محللون: هكذا أسقط سموتريتش ملف الأسرى بغزة من أجندة حكومته
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
القدس المحتلة- في تصريح أثار جدلا واسعا داخل إسرائيل، أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أن إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة ليست أولوية قصوى، مشددا على ضرورة "قول الحقيقة" وعدم خداع الجمهور، كما نقلت القناة 13 الإسرائيلية.
وأكد سموتريتش أن الهدف الأهم في نظره هو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رافضا الدعوات الإسرائيلية المتزايدة لإبرام صفقة تبادل أسرى مع الحركة ووقف الحرب على غزة، من أجل إعادة 59 أسيرا إسرائيليا، بينهم 24 يُعتقد أنهم أحياء.
أثارت تصريحات الوزير موجة غضب لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين وصفوا كلامه بأنه "عار"، معتبرين أنه يمثل اعترافا صريحا من الحكومة بالتخلي المتعمد عن أبنائهم المحتجزين. وقالوا في بيان لهم إن "التاريخ سيسجل لسموتريتش أنه أغلق قلبه أمام معاناة إخوته وأخواته، واختار أن يتركهم يواجهون مصيرهم المجهول".
موقف الحكومةورغم أن هذه التصريحات لا تشكل سابقة في مواقف سموتريتش، فإن توقيتها الحالي يكتسب أهمية خاصة، في ظل تصاعد الانتقادات داخل المجتمع الإسرائيلي ضد أداء حكومة نتنياهو في ملف الأسرى، وتزايد القناعة لدى قطاعات واسعة من المعارضة بأن بقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته في السلطة بات أولوية تتقدم على استعادة المحتجزين.
إعلانوأثار تصريح سموتريتش، موجة من التحليلات والتعليقات في أوساط المحللين والكتاب، الذين اعتبروا أن هذا الموقف يعكس سياسة الحكومة الحالية ويكشف عن أولوياتها الحقيقية.
وبينما رأى البعض أن سموتريتش عبَّر بصراحة عن موقف طالما كان سائدا داخل الحكومة، رأى آخرون أن توقيت التصريح يحمل رسائل سياسية ومجتمعية خطيرة، حيث جاء في لحظة مفصلية تشهد تصاعدا في الضغط الشعبي على الحكومة، خاصة من عائلات الأسرى.
واعتبر محللون أن ما قاله الوزير يعكس بوضوح أولويات حكومة نتنياهو، التي تضع بقاءها السياسي واستمرار المعركة ضد حماس فوق ملف الأسرى، رغم الوعود المتكررة باستعادتهم.
ويُتوقع، أن تُصعِّد التصريحات احتجاجات عائلات الأسرى، وربما تدفع قطاعات أوسع من المجتمع المدني للانضمام إلى موجة الغضب الشعبي.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت، أن تصريحات سموتريتش، وما حملته من رسائل واضحة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العائق الحقيقي أمام إتمام المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى هو سموتريتش نفسه، إضافة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ولفت إلى أن ما قاله سموتريتش ليس مجرد موقف شخصي، بل يعكس توجها حكوميا أعمق، وهو فحوى الخطاب الأخير المسجل لنتنياهو، الذي كان فارغا من أي مضمون، وبمثابة معركة احتواء ضد الانتقادات الموجهة بسبب تهربه من إتمام صفقة التبادل.
ويعتقد أن الرسائل التي تحملها هذه التصريحات تزيد من حالة الانقسام، وتعمق الشرخ بين الحكومة وشرائح واسعة من الإسرائيليين، كما ستكون التصريحات محطة بارزة في مسار الصراع السياسي والاجتماعي داخل إسرائيل في المرحلة المقبلة.
ورغم أن نتنياهو هو من صمّم تلك الصفقة ووقع عليها، فإنه اختار التراجع عنها، مفضلا التضحية بالأسرى لدى حماس في سبيل البقاء في الحكم، وهذا التناقض -حسب بن كسبيت- "يفضح أولويات نتنياهو الحقيقية".
إعلانمن جانبه، يرى الكاتب الإسرائيلي سامي عوفر، أن الشعار الذي أطلقته حكومة نتنياهو بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، "معًا سوف ننتصر"، حمل في بداياته معنى كبيرا لمجتمع كان يحاول استيعاب واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخه.
ولفت في مقال له في صحيفة "هآرتس" إلى أن الشعار جاء ليرمز إلى وحدة الهدف، في ظل تحديات كبرى تشمل إعادة المحتجزين، والقضاء على حماس، واستعادة الأمن، وإعادة إعمار ما تهدَّم.
ويعتقد عوفر أن الهدف من الشعار كان توحيد الصفوف، لا سيما بين أطراف المجتمع الإسرائيلي التي كانت في حالة صراع داخلي شديد خلال الأشهر التسعة التي سبقت الهجوم المفاجئ على مستوطنات "غلاف غزة".
وأوضح أن الهجوم شكل صدمة دفعت الكل الإسرائيلي لتجاوز الخلافات، والاتحاد في وجه "العدو" المشترك، دون الحاجة إلى كثير من الإقناع أو التحفيز، وقال "كانت الرغبة في القتال والخروج من الصدمة جماعية وفورية".
لكن -يتابع عوفر- بعد قرابة عام ونصف على تلك اللحظة المفصلية، يبدو الشعار الآن خاويا من أي مضمون، ويضيف "نحن لم نعد معا".
وقال إن النصر لا يزال بعيد المنال، بل إن إسرائيل لا تبدو في طريقها لتحقيق أي نصر حقيقي، فالانقسام عاد، بل وتعمق، والتصدعات التي حاول الشعار تجاوزها اتسعت أكثر، كما عكست تصريحات سموتريتش بشأن الأسرى.
"أكبر كارثة"
بدوره، شن يوناتان شمريز، شقيق ألون شمريز الذي أُسر خلال عملية "طوفان الأقصى" وقتل لاحقا بالخطأ بنيران الجيش الإسرائيلي إلى جانب يوتام حاييم وسامر الطلالقة، هجومًا حادا على سموتريتش، منتقدا تصريحاته بشأن الأسرى الإسرائيليين.
وقال، إن أي أمل في تعافي الدولة ومؤسساتها لن يكون ممكنا ما لم يتم أولًا إعادة جميع المحتجزين، ثم تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وإجراء انتخابات جديدة تعيد ثقة الجمهور في النظام.
إعلانوتساءل شمريز في حديث لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن الجرأة التي دفعت سموتريتش، الذي وصفه بأنه "عضو في حكومة 7 أكتوبر المرتجفة كأوراق في مهب الريح"، إلى الحديث علنا رغم فشله في أداء واجبه كوزير خلال واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ إسرائيل، حسب تعبيره.
وأضاف "هذه الحكومة التي يتحدث باسمها سموتريتش مسؤولة عن أكبر كارثة حلَّت بالشعب اليهودي، ببساطة، لا يحق لها البقاء في الحكم، لقد جلبت على هذا المجتمع انهيارا أخلاقيا وقيميا غير مسبوق، وضيَّعت جوهر قيمة الحياة، بكل ما تحمله من تفاصيل".
وختم شمريز أن إعادة بناء إسرائيل "كدولة قائمة على القيم"، تبدأ أولا بإعادة جميع المحتجزين إلى ديارهم، مشددا أن ذلك "لا يمكن أن يحدث بوجود أشخاص مثل سموتريتش في سدة الحكم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأسرى الإسرائیلیین عائلات الأسرى
إقرأ أيضاً:
محللون إسرائيليون: الحرب على إيران لم تحقق أهدافها
القدس المحتلة – دخلت إسرائيل الحرب مع إيران تحت شعار واضح ومعلن، وهو "تدمير المشروع النووي الإيراني"، لكن بعد مرور أسبوع على اندلاع المواجهة، تتقاطع التحليلات والتقديرات الإسرائيلية عند نقطة واحدة، وهي أن هذا الهدف المركزي للحرب لم يتحقق، بل إن الإنجازات الأولية التي أُعلن عنها بدأت تتآكل في ظل تعقيدات الميدان وتنامي المخاطر السياسية والعسكرية.
ومع تعثر التقدم نحو المنشآت النووية، بدأت تظهر إلى السطح أهداف جديدة أكثر تطرفا وخطورة، مثل اغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، وإسقاط النظام الإسلامي، وهي أهداف تبدو بعيدة المنال، وتثير شكوكا واسعة حتى داخل الدوائر الأمنية والعسكرية في إسرائيل.
المفارقة أن إسرائيل -حسب معظم التحليلات- انزلقت إلى حرب بلا خطة خروج واضحة، في ظل صمت أميركي ثقيل يزيد الضبابية، خصوصا من قِبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يحدد بعد موقفا صريحا بشأن التدخل أو الانخراط في هذه الحرب.
ويبدو أن الإجماع بين المحللين والباحثين الإسرائيليين يميل إلى قناعة مفادها أن إسرائيل غير قادرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وأن اغتيال القيادة أو انهيار النظام لن يحقق بالضرورة تفكيك المشروع النووي أو انهيار الدولة الإيرانية، وتحذر من أن النجاحات التكتيكية الحالية قد تتحول إلى عبء إستراتيجي إذا طالت الحرب.
ووسط هذه التحذيرات، استعرضت التحليلات والقراءات الإسرائيلية ملامح السيناريوهات المتوقعة، وسط ترقب ثقيل لموقف واشنطن، وقلق متزايد من احتمال تورط طويل الأمد لإسرائيل في حرب بلا نهاية واضحة.
مواجهة معقدةيقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إنه وبعد أسبوع من اندلاع الحرب مع إيران "يتضح أكثر وأكثر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زج بإسرائيل في مواجهة معقدة دون إستراتيجية خروج واضحة، وسط تردد ترامب بين خوض المعركة أو العودة إلى طاولة المفاوضات".
إعلانويضيف هرئيل إنه "في إسرائيل تتعاظم القناعة بأن تدمير المشروع النووي الإيراني لن يتحقق من دون تدخل أميركي مباشر، خاصة لقصف منشأة فوردو المحصنة"، ورغم تحقيق إنجازات أولية، فإن القدرات الإسرائيلية وحدها غير كافية، واحتمال التورط في حرب استنزاف طويلة بات ماثلا، حسب تقديرات المحلل العسكري.
ولفت إلى أن ترامب -الذي لم يعلن موقفا حاسما حتى الآن- يوازن بين خيارين، دعم الهجوم الإسرائيلي أو التفاوض على اتفاق جديد بشروط أكثر تشددا، مشيرا إلى أنه "في واشنطن، يدور صراع داخلي بين صقور يدفعون نحو التصعيد وحمائم يفضلون الانكفاء، بينما القرار النهائي لا يزال غامضا".
وخلص للقول "مع ارتفاع الضغط على الجبهة الداخلية وتزايد الكلفة الاقتصادية والهجمات الصاروخية الدقيقة، فإن كل يوم يمر دون حسم أو مخرج، يعمّق تورط إسرائيل في حرب لم تحدد أهدافها النهائية، ولا تملك خطة لإنهائها".
من جانبه، يرى محلل الشؤون الشرق أوسطية في "يديعوت أحرونوت" آفي يسسخاروف، أن الوقت قد حان لتغيير المعادلة، "فضرب المشروع النووي الإيراني لم يعد كافيا، بل يجب توجيه الأنظار نحو علي خامنئي نفسه، المرشد الأعلى لإيران، والمهندس الأول لكل سياسات طهران العدائية"، حسب تعبيره.
وفي ظل تصعيد إيران واستهدافها المباشر لعمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية، يرى يسسخاروف أن الرسالة يجب أن تكون واضحة "لا أحد بمنأى، ولا حتى المرشد الأعلى"، مؤكدا أن "اغتيال خامنئي -رغم صعوبته- قد يفتح الباب أمام قيادة إيرانية أكثر عقلانية واستعدادا للحوار".
ورغم المخاوف من أن يؤدي اغتياله إلى تصعيد فوري، يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن "بديله قد يكون أكثر اعتدالا، أو على الأقل أقل تطرفا، فخامنئي ليس فقط مرشدا دينيا، بل رأس إمبراطورية عسكرية تمتد من غزة إلى فنزويلا، وضربه سيكون خدمة للعالم بأسره"، برأي يسسخاروف.
أهداف إسرائيليقول المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" شالوم يروشالمي، إنه في حين أن المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" حدّد أهداف الحرب بـ"القضاء على برنامج إيران النووي، وتحجيم الصواريخ، وتفكيك محور الشر"، ذهب وزير الدفاع يسرائيل كاتس إلى خطوة أبعد من ذلك.
وأشار المحلل السياسي إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي قال إن "إسقاط النظام الإيراني وقتل خامنئي" باتا من أهداف إسرائيل، وذلك في تصريح حاد وصف فيه المرشد الأعلى بـ"هتلر العصر الحديث"، حيث بدا كاتس وكأنه يستلهم نبرته من الوزير المتطرف بن غفير الذي وقف إلى جانبه.
ولفت إلى أن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة– حاول النأي بنفسه عن التصريح، معتبرا أنه لا يخدم الحملة العسكرية، "لكن كاتس -الذي يعيش ذروة نفوذه السياسي- لا يبدو معنيا بالاصطفاف خلف رئيس الحكومة، ما يقوم به هو إعادة إنتاج لنمط سياسي مألوف في تاريخ الليكود، وهو مزايدة اليمين على اليمين"، يقول يروشالمي.
لكن السؤال الجوهري -حسب يروشالمي- ليس من يصرح أكثر "بل ماذا تحقق إسرائيل إذا نجحت فعلا في اغتيال خامنئي؟"، محذرا من أن أي تغيير جذري في إيران يجب أن ينبع من الداخل الشعبي لا من الخارج، "وإلا فقد يولد ارتدادا أو تعاطفا مع النظام".
إعلان السيناريوهات المحتملةوتحت عنوان "غموض في خضم حملة عسكرية"، كتب الدكتور راز زيميت، رئيس برنامج إيران والمحور الشيعي في معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، تحليلا شاملا حول مجريات الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران.
وفي مقاله، استعرض زيميت السيناريوهات المحتملة للصراع، وموازين القوى، والخيارات الإستراتيجية المتاحة للطرفين، مشيرا إلى أن "إسرائيل لا تزال تنتظر القرار الحاسم من ترامب، وهو العامل الذي قد يُغيّر معادلة المواجهة".
يقول الباحث الإسرائيلي "حتى بعد 7 أيام من اندلاع الحرب، لا تزال الصورة ضبابية، والأسئلة أكثر من الإجابات"، فهذه أول مواجهة مباشرة تخوضها إسرائيل مع دولة ذات سيادة منذ عقود، بينما تواجه إيران واقعا معقدا لم تشهده منذ الحرب مع العراق.
وأكد زيميت أن إيران، حتى اللحظة، تمتلك "مساحة للتنفس" في ظل الضغوط العسكرية، مستفيدة من عامل الوقت والتردد الأميركي بالتصعيد المباشر، لكنه في المقابل، يطرح تساؤلا مركزيا: هل تملك طهران القدرة على امتصاص حملة عسكرية طويلة الأمد، تُلحق ضررا متراكما بأصولها الإستراتيجية، وقد تُفضي إلى زعزعة استقرار النظام؟
وأشار إلى أن الغموض يلفّ الحملة العسكرية الحالية، فلا الطرف الإيراني يبدو على وشك الانهيار، ولا إسرائيل تملك رؤية واضحة لإنهاء الحرب أو ضمان تحقيق أهدافها بالكامل، وبينما تتجه الأنظار إلى واشنطن، يبقى الحسم معلقا على قرارات لم تُتخذ بعد.
وخلص للقول "نحن أمام لحظة مفصلية يتوجب فيها الحذر في التقديرات، وتجنب المبالغات، والاعتراف بأن التحولات الجارية قد تُعيد تشكيل الشرق الأوسط بأسره، ليس فقط نتيجة للهجوم الإسرائيلي على إيران، بل بفعل الفرص والأزمات التي يولدها".