من الوعيد إلى التراجع: ترامب أمام جدار صنعاء الصلب… واليمن يعيد رسم هيبة القوة في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
يمانيون../
في تحول سياسي لافت يعكس حجم الورطة الأمريكية المتنامية في البحر الأحمر، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليطل بوجه مختلف، بعيداً عن صلف التهديدات وادعاءات الهيمنة، ليعلن ما يشبه الإقرار بالعجز أمام الصمود اليمني، مفضلاً الحديث عن “أمل بتراجع العمليات” بدلاً من لغة الحسم التي لطالما ميّزت خطابه العدواني.
من التصعيد إلى التخفيض: تغيّر في اللهجة يكشف عن أزمة القرار الأمريكي
منذ اللحظات الأولى لانخراط أمريكا في العدوان المباشر على اليمن مطلع العام الجاري، ظهر ترامب كقائد يتحدث بلغة المنتصر قبل المواجهة، مستخدمًا عبارات حاسمة عن “القضاء على الحوثيين” و”تأمين حرية الملاحة بالقوة”. إلا أن الميدان اليمني لم يمنحه سوى الهزائم السياسية والعسكرية المتلاحقة، وهو ما أجبره – بعد أشهر من الفشل – على إعادة ضبط لهجته، والانتقال من صيغة التهديد إلى تعابير تُشبه التوسّل السياسي أو الإقرار غير المباشر بالهزيمة.
إن عبارة “حتى تتراجع تهديدات الحوثيين” التي استخدمها ترامب حديثاً ليست سوى اعتراف صريح بأن صنعاء تملك زمام المبادرة، وأن استمرار العمليات العسكرية الأمريكية لم يؤدِّ إلى أي نتيجة ملموسة سوى إثقال كاهل واشنطن سياسياً وعسكرياً. فالعمليات اليمنية لم تتوقف، بل ازدادت دقة وتنظيماً وتأثيراً، بينما انكشفت هشاشة القدرة الأمريكية على تطويع المشهد لصالح أجندتها أو أجندة الكيان الصهيوني.
العجز العسكري في مواجهة صنعاء: تفوق تكتيكي أم انهيار استراتيجي؟
يحاول ترامب، في تصريحه الجديد، الإيحاء بأن العدوان الأمريكي قد “حقق إنجازات”، بالإشارة إلى استهداف ما وصفه بـ “مخازن أسلحة وقيادات”، إلا أن هذه التصريحات تتهاوى أمام الوقائع الميدانية. رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، المشير مهدي المشاط، أكد بوضوح أن القدرات العسكرية اليمنية لم تتضرر ولو بنسبة 1%، وهو ما يمكن اعتباره شهادة ميدانية موثوقة صادرة من مصدر مسؤول، تدعمها الحقائق الماثلة على الأرض، والتي تشير إلى تزايد عدد العمليات اليمنية ونوعيتها واتساع نطاقها الجغرافي.
إن إخفاق الضربات الجوية الأمريكية في التأثير على البنية التحتية العسكرية اليمنية يعكس ليس فقط فشلًا استخباراتيًا وتكتيكيًا، بل خللاً استراتيجياً أكبر في تقدير القدرات اليمنية، التي أصبحت تنفذ عمليات دقيقة وعابرة للمجال البحري والجغرافي، رغم امتلاك العدو لتفوق تقني ومظلة أقمار صناعية متقدمة.
حرية الملاحة… من ورقة ضغط إلى نقطة ضعف أمريكية
لم يكن البحر الأحمر مجرد ممر ملاحي في حسابات الولايات المتحدة، بل أداة ضغط استراتيجية تُوظَّف عند اللزوم لتقييد حركات الدول المقاومة. لكن اليوم، انقلبت المعادلة، وباتت الملاحة الأمريكية – ومعها الصهيونية – هي التي تتلقى الضربات، فيما باتت حرية الملاحة ورقة في يد صنعاء.
تصريح ترامب الأخير، الذي بدا كأنه “رجاء” لتراجع العمليات، يعكس إدراك واشنطن بأن المجتمع الدولي لم يعد يشتري سرديتها، خصوصاً بعدما بات واضحاً أن اليمن لا يستهدف إلا السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني أو بالعدوان على غزة. أما السفن التابعة لدول محايدة أو صديقة، فلا تجد في العمليات اليمنية تهديدًا يُذكر، وهو ما دفع عواصم عديدة – حتى من شركاء واشنطن – إلى اتخاذ مواقف أكثر تحفظاً، وعدم الانخراط في التحالف البحري الأمريكي.
المعادلة الجديدة: اليمن يصوغ توازن الردع من باب المندب إلى واشنطن
ما تشهده لهجة ترامب اليوم ليس مجرد تحول شخصي، بل انعكاس لانهيار الرهان الأمريكي على كسر اليمن بالقوة. لقد أصبح اليمن، وبشكل غير مسبوق، طرفًا يُرسم حوله القرار الدولي، بعدما فرض نفسه بقوة الصمود، ودقة الضربات، وثبات الموقف الأخلاقي والإنساني الداعم لغزة.
وبدلًا من أن يكون البحر الأحمر بحيرة أمريكية كما حلم البنتاغون لسنوات، باتت حركة السفن الأمريكية فيه رهناً بما تقرره صنعاء. وبدلاً من أن تكون اليمن ساحة اختبار للأسلحة الأمريكية، أصبحت مختبرًا عالميًا لتعرية العجز الأمريكي أمام حركات المقاومة التي لا تملك إلا الإرادة والبأس.
ختامًا: سقوط عنجهية ترامب في البحر الأحمر
منذ بدء العدوان، سعى ترامب لإعادة تسويق نفسه كـ”رجل الحسم” الذي يعيد الهيبة لأمريكا. غير أن الواقع سرعان ما دفعه إلى التخلي عن مفردات النصر لصالح عبارات تُخفي قلقاً وهزيمة وارتباكاً. فالميدان لا يعترف بالرغبات، وساحات الصراع لا تدار بالشعارات، بل تُحكم بلغة القوة والثبات، وهي اللغة التي يتقنها اليمن جيداً.
وبينما يحاول ترامب الحفاظ على ماء وجهه بمصطلحات مراوغة، تمضي صنعاء في طريقها بثقة وثبات، راسمة بعملياتها مساراً جديداً لمعادلات الردع، ومعيدة تشكيل الجغرافيا السياسية والعسكرية في الإقليم… فهذه لم تعد حربًا على اليمن، بل حربًا كشفت أمريكا.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
الحوثيون يدخلون المشهد.. تهديد علني باستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر
شنت إسرائيل هجومًا جويًا واسعًا استهدف عشرات المواقع في منطقة الأهواز جنوبي إيران، مستخدمة أكثر من 30 طائرة مقاتلة، في تطور دراماتيكي ينذر بانزلاق المنطقة إلى صراع مفتوح، لكن الرد الإيراني لم يتأخر، والرسائل كانت واضحة: أي تدخل أمريكي سيقابل برد مباشر، وفي اليمن، دخلت جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) على خط التهديد، متوعدة باستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، هذا المشهد الإقليمي بات أكثر احتقانًا من أي وقت مضى، مع اغتيالات، وتصريحات نارية، وتحذيرات من قوى إقليمية كتركيا، وسط تصاعد الدعوات الدولية لضبط النفس، مقابل تحذيرات متزايدة من انزلاق المنطقة إلى حرب لا تُبقي ولا تذر.
في التفاصيل، أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت، 21 يونيو، شن سلسلة من الغارات الجوية استهدفت عشرات المواقع في منطقة الأهواز جنوب غربي إيران، مستخدمًا نحو 30 طائرة مقاتلة في العملية.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أنه “تم استهداف منصات إطلاق صواريخ كانت تستخدم لقصف الأراضي الإسرائيلية”، مؤكدًا أن الهجوم يأتي في إطار “حق الدفاع عن النفس والرد على مصادر النيران”.
وفي المقابل، توعدت طهران بالرد، معتبرة الهجوم “انتهاكًا صارخًا لسيادة أراضيها”، محذرة من أن أي تدخل خارجي، خصوصًا من قبل الولايات المتحدة، سيقابل برد مباشر على القواعد الأمريكية في المنطقة، وفق تصريحات متفرقة لمسؤولين إيرانيين.
في السياق، أفادت تقارير متطابقة، اليوم السبت، بمقتل حسين خليل، المرافق الشخصي والأمين الخاص للأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، إضافة إلى نجله، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة قرب الحدود الإيرانية-العراقية.
ووفق مصادر إعلامية لبنانية ودولية، فإن الغارة نُفذت أثناء عبور خليل ونجله وشخصية عراقية بارزة الأراضي العراقية باتجاه إيران، وأسفرت عن مقتلهم جميعاً.
وأشارت المعلومات إلى أن الشخصية العراقية التي لقيت مصرعها في الغارة هي ميدر الموسوي، أحد القادة البارزين في “كتيبة سيد الشهداء” العراقية، المرتبطة بالحشد الشعبي.
ويُعرف حسين خليل، الذي يُلقب بـ”أبو علي خليل”، بأنه من الشخصيات الأمنية المقربة من حسن نصر الله، وكان يشغل موقع المرافق الأول له منذ سنوات.
إلى ذلك، أكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، اليوم السبت، أن بلاده لن تتخلى عن أنشطتها النووية السلمية تحت أي ظرف، وذلك في ظل التصعيد الإقليمي المستمر والحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل.
وجاءت تصريحات بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، حيث شدد على أن طهران منفتحة على التعاون والحوار، لكنها ترفض أية ضغوط أو شروط ترمي إلى وقف برنامجها النووي.
وقال الرئيس الإيراني في تصريحه: “نحن مستعدون للمناقشة والتعاون من أجل بناء الثقة في مجال الأنشطة النووية السلمية، ومع ذلك، لا نقبل بخفض هذه الأنشطة إلى الصفر تحت أي ظرف”.
مقتل العالم النووي سيد إيثار طباطبائي وزوجته في هجوم مسلح
أعلنت وسائل إعلام إيرانية، اليوم السبت، مقتل العالم النووي الإيراني الدكتور سيد إيثار طباطبائي قمشه وزوجته منصورة حاجي سالم، إثر هجوم مسلح استهدف منزلهما أواخر الأسبوع الماضي.
وذكرت وكالة “مهر” أن الدكتور طباطبائي يُعتبر من العلماء غير المعروفين للجمهور في قطاع الصناعة النووية الإيرانية، لكنه كان له دور مهم في تطوير هذا المجال الحيوي.
وحصل طباطبائي على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية عام 2004، ثم نال الدكتوراه في الهندسة النووية عام 2007، وكرّس حياته لخدمة الصناعة النووية الإيرانية.
أردوغان متفائل بنصر إيران في المواجهة مع إسرائيل ويندد بالاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة
أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، خلال الاجتماع الـ51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، عن تفاؤله بأن النصر سيكون إلى جانب إيران في المواجهة العسكرية المتصاعدة التي بدأت بها إسرائيل.
وأشار أردوغان إلى أن الهجمات الإسرائيلية تجاوزت غزة لتشمل لبنان وسوريا واليمن، وهاجمت إيران أيضاً، واصفاً حكومة نتنياهو بأنها “أكبر عائق أمام السلام” وأن هجماتها تمثل أعمال بلطجة في المنطقة.
وشدد أردوغان على شرعية الإجراءات الإيرانية في الرد على الهجمات، منتقداً ما اعتبره محاولة إسرائيل تخريب المسار السياسي والدبلوماسي حول البرنامج النووي الإيراني.
وأضاف أن حكومة نتنياهو تسعى إلى جر المنطقة إلى كارثة، مؤكداً أن تركيا لن تسمح بإعادة رسم نظام المنطقة على غرار “سايكس بيكو”، وناشد الدول المؤثرة على إسرائيل بعدم الانخداع وضرورة اللجوء إلى الدبلوماسية والحوار.
وتطرق أردوغان إلى القضية الفلسطينية، معبراً عن دعم تركيا الكامل لفلسطين، وندد بالاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، داعياً إلى ضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين كضرورة ملحة.
الحوثيون يتوعدون: سنستهدف السفن الأمريكية في البحر الأحمر إذا شاركت واشنطن في الهجوم على إيران
حذرت جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) في اليمن، اليوم السبت، من أنها ستستهدف السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، في حال شاركت الولايات المتحدة في أي هجوم على إيران إلى جانب إسرائيل.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة، العميد يحيى سريع، في بيان رسمي، إن “أي عدوان أمريكي داعم لإسرائيل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سيكون بمثابة عدوان مباشر يستهدف الأمة كلها، ويخدم مخطط السيطرة الصهيونية على المنطقة”.
وأكد سريع أن القوات المسلحة اليمنية “ستتخذ إجراءات عسكرية مباشرة ضد السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر”، مشدداً على أن المعركة الحالية “تتجاوز فلسطين وإيران لتشمل مصير الأمة العربية والإسلامية بأسرها”.
وجدد المتحدث باسم الحوثيين موقف الجماعة الداعم لحركات المقاومة في غزة ولبنان وسوريا، معتبراً أن إسرائيل تسعى لفرض “مخطط استعماري صهيوني” بدعم أمريكي مفتوح، ومحذراً من أن اليمن “لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي عدوان يستهدف دول المنطقة”.
وأضاف سريع: “إننا نتابع عن كثب كل التحركات العسكرية في المنطقة وسنتخذ ما يلزم من إجراءات مشروعة للدفاع عن اليمن وشعبه، وسنقف مع أي بلد عربي أو إسلامي يتعرض للعدوان الصهيوني”.
وختم بيانه بالتأكيد على أن “الوقوف إلى جانب غزة والمقاومة واجب لن نتخلى عنه، ولن نسمح لإسرائيل المدعومة أمريكياً بتمرير مخططاتها في المنطقة”.