أو شراء ملابس تُستخدم ليوم أو يومين ثم تُرمى تُسهم مجتمعة في تشكيل أثر بيئي متراكم لا يمكن تجاهله، لا من الناحية الأخلاقية ولا من الزاوية العملية.
وفي السياق ذاته، تحدثت د. سحر مبارك الحامدي -استشارية استدامة بيئية تخصص البيئة والتنمية المستدامة من الجامعة الاسكندنافية بالسويد- حول أهمية الاستدامة البيئية في الحج، مؤكدة أن هذا المفهوم يتجاوز مجرد حماية الموارد، بل يعني ضمان جودة استمراريتها لما يزيد عن مئة عام، وفق ما ورد في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبيّنت أن هذا يتطلب وعيًا عميقًا ومسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتُستكمل بالمؤسسات.
وأكدت أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- تبنّت مشاريع نوعية لتحقيق هذا الهدف، مثل تبريد الطرق، استخدام الطاقة النظيفة، قطار المشاعر، والتطبيقات الذكية التي تسهّل خدمات الحجاج.
وأضافت لذلك قائلة: «ينبغي أن نُحفّز الالتزام البيئي من خلال مبادرات مثل جائزة لأفضل خمسين خيمة خضراء، تلتزم بالنظافة وتطبيق المعايير البيئية، وتُنشر نتائجها عالميًا لتشجيع التنافس الإيجابي»، وأضافت أن الاستفادة من تصميم البيت الحرام بتنظيم الخيام بشكل دائري متدرج، واستخدام إضاءة الفلورنس الصديقة للبيئة، من الحلول الذكية التي تحترم المكان وتحمي الإنسان.
توعية قبل الوصول
تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي البيئي لدى الحجاج كضرورة ملحّة، ولا سيما مع التوجه الوطني الطموح نحو تحقيق الاستدامة في جميع القطاعات، ومنها قطاع الحج والعمرة، حيث إن حماية البيئة لم تعد مسألة اختيار، بل أصبحت ركيزة أساسية في إدارة هذا الحدث الاستثنائي الذي يجمع بين قداسة المكان واحتشاد الملايين في وقت واحد.
وتماشياً مع رؤية المملكة 2030، التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، تتبنى المملكة نهجاً متكاملاً لترسيخ مفهوم «الاستدامة البيئية في الحج»، والذي يجمع بين التقنية الحديثة، والتخطيط الذكي، والتوعية المؤثرة، بهدف تحويل الحج إلى تجربة روحية وبيئية في آنٍ واحد.
حيث أكدت المملكة في أكثر من مناسبة أن الجانب البيئي لموسم الحج أصبح أولوية استراتيجية، ليس فقط لحماية المقدسات، بل أيضًا للحفاظ على البيئة الطبيعية المحيطة، وضمان استدامة الخدمات للأجيال القادمة، وهو توجه يعكس حرص القيادة الرشيدة على أن تظل المملكة نموذجًا عالميًا في الجمع بين القيم الدينية والممارسات البيئية المتقدمة.
وفي هذا السياق، تحدث أسامة إسماعيل - مدير أول للاستدامة - حول الوسائل التي يمكن استخدامها لتوعية الحجاج بيئيًا، قائلاً «تبدأ التوعية من اللحظة الأولى التي يقرر فيها الحاج أداء المناسك، أي قبل حتى أن تطأ قدمه الأراضي المقدسة. ومن هنا، يمكن الاستفادة من الحملات الرقمية الموجهة بلغات متعددة، وذلك بالتعاون مع جهات معنية مثل وزارة الحج والعمرة، وزارة البيئة، والمراكز الإسلامية المنتشرة في مختلف دول العالم.»
وأضاف: «إن من الوسائل الفعّالة أيضًا دمج الرسائل البيئية داخل تطبيقات الحج الرسمية، بحيث تصل إلى الحجاج على شكل تنبيهات ذكية تذكّرهم بترشيد استخدام المياه، وتشجعهم على فرز النفايات، وتدعوهم لتقليل استهلاك الموارد بشكل عام.»
وتابع أسامة حديثه مشيرًا إلى أن جهود التوعية لا تقتصر على الوسائل الرقمية، بل يمكن تعزيزها ميدانيًا من خلال اللافتات التوعوية في مناطق الحجاج، والشاشات التفاعلية داخل الفنادق والمخيمات، بالإضافة إلى توزيع مواد إرشادية مبسطة تسهل الفهم وتوسّع من أثر الرسالة.
وأشار أسامة إلى أهمية الدور التوعوي الذي يمكن أن يضطلع به المرشدون الدينيون، قائلاً: «إن إشراكهم في توصيل الرسالة البيئية بلغة دينية مؤثرة سيكون له أثر بالغ، إذ يمكن ربط مفاهيم النظافة والحفاظ على البيئة بمبادئ الطهارة والامتثال لأوامر الله، ما يضفي على السلوك البيئي بُعدًا روحانيًا مقنعًا وعميقًا.»
وعلى صعيدٍ ذي صلة، يشير أسامة إلى أن تعزيز ثقافة المسؤولية البيئية لا يقتصر على توعية الحجاج فقط، بل يبدأ من تخطيط الجهات المنظمة لهذا الحدث الاستثنائي.
وأوضح في حديثه قائلاً «السر في نجاح هذا التوجه يكمن في الدمج الذكي بين التخطيط البيئي المدروس والرسائل التوعوية المؤثرة، إذ تستطيع الجهات المعنية – وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة وهيئة تطوير مكة – إدماج معايير الاستدامة في كافة تفاصيل التخطيط اللوجستي، بدءًا من تصميم أماكن السكن المؤقت باستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، وانتهاءً بإدارة الطاقة والمياه والنفايات بأساليب ذكية ومستدامة.»
كما نوّه في حديثه إلى أن تمكين الحجاج من تبني ممارسات صديقة للبيئة هو عامل حاسم في بناء ثقافة بيئية مستمرة، قائلاً: «يمكننا على سبيل المثال تشجيع الحجاج على استخدام عبوات المياه القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من البلاستيكية، وخلق نوع من المنافسة الإيجابية من خلال تخصيص حوافز رمزية للمخيمات التي تلتزم بأعلى معايير النظافة، والفرز السليم للنفايات.»
واختتم أسامة حديثه بالتأكيد على أن نجاح هذه الجهود يتطلب تكامل الأدوار بين الدولة والفرد، مشددًا في قوله على أن «تحقيق بيئة مستدامة في الحج ليس مسؤولية جهة بعينها، بل هو عمل جماعي يترجم القيم الإسلامية في صورة ممارسات حضارية، تحافظ على طهارة المكان وكرامة الإنسان.»
تقنية تخدم الاستدامة البيئية
شهد موسم الحج في السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًا في تبنّي الابتكارات التقنية التي تهدف إلى دعم الاستدامة البيئية، وذلك ضمن إطار تطبيق حلول ذكية تسهم في تقليل الأثر البيئي ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.
ومن أبرز هذه الابتكارات بطاقة الحج الذكية «نسك»، التي تُعد أحد المحاور الرئيسة في هذا التحول، إذ تتيح هذه البطاقة تحديد هوية الحاج، وتحتوي على بياناته الصحية والسكنية ومعلومات التنقل، مما يقلل بشكل كبير من استخدام الورق، ويُسهم في تحسين تنظيم الحشود والحد من التكدس، وبالتالي تقليل التلوث الناتج عن الازدحام وسوء إدارة الحركة.
كما تم تطبيق السوار الذكي الذي يمكّن من مراقبة الحالة الصحية للحجاج بشكل لحظي، من خلال قياس مؤشرات مهمة كأكسجين الدم ونبضات القلب، ويُعد هذا السوار أداة فاعلة تتيح للفرق الطبية سرعة الوصول إلى الحاج وتقديم المساعدة له في الحالات الطارئة، مما يعزز من السلامة العامة خلال موسم الحج.
إضافة إلى ذلك، برز دور الروبوتات الذكية التي استُخدمت في عمليات التعقيم داخل الأماكن المغلقة، إلى جانب توزيع عبوات مياه زمزم دون تلامس. وهذا الاستخدام الفعّال للتقنية لا يسهم فقط في تسهيل الخدمة، بل في الحفاظ على بيئة صحية وآمنة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الأعداد الكبيرة للحجاج.
وفي إطار ذلك تحدث سعد بن شنار ـ المهندس الزراعي - حول أبرز التحديات التي قد تواجه استخدام التكنولوجيا في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية خلال موسم الحج، مبينًا أن هذه الابتكارات رغم فوائدها الكبيرة، إلا أنها لا تخلو من بعض العقبات التي تستدعي الانتباه والمعالجة.
ومن بين هذه التحديات أوضح بن شنار في حديثه قائلاً «إن من أبرز هذه التحديات هي ضعف الوعي الرقمي لدى شريحة من الحجاج، ولا سيما كبار السن أو القادمين من دول تفتقر إلى بنية تحتية رقمية متقدمة، مما قد يصعّب عليهم التعامل مع التطبيقات والمنصات الذكية المستخدمة في تنظيم الخدمات». وأشار أيضًا بن شنار قائلاً «إن الازدحام وكثافة المستخدمين قد تُشكل ضغطًا كبيرًا على الشبكات والخوادم، وخاصة مع استخدام ملايين الحجاج لنفس التطبيقات في وقتٍ واحد، مما قد يؤثر على فاعلية الأنظمة الذكية ويحد من أدائها في لحظات حرجة».
نموذج عالمي مستدام
لا يمكن الحديث عن الاستدامة في الحج دون التوقف عند أحد أبرز عناصر نجاحها، وهي المشاركة المجتمعية من شباب وشابات وطننا، حيث أصبح التطوع البيئي مشهداً مألوفاً في موسم الحج، إذ نرى اليوم شباباً وشابات من مختلف مناطق المملكة يتأهبون لخدمة البيئة في المشاعر المقدسة، ويشاركون في حملات تنظيف، ويوزعون عبوات صديقة للبيئة، ويقدّمون التوعية للحجاج بلغات متعددة، حيث يُعد هذا الحضور النشط لا يقل أهمية عن دور الجهات الرسمية، بل يُعد تجسيداً لوعي جماعي متنامٍ بأن حماية بيئة الحج مسؤولية الجميع.
وفي موازاة هذا الحراك المجتمعي، لعبت التقنيات الذكية دوراً محورياً في تطوير العمل البيئي ورفع كفاءته. فالذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة غيّرا المشهد تماماً، إذ أصبح من الممكن رصد مواقع النفايات خلال دقائق، وتوجيه فرق التنظيف بسرعة وفعالية، لتجعل من إدارة البيئة عملية دقيقة، مدروسة، وسريعة الاستجابة.
وعلى خطٍ موازٍ لذلك، لا يمكن إغفال جهود التشجير التي تُعد من المبادرات البيئية الرائدة في الحج، فقد توسّعت زراعة أشجار النيم في عرفات ومزدلفة، وهي المبادرة التي بدأت كفكرة رمزية بسيطة، ثم تحوّلت إلى مشروع استراتيجي واسع النطاق، وهذه الأشجار لم تكتفِ بتجميل المكان فحسب، بل ظللت مئات الآلاف من الحجاج، وساهمت في خفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء، وعلى صعيدٍ ذي صلة يُبرز ياسر الجميعة ـ خبير ومدرب معتمد في مجال البيئة والمياه والزراعة ـ رؤية شمولية حول مفهوم الاستدامة البيئية في موسم الحج، قائلاً «الاستدامة البيئية ليست فكرة مثالية، بل هي ضرورة عملية في زمن تتسارع فيه مؤشرات التغير المناخي، وأن المحافظة على طُهر المكان لا يعني فقط أن نُنظّفه، بل أن نُديره بحكمة، ونعيشه باحترام».
وفي سياق حديثه، يشير الجميعة إلى البُعد التربوي والتوعوي الذي يمكن أن يحمله الحج المستدام، قائلاً «لعل أجمل ما يمكن أن نراه مستقبلاً، هو أن يتحول الحاج نفسه إلى سفير بيئي يعود إلى بلده وهو يحمل وعياً جديداً، لا يتعلق فقط بكيفية أداء المناسك، بل بكيفية احترام الأرض التي وقف عليها، والهواء الذي تنفّسه، والماء الذي طهّره». ويتابع الجميعة حديثه موضحًا أن روحانية الحج تزداد عمقًا حين تتكامل القيم الدينية مع السلوك البيئي، قائلاً «الحج رحلة روحانية عظيمة، لكن جمالها لا يكتمل إلا حين تتّسق الروح مع الجسد، والدين مع الضمير، والعبادة مع احترام الأرض».
ويؤكد الجميعة على أهمية تحويل هذه الرؤية إلى نموذج عالمي يحتذى به قائلاً «إننا أمام فرصة حقيقية لأن يكون الحج نموذجاً عالمياً للعيش المستدام، تُدرّس فيه البيئات كيف توازن بين قداسة المكان ونقاء الممارسة، فكل قارورة ماء لا تُهدَر، وكل شجرة تُزرع، وكل ضوء يُطفأ عند عدم الحاجة، هو جزء من عبادة أوسع لا تُرى بالعين، لكنها تُسجل في ميزان الوعي».
رسائل إعلامية تدعم البيئة
تسهم منصات الإعلام التقليدي والرقمي بدور تكاملي فاعل في تعزيز الوعي البيئي لدى الحجاج، سواء قبل موسم الحج أو أثناءه، بهدف ترسيخ الممارسات المستدامة والحفاظ على قدسية ونقاء البيئة في الأماكن المقدسة، ويأتي هذا الدور تماشيًا مع توجهات المملكة في دمج الاستدامة ضمن مختلف جوانب موسم الحج، حيث أصبحت الرسائل الإعلامية البيئية أحد الأعمدة الأساسية في نشر ثقافة الوعي البيئي. ومن جانبٍ آخر، قبل أن يصل الحاج إلى الأراضي المقدسة، تبدأ جهود التوعية البيئية عبر قنوات متعددة، حيث تتعاون الجهات المعنية مع وسائل الإعلام لتقديم محتوى تثقيفي متنوع يشرح أهمية الحفاظ على البيئة خلال مناسك الحج، وتُطرح هذه الرسائل بطرق مبسطة وواضحة، تجمع بين المعلومات العلمية واللمسة الإنسانية، لتكون أقرب ما تكون إلى وجدان الحاج مهما كانت خلفيته الثقافية أو التعليمية، وتُبث هذه الرسائل من خلال التلفزيون، والإذاعة، والصحف، والمنصات الرقمية، وكذلك عبر الشبكات الاجتماعية التي أصبحت الواجهة الإعلامية الأوسع انتشارًا.
وتتزايد فاعلية هذا الدور عندما يتم دمج الرسائل البيئية بالمحتوى التفاعلي، الذي يشمل مقاطع الفيديو، والمقالات التوضيحية، والرسوم البيانية، وكل ذلك بلغة سهلة تراعي تنوع جمهور الحجاج، ولا يقتصر دور الإعلام هنا على المؤسسات فحسب، بل يتسع ليشمل المؤثرين على مواقع التواصل، الذين يتم التعاون معهم لتقديم الرسائل البيئية بشكل جذاب وشخصي، يضمن وصولها إلى أكبر عدد ممكن من الحجاج حول العالم، كما تستضيف البرامج التلفزيونية والإذاعية خبراء في مجال البيئة، يقدمون إرشادات دقيقة للحجاج، ويردّون على تساؤلاتهم لتقريب المفاهيم وتحفيز الالتزام.
وفي هذا السياق تحدث البروفيسور تركي بن عبد المحسن بن عبيد ـ الباحث الأكاديمي - موضحًا أن المحتوى الرقمي يشكل أداة واعدة وفعالة في تعزيز وعي الحجاج البيئي، خاصة عند تصميمه بشكل جذاب، ودمجه مع حملات التوعية التقليدية،
إلى جانب توفير بيئة داعمة تسهّل تطبيق السلوكيات المستدامة. وأضاف بن عبيد أن سهولة الوصول إلى المحتوى وسرعة انتشاره، إضافةً إلى تنوع أشكاله من فيديوهات ورسوم وصور تفاعلية، تساهم وبشكل كبير في إيصال الرسائل البيئية إلى الحجاج في الوقت المناسب وبطرق تناسب مختلف شرائحهم.
علاوة على ذلك، لفت بن عبيد إلى أن ما يُميز هذا النوع من التوعية هو القدرة على تخصيص الرسائل بحسب اللغة والموقع الجغرافي، مما يجعل التوجيه أكثر تأثيرًا وواقعية، خاصة حين يكون مدعومًا بمحتوى عملي كخرائط أماكن جمع النفايات أو محطات إعادة التدوير.
كما وأوضح بن عبيد في حديثه أن التفاعل الذي توفره المنصات الرقمية عبر التعليقات والمشاركة يعزز الشعور بالمسؤولية الجماعية ويشجع على تبنّي سلوكيات إيجابية.
ورغم ما سبق، لم يغفل بن عبيد عن ذكر التحديات التي تواجه هذا النوع من التوعية، كضعف الاتصال بالإنترنت في بعض المواقع، وتعدد اللغات والثقافات، فضلاً عن كثافة المعلومات التي قد تُضعف من تأثير الرسائل البيئية، وفي هذا الصدد أشار بن عبيد إلى أن المحتوى وحده لا يكفي دائمًا لتغيير السلوكيات العميقة، بل يجب أن يترافق مع بيئة محفّزة، وبنية تحتية تدعم التطبيق، وربما حتى تحفيزات بسيطة لتعزيز الالتزام. واختتم بن عبيد حديثه مشددًا على أهمية تطوير محتوى رقمي عالي الجودة، بسيط ومباشر، مع التركيز على التعاون مع المؤثرين الرقميين، ودمج الرسائل البيئية في البرامج الإرشادية الخاصة بالحج، إلى جانب تقييم الأثر بطرق منهجية لتطوير الحملات بشكل مستمر وفعّال.