تتحول معظم أفلام الخيال العلمي حول الذكاء الصناعي إلى قصص رعب، ويصبح الذكاء فيها هو الشر القاتل، حيث يجنح هذا النوع من الأفلام إلى اختبار المخاطر والعواقب غير المتوقعة للتقنية، التي تبدو مفيدة، ثم تنقلب على البشرية في النهاية.

ويعدّ الإنسان الآلي والذكاء الصناعي والاختراعات الأخرى ذات الصلة، موضوعات دائمة في أفلام الخيال العلمي، ونظرًا لأن الهلع من ذكاء الآلات والبرمجيات أصبح شائعًا في أيامنا الحالية، فمن الصعب عدم تذكر الدروس المستفادة من هذه الأفلام حول الذكاء الصناعي، وكيف حذّرتنا منذ سنوات عدة.

إليك بعض أشهر الأفلام التي حذّرت من ذلك المستقبل المجهول، في ظل سيطرة الآلات:

2001: أوديسة الفضاء

واحد من أقدم وأشهر الأفلام التي تناولت ثيمة الذكاء الصناعي المشكوك في نياته، فيلم "2001: أوديسة الفضاء" (2001: A Space Odyssey)، الذي أنُتج في 1968، وهو مقتبس عن رواية للكاتب آرثر سي كلارك، ويستكشف بشكل أساسي طبيعة الوجود البشري عبر التعمق في مفاهيم الزمن والتطور.

بجانب نهاية الفيلم الملهمة لعشرات المخرجين من بعده، فإن أحد أهم الجوانب التي لا تُنسى فيه هو "هال 9000″، الحاسوب ذو الذكاء الصناعي، والمسؤول عن التحكم في أنظمة سفينة الفضاء التي تدور عليها أحداث الفيلم.

في البداية، كان "هال" عضوًا يمكن الاعتماد عليه من طاقم المركبة الفضائية، لكن الذكاء الصناعي يبدأ في التعطل، وينقلب على رفاقه من البشر.

وعلى الرغم من أن رواد الفضاء يحاولون مناقشة عطل "هال" سرًا، فإن الحاسوب يقرأ شفاههم، ويدرك الخطر الوشيك، ويبدأ في قتلهم واحدًا تلو الآخر.

قدّم الفيلم تصورًا مخيفًا وسابقًا لأوانه للحرب بين البشر والآلات، وعلى الرغم من أن تركيز الفيلم كان متجهًا إلى موضوعات أكثر فلسفية، لكن انقلاب "هال" على البشر لا يمكن أن يفارق عقل أي شخص شاهد هذه "الأوديسة الفضائية".

المدمر

حذّر المخرج جيمس كاميرون هوليود في 1984 من الذكاء الصناعي في فيلم "المدمر" (The Terminator)، كان هذا الفيلم نقطة البداية لسلسلة طويلة، من بطولة أرنولد شوارزنيغر في دور القاتل الآلي.

تدور أحداث الفيلم في أجواء خيالية مخيفة، ففي المستقبل وما بعد نهاية العالم كما نعرفه ينفذ الذكاء الصناعي خطة للقضاء على البشرية جمعاء، ويحاربه جيش من البشر على رأسهم: ابن سارة، جون كونور.

يعدّ فيلم "المدمر" واحدًا من أوائل أفلام الخيال العلمي التي حققت نجاحًا كبيرًا، وتناولت الحرب بين البشر والآلات، وحتى اليوم يظل هذا الفيلم الكلاسيكي تذكيرًا صارخًا بمخاطر الذكاء الصناعي، ونتائج استخدامه دون رقابة بشرية.

الماتريكس

بدأت سلسلة أفلام "الماتريكس" (The Matrix) في 1999، واستمرت لسنوات وأجزاء عدة لاحقة، وكلها تدور حول مستقبل قاتم للبشرية، والسبب هو جنوح الذكاء الصناعي. فالشخصية الرئيسة "نيو" لديه فرصة لإنقاذ البشرية، ولكن لو استطاع معرفة الفارق الواهي بين الحقيقة والواقع الكاذب فقط، الذي يخلقه هذا الذكاء الشرير.

فكرة السلسلة هي أن البشرية محاصرة داخل برنامج قوي يُعرف باسم "الماتريكس"، وهو واقع يشبه الحياة يسمح لآلات الذكاء الصناعي بحصد الطاقة من أجساد البشر.

يعدّ "الماتريكس" فيلمًا مؤثرًا بشكل لا يصدّق في الثقافة العالمية، وأصبح مصدر إلهام لعدد كبير من أفلام الخيال العلمي الأخرى.

إكس ماكينا

يدور فيلم الخيال العلمي والإثارة النفسية للكاتب والمخرج أليكس جارلاند "إكس ماكينا" (Ex Machina)، حول مبرمج يسافر إلى منزل مديره التنفيذي البعيد لإجراء اختبار "تورينغ"، لإنسان آلي يعمل بالذكاء الصناعي.

واختبار "تورينغ" هو اختبار طوّره العالم البريطاني آلان تورينغ في 1950، يختبر قدرة الآلة على محاكاة الذكاء، مع ملاحظة ما إذا كان يعادل السلوك البشري.

وفي هذا الفيلم يمثّل الذكاء الصناعي الآلية "آفا"، وهو عبارة عن قصة فرانكشتاين معاصرة، ويجعل من السهل التعاطف مع "آفا" والخوف منها في آن واحد.

ميغان

تلعب أليسون ويليامز وفيوليت ماكجرو دور البطولة في فيلم "ميغان" (M3GAN) أحدث أفلام هذه القائمة، حيث تمثلان دور عمة وابنة أخت تجبرهما الظروف المأساوية على العيش معًا.

ونظرًا لالتزامها بعملها في مجال "الروبوتات"، تجد العمة "جيما" حياتها مقلوبة رأسًا على عقب، عندما أصبحت المسؤولة الوحيدة عن رعاية ابنة أخيها "كادي".

وبالتدريج يصبح أحدث مشروع لجيما -وهو دمية ذات ذكاء صناعي تدعى ميغان- مثل الصديق المثالي لكادي المنعزلة الحزينة، وبمرور الوقت أصبحت كادي مرتبطة بشكل متزايد بميغان، التي أصبحت بدورها عدوانية تجاه صديقتها ومسيطرة على حياتها.

يميل فيلم ميغان -الذي حقق نجاحًا تجاريًا كبيرًا- إلى الكوميديا في كثير من مواضعه، ولكنه في جوهره يقدّم تحذيرًا حول طبيعة الذكاء الصناعي، وكيف يمكن أن يتحول إلى خطر وعدو.

في النهاية.. فإن السؤال الذي يجب علينا اليوم أن نبحث عن إجابته هو: هل الذكاء الصناعي المخيف متمثّل فقط في "الروبوتات" ذات التفكير المستقل، أو تندرج تحته عشرات الأجهزة والتطبيقات التي أصبحت خوارزمياتها تتحكم فينا بطرق عدة، فتختار لنا ما يجب مشاهدته، أو الأماكن التي نحتاج لزيارتها، وربما تقوم عنا بمهمات في الحياة؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الصناعی فیلم ا

إقرأ أيضاً:

مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «22»

إضافة إلى ما ذُكر فـي الحلقة السابقة، فإن أطروحة سيغِفْرِد كرَكاور Siegfried Kracauer الكبرى هي ان الأفلام السينمائيَّة الألمانيَّة التي أُنتجت خلال حقبة فايمار (Weimar)/ الرَّايخ الألماني/ الجمهورية الألمانيَّة (1918—1933)، بما فـي ذلك بعض من أفضل أفلام المدرسة التعبيريَّة الألمانيَّة وأكثرها فنيَّة وشهرة، قد عكست، فـي الحقيقة، صعود النازيَّة ووصولها إلى السُّلطة، حيث يحاجج كرَكاور بأن الأفلام لا تعكس «روح الأمَّة» (zeitgeist) خلال حقبة تاريخيَّة معيَّنة فحسب، ولكنها توفِّر أيضًا متنَفَّسًا للرغبات المقموعة للثَّقافة، ومجالًا للتخلُّص من أكثر نزعاتها ومكبوتاتها اللاواعيَّة سوداويَّة وشناعة. وبصورة من الصُّور، يقول كرَكاور إن الأفلام الألمانيَّة التي أُنتجت خلال تلك الحقبة قد تنبَّأت بمجيء أدولف هتلر Adolf Hitler، شخصيّا.

وبصورة مشابهة، فإن المؤرخ السينمائي الفرنسي مارك فـيرو Marc Ferro معنيٌّ بأسئلة من قبيل كيف ان السِّينما تبوح بـ«عقليَّة» (mentalité) حقبَّة تاريخيَّة معيَّنة لدى أمَّة ما. وفـي هذا السياق، فإنه يتساءل عما إذا كانت السِّينما تُعَدُّ وثيقة مهمة ومهمَلة فـي الغالب لدراسة التَّاريخ. لقد انكبَّ فـيرو على دراسة تاريخ السينما السوفـييتيَّة ليتوصل، على عكس النُّقاد والمؤرخين «الجَماليِّين» المفرِطين فـي حقل الدِّراسات النَّظرية والنقديَّة السِّينمائية، إلى أن السينما يمكن أن تكون «مصدرًا» أو «محرِّكًا» للتاريخ، أو كلا الأمرين معًا. إن السِّينما مصدر للتاريخ لإنها ترينا الكثير من التَّمظهرات الخارجيَّة، كالجوانب الأيديولوجيَّة، والقناعات السياسيَّة، والمواقف الاجتماعيَّة والثَّقافـيَّة السَّائدة فـي برهة تاريخيَّة محدَّدة. وعلاوة على ذلك، فـيمكن للسِّينما، فـي الحقيقة، أن تحل أحيانًا محل «التَّاريخ» كما هو الحال فـي فـيلم «المدمِّرة بوتِمكِن» The Battleship Potemkin (سيرغي آيزنشتاين Sergei Eisenstein، الإتحاد السوفـييتي، 1925). لقد أصبح ذلك الفـيلم مرادِفًا فوريًَّا ولاواعيًا كلما فكرنا بما حدث فـي روسيا فـي عام 1917 على الرغم من انه يتضمن مشاهد تصوِّر «أحداثًا» لم تحدث على الإطلاق فـي تدفق الوقائع المتسارعة التي قادت إلى تأسيس أول جمهوريَّة اشتراكيَّة فـي التَّاريخ. فـي هذه الحالة، إذًا، تصبح السِّينما أداة «محرِّكة» ومساهمة فـي صياغة التَّاريخ. وحقَّا، فإن الأفلام السّينمائيَّة التي صُنِعت قبل فترة وجيزة من اشتعال أتون الحرب العالميَّة الثانية فـي عام 1939، أو بعد ذلك بمدة قصيرة، أدَّت دورًا مهمًا باعتبارها محرِّكات تاريخيَّة؛ وذلك لسبب بسيط هو أنه، وفـي ضوء سرديَّات تلك الأفلام وتمثيلاتها، فإن أفرادًا ومجموعات من النَّاس اختاروا أصدقاءهم أو أعداءهم (1).

تقدِّم نظريتا كرَكاور وفـيرو فـي العلاقة بين السِّينما والتَّاريخ أداة منهجيَّة مفـيدة لبحث العديد من الأسئلة والموضوعات التي يطرحها علينا تطوُّر أفلام الشَّيخ العربي فـي السِّينما الأمريكيَّة والمسارات المختلفة التي اختطَّها؛ حيث اقترحتُ، فـي مكان أسبق من هذه الدِّراسة، أن «التَّطور» السَّردي فـي تلك الأفلام إنما يعكس ويتمحور حول عدة أنواع من القلق والمخاوف التي انتابت المجتمع الأمريكي نفسه، سياسيَّا وثقافـيَّا، ويعبِّر عنها بصور متباينة.

لا بد، إذًا، من طرح أسئلة مُلِحَّة (ثم الإجابة عنها)، وذلك من قبيل كيف يمكن أن تساعدنا شخصيَّة الشَّيخ العربي للوصول إلى فهم أفضل للمُشَاهَدِيَّة السينمائيَّة الأمريكيَّة على النَّحو الذي مؤسِست فـيه فـي مختلف الفترات، وكيف تعكس شخصيَّة الشَّيخ العربي السِّينمائيَّة أزمات وطنيَّة مثل القلق السّياسي/ الأيديولوجي والجندري/ الجنسي كما هو مُلَمَّح به من خلال شخصيَّة الشَّيخ العربي الخُنْثَوي متكررة الظُّهور، والموضوعة جنبًا إلى جنب، بصورة تثير المفارقة، شخصيَّة الشَّيخ العربي الفحل التي لا تختفـي أبدًا، وكذلك شخصيَّة الشَّيخ العربي نصير النَّازيَّة فـي الأربعينيَّات من القرن الماضي، وشخصيَّة الشَّيخ العربي حليف السوفـييت فـي الحرب الباردة. بكلمات أخرى، لماذا وكيف أصبح الشَّيخ السِّينمائي العربي «أمريكيَّا» إلى أبعد الحدود؟

مثل الاستشراق، الذي هو ممارسة تمثيليَّة فـي المقام الأول، فإن التمثيلات تبوح بذاتها أكثر مما تكشف عن موضوعها. وبكلمات كيث موكسي Keith Moxey فإن علاقة التَّمثيلات بـ«الواقع المُحاكائي (mimetic)» تتجسد بأقل مما تظهر به فـي «الإسقاطات الثقافـيَّة، وبناء، وتقديم، ونشر القيم الثقافـيَّة» (2). وعلى نحوٍ مشابه لذلك، فإن بيتر إكس فِنغ Peter X. Feng يحاجج بأنه «لا يوجد هناك شيء اسمه تمثيل إيجابي أو تمثيل سلبي. بالأحرى، هناك تمثيلات تُحشَد وتُنشَر بصورة إيجابيَّة أو بصورة سلبيَّة، وذلك حسب السِّياقات البنائيَّة» (3). لذلك فإن على دراسة صورة الشَّيخ العربي فـي السِّينما الأمريكيَّة ألا تكون «تصحيحيَّة»، وإنني أستخدم هنا مفردة إيلا شُحط Ella Shohat وروبرت ستام Robert Stam (4) (ولهذا فإن عمل شاهين Shaheen «تصحيحيٌّ» بصورة مبالغ فـيها. ومع ذلك فإن ما قام به من دراسة مفـيد فـي حالة الجمهور عديم الفهم بالكامل للموضوع، وليس للمُنْجَمَعات النَّقديَّة والفكريَّة).

إن المرء يستحضر هنا ما أكَّده إدوَرد سعيد Edward Said عن الاستشراق نفسه: «لا ينبغي أبدًا أن يفترض المرء أن مبنى الاستشراق ليس أكثر من بناء من للأكاذيب أو الخرافات التي، إن قيلت الحقيقة بخصوصها، فإنه، ببساطة، سيذوي». على النقيض من ذلك، فإن على المرء أن يضع فـي اعتباره أن الاستشراق، بوصفه ممارسة تمثيليَّة، «يعتمد فـي استراتيجيَّته على تفوُّقٍ موضعي مرن يجعل الغربي فـي علاقة من سلسلة كاملة من العلاقات الممكنة مع الشَّرق من دون أن يفقد أبدًا الغَلَبَة النِّسبيَّة» (5). وعلى نحوٍ مشابه لما يذهب إليه سعيد، فإن ستيف نيل Steve Neale ينقد المقاربة «الواقعيَّة» لتفكيك الصُّورة النَّمطيَّة؛ إذ انه، بعد عام واحد فقط من ظهور كتاب سعيد «الاستشراق»، نشر بحثًا يحذِّر فـيه من محدوديات «تصنيف... الشَّخصيات... التي يُحَدَّد بها لها مجال ضيِّق من الأدوار المُنَمَّطة الحاطَّة من القدر» (6). وبالتالي فإنه يدعو إلى دراسة الصُّور المُنَمَّطة من منظور «السَّرد والفنتازيا» (7).

-------------------------------------

(1). Marc Ferro, Cinema and History, trans., Naomi Greene (Detroit: Wayne State University, 1988).

(2). Keith Moxey, The Practice of Theory (Ithaca: Cornell University Press, 1994), 30.

(3). Peter X. Feng, “Introduction,” in Screening Asian Americans, ed., Peter X. Feng (New Brunswick: Rutgers University Press, 2002), 5.

(4). Shohat and Stam, Unthinking Eurocentrism, 178. مصدر سابق الاقتباس

(5). Said, Orientalism, 6, 7, التوكيد أصلي. مصدر سابق الاقتباس

(6). انظر بحثه فـي:

Screen Education, nos. 32/33, Autumn/Winter 1979/80.

(7). Steve Neale, “The Same Old Story: Stereotypes and Difference” in The Screen Education Reader: Cinema, Television, Culture, eds., Manuel Alvarado, Edward Buscombe, and Richard Collins (London: The Macmillan Press, 1993), 42. التوكيد أصلي.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني

مقالات مشابهة

  • استشاري تكنولوجيا: هناك مهام لا يستطيع البشر أن يقوموا بها لولا الذكاء الاصطناعى
  • بريد الجزائر يُحذر..
  • بريطانيا تستدعي السفيرة الإسرائيلية وتفرض عقوبات.. حذرت منالتطرف الوحشي
  • ورشة عمل حول توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري والبحث العلمي
  • الصين تطلق 4 أقمار صناعية إلى الفضاء
  • تحذير طبي من خطورة وضع كمادات باردة عند ارتفاع الضغط بشدة
  • طائرة تقلع بخلل في أحد محركاتها دون أي خطورة مباشرة عليها. فيديو
  • تحذير إسباني من خطورة الوضع في غزة وإدانة لتصاعد وتيرة العدوان
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «22»
  • الكائنات الغريبة التي لم نعهدها