يمانيون../
في تحول سياسي لافت يعكس حجم الورطة الأمريكية المتنامية في البحر الأحمر، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليطل بوجه مختلف، بعيداً عن صلف التهديدات وادعاءات الهيمنة، ليعلن ما يشبه الإقرار بالعجز أمام الصمود اليمني، مفضلاً الحديث عن “أمل بتراجع العمليات” بدلاً من لغة الحسم التي لطالما ميّزت خطابه العدواني.

من التصعيد إلى التخفيض: تغيّر في اللهجة يكشف عن أزمة القرار الأمريكي
منذ اللحظات الأولى لانخراط أمريكا في العدوان المباشر على اليمن مطلع العام الجاري، ظهر ترامب كقائد يتحدث بلغة المنتصر قبل المواجهة، مستخدمًا عبارات حاسمة عن “القضاء على الحوثيين” و”تأمين حرية الملاحة بالقوة”. إلا أن الميدان اليمني لم يمنحه سوى الهزائم السياسية والعسكرية المتلاحقة، وهو ما أجبره – بعد أشهر من الفشل – على إعادة ضبط لهجته، والانتقال من صيغة التهديد إلى تعابير تُشبه التوسّل السياسي أو الإقرار غير المباشر بالهزيمة.

إن عبارة “حتى تتراجع تهديدات الحوثيين” التي استخدمها ترامب حديثاً ليست سوى اعتراف صريح بأن صنعاء تملك زمام المبادرة، وأن استمرار العمليات العسكرية الأمريكية لم يؤدِّ إلى أي نتيجة ملموسة سوى إثقال كاهل واشنطن سياسياً وعسكرياً. فالعمليات اليمنية لم تتوقف، بل ازدادت دقة وتنظيماً وتأثيراً، بينما انكشفت هشاشة القدرة الأمريكية على تطويع المشهد لصالح أجندتها أو أجندة الكيان الصهيوني.

العجز العسكري في مواجهة صنعاء: تفوق تكتيكي أم انهيار استراتيجي؟
يحاول ترامب، في تصريحه الجديد، الإيحاء بأن العدوان الأمريكي قد “حقق إنجازات”، بالإشارة إلى استهداف ما وصفه بـ “مخازن أسلحة وقيادات”، إلا أن هذه التصريحات تتهاوى أمام الوقائع الميدانية. رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، المشير مهدي المشاط، أكد بوضوح أن القدرات العسكرية اليمنية لم تتضرر ولو بنسبة 1%، وهو ما يمكن اعتباره شهادة ميدانية موثوقة صادرة من مصدر مسؤول، تدعمها الحقائق الماثلة على الأرض، والتي تشير إلى تزايد عدد العمليات اليمنية ونوعيتها واتساع نطاقها الجغرافي.

إن إخفاق الضربات الجوية الأمريكية في التأثير على البنية التحتية العسكرية اليمنية يعكس ليس فقط فشلًا استخباراتيًا وتكتيكيًا، بل خللاً استراتيجياً أكبر في تقدير القدرات اليمنية، التي أصبحت تنفذ عمليات دقيقة وعابرة للمجال البحري والجغرافي، رغم امتلاك العدو لتفوق تقني ومظلة أقمار صناعية متقدمة.

حرية الملاحة… من ورقة ضغط إلى نقطة ضعف أمريكية
لم يكن البحر الأحمر مجرد ممر ملاحي في حسابات الولايات المتحدة، بل أداة ضغط استراتيجية تُوظَّف عند اللزوم لتقييد حركات الدول المقاومة. لكن اليوم، انقلبت المعادلة، وباتت الملاحة الأمريكية – ومعها الصهيونية – هي التي تتلقى الضربات، فيما باتت حرية الملاحة ورقة في يد صنعاء.

تصريح ترامب الأخير، الذي بدا كأنه “رجاء” لتراجع العمليات، يعكس إدراك واشنطن بأن المجتمع الدولي لم يعد يشتري سرديتها، خصوصاً بعدما بات واضحاً أن اليمن لا يستهدف إلا السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني أو بالعدوان على غزة. أما السفن التابعة لدول محايدة أو صديقة، فلا تجد في العمليات اليمنية تهديدًا يُذكر، وهو ما دفع عواصم عديدة – حتى من شركاء واشنطن – إلى اتخاذ مواقف أكثر تحفظاً، وعدم الانخراط في التحالف البحري الأمريكي.

المعادلة الجديدة: اليمن يصوغ توازن الردع من باب المندب إلى واشنطن
ما تشهده لهجة ترامب اليوم ليس مجرد تحول شخصي، بل انعكاس لانهيار الرهان الأمريكي على كسر اليمن بالقوة. لقد أصبح اليمن، وبشكل غير مسبوق، طرفًا يُرسم حوله القرار الدولي، بعدما فرض نفسه بقوة الصمود، ودقة الضربات، وثبات الموقف الأخلاقي والإنساني الداعم لغزة.

وبدلًا من أن يكون البحر الأحمر بحيرة أمريكية كما حلم البنتاغون لسنوات، باتت حركة السفن الأمريكية فيه رهناً بما تقرره صنعاء. وبدلاً من أن تكون اليمن ساحة اختبار للأسلحة الأمريكية، أصبحت مختبرًا عالميًا لتعرية العجز الأمريكي أمام حركات المقاومة التي لا تملك إلا الإرادة والبأس.

ختامًا: سقوط عنجهية ترامب في البحر الأحمر
منذ بدء العدوان، سعى ترامب لإعادة تسويق نفسه كـ”رجل الحسم” الذي يعيد الهيبة لأمريكا. غير أن الواقع سرعان ما دفعه إلى التخلي عن مفردات النصر لصالح عبارات تُخفي قلقاً وهزيمة وارتباكاً. فالميدان لا يعترف بالرغبات، وساحات الصراع لا تدار بالشعارات، بل تُحكم بلغة القوة والثبات، وهي اللغة التي يتقنها اليمن جيداً.

وبينما يحاول ترامب الحفاظ على ماء وجهه بمصطلحات مراوغة، تمضي صنعاء في طريقها بثقة وثبات، راسمة بعملياتها مساراً جديداً لمعادلات الردع، ومعيدة تشكيل الجغرافيا السياسية والعسكرية في الإقليم… فهذه لم تعد حربًا على اليمن، بل حربًا كشفت أمريكا.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

درجات الحرارة المتوقعة في محافظات مصر.. غدًا 

أعلنت الهيئة العامة للأرصاد الجوية أن البلاد ستشهد، غدًا الأحد 12 أكتوبر 2025، طقسًا خريفيًا مائلًا للبرودة في الصباح الباكر، مائلًا للحرارة نهارًا على أغلب الأنحاء، حارًا على جنوب الصعيد، بينما يكون معتدل الحرارة ليلًا على أغلب الأنحاء ومائلًا للبرودة آخر الليل.

وأوضحت الهيئة في بيانها تفاصيل درجات الحرارة المتوقعة غدًا على مختلف أنحاء الجمهورية، حيث من المتوقع أن تسجل القاهرة الكبرى والوجه البحري 28 للعظمى و27 للصغرى، بينما تسجل جنوب سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر 34 للعظمى و25 للصغرى.

كما أشارت الأرصاد إلى أبرز الظواهر الجوية المتوقعة:

شبورة مائية من الرابعة حتى الثامنة صباحًا على بعض الطرق المؤدية من وإلى شمال البلاد حتى شمال الصعيد، تشمل القاهرة الكبرى والوجه البحري والسواحل الشمالية ومدن القناة ووسط سيناء.
ظهور بعض السحب المنخفضة على مناطق من شمال البلاد حتى شمال الصعيد.
نشاط رياح على فترات متقطعة (من 20 إلى 40 كم/س) على مناطق من السواحل الشمالية وجنوب سيناء وشمال الصعيد.وأوضحت الهيئة أن حالة البحرين ستكون على النحو التالي:

البحر المتوسط: معتدل، يتراوح ارتفاع الموج بين 1.5 و2 متر.
البحر الأحمر: معتدل إلى مضطرب، يتراوح ارتفاع الموج بين 2 و3.2 متر، مع نشاط للرياح الشمالية الغربية على بعض المناطق من سواحل البحر الأحمر وخليج السويس.

ونصحت الهيئة قائدي المركبات بتوخي الحذر أثناء القيادة في الصباح الباكر؛ بسبب الشبورة المائية، خاصة على الطرق الزراعية والسريعة والقريبة من المسطحات المائية.

 درجات الحرارة المتوقعة غدًا 

 

 

 


 

مقالات مشابهة

  • هكذا تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار
  • ورد الآن.. فضائح “المؤثرين المأجورين” تهز مواقع التواصل اليمنية
  • الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية: من التعرفة الجمركية إلى معركة المعادن النادرة وانعكاساتها على الإقليم واليمن
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • العمليات اليمنية البحرية.. بصماتٌ منحوتة في ردع العدوّ ورعاته
  • ناشط مغربي: اتفاق غزة ثمرة صمود المقاومة والجبهة اليمنية التي أربكت العدو الصهيوني
  • قلعة تل الخروبة في سيناء.. كشف أثري فريد يعيد رسم خريطة القوة العسكرية لمصر القديمة
  • وزير الحرب الأمريكي: تشكيل قوة مشتركة جديدة لسحق عصابات المخدرات في الكاريبي
  • درجات الحرارة المتوقعة في محافظات مصر.. غدًا 
  • القوة الأمريكية لمراقبة وقف إطلاق النار بغزة تتمركز بقاعدة هاتسور الجوية