نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية تحليلا لمراسلها العسكري لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن تسريب محتمل حول امتناع إسرائيل عن مهاجمة البرنامج النووي الإيراني خلال الأشهر الماضية.

يقول المراسل العسكري يونا جيريمي بوب في مستهل تحليله إن القصة المنشورة في نيويورك تايمز الأربعاء الماضي ربما تكون جاءت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو من مسؤولين أميركيين، وربما يكون الهدف منها حمل رسالة للقيادة الإيرانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: هل سدد ترامب طعنة نجلاء لنية إسرائيل ضرب النووي الإيراني؟list 2 of 2غارديان: من هم الجلادون في سجون أميركا؟end of list

وأوضح بوب أيضا أن كل الاحتمالات المذكورة قد تكون صحيحة. ثم دلف لتفسير كل من الاحتمالات الثلاثة.

ما ورد بنيويورك تايمز

تجدر الإشارة إلى أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريرا لخمسة مراسلين أحدهم إسرائيلي. ويتلخص التقرير في أن مسؤولين في الإدارة الأميركية ذكروا لها أن الرئيس دونالد ترامب يعارض خطة إسرائيلية لضرب مواقع نووية إيرانية، وذلك لمصلحة التفاوض على اتفاق مع طهران لوضع قيود على برنامجها النووي.

ووفقا للتقرير، فقد وضعت إسرائيل خططا لمهاجمة مواقع نووية إيرانية في مايو/أيار المقبل بهدف الإضرار بقدرة إيران على تطوير سلاح نووي لمدة عام أو أكثر. لكن الرئيس الأميركي أبلغ إسرائيل قراره بعدم دعم أي هجوم على إيران.

إعلان

وأوضح التقرير أن دعم الولايات المتحدة ضروري ليس فقط للدفاع عن إسرائيل أمام أي رد إيراني، بل أيضا لضمان نجاح الهجوم.

وبعد أشهر من الجدل الداخلي، وفقا لتقرير نيويورك تايمز، اتخذ ترامب قرارا بالسعي إلى التفاوض مع إيران بدلا من دعم العمل العسكري.

ويقول بوب إن المرجح هو أن معظم المعلومات جاءت من تسريبات من مسؤولين أميركيين، على الرغم من أن نتنياهو يسرب أحيانا إلى الصحفيين الأميركيين مباشرة.

تفسير التسريبات؟

ويوضح أنه إذا كان نتنياهو قد سرب القصة أو أجزاء منها، فإن التفسير هو أنه يرغب في إلقاء عبء التخلي الحالي عن تنفيذ الهجوم ضد إيران على ترامب.

أما تسريب المسؤولين الأميركيين المحتمل فإن الهدف منه هو إرسال رسالة إلى الجمهور الأميركي حول المعضلات المعقدة للتفاوض ضد مهاجمة إيران ونقل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.

وفيما يتعلق بخامنئي، قد تكون الرسالة مزدوجة أيضا-بين السماح له بمعرفة مدى قربه في الماضي القريب من مشاهدة برنامجه النووي وهو يحترق، ومدى قرب إسرائيل من مهاجمة هذا البرنامج في المستقبل القريب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وأشار الكاتب إلى أن أحد الأجزاء "الرائعة" في التقرير هو المناقشة المفتوحة حول الانتشار المحتمل لقوات الكوماندوز الإسرائيلية على الأرض في إيران للتعامل مع المنشآت النووية هناك.

وقال إن قدرة إسرائيل على مهاجمة منشآت إيران النووية تحت الأرض أصبحت مألوفة للجمهور فقط في 2 يناير/كانون الثاني من هذا العام. كان ذلك عندما تم الكشف عن عملية الكوماندوز الإسرائيلية ضد سوريا في 8 سبتمبر/أيلول 2024.

أميركا وإسرائيل معا

وأضاف أنه في الوقت الذي تسأل فيه إيران نفسها عما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد يلاحق مواقعها النووية مباشرة، فإن إسرائيل وأميركا الآن تهددان خامنئي بشكل مباشر أكثر بخيار الكوماندوز هذا.

إعلان

وتخشى إيران من غارة جوية إسرائيلية، لكنها أكثر خوفا من غارة جوية مشتركة مع واشنطن. وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أن هذا الخيار قد تم رفضه في الوقت الحالي، ولكن يمكن استعادته بسرعة كاحتمال.

لذلك، يقول بوب، فإن ما نشرته نيويورك تايمز قد يخدم مصالح نتنياهو سياسيا، وقد يُستخدم ضده، لأنه لعب السياسة بخطط حرب سرية محتملة.

وبخصوص ما إذا كانت هذه الرسائل تجعل الاتفاق النووي أكثر أو أقل احتمالا، أو تدفع خامنئي لتقديم تنازلات نووية أكثر أهمية، تبقى قيد التوقعات في الوقت الراهن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات نیویورک تایمز

إقرأ أيضاً:

لماذا عدّلت طهران أجندة اجتماع أفغانستان؟ ولماذا غابت حكومة كابُل؟

كابل/طهران- تستضيف إيران، اليوم الأحد وغدا الاثنين، اجتماعا إقليميا حول أفغانستان، بمشاركة ممثلين عن باكستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان والصين وروسيا، في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعد التوترات السياسية والأمنية المرتبطة بالملف الأفغاني، ولا سيما الخلاف المتجدد بين كابل وإسلام آباد.

وكانت طهران قد أكدت سابقا، عبر تصريحات متكررة لمسؤولين في وزارة الخارجية، أن الاجتماع يهدف إلى المساهمة في خفض التوتر بين أفغانستان وباكستان، وقدّمت نفسها وسيطا محتملا بين الطرفين، ووجهت دعوة المشاركة لكابل التي رفضت ذلك.

غير أن هذا التوجه شهد تحولا لافتا، بعدما أعلنت الخارجية الإيرانية أن الخلاف بين البلدين لن يكون مطروحا على جدول أعمال الاجتماع، وأن النقاشات ستقتصر على القضايا العامة المتعلقة بالوضع في أفغانستان. ويرى محللون أن تعديل أجندة اللقاء يعكس إعادة تقييم من إيران لقدرتها على لعب دور الوسيط في نزاع معقد ومتشابك.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) يستقبل بعض الوفود المشاركة (صحيفة مشرق الإيرانية)اعتبارات دولية

من جانبه، قال الخبير في الشؤون الأفغانية عبد الكريم خليل للجزيرة نت، إن الخلاف بين أفغانستان وباكستان أعمق من أن يُدار عبر مبادرة دبلوماسية قصيرة أو اجتماع إقليمي محدود، مشيرا إلى أن جذوره تمتد إلى ملفات أمنية وحدودية وتاريخ طويل من انعدام الثقة.

ويذهب الباحث في شؤون جنوب آسيا محمد علي في حديثه للجزيرة نت، إلى الاعتقاد بأن طهران بالغت في تقدير هامش حركتها، لافتا إلى أن وساطات سابقة قادتها دول مثل قطر وتركيا لم تُفضِ إلى اختراق حاسم، مما يجعل فرص نجاح وساطة إيرانية منفردة محدودة.

ويُرجع خبراء آخرون هذا التحول إلى اعتبارات دولية، في مقدمتها حساسية الدور الإيراني من وجهة نظر الولايات المتحدة.

وقال الباحث في العلاقات الدولية داود نيازي للجزيرة نت، إن واشنطن لا تنظر بعين الرضا إلى أي تحرك إيراني في ملفات جنوب آسيا، مما يدفع أطرافا إقليمية، من بينها كابل وإسلام آباد، إلى التعامل بحذر مع المبادرات التي تقودها طهران.

إعلان

وأضاف أن الإدارة الأميركية تسعى بدورها إلى الاحتفاظ بدور مؤثر في مسار التهدئة بين الجانبين، وهو ما يجعل أية وساطة إيرانية علنية عرضة للتعطيل أو التحفظ.

من جهة أخرى، يرى خبراء الشأن الأفغاني أن اعتذار الحكومة الأفغانية عن المشاركة لا يبدو عابرا، بل يعكس حسابات سياسية ودبلوماسية دقيقة، تقف وراءها جملة من الأسباب، من بينها:

عدم رغبة الحكومة الأفغانية في منح إيران مكسبا سياسيا أو دبلوماسيا عبر الظهور في اجتماع إقليمي تستضيفه طهران، في وقت تحرص فيه الحركة على إدارة علاقاتها الخارجية بحذر شديد. غياب ملفات جوهرية تهم الحكومة الأفغانية عن جدول أعمال الاجتماع، مثل الاعتراف الدولي، ورفع العقوبات، ومستقبل علاقتها مع باكستان. تجنب الظهور في منتدى تشاوري لا يملك آليات تنفيذ واضحة أو ضمانات سياسية، مما قد يجعل المشاركة شكلية من دون نتائج ملموسة. مراعاة التوازنات الدولية، خاصة سعي أفغانستان إلى إبقاء قنوات تواصلها الخارجية مفتوحة، وتفادي أي خطوة قد تفسَّر على أنها استفزاز لأطراف دولية مؤثرة. عراقجي (يسار) أكد أن استقرار أفغانستان وتنميتها ضرورة إستراتيجية للمنطقة بأكملها (صحيفة مشرق الإيرانية)إدارة التوتر

من ناحيته، يرى الباحث الأفغاني جليل كريمي، في حديثه للجزيرة نت، أن الحكومة الأفغانية تفضّل القنوات الثنائية المغلقة على الاجتماعات الإقليمية المفتوحة، معتبرا أن هذا النهج يعكس سعيها إلى تحقيق مكاسب سياسية مباشرة بدل الاكتفاء بحضور رمزي.

في الجانب الإيراني، ترجع الأوساط السياسية سبب حرص طهران على إدارة التوتر بين كابل وإسلام آباد إلى واقع جيوسياسي وجيواقتصادي يرتبط ارتباطا وثيقا بأمنها القومي، ذلك لأنها تتشارك معهما حدودا برية يبلغ طولها نحو ألفي كيلومتر، مما يجعل أي اضطراب أمني على حدودها الشرقية تهديدا فوريا ومباشرا لأمنها الإقليمي.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "المكانة الجيواقتصادية لكابل تضعها في مركز شبكات التواصل بين آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوبها"، معتبرا أن استقرارها وتنميتها ليس ضرورة إنسانية فحسب، بل ضرورة إستراتيجية للمنطقة بأكملها. ووجّه انتقادا صريحا "للتدخلات الخارجية في أفغانستان" خلال السنوات والعقود الماضية.

وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع صباح اليوم الأحد، أكد عراقجي أن "الحلول المستوردة من خارج المنطقة قد فشلت، وأن التجارب المريرة مثل التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2001 والانسحاب المتسرع عام 2021 أظهرت أن المخططات الخارجية لم تزد الأوضاع إلا تدهورا، وأضعفت الهياكل السياسية والاقتصادية في أفغانستان".

ولدى طرحه رؤية بلاده البديلة، اعتبر أن الجوار الأفغاني هو الأكثر فاعلية وموثوقية للمساعدة في استقرار كابل، داعيا الجهات المشاركة في اجتماع طهران إلى العمل بالتنسيق مع السلطات الأفغانية لتحسين الأوضاع، مضيفا أن التجارب الماضية أظهرت بوضوح أن الأمن والتنمية في كابل مرتبطان بشكل مباشر بمصالح جميع الدول المجاورة.

هواجس ومصالح

من جانبه، اعتبر محسن روحي صفت، الدبلوماسي السابق وعضو البعثة الإيرانية بأفغانستان سابقا، أن أي توتر بين كابل وإسلام آباد يؤثر على جارتهما الغربية، مما يدفع طهران للسعي من أجل منع أي تصعيد محتمل قد يتسبب بتدفق اللاجئين أكثر فأكثر نحوها.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح روحي صفت أنه رغم تربع الهواجس الأمنية على سلم التهديدات النابعة من التوترات في الإقليم، لكن تداعياتها المتمثلة في نشاط جماعات مسلحة أو تعطيل شبكات التجارة عبر الحدود المشتركة وتفشي الأمراض جراء الهجرة، لا تقل خطرا عن التحديات الأمنية، معتبرا أن وساطة إيران تهدف إلى تعزيز استقرار حدودها الشرقية بالدرجة الأولی.

وبرأيه، فإن طموح طهران المرتبط بإعادة تعريف دورها الإقليمي عبر قيادة المبادرات الدبلوماسية نابع من قناعتها بأن "النسخ المستوردة والتدخلات الخارجية" قد فشلت، إلى جانب رؤيتها الإستراتيجية في تحويل أفغانستان من بؤرة توتر إلى جسر للربط والتبادل الاقتصادي، مما يدفعها لتطوير إطار دائم للتعاون في قطاعات النقل والطاقة والتجارة وغيرها من مجالات التعاون الاقتصادي.

ويخلص إلى أن سياسة بلاده لا تهدف إلى إخماد نيران التوتر القائم بين كابل وباكستان فحسب، بل إلى تهيئة الأرضية لتحقيق مكاسب اقتصادية وإستراتيجية طويلة الأمد، تجعل من الاستقرار في جارتيها الشرقيتين مصلحة مشتركة للجوار ويعزز من موقع إيران كمحور رئيسي في شبكة الاقتصاد الإقليمي.

وكانت طهران قد استضافت في يونيو/حزيران 2024 اجتماعا مشابها حول أفغانستان، دعت إليه كابل رسميا، إلا أنها امتنعت حينها عن الحضور، مما أثار جدلا واسعا واعتُبر إحراجا دبلوماسيا لطهران.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية عبد الله زرمتي في حديثة للجزيرة نت، أن تلك التجربة دفعت الخارجية الإيرانية هذه المرة إلى خفض سقف التوقعات وتجنب ربط الاجتماع بملفات خلافية مباشرة.

مقالات مشابهة

  • لماذا عدّلت طهران أجندة اجتماع أفغانستان؟ ولماذا غابت حكومة كابُل؟
  • نيويورك تايمز: إسطنبول مهددة بأسوأ “كارثة إنسانية”
  • حادثة سيدني : إسرائيل تهاجم استراليا وتلميحات بمسؤولية إيران أو حزب الله
  • إيران تردّ على لبنان.. إسرائيل توقف ضربة بعد وساطة أمريكية!
  • استشهاد أكثر من 300 فلسطيني جراء الهجمات الإسرائيلية منذ بدء وقف إطلاق النار
  • تايمز أوف إسرائيل: الرئيس السيسي لا يعتزم عقد لقاء مع نتنياهو
  • أنقرة: مهاجمة سفن تجارية بميناء أوكراني تؤكد مخاوفنا من توسع الحرب
  • التدريب الديني أولاً.. نيويورك تايمز: الولاء يطغى على الكفاءة في بناء الجيش السوري الجديد
  • نيويورك تايمز: أميركا لا تستطيع صناعة ما يحتاجه جيشها
  • أكثر من 12 مليون شخص في ميانمار يواجهون الجوع الحاد العام المقبل