لندن-وام

ترأست لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، وفد دولة الإمارات في «مؤتمر لندن حول السودان»، الذي استضافته المملكة المتحدة بالتعاون مع ألمانيا وفرنسا والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
وعُقد الاجتماع بمشاركة وزراء خارجية وممثلين رفيعي المستوى من كندا وتشاد ومصر وإثيوبيا وفرنسا وألمانيا وكينيا والمملكة العربية السعودية والنرويج وقطر وجنوب السودان وسويسرا وتركيا وأوغندا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إلى جانب ممثلين بارزين عن كل من الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الأمم المتحدة.


وسلّطت نسيبة، خلال المؤتمر، الضوء على تداعيات الصراع المدمر والمعاناة المستمرة للشعب السوداني، بما في ذلك الفظائع الإنسانية المرتكبة على نطاق واسع، والعنف الجنسي الممنهج، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وعرقلة المساعدات الإنسانية واستخدامها كسلاح ضد المدنيين، حيث أدانت دولة الإمارات هذه الأعمال بشدة، ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، والاعتداءات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك قرب مدينة الفاشر.
ودعت إلى إنشاء آلية لمراقبة دخول جميع الأسلحة إلى السودان، كما حثت على «اتخاذ إجراءات فاعلة وعمل جماعي لتشكيل مستقبل السودان على أسس تحقيق السلام والوحدة وإعادة الأمل».
كما أكدت أنه «بهدف ضمان السلام الدائم في السودان، يجب اتباع عملية سياسية فعالة بهدف واضح وهو الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة بقيادة مدنية مستقلة بعيدة عن سيطرة السلطة العسكرية»، مشيرة إلى أن دولة الإمارات تؤكد أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني، ولا يمكن لأي منهما تحقيق الاستقرار في السودان، مشددة على أن الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة مستقلة بقيادة مدنية يعد النموذج الوحيد القادر على إحداث تغيير حقيقي في السودان.
وأكدت ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بـ«إنشاء آليات جديدة قادرة على إحداث تأثير حقيقي فعال»، وتشمل هذه الخطة إرساء تدابير جديدة لمواجهة التهديدات الأمنية ووضع حد لعرقلة المساعدات الإنسانية.
كما سلطت الضوء على البعد الإقليمي للصراع، وقالت: «يجب أن نُدرك من خلال النهج الذي نتبعه أن السودان لا يعيش بمعزل عن غيره من الدول، وأن تحقيق السلام الدائم يتطلب إيجاد حلول على المستوى الإقليمي على نطاق أوسع، حيث يشمل هذا ضمان ألا يصبح السودان ملاذاً آمناً للتطرف والإرهاب والتهديدات للأمن البحري الدولي مجدداً، حيث إن منع هذه المجموعات من ترسيخ جذورها في السودان يُعد جزءاً لا يتجزأ من أي جهد جاد لدعم مستقبل السودان».
ودعت الأمم المتحدة لاتباع نهج أكثر تماسكاً في مواجهة العرقلة المنهجية واستخدام المساعدات الغذائية كسلاح ضد المدنيين، قائلة: «يجب أن نؤكد أن ممارسة السيادة بشكل استبدادي لا يمكن أن تبرر حدوث المجاعة، ويجب ألا تستخدم لحماية الأشخاص الذين يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية أو يستهدفون موظفي الإغاثة الإنسانية والمدنيين، حيث يستحق المدنيون السودانيون الحماية الكاملة والوصول إلى المساعدات الإنسانية ويجب مساءلة جميع المسؤولين الذين يعيقون ذلك، كما ينبغي أن نبذل المزيد من الجهد في هذا الصدد».
كما أكدت أهمية بذل الجهود الجماعية لمكافحة كافة أشكال التعصب والإرهاب في السودان، بما في ذلك مكافحة التطرف وخطاب الكراهية والتمييز، وشددت على أهمية تحقيق المشاركة الكاملة للمرأة وتمكينها، ودعم دمجها الكامل والمتساوي والفعال في العملية السياسية، مشيرة إلى أن المرأة ساهمت بشكل فاعل في الانتقال إلى الحكم المدني في عام 2018 وتواصل عملها في الخطوط الأمامية في غرف الطوارئ والاستجابة، في المناطق التي لا يمكن للجهات الفاعلة الدولية الوصول إليها في معظم الأحيان.
وفي الختام، أكدت: «لا يمكن تبرير ضعف التنسيق الدولي الموحد لدعم عملية سياسية فاعلة، ويجب علينا اتخاذ إجراءات جماعية وحاسمة في هذا الصدد، حيث تتطلب هذه اللحظة الحاسمة قيادة وإرادة دولية قوية ومستدامة.»
ومنذ تفجر الصراع، قدمت دولة الإمارات أكثر من 600 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للسودان والدول المجاورة، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة، وذلك بشكل حيادي ودون تمييز وفقاً للاحتياجات الإنسانية. وتؤكد دولة الإمارات التزامها الراسخ بدعم الشعب السوداني الشقيق والعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف المعاناة عنه، مع الدفع نحو السلام.
كما عقدت نسيبة عدة اجتماعات ثنائية خلال زيارتها إلى المملكة المتحدة، حيث التقت ديفيد لامي وزير الخارجية والكومنولث والتنمية البريطاني، والدكتور موساليا مودافادي، رئيس مجلس الوزراء وأمين مجلس الوزراء للشؤون الخارجية والشتات في جمهورية كينيا، وجان نويل بارو وزير أوروبا والشؤون الخارجية في فرنسا، وبيتر لورد نائب مساعد سكرتير مكتب الشؤون الإفريقية في الولايات المتحدة، وأنيت ويبر الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، وميريانا سبولياريتش رئيس لجنة الصليب الأحمر الدولية.
 

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات السودان المساعدات الإنسانیة دولة الإمارات عملیة سیاسیة فی السودان لا یمکن

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: الكوليرا تحصد الأرواح في السودان وانهيار كامل للمنظومة الطبية

حذر رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان، جون نيكولاس، من تفشي خطير لمرض الكوليرا في البلاد، مؤكدا أن الخرطوم تشهد تفاقما كبيرا في موجة انتشار المرض بشكل وصل إلى ألف حالة يوميا في أوج التفشي، وهذا يجعلها بؤرة حقيقية للوباء في الوقت الحالي.

وأوضح نيكولاس خلال مداخلة للجزيرة أن مجموعة من العوامل المترابطة ساهمت بشكل مباشر في زيادة حالات الإصابة بالكوليرا وتعقيد الجهود المبذولة للسيطرة على المرض ووقف تفشيه.

وتشمل هذه العوامل الاختلاط الكثيف للسكان، ونقص المياه الصالحة للشرب، وانعدام شروط النظافة الأساسية، بالإضافة إلى عدم التمكن من الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة.

وفي تفصيل أعمق، أشار المسؤول الأممي إلى أن انقطاع الطاقة الكهربائية بسبب استهداف المنشآت والمحطات بالمسيرات قد فاقم من انتشار المرض بشكل كبير.

وأوضح أن هذا الانقطاع في الخدمات الأساسية خلق بيئة مثالية لانتشار الأمراض المعدية، خاصة في ظل غياب أنظمة التبريد والتعقيم الضرورية.

ولفت نيكولاس إلى الانتشار الجغرافي الواسع للمرض، موضحا أن البؤرة الأساسية لانتشار الكوليرا تتركز في العاصمة، خاصة بعد التطورات التي حدثت في منتصف مايو/أيار الماضي.

إعلان

النزوح يعقد الأوضاع

لكن الوضع تعقد أكثر مع نزوح عدد كبير من السودانيين إلى أم درمان وولايات أخرى، وهذا أدى إلى انتشار المرض وتفشيه في المناطق التي نزحوا إليها، وفقا للمسؤول الطبي.

وفي تطور آخر، امتد انتشار المرض ليشمل مناطق أوسع، حيث أكد نيكولاس أن نزوح السكان أدى إلى انتشار الكوليرا في منطقة دارفور كاملة.

ويعكس هذا الانتشار الجغرافي الواسع حجم التحدي الذي تواجهه السلطات الصحية في محاولة احتواء الوباء.

وفي وصف للوضع الصحي في البلاد، أكد نيكولاس أن هناك انهيارا شاملا للمنظومة الصحية، مما يجعل من الصعوبة بمكان معرفة الأرقام بشكل دقيق جدا.

وأشار إلى وجود حالة ملحة تقتضي إنشاء نظام مراقبة فعال لمعرفة ما يجري داخل المجتمع للكشف عن حالات الإصابة وكذلك حالات الوفيات.

وفي السياق ذاته، أكد المسؤول الطبي أن البنية التحتية الصحية تعرضت لدمار واسع بسبب سنتين من الحرب المستمرة.

وأوضح أن منظومة المياه دُمرت جزئيا، كما تمت سرقة الكابلات الكهربائية، مما خلق صعوبات جمة في تقديم الخدمات الصحية الأساسية.

ولفت نيكولاس إلى تحدٍ إضافي يتمثل في النقص الحاد في العاملين في المجال الطبي، حيث إن كثيرين منهم نزحوا إلى مناطق أخرى.

وأكد على أهمية إعادة هؤلاء الذين يعملون في القطاع الصحي لضمان تنسيق أفضل وللتأكد من أن جميع الفاعلين على الأرض يعملون ويتعاونون بشكل متكامل.

غياب التمويل

وأضاف أن هناك غيابا واضحا للتمويل اللازم للاستجابة الفعالة للوباء، بالإضافة إلى مشكلات لوجيستية معقدة للوصول من بورت السودان إلى المناطق المتضررة.

ويرى نيكولاس أن هذه التحديات المالية واللوجيستية تعيق بشكل كبير قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدة الطبية الضرورية للمتضررين.

وحذر نيكولاس من أن الوضع قد يزداد سوءا مع بداية موسم الأمطار، خاصة في منطقة دارفور التي وصفها بأنها الأكثر خطورة نظرا لصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية فيها مقارنة بغيرها من المناطق.

إعلان

وأشار إلى إمكانية انتقال التفشي بسبب الأمطار إلى مناطق أوسع، بما في ذلك احتمالية وصوله إلى دولة تشاد المجاورة، مما يضيف بعدا إقليميا للأزمة الصحية الحالية.

ورغم قتامة الصورة العامة، أشار نيكولاس إلى أن الأرقام الحالية للإصابات قد انخفضت مقارنة بما كانت عليه قبل أسبوعين، عندما كانت تصل إلى ألف حالة يومية.

واعتبر أن هذا التراجع النسبي قد يشير إلى بداية استقرار في انتشار الوباء، لكنه يحتاج إلى مراقبة دقيقة ومستمرة لضمان عدم عودة التفشي للارتفاع مرة أخرى.

مقالات مشابهة

  • أطباء بلا حدود: الكوليرا تحصد الأرواح في السودان وانهيار كامل للمنظومة الطبية
  • رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم مؤسسة غزة الإنسانية
  • لندن: نظام المساعدات الإسرائيلي لغزة غير إنساني
  • مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان” تدين الهجوم الذي استهدف قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة
  • انسحاب جماعي.. المشاركون بمؤتمر العمل يديرون ضهورهم لمندوب إسرائيل
  • مؤسسة غزة الإنسانية تعلن فتح مركزين لتوزيع المساعدات الخميس
  • الأمم المتحدة: قتل الفلسطينيين في نقاط توزيع المساعدات الإنسانية ليست أعمالاً فردية
  • دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة بـ 1039 طناً ضمن «الفارس الشهم 3»
  • دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة بـ 1039 طناً
  • مؤسسة غزة الإنسانية ترجئ فتح مراكزها بعد مقتل عشرات خلال توزيع المساعدات