عربي21:
2025-05-22@19:33:51 GMT

الخطر الوجودي الذي يهدد مسلمي الهند

تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT

في ظل التصاعد المخيف لموجة القومية الهندوسية في الهند، تلوح في الأفق نذر كارثة وجودية تهدد أكبر أقلية مسلمة في العالم، يزيد تعدادها عن 200 مليون نسمة. فالمشهد الهندي لم يعد مجرد نزاع سياسي أو ديني، بل بات مشروعا منظما يستهدف استئصال الهوية الإسلامية من الهند، وإعادة تشكيل البلاد على أساس هندوسي صرف.

أولا: من ثورة 1857 إلى صعود مودي.

. رحلة الإقصاء الطويلة

لم يكن التحدي الذي واجهه المسلمون في الهند حديث عهد، بل بدأ مع سحق ثورة 1857 التي قادها المسلمون ضد الاحتلال البريطاني، حيث اعتُبر المسلمون العدو الأول، وتعرضوا بعدها لعقوبات جماعية، ففُكِّكت مؤسساتهم، وصودرت أوقافهم، وتم تهميشهم سياسيا وتعليميا واقتصاديا.

لكن الأخطر لم يبدأ إلا مع صعود حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي إلى السلطة، بزعامة ناريندرا مودي، الذي تمكن من توظيف المشاعر الدينية، والدعاية القومية، والمظلومية الهندوسية، ليطلق مشروع "الهند الهندوسية" على حساب التنوع التاريخي للبلاد.

الأخطر لم يبدأ إلا مع صعود حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي إلى السلطة، بزعامة ناريندرا مودي، الذي تمكن من توظيف المشاعر الدينية، والدعاية القومية، والمظلومية الهندوسية، ليطلق مشروع "الهند الهندوسية"
ثانيا: ملامح الخطر الوجودي الحالي

الخطر اليوم ليس مجرد اضطهاد ديني، بل مشروع تهويد حضاري شامل، ومن أبرز ملامحه:

1- التمييز القانوني المُقنن: بإصدار قانون الجنسية الجديد الذي يمنح الجنسية للاجئين غير المسلمين، ويستثني المسلمين صراحة، مما يهدد بسحب جنسية ملايين المسلمين واعتبارهم "متسللين غير شرعيين".

2- تغيير هوية التعليم والمناهج: بإعادة صياغة التاريخ ليقصي المسلمين من مساهماتهم، ويقدمهم كغزاة أجانب، بما يعيد إنتاج الأجيال على كراهية الإسلام.

3- استهداف المساجد والرموز الإسلامية: كما حدث في مسجد بابري الذي هدمه المتطرفون عام 1992، ويجري اليوم التمهيد لاستهداف مساجد أخرى مثل مسجد غيانفابي في فاراناسي.

4- حملات المقاطعة الاقتصادية للمسلمين: عبر هاشتاغات علنية تدعو لمقاطعة التجار المسلمين، ومنعهم من العمل في الأسواق والمناسبات الشعبية.

5- شيطنة المسلمين في الإعلام: بتصويرهم كإرهابيين، أو عملاء لباكستان، أو ناقلي الأوبئة، مما يشرعن الاعتداء عليهم في الشوارع.

6- تشجيع العنف الجماعي والإفلات من العقاب: كما حدث في مذابح غوجارات عام 2002 حين كان مودي رئيس وزراء الولاية، أو الاعتداءات المتكررة على المسلمين بتهمة ذبح الأبقار.

ثالثا: هل تتحول الهند إلى "أندلس ثانية"؟

هذا هو السؤال المرعب الذي طرحه الدكتور ظفر الإسلام خان في حواره الأخير، وهو صحفي ومترجم معروف للقرآن الكريم إلى الإنجليزية، حيث شبّه ما يحدث اليوم بالتحولات التي سبقت سقوط الأندلس، عندما تم نزع الهوية الإسلامية بالتدريج، وتجريم اللغة العربية، وتصفية العلماء، وانتهى الأمر بالمذابح والتهجير القسري.

وقد لا تكون المقارنة مبالغا فيها؛ فالهند تشهد اليوم محاولة هندسة حضارية تستهدف محو الإسلام كهوية وثقافة وتاريخ من الأرض التي سكنها المسلمون أكثر من 1300 عام.

رابعا: دروس الأندلس.. لمن أراد الاتعاظ

إن قراءة التاريخ الأندلسي تعلمنا أن السقوط الحضاري لا يحدث فجأة، بل عبر مراحل:

• تشرذم سياسي أفقد المسلمين وحدتهم، فصاروا دويلات متناحرة، كما يحدث اليوم في تفرق الجماعات الإسلامية بين منهجيات متصارعة.
هند تشهد اليوم محاولة هندسة حضارية تستهدف محو الإسلام كهوية وثقافة وتاريخ من الأرض التي سكنها المسلمون أكثر من 1300 عام
• فقدان الوعي الجمعي بالخطر الوجودي، حيث غفل الناس عن خطورة الاستهداف الثقافي والديني حتى صار واقعا مفروضا.

• التخاذل أمام الهجمة الحضارية، وركون بعض النخب إلى المداهنة، أو الهجرة الفكرية إلى القيم الغالبة طلبا للنجاة الفردية.

• الاعتماد على الخارج، حيث ظنّ الأندلسيون أن الاستنجاد بالفرنجة قد ينقذهم، فكان ذلك بابا لهلاكهم، وهو ما تكرره بعض الأصوات اليوم باستجداء الغرب لحماية المسلمين.

خامسا: ما السبل المتاحة للمواجهة؟

في مواجهة هذا الخطر الوجودي، لا بد من مشروع استراتيجي للمقاومة، يعتمد على الداخل المسلم في الهند، ويستفيد من الدعم الخارجي دون الارتهان له. ويمكن تحديد أهم السبل في النقاط الآتية:

1- بناء الوعي الجماعي: لا بد من نشر الوعي بحجم المخاطر، وخلق حالة من الإدراك العميق بضرورة الوحدة والتكاتف، بعيدا عن الخلافات الفقهية أو الحزبية.

2- تعزيز العمل المدني والقانوني: عبر دعم المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لرصد الانتهاكات، والدفاع عن حقوق المسلمين أمام القضاء، والتصدي لمحاولات التهجير وسحب الجنسية.

3- تفعيل الإعلام الإسلامي في الهند: لمواجهة خطاب الكراهية، وتقديم الرواية الإسلامية بهوية وطنية هندية، تُظهر إسهام المسلمين في بناء الهند الحديثة.

4- التمسك بالهوية الإسلامية: عبر دعم التعليم الإسلامي، وحماية اللغة العربية والأردية، وتعزيز المؤسسات الدينية المستقلة عن السلطة.

5- بناء التحالفات مع الأقليات الأخرى: كالمسيحيين والداليت، الذين يشاركون المسلمين القلق من المشروع القومي الهندوسي، مما يفتح بابا لتحالف اجتماعي عريض من أجل حماية التعددية.

6- الضغط الدولي: من خلال الجاليات الإسلامية والهندية في الخارج، والمؤسسات الدولية، لإبقاء الملف حاضرا على طاولة النقاش العالمي، وربطه بملف حقوق الإنسان.

7- الإعداد المستقبلي للمواجهة الحضارية: بتخريج قيادات جديدة من الشباب المسلم، تجمع بين الفهم العميق للدين والوعي السياسي، لتكون قادرة على قيادة الأمة في ظل هذه التحديات.

خاتمة: بين الأمل والخطر

ليست المعركة محسومة، ولا القدر حتميا، فكما صمد المسلمون في البوسنة، وفلسطين، وتركيا، وغيرها، يمكن لمسلمي الهند أن يُفشلوا هذا المشروع الشيطاني، شرط أن يتجاوزوا الانقسام، ويدركوا أن المعركة اليوم هي معركة وجود لا معركة تفاصيل.

إن الأندلس لم تسقط في يومٍ واحد، بل عبر مراحل من التراخي والانهزام. وإذا أراد مسلمو الهند ألا يكونوا الأندلس الثانية، فعليهم أن يكتبوا تاريخا مختلفا، يبدأ من الآن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الهندوسية الهند الهوية مودي اسلام الهند هوية مودي هندوس مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخطر الوجودی فی الهند

إقرأ أيضاً:

116 منظمة تدق ناقوس الخطر: اليمن على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة

شمسان بوست / متابعات:

دعت 116 منظمة إنسانية، من بينها وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية ومحلية، الثلاثاء، إلى “تحرك دولي عاجل لمنع اليمن من الانزلاق إلى أزمة إنسانية أشد وطأة، محذرة من أن فجوات التمويل الحادة تُهدد بتقويض الجهود الإغاثية في البلاد التي تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم”.

وحذرت المنظمات، في بيان مشترك صدر عشية الاجتماع السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين من أن “العام 2025 قد يكون الأصعب حتى الآن بالنسبة لليمنيين، في ظل استمرار النزاع، والانهيار الاقتصادي، والصدمات المناخية، مقابل تقلص كبير في المساعدات الإنسانية”.

وبحسب البيان، “لم يُموَّل حتى الآن سوى أقل من 10% من خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لهذا العام، مما يعوق وصول المساعدات الأساسية لملايين الأشخاص في أنحاء البلاد”.

وقال البيان إن “وكالات الإغاثة تواصل، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، تقديم خدمات منقذة للحياة تشمل الغذاء والمياه، والرعاية الصحية، والتعليم والمأوى والحماية رغم تحديات انعدام الأمن، وصعوبة الوصول، واحتجاز بعض العاملين الإنسانيين”.

وأكدت المنظمات أن “الدعم السخي من المانحين في السنوات الماضية ساهم في تجنب المجاعة، والحد من المعاناة، وحماية الفئات الأشد ضعفًا، داعية إلى زيادة التمويل بشكل مرن، وتوفير دعم يمكن التنبؤ به وفي الوقت المناسب، للحفاظ على المكاسب التي تحققت بعد سنوات من العمل الإنساني”.

وشدد البيان على أن ” المساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي، داعيًا المجتمع الدولي إلى تعزيز الدعم التنموي، وتوفير فرص اقتصادية، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى جانب الدفع نحو تسوية سياسية دائمة تنهي الصراع المستمر منذ سنوات”.

كما طالبت المنظمات باتخاذ “خطوات ملموسة لحماية المدنيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، دون عوائق”.

واختتم البيان بدعوة المجتمع الدولي إلى “اغتنام فرصة الاجتماع المرتقب لاتخاذ قرارات حاسمة تحول دون تفاقم الوضع، وتمهد الطريق أمام اليمنيين لإعادة بناء حياتهم بكرامة”.

ويستضيف الاتحاد الأوروبي، غدا الأربعاء، في مقره بالعاصمة البلجيكية بروكسل، الاجتماع السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين بشأن اليمن، حيث يسعى الاتحاد إلى حشد الدول المانحة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، التي تواجه أكبر عجز حتى الآن، إذ لم يُموَّل منها سوى نحو 10% فقط من المبلغ المطلوب.

مقالات مشابهة

  • دراسة صادمة.. وسيلة منع حمل شائعة قد تعرّض النساء لخطر السكتة الدماغية
  • باحث هندي: خطاب التحريض ضد المسلمين يتصاعد برعاية رسمية
  • حماس: نحذّر من الواقع المأساوي الذي يهدد حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين
  • الخطر يعود لإسطنبول.. واجتماع عاجل لمكافحة الكارثة
  • ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين
  • بعد صدور تقرير رسمي عن "خطر جماعة الإخوان".. تحذيرات من تداعياته على مسلمي فرنسا
  • 116 منظمة تدق ناقوس الخطر: اليمن على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • ناقوس الخطر يدق: 116 منظمة تحذر من انهيار إنساني وشيك في اليمن
  • قلق فرنسي من تزايد نشاط جماعة الإخوان المسلمين: تغلغلت في مفاصل الدولة
  • أمير الرياض يرعى اليوم حفل التميز لخريجي الدفعة الـ69 من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية