الجديد برس|

 

في أقصى شمال تشيلي، وتحديدا وسط امتداد صحراء أتاكاما القاحلة، ينبض قلبٌ اقتصادي جديد للعالم، حيث تُستخرج واحدة من أثمن ثروات الأرض الحديثة، وهو الليثيوم، المعدن الأبيض الذي بات يُلقب بـ”ذهب القرن الحادي والعشرين”.

 

وتحت أشعة الشمس الحارقة وسكون الطبيعة الموحشة، يشتد التنافس بين القوى الكبرى على السيطرة على ما تبقى من هذا المعدن الحيوي الذي أصبح محركا رئيسيا لاقتصاد المستقبل.

 

هناك، حيث تُستخرج مادة “البرايم” من المياه الجوفية المالحة، وتُعالج تحت أشعة الشمس في برك تبخير عملاقة، تتحول تدريجيا إلى أكثر أنواع الليثيوم كثافة، وهي المادة الأساسية المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية والهواتف الذكية وأجهزة الحوسبة.

 

لكنّ القصة لم تبدأ اليوم، فجذور الاستغلال المنظم لهذا المعدن في تشيلي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حين بدأ استخدامه في مجالات صناعية وطبية محدودة، فآنذاك، وتحت حكم الجنرال أوغستو بينوشيه، صُنّف الليثيوم كـ”ثروة وطنية”، مما قيد تصديره وجعل استغلاله حكرًا على شركات مختارة.

 

غير أن المشهد تغيّر لاحقا مع التحول الديمقراطي في البلاد، حيث حصلت شركتان على حقول الليثيوم، وهما شركة ألبيمارلي الأميركية، التي امتنعت عن التصريح للجزيرة، وشركة SQM التشيلية، التي فتحت أبوابها لمراسلنا لتوثيق عمليات الإنتاج الدقيقة والمثيرة.

 

وفي حين تسعى الصين لتأمين احتياجاتها المستقبلية من الليثيوم، تراقب واشنطن هذا الحراك بحذر بالغ، فالمعركة هنا لا تتعلق فقط بصفقات تجارية، بل بمن يتحكم في مفاتيح صناعة الطاقة النظيفة لعقود قادمة.

 

 

السباق الدولي على المعادن الإستراتيجية، وعلى رأسها الليثيوم، لم يعد خفيا، وباتت صحراء أتاكاما ساحة تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع الحسابات الجيوسياسية، وسط تساؤلات محلية حول مدى استفادة تشيلي من هذه الثروة الهائلة.

 

وبينما تواصل الشركات العالمية ضخ الاستثمارات في هذه الصحراء النائية، يطرح المواطنون والنشطاء أسئلة صعبة، إلى أي مدى ستحمي الحكومة حقوق المجتمعات المحلية؟ وهل سيُعاد توزيع العائدات بشكل عادل؟ وماذا عن التأثيرات البيئية لهذه العمليات واسعة النطاق؟

 

وتبقى أسئلة مفتوحة في ظل ضجيج الحفارات وصمت الملح المتراكم فوق الأرض، فالمستقبل يُكتب هنا، حبةً بحبة، في ذرات الليثيوم التي تشكل اليوم العمود الفقري لتحولات اقتصادية هائلة، وتحمل في طياتها آمالًا لمجتمعات، ومخاوف من استغلال جديد للموارد، على طريقة القرن الحادي والعشرين.

 

ومع تنامي الطلب العالمي على الطاقة النظيفة، يبدو أن قصة الليثيوم في تشيلي لا تزال في بدايتها، وأن فصلها التالي سيُكتب بين عواصم العالم الكبرى، لكن مداده سيظل يستخرج من أعماق هذه الصحراء الصلبة الصامتة.

 

المصدر: الجديد برس

إقرأ أيضاً:

تزايد التوتر بين طوكيو وبكين.. مناورات صينية بطائرات مقاتلة قرب جزيرة أوكيناوا اليابانية

 أعلنت وزارة الدفاع اليابانية أن البحرية الصينية أجرت، اليوم السبت، تدريبات جوية في المحيط الهادئ انطلقت من على متن حاملة الطائرات "لياونينج"، وذلك بعد عبورها المياه القريبة من محافظة أوكيناوا اليابانية، الأمر الذي دفع قوات الدفاع الذاتي اليابانية إلى إقلاع طائراتها للتعامل مع الموقف.
وذكرت الوزارة ، في بيان نقلته وكالة أنباء كيودو اليابانية ، أن مناورات الإقلاع والهبوط، التي شاركت فيها مقاتلات ومروحيات صينية، تُعد الأولى من نوعها في محيط اليابان منذ أن دخلت حاملة الطائرات الصينية الثالثة "فوجيان" الخدمة الشهر الماضي، في وقت تتصاعد فيه التوترات الدبلوماسية بين الجانبين.
وترى طوكيو أن بكين تعمل على اختبار وتعزيز قدراتها التشغيلية في مناطق بعيدة عن البر الرئيسي، فيما يثير التصاعد في التحركات البحرية الصينية قلق اليابان ودول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وكانت الوزارة قد رصدت يوم الجمعة مرور "لياونينج" في بحر الصين الشرقي على بُعد نحو 420 كيلومترًا شمال جزيرة "كوبا" الخاضعة لسيطرة اليابان والتي تطالب بها الصين أيضًا. ورافقت الحاملة ثلاث مدمرات صينية وهي في طريقها إلى المحيط الهادئ، حيث أجرت تدريباتها الجوية على بُعد نحو 270 كيلومترًا غرب جزيرة "أوكيدايتو".


وتقع أوكيناوا بالقرب من تايوان التي تعتبرها بكين "مقاطعة متمردة" يجب إعادتها إلى السيادة الصينية، ولو بالقوة عند الضرورة.


وتزايد التوتر بين اليابان والصين مؤخرًا عقب تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي، التي قالت فيها إن أي هجوم عسكري على تايوان قد يشكل "تهديدًا لبقاء اليابان"، بما يفتح الباب أمام احتمال مشاركة قوات الدفاع الذاتي في التعامل مع مثل هذا السيناريو.
ويقول خبراء إن امتلاك الصين حاملة طائرات ثالثة يتيح لها تشغيل حاملاتها على أساس تبادلي، بحيث تكون واحدة دائمًا في حالة انتشار بينما تخضع الأخريان للصيا

طباعة شارك وزارة الدفاع اليابانية البحرية الصينية أوكيناوا اليابانية بكين تزايد التوتر بين اليابان والصين

مقالات مشابهة

  • فوز "العمانية لنقل الكهرباء" بجائزتين في "قيادة الطاقة النظيفة"
  • المشروع العراقي:أمريكا تتحمل مسؤولية النفوذ الإيراني في العراق
  • رغم الانتقادات التي تضمنتها «الوثيقة الأمريكية».. واشنطن الحليف الأكبر لأوروبا
  • واشنطن تتجاوز ملف الأسرى.. سباق أميركي لفرض المرحلة الثانية في غزة
  • تزايد التوتر بين طوكيو وبكين.. مناورات صينية بطائرات مقاتلة قرب جزيرة أوكيناوا اليابانية
  • تحليل أمريكي: غزو الانتقالي لحضرموت أحد مظاهر الحرب بالوكالة بين السعودية والإمارات (ترجمة خاصة)
  • لقاء مصري – تشيلي لبحث التعاون ودعم ترشح مصر لرئاسة اللجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية
  • عاصفة هائلة تبتلع صحراء تانامي.. سماء أستراليا تتحول إلى كتلة من الغبار
  • باحثون يطورون جهازاً لخفض خطر احتراق بطاريات الليثيوم
  • «كهرباء دبي» تبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا بمجالات الاستدامة والطاقة النظيفة