"معرض هاينان الدولي".. ركيزة الصين في مواجهة التحديات التجارية
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
تشو شيوان **
يتساءل الكثيرون كيف ستكون قوة الاقتصاد الصيني على امتصاص الصدمات ومواجهة أزمة التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين، والتي قامت الصين بدورها بفرض تعريفات جمركية على البضائع الأمريكية؟
وفي مواجهة هذه الإجراءات الحمائية، تعمل الصين على تسريع تكامل التجارة الداخلية والخارجية من ناحية، ومن ناحية أخرى، تمضي قُدمًا بخطى ثابتة نحو توسيع انفتاحها على الخارج، وخلال الفترة المقبلة سوف يرى العالم بشكل أكثر وضوحًا أن نزعة الحماية التجارية طريق مسدود، وأن الانفتاح والتعاون فقط هما القادران على كسب المستقبل، وهذا رهان قوي ستتكشف نتائجه يومًا بعد يوم.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتصاعد موجة الحمائية التجارية، يبرُز معرض هاينان الدولي الخامس للسلع الاستهلاكية كإحدى الركائز الحيوية التي تعتمد عليها الصين لتعزيز مرونة تجارتها الخارجية. ففي الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة تعريفات جمركية عشوائية وتواجه العولمة الاقتصادية عراقيل متزايدة، نجحت الصين في تقديم رسالة واضحة للعالم: أن الانفتاح والتعاون لا يزالان خيارها الاستراتيجي، وهذا الخيار لا يمكن للصين التخلي عنه أولًا كدولة مسؤولة تمارس دورها الإيجابي العالمي، وثانيًا كدولة كبرى اقتصاديًا ولها حلول الاستراتيجية لمواجهة جميع التحديات.
لقد اختتم المعرض في 18 أبريل الجاري، مُحقِّقًا أرقامًا قياسية؛ حيث استقطب أكثر من 1767 شركة و4209 علامات تجارية من 71 دولة ومنطقة حول العالم، وبلغ حجم التعاون المُوَقَّع خلال المعرض حوالي 92 مليار يوان صيني؛ مما يعكس الثقة المتزايدة بالسوق الصينية رغم التقلبات الدولية. المثير للاهتمام أن مئات الشركات أكدت رغبتها في المشاركة في الدورة المقبلة، ما يُبرهن على الجاذبية المتنامية للسوق الاستهلاكية الصينية، وهذه الأرقام خير برهان على أن الانفتاح والتعاون هما الأساس والطريق الأسلم لضمان استقرار العالم اقتصاديًا.
يأتي هذا النجاح مدعومًا بإمكانات السوق المحلية؛ إذ وصلت مبيعات التجزئة إلى 48.8 تريليون يوان صيني عام 2024؛ بزيادة سنوية قدرها 3.5% مقارنة بعام 2023؛ ما يُعزِّز مكانة الصين كثاني أكبر سوق استهلاكية في العالم. وقد أشار العديد من العارضين الأجانب إلى أن فرص النمو والتوسع التي يتيحها السوق الصيني كانت الدافع الرئيسي لمشاركتهم في هذا الحدث، وأيضًا برزت أهمية هذا المعرض لكونه نافذة للسوق الصيني والتي باتت فرصة أمام الكثير من الدول ممن تمارس عليهم الولايات المتحدة حمائية تجارية غير مسبوقة، وهؤلاء يجدون في الصين والسوق الصيني فرصة كبيرة لتعويض الخسائر وتدارك الأمر.
أيضًا يجب أن نذكر هنا أن المعرض يُعزِّز مكانة هاينان بوصفها منصة رئيسية للانفتاح الاقتصادي؛ ففي إطار سياسات المنطقة الحرة يتمتع المشاركون بمزايا مثل التعرِفة الصفرية؛ مما يسهم في تدفق السلع عالية الجودة إلى الأسواق الصينية والعالمية على حد سواء، وهذا التوجه يضع هاينان في موقع الريادة كمحور حيوي للتجارة الحرة والانفتاح، وهنا يجب القول إن الصين تمضي في الاتجاه المعاكس للولايات المتحدة؛ فالصين تدفع نحو الانفتاح والتشارك، بينما الولايات المتحدة تسير نحو الانغلاق والحمائية.
من جهة أخرى، يعكس المعرض ديناميكية الابتكار في الصين، فمع تسارع تطوير قوى إنتاجية جديدة وعالية الجودة، يتم تجديد السوق الاستهلاكية الصينية باستمرار؛ ما يوفر بيئة خصبة لنمو الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء. وأظهر تقرير الابتكار الوطني الأخير أن الصين قفزت 10 مراكز خلال عقد واحد، لتصبح ضمن العشرة الأوائل عالميًا في مجال الابتكار، وهو عامل محوري في تعزيز مرونة التجارة الخارجية، وهذه النقطة تحديدًا أجدها من أهم النقاط؛ حيث إن الصين تؤمن بأن الابتكار هو من سيقود المستقبل وهو المحرك الأساسي للاقتصاد.
وفي ظل استمرار انعقاد معارض دولية كبرى مثل معرض كانتون ومعرض الصين الدولي للاستيراد، تواصل الصين الوفاء بوعودها بالانفتاح العملي، لا بالأقوال فقط؛ بل بالأفعال، خصوصًا وسط حالة الاضطراب في النظام التجاري العالمي. وهنا يقدم معرض هاينان دليلًا حيًا على قدرة الصين على تحويل التحديات إلى فرص، معتمدة على سوقها الواسعة، وسياساتها التفضيلية وديناميكية الابتكار الدائم.
وفي النهاية، لدي رأي أجده مهمًا بأن الانفتاح هو الحل؛ إذ إن الصين لا تزال قلب الاقتصاد العالمي النابض من خلال الجمع بين قوة السوق المحلية، والابتكار التكنولوجي، والشراكات العالمية، كما تُظهر الصين أن الحمائية ليست حلًا؛ بل الانفتاح والتعاون هما الطريق لاقتصاد مستقر ومزدهر. وكما قال أحد العارضين الأجانب: "السوق الصينية ليست فقط كبيرة، ولكنها ديناميكية وتقدم فرصًا لا مثيل لها". وبهذه الروح، تواصل الصين كتابة فصل جديد في تاريخ التجارة العالمية؛ فصل تقوده الشراكات وليس الحواجز، والثقة لا الشكوك.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية - العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مشاركة متميزة لـ 12 شركة تركية في معرض الرعاية الطبية بدمشق
دمشق-سانا
حرصت الشركات الطبية التركية رغم ظروف الطيران غير المستقرة في المنطقة، على السفر والمشاركة في الدورة الـ “18” من معرض الرعاية الطبية، في مدينة المعارض بدمشق، حيث تمثلت هذه المشاركة بـ 12 شركة متخصصة في التجهيزات الطبية، والمكملات الغذائية، وأجهزة التصوير الشعاعي، والمواد الطبية.
وتعد شركة “meiosis” التركية، وفق تصريح علي الشوا لمراسل “سانا” من أبرز الشركات المتخصصة في صناعة التجهيزات الطبية المتعددة، من عربات طوارئ إلى كراسي علاج وأسرة مزودة بالمعدات، وذلك يلبي احتياجات السوق السورية، وما تحتاجه من معدات تنهض بالقطاع الصحي، بعد معاناة لسنوات، مبيناً أن هذا المعرض يعد حافزاً ومنصة لتعزيز التعارف والتعاون والتواصل مع الشركات والمشافي المحلية العامة والخاصة.
وأكد فوزي العبود من شركة “بيوساني” التركية للتجهيزات الطبية، الحرص على المشاركة في هذا المعرض، لتقديم التجهيزات الطبية المتعددة، من أجهزة الأشعة والطبقي المحوري والمعدات المطلوبة لعملية القثطرة، إلى المشافي والمراكز الطبية، لتلبية احتياجات السوق السورية والنهوض بالقطاع الصحي، الذي يعاني نقصاً حاداً في التجهيزات الطبية المتطورة.
الدكتور مصطفى المحمد مدير تسويق شركة “دام ميديكل” التركية، ذكر أن الشركة الحائزة على شهادتي الجودة الـ”gmp” و”الأيزو” لديها الرغبة في المشاركة بالمعرض، لنقل خبرتها الطويلة في مجال المكملات الغذائية والتعرف على الشركات السورية ذات الاختصاص المشترك وعقد تفاهمات معها، ولفت إلى أن الشركة تقوم بإنتاج أكثر من 60 صنفاً، كالكبسولات والقطرات والمحاليل وأقراص (تابلت)، وفقاً للمواصفات القياسية العالمية، لضمان سلامة وجودة المنتجات.
المهندس بلال علولو مدير شركة “يُسرا” للمشاريع والتوريدات الطبية، أكد أن المعرض يعد فرصة مهمة للتعريف بخدمات الشركة وللتعرف على السوق السورية بهدف الدخول إليها عبر فتح عدد من الفروع للشركة، ولفت إلى أن خدماتهم تشمل تصميم مشاريع بناء المستشفيات، إضافة إلى تجهيز غرف العمليات ومنطقة التعقيم، وفق المعايير التصميمية الدولية.
واعتبر المهندس عبد الله محمود من شركة “رينوفا” للهندسة الطبية، أن المعرض منصة لتقديم كل المعدات والتجهيزات الطبية المتمثلة في التصوير الشعاعي، والرنين المغناطيسي، والطبقي المحوري، والمسرع الخطي، والمعالجة السرطانية، ولفت إلى أنه سيتم افتتاح فرع للشركة في دمشق، بعد إجراء العديد من التفاهمات مع عدد من الوكلاء.
وأوضح المدير العام للشركة المنظمة أيمن الشماع في تصريح لـ “سانا”، أن المشاركة التركية في المعرض تمثلت بـ 12 شركة، باختصاصات طبية مختلفة، وهناك شركات لم تستطع القدوم جراء ظروف الطيران الحالية في المنطقة، لافتاً إلى أن حضور الشركات التركية في معرض الرعاية الطبية، الهدف منه تبادل الخبرات والمعارف مع الشركات الأخرى، كما يعكس حرصها على التواجد في المعارض السورية، والمساهمة بنجاحها.
وتُختتم اليوم فعاليات المعرض الطبي الدولي على أرض مدينة المعارض، والذي حظي بمشاركة 85 شركة محلية للتجهيزات الطبية والصناعات الدوائية، و51 شركة ممثلة عن 170 وكالة خارجية من 29 دولة عربية وأجنبية.
تابعوا أخبار سانا على