طه حسيب (أبوظبي)

أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لحل أزمة الدين العالمي، أنه يمكن للدول تحقيق التوازن الاقتصادي ومن ثم تحقيق النمو والاستدامة من خلال تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية، وتمتين الاقتصاد في مواجهة التحديات والأزمات العالمية.



وأشار محيي الدين إلى أهمية الاستثمار في التكنولوجيا، وهذا يتطلب عدم الخوف منها واستقبالها بشكل جيد، وأشاد بسياسة دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة اعتماد مادة الذكاء الاصطناعي في كل مراحل التعليم الحكومي، من رياض الأطفال إلى الصف الـ 12 بدءاً من العام الدراسي المقبل 2025-2026. جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة بعنوان «نحو عالم أكثر توازنًا: رؤى جديدة للاستدامة»، ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

أخبار ذات صلة لاوتارو يعادل كريسبو في «هدافي الإنتر» تنبيه من الوطني للأرصاد

وقال محيي الدين: نشهد حالياً نهاية النظام العالمي الموروث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ونتطلع إلى نظام عالمي جديد أكثر توازناً وعدلاً وكفاءةً يكون لدول عالم الجنوب دور فيه يتناسب مع قواها النسبية. وأوضح أن النظام العالمي الجديد سيشهد اهتماماً أكبر بالتوجه الإقليمي في ظل تراجع التعاون والثقة بسبب الصراعات الجيوسياسية، مع تزايد متوقع في التجارة والاستثمار مع دول الجوار، كما سيعتمد بشكل أكبر على البعد المحلي للنمو وتوطين التنمية. وأشار محيي الدين إلى أن تحقيق التنمية المستدامة بالدول النامية يتطلب هدفاً للنمو لا يقل عن 7% بشكل سنوي ويستمر لفترة طويلة، وأضاف: هناك دول وصلت إلى معدلات نمو مرتفعة، وأحرزت تقدماً في مجالات التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية. وأكد أهمية الاستثمارات الأجنبية كرافد حيوي لنقل المعرفة.

ولدى محيي الدين قناعة بأن أسواق المال في الدول النامية تواجه تحديات أهمها وجود تشريعات تنظيمية ورقابة تضمن حقوق المتعاملين. وأبدى محيي الدين تفاؤله بالطاقة المتجددة التي استفادت من الابتكار التقني في تقليل تكلفتها، فعلى سبيل المثال انخفضت تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة 99% مقارنة بالسنوات التسع الماضية. وأوضح محيي الدين خلال جلسته بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب أن دول المنطقة العربية بات لديها استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية، تقترب من منافسة الهند والصين، حيث لدى الإمارات والسعودية ومصر والمغرب محطات ضخمة في الطاقة الشمسية. وقال محيي الدين إنه على الرغم من أن الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة قادم من أوروبا، فإن إنتاج الصين منها ضخم جداً.

وأفاد محيي الدين بأن أهداف التنمية المستدامة التي أجمعت عليها دول العالم في عام 2015 ليست على المسار المأمول لتحقيقها بنهاية عام 2030، حيث إن 15%؜ فقط من هذه الأهداف تمضي في مسارات صحيحة، بينما ينحرف 55% ؜ منها عن مسارات التنفيذ، وأصبح 35%؜ منها اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل عام 2015. وأشار إلى أن مؤتمر تمويل التنمية الذي سيعقد في إشبيلية بإسبانيا الشهر القادم يمثل فرصة مهمة أمام العالم لوضع حلول عملية لأزمة الديون العالمية التي تعرقل جهود الكثير من الدول لتحقيق النمو والتنمية، وإيجاد نهج أفضل للتكاتف بين الاستثمارات العامة والخاصة، خاصةً في مشروعات البنية الأساسية، وإعادة وضع التجارة على نظام يحترم القواعد المتعارف عليها والتي تحمي حقوق الدول.

وأكد محيي الدين أهمية الشراكة في دول الجنوب العالمي بين القطاعين الحكومي والخاص، في مجالات كالبنى التحتية: الكهرباء والطرق وتحلية المياه، ذلك لأن هذه القطاعات هي المسؤولة أكثر من غيرها عن مديونية هذه الدول، كما أن الذكاء الاصطناعي بآفاقه الواعدة يحتاج إلى هذه الشراكة. ولدى محيي الدين قناعة بدور المستثمرين المحليين في تشجيع الاستثمار الأجنبي، فكلما كانوا راضين عن مناخ الاستثمار في بلادهم، ازدادت جاذبية الفرص الاستثمارية لدى المستثمرين الأجانب.

المصدر: صحيفة الاتحاد

إقرأ أيضاً:

هل يخفف الروبل الروسي أزمة الدين بمصر؟

القاهرة– يبدو أن التحركات المصرية نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي وتخفيف الضغوط على العملة المحلية، في إطار محاولات احتواء أزمة الدين، بدأت تؤتي ثمارها على صعيد التعاملات المالية الخارجية.

فبموجب اتفاق تمت المصادقة عليه مؤخرًا بين القاهرة وموسكو، ستبدأ مصر سداد قروض مشروع الضبعة النووي -البالغة قيمتها 25 مليار دولار- للشركات الروسية بالروبل، بعدما تعذر على الجانب المصري السداد بالدولار الأميركي.

وذكر فلاديمير كوليتشيف نائب وزير المالية الروسي أن صعوبة سداد القروض بالعملات "غير المواتية" دفعت الطرفين إلى التحول نحو تسوية الديون بالروبل.

وفي السياق ذاته، وقّعت القاهرة وموسكو، في مايو/أيار الماضي، اتفاقًا بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بقيمة استثمارية تصل إلى 4.6 مليارات دولار.

وعقب توقيع الاتفاق، صرح وزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون أليخانوف بأن 40% من المعاملات التجارية المشتركة بين الجانبين تتم تسويتها بعملات أخرى بخلاف اليورو والدولار، مضيفًا أن العملات المحلية أصبحت إحدى وسائل التسوية، مع التأكيد على أن هناك المزيد من العمل المطلوب بهذا الشأن.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأميركي نحو 50 جنيهًا مصريًا، بينما يساوي الروبل حوالي 0.63 جنيه.

التعاون المصري الروسي يشمل مشاريع إستراتيجية كبرى مثل محطة الضبعة والمنطقة الصناعية (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء) الدين سحابة سوداء

وفي وقت سابق، وصف وزير المالية المصري أحمد كوجك الدين الخارجي والتضخم بأنهما يمثلان "سحابة سوداء" تحجب ما تشهده البلاد من إنجازات تنموية غير مسبوقة.

ويبلغ حجم الدين الخارجي لمصر نحو 155.1 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 82.9% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، بلغ متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي حوالي 1293 دولارًا بنهاية عام 2024، في حين يزيد الدين الداخلي عن 13.3 تريليون جنيه (نحو 263 مليار دولار).

إعلان

ووفق البنك الدولي، يتعين على الحكومة المصرية سداد نحو 43.2 مليار دولار من الالتزامات الخارجية خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، كما يجب سداد حوالي 118 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة بدءًا من عام 2024.

وخلال العام الماضي، سددت مصر نحو 38 مليار دولار كقروض خارجية بحسب مسؤولين رسميين، مما يعني أن البلاد مطالبة بسداد 80 مليار دولار إضافية قبل نهاية عام 2029.

ماذا عن قرض المفاعل النووي؟

ووقّعت مصر وروسيا في ديسمبر/كانون الأول 2017 اتفاقًا لإنشاء محطة الضبعة للطاقة الكهروذرية، وهي أول محطة من نوعها في البلاد.

ويتم تمويل المشروع من خلال قرض حكومي روسي بقيمة 25 مليار دولار، يمتد أجله على مدار 22 عامًا، بفائدة تبلغ 3% سنويًا.

ووفقًا لمسؤولين روس، فقد سددت مصر جميع الديون المستحقة عليها حتى بداية عام 2024.

ويستهدف المشروع بناء 4 مفاعلات من الجيل "3+" العاملة بالماء المضغوط، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل.

وقد وصلت نسبة الإنجاز في المشروع إلى 30.1%، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 50% خلال العام المقبل، على أن يتم إطلاق المفاعل الأول عام 2028، وفقًا للجدول المعلن.

الروبل في أزمة

من جانبه، قلّل الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب من أهمية تأثير استخدام الروبل في سداد القروض على تخفيف أزمة الدين، موضحًا أن القاهرة تواجه صعوبة السداد بغض النظر عن العملة المستخدمة، سواء كانت الروبل أو الدولار.

وأكد عبد المطلب -في حديثه للجزيرة نت- ضرورة أن تعمل الحكومة على زيادة إيراداتها من الروبل حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه موسكو، مضيفًا "في كل الأحوال يجب أن يكون لدى مصر فائض تستطيع أن تستخدمه في عمليات الدفع، مما يستلزم زيادة الإيرادات من كافة العملات الصعبة".

ورغم التحفظ، يرى الخبير الاقتصادي بعض الجوانب الإيجابية في الاتفاق المصري الروسي الأخير، حيث يتوقع أن يسهم في تعزيز المعاملات التجارية بين القاهرة وموسكو.

واستطرد عبد المطلب في تفاؤله بتداعيات التوجه نحو استخدام العملات المحلية، مشيرًا إلى إمكانية مساهمة هذا النهج في زيادة الصادرات المصرية إلى روسيا، وتحقيق شروط أفضل للحصول على واردات مصرية من موسكو، بما يشمل صفقات السلاح والقمح، بل وقد يمتد ليشمل التعاون في مجال الغاز، بحيث تصبح القاهرة بوابة الغاز الروسي إلى أفريقيا.

كما لم يستبعد الخبير أن تتجه مصر إلى عقد اتفاقات مماثلة مع دول أخرى لتسوية المدفوعات التجارية بالعملات المحلية، لافتًا إلى وجود اتفاقات مشابهة مع الصين.

ومؤخرًا، أعلن وزير الاستثمار المصري أن بلاده بدأت السماح للشركات الصينية باستخدام اليوان الصيني في تعاملاتها المالية، بدعم من البنك المركزي المصري.

وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 17 مليار دولار خلال عام 2024، مقارنة بـ16 مليارا عام 2023، بزيادة قدرها 6%، في حين لم تتجاوز التجارة بين مصر وروسيا 9 مليارات دولار.

الجانبان المصري والروسي المشرفان على مشروع محطة الضبعة النووية في مايو/أيار الماضي (هيئة المحطات النووية) تثمين وتوصية

وفي الإطار ذاته، ثمن المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات التنموية مصطفى يوسف الخطوة التي اتخذها البلدان نحو التحرر من الدولار، متمنيًا أن تحذو دول أخرى حذوهما للحد مما وصفه بـ"العبودية الدولية" للعملة الأميركية.

إعلان

وعن قدرة الروبل على التخفيف من عبء الدين المصري، أشار الباحث الاقتصادي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن مصر ستواجه تحديًا في توفير الروبل، نظرًا لأن صادراتها إلى روسيا محدودة.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، سجلت الصادرات المصرية إلى روسيا نحو 607 ملايين دولار خلال عام 2024، في حين بلغت الواردات من روسيا حوالي 6 مليارات دولار خلال نفس الفترة.

وبعيدًا عن التبادل التجاري، لفت يوسف إلى أن السائح الروسي -الذي يفضل مصر كوجهة سياحية- قد يمثل مصدرًا إضافيًا لتوفير الروبل، مشيرًا إلى أن عدد السياح الروس بلغ نحو 1.6 مليون شخص خلال عام 2024، غالبيتهم يفضلون المدن الشاطئية مثل شرم الشيخ والغردقة.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الحلول الجذرية لأزمة الديون المصرية لا ترتبط بنوع العملة المستخدمة في السداد، بل تكمن في:

التوقف عن الإنفاق على مشروعات غير مجدية اقتصاديًا. ترشيد الإنفاق الحكومي. زيادة الصادرات وتقليل الواردات. الاستثمار في رأس المال البشري بوصفه المحرك الرئيس للإنتاج والتصدير. روسيا تستفيد

أما عن مدى استفادة موسكو من تحصيل قيمة القروض بعملتها المحلية، فيرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد الباري أن روسيا تسعى من خلال هذه الخطوة إلى كسر حلقة العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ بدء حربها مع أوكرانيا.

وأوضح أن موسكو تبحث عن تعزيز علاقاتها مع القاهرة باعتبارها بوابة رئيسية نحو أفريقيا، وقد انعكس هذا التوجه في اتفاق الطرفين على إنشاء منطقة صناعية روسية في مصر، والتي من المتوقع أن تتولى مهام الإنتاج والتوزيع لباقي الدول الأفريقية.

وفي السياق ذاته، رأى الخبير الاقتصادي يوسف أن روسيا، بوصفها واحدة من أكبر الدول المصدرة للمواد الخام، ستستفيد على المدى المتوسط والطويل من تقليل اعتمادها على الدولار في تجارتها الدولية، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء فلسطين: إسرائيل أكبر عائق يحرمنا التنمية المستدامة
  • شركة الأخوين للطاقة الشمسية تدشّن أكبر منظومة شمسية في مستشفى النقيب بعدن بتمويل من بنك عدن الأول
  • وزير الشئون النيابية: قانون الإيجارات الجديد يضمن أحقية وليس مجرد أولوية في السكن البديل للمستأجرين
  • مصر تتصدر إفريقيا وتحتل المركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمار
  • برلماني: الدولة حريصة على تحسين مناخ الاستثمار باعتباره العمود الفقري لتحقيق التنمية
  • وزير الاستثمار يتسلم تجديد شهادة المواصفة القياسية الدولية لنظام إدارة المؤسسات التدريبية
  • هل يخفف الروبل الروسي أزمة الدين بمصر؟
  • تشريع جديد يوسع التعليم التكنولوجي ويمنح المدارس دورا في التنمية الاقتصادية
  • أحد أكبر التكتلات الصناعية في الصين مُهتم بالسوق الجزائرية
  • النيابات والمحاكم: نتطلع لتعزيز التعاون مع رؤساء الهيئات القضائية الجدد