محمد الجوهري
مع دخول اليمن عامه الثاني في مواجهة مباشرة مع العدوان الصهيو-أمريكي، والذي يستهدف استقلاله السياسي ووحدته الوطنية، ويسعى لمنع نصرة الشعب اليمني لإخوانه في قطاع غزة، أصبح من الملحّ أن تتخذ الدولة خطوات جادة لترسيخ السيادة الوطنية وقطع الطريق أمام الطابور الخامس والخونة. في مقدمة هذه الخطوات، يبرز مطلب شعبي ووطني بإقرار قانون الخيانة العظمى، باعتباره أداة دستورية لحماية الوطن من الداخل كما من الخارج.
التأييد للعدوان ليس حرية… بل خيانة مكتملة الأركان من الخطأ الفادح أن يُفهم التواطؤ مع العدو أو الترويج لسياساته أو دعمه إعلامياً أو لوجستياً كنوع من حرية الرأي. في كل دول العالم، الحرية تنتهي عندما تُمس السيادة الوطنية ويُهدد أمن الدولة. إن تأييد العدوان الصهيو-أميركي على اليمن، سواء بالتصريحات أو بالدعم المباشر أو غير المباشر، لا يمكن وصفه إلا بكونه خيانة وطنية ودينية تستوجب العقاب.
فالداعمون للعدوان، سواء أكانوا إعلاميين أو سياسيين أو حتى مواطنين عاديين، لا يمكن مساواتهم بالمواطنين الشرفاء الذين يدافعون عن كرامة وطنهم. هؤلاء المتواطئون يشكّلون خطراً داخلياً لا يقل عن خطر الطائرات والصواريخ، لأنهم يعملون على تمزيق النسيج الاجتماعي، وبث الشك في النفوس، وخدمة مشاريع الأعداء.
شواهد من قوانين العالم: الخيانة لا تُغتفر
من يظن أن قوانين تجريم الخيانة العظمى حكر على دول دون أخرى فهو مخطئ. إليك بعض الشواهد:
• الولايات المتحدة الأمريكية: تُعد الخيانة العظمى جريمة فيدرالية كبرى، وقد نص عليها الدستور الأمريكي صراحة. تشمل العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد. مجرد تقديم دعم مالي أو معلوماتي لدولة معادية، أو شن حرب ضد الدولة، يُعد خيانة.
• السعودية: تعاقب من يتعاون مع دول أو جهات معادية بعقوبات تصل إلى الإعدام، بما في ذلك من يُجري اتصالات مع جهات أجنبية بقصد الإضرار بالأمن الوطني أو الإساءة لسمعة الدولة.
• مصر: يعاقب القانون المصري الخونة بالإعدام أو الأشغال الشاقة، ولا تُعتبر الخيانة وجهة نظر، بل جريمة كاملة الأركان.
• إيران: تُنفّذ أحكاماً مشددة تصل إلى الإعدام بحق من يتعامل مع “أعداء الثورة”، حتى إن مجرد الاتصال بجهات معادية يعتبر تهديداً للأمن القومي.
لماذا نحتاج قانون الخيانة العظمى الآن؟
1. ردع الخونة: وجود القانون سيردع كل من تسوّل له نفسه التعاون مع العدو، تحت أي ذريعة.
2. تعزيز الجبهة الداخلية: في الحرب، يكون الداخل الحصن الأول. لا يمكن كسب المعركة مع وجود خونة يطعنون من الخلف.
3. حماية الخطاب الوطني: يجب التمييز بين حرية التعبير، وبين ترويج أفكار العدو أو الدعوة للاستسلام.
4. منع التكرار: من دون قانون، يظل الباب مفتوحًا أمام إعادة إنتاج الخيانة في كل مرحلة.
ما الذي يجب أن يتضمنه القانون؟
• تعريف واضح للخيانة العظمى (التعاون مع العدو، دعم إعلامي أو مالي، التحريض ضد الوطن وقت الحرب).
• عقوبات مشددة (تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد).
• إجراءات سريعة لمحاكمة الخونة من المدنيين والعسكريين على حد سواء.
• إنشاء هيئة خاصة لرصد الخيانة وملاحقتها قضائياً.
إن حماية الوطن لا تقتصر على الجبهات العسكرية، بل تبدأ من الداخل. وكما أن المجاهد يواجه العدوان في الميدان، فإن الدولة يجب أن تواجهه في الداخل بالقانون. إقرار قانون الخيانة العظمى ليس خياراً سياسياً، بل واجب وطني لحماية سيادة اليمن وكرامة شعبه، وهو أقل ما يُنتظر في ظل عدوان غاشم، لا يفرّق بين طفل وشيخ، ولا بين جندي ومدني.
فلتكن هذه الخطوة إعلاناً واضحاً أن اليمن لن يكون مرتعاً للخونة… بل حصناً منيعاً للكرامة والسيادة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: مع العدو
إقرأ أيضاً:
اليمن ينتصر لغزة ويثأر لكرامة الأمة
لم يكن مفاجئًا إعلان القوات المسلحة اليمنية توسيع الحظر على كيان العدو “الإسرائيلي” المجرم، لا سيما وقد أوغل هذا العدو في سفك الدم، وارتكاب المجازر والتهجير، وتفاقمت تداعيات الحصار على غزة، بشكل لم يعد يحتمل، حتى لقد تداعت أوروبا بمواقف أكثر قوة من المواقف العربية الهزيلة ـ مع الأسف الشديد ـ ورفعت صوتها في وجه قادة مجرمي الحرب الصهاينة، وهددت باتخاذ خطوات ملموسة.
إن قرار الحظر اليمني يكتسب أهمية خاصة، لا سيما أنه يأتي في ظل التخاذل العربي الذي وصل حد التآمر على غزة، وعبَّرت عنه العبارات المنتقاه في البيان الختامي لقمة بغداد ـ مع الأسف الشديد ـ والتي لم تغادر مربع التمني والمطالبة، والتي توجهت للمجتمع الدولي، دون أن تكون هناك أية عبارة على الأقل تشبه بيانات الأوروبيين، والتي بدأت في بيان مشترك وقع عليه قادة آيسلندا وإيرلندا ومالطا وإسبانيا وسلوفينيا، بعبارة “لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية”.
يكتسب أهمية خاصة، أيضًا، كونه يمثل الرد السريع على تبرير ترامب لحرب نتنياهو الأخيرة المسماة بـ”مركبات جدعون”، عندما أعرب أن المجرم نتنياهو في موقف صعب، مذكرًا في مقابلة مع “فوكس نيوز”، بما حصل في السابع من أكتوبر، في سياق تبرير ما يقوم به نتنياهو من إجرام.
هذا القرار هو تذكير للأمة الإسلامية والعربية، بأن الوسائل ليست منعدمة للضغط على كيان العدو، وإجباره على وقف العدوان ورفع الحصار في الحد الأدنى، فما يحققه اليمن من نجاح في فرض الحصار الجوي، ووقف الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر العربي وخليج عدن، مثال على ما يمكن للأمة فعله، وأن العدو قابل للهزيمة، وليس قدرًا أن يبقى محتلًا لأرض عربية، مهما كانت الأسباب والتداعيات للمواجهة.
هذا بالنسبة للأسباب والتداعيات والدوافع والظروف، أما بالنسبة للتنفيذ والنتيجة، فمطالعة نتائج العمليات اليمنية في البحر والنجاح في إغلاق ميناء “إيلات” (أم الرشراش)، واستمرار العمليات في عمق العدو، فإنها تحمل مؤشرات القدرة على التنفيذ، وأيضاً على النتائج التي يمكن تصورها من خلال ما جرى لمطار “بن غوريون”، مع تواصل تعليق رحلات كبريات الشركات العالمية الأوروبية والأمريكية، لمدد مختلفة، على سبيل المثال مددت شركة “لوفتهانزا” تعليق رحلاتها اليوم لأسبوعين إضافيين، وما أقدمت عليه الشركة الألمانية يعد مؤشرًا تبني عليه معظم الشركات الدولية.
أما التنفيذ من الناحية العسكرية، فقد كانت منطقة حيفا مسرحًا لعدد كبير من العمليات اليمنية، وكان أول استهداف لمينائها في يونيو 2024م، بعمليتين عسكريتين، تلتهما في ذات الشهر، عملية عسكرية مشتركة مع “المقاومة الإسلامية في العراق” استهدفت أربع سفن في ميناء حيفا بطائرات مسيَّرة، وكانت الثالثة على هدف حيوي بصواريخ مجنحة، في حين تمثلت الرابعة باستهدفت سفينة نفطية، والخامسة ضربت هدفًا حيويًا بصواريخ مجنحة، وكلها في نفس الشهر، من العام الماضي، بالإضافة إلى ذلك تم استهداف سفن في المتوسط، ثلاث مرات بعمليات مشتركة مع المقاومة العراقية، وفي عام 2025م افتتحت القوات المسلحة اليمنية شهر يناير بصاروخ فرط صوتي استهدف محطة كهرباء جنوب حيفا، وفي الشهر الماضي أيضاً استهدفت هدفًا حيويًا بصاروخ فرط صوتي، ثم في الخامس من مايو الجاري كان صاروخ “فلسطين 2 ” الفرط الصوتي قد حط رحاله في قاعدة “رامات ديفيد” شرق حيفا.
إن امتلاك اليمن للقوة العسكرية إلى جانب قوة الإرادة والتصميم على إسناد غزة، والتطور الحاصل في ترسانة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر، كل ذلك يجعل اليمن قادرًا على فرض الحصار جوًّا وبحرًا، بشكل أو بآخر، وهذا بفضل الله وعونه، يأتي من منطلقات إيمانية إنسانية.