سالم البادي (أبومعن)

 

الشباب هم عماد الوطن وأساس تقدمه، هم قوة العمل المستقبلية وقادة الغد، هم قادة التغيير والمساهمون في التنمية.

في عالم اليوم المعقد بالمتغيرات والتقلبات المتسارعة يعيش الشباب في خضم تحديات جمَّة، تتراوح بين هموم شخصية وأخرى عامة تتعلق بالمجتمع والوطن. تتشابك هذه الهواجس لتشكل نسيجًا معقدًا يؤثر على حياة الفرد والمجتمع ككل.

ومن أبرز هذه الهواجس، تلك المتعلقة بالوضع الاقتصادي؛ حيث يواجه الشباب تحديات مثل عدم الاستقرار المالي، وقلة فرص العمل.

هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على مستوى الاستقرار، وتولد شعورًا بالقلق وعدم الأمان، بالإضافة إلى ذلك، تبرز هواجس أخرى تتعلق بالصحة والتعليم، حيث يسعى الشباب إلى توفير الرعاية الصحية الجيدة والتعليم المتميز، ويواجه في سبيل ذلك تحديات مثل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، ونقص الخدمات التعليمية، وارتفاع الأسعار.

لا يُمكن إغفال الهواجس المتعلقة بالجانب الاجتماعي والسياسي، حيث يشعر الشباب بالقلق إزاء قضايا تخصه بالذات. وقد تؤثر على ثقته في مؤسسات الدولة، وتولد شعورًا بالإحباط وعدم الانتماء.

لذلك.. من الضروري أن تحتوي الدولة شبابها وتوليه العناية والرعاية التي يستحقها، وكذلك على المجتمع أن يعمل على معالجة هذه الهواجس من خلال توفير بيئة اقتصادية مستقرة، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتعزيز العدالة والمساواة، وذلك لبناء مجتمع أكثر تماسكًا وازدهارًا.

ويمكن القول إن الشباب في هذا العصر يواجهون تحديات ومآسي متنوعة. أذكر منها: صعوبة العثور على فرص عمل مناسبة، مما يؤدي إلى الإحباط وفقدان الثقة بالنفس، وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، وصعوبة تحقيق الاستقرار المالي، مما يؤثر على قدرتهم على الزواج وتكوين أسرة. وتأخر سن الزواج، وصعوبة تحمل مسؤوليات الزواج، وارتفاع معدلات الطلاق.

إلى جانب ضغوط التوافق مع معايير المجتمع، والعزلة الاجتماعية، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار مشاكلها وجرائمها الإلكترونية.

أيضًا صعوبة الحصول على تعليم جيد، وارتفاع تكاليف الدراسة، وتحديات الحصول على فرص عمل بعد التخرج.

وفيما يتعلق بالصحة النفسية، فقد تزيد معدلات القلق والاكتئاب والتوتر، بسبب الضغوط الحياتية، والتغيرات السريعة من حولنا.

كما إنَّ الحروب والصراعات في العالم، وعدم الاستقرار السياسي، تؤثر على مستقبلهم وتخلق شعورًا بعدم الأمان.

وفي جانب القيم والأخلاق، نشهد تغيرات في القيم والأخلاق، وصعوبة التمسك بالهوية الثقافية في ظل العولمة. علاوة على التعرض للمخدرات والإدمان، مما يدمر حياتهم ويؤثر على صحتهم النفسية والجسدية. فضلًا عن الشعور بالتمييز والظلم، وعدم المساواة في الفرص، مما يخلق شعورًا بالظلم والإحباط.

هذه مجرد بعض التحديات التي يواجهها الشباب اليوم، وهي تتطلب منا جميعًا أن نكون أكثر تفهمًا ودعمًا لهم.

وبناءً على ما سبق قد نجد بعض التداعيات والنتائج السلبية، منها انخفاض الإنتاجية والنمو الاقتصادي، وتراجع مستوى المعيشة، وصعوبة الحصول على الدخل اللازم لتلبية الاحتياجات الأساسية، وارتفاع معدلات الجريمة (خاصة السرقات والنهب والنصب) وزيادة العنف بسبب اليأس والإحباط، وزيادة التوترات الاجتماعية والاضطرابات، وفقدان المهارات، مثل فقدان العمال لمهاراتهم وقدراتهم بسبب عدم ممارستها. أيضًا هجرة الشباب المتعلم والمدرب إلى الخارج بحثًا عن فرص عمل أفضل. وزيادة العبء على الخدمات الاجتماعية في ظل زيادة الطلب على المساعدات الاجتماعية والخدمات الصحية، وانخفاض الإيرادات الضريبية بسبب انخفاض الدخل والإنفاق.

لكن هناك عدة حلول لقضايا الشباب؛ منها: توفير برامج تدريب وتعليم لتزويد الباحثين عن عمل بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، وتشجيع رواد الأعمال وتوفير الدعم المالي والفني لهم لخلق فرص عمل جديدة، وتحسين ظروف العمل وتوفير بيئة عمل جاذبة للاستثمار وخلق فرص عمل، وضرورة الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية بما يخلق فرص عمل في قطاعات مثل البناء والنقل. إلى جانب تقليل الاعتماد على قطاع واحد وتنويع مصادر الدخل لخلق فرص عمل في قطاعات مختلفة، وتسهيل حصول الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التمويل السريع لتوسيع أعمالها وتوظيف المزيد من العمالة، وتوفير معلومات دقيقة وسريعة حول احتياجات سوق العمل لمساعدة الباحثين عن عمل على اتخاذ قرارات مستنيرة.

كما يجب العمل على تطوير نظام تعليمي يواكب متطلبات سوق العمل ويوفر المهارات اللازمة للشباب، وأخيرًا تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ برامج التوظيف وتنمية المهارات.

ولتحفيز الشباب على الاعتماد على النفس، يمكن اتباع عدة استراتيجيات، منها: التوعية والتعليم، من خلال توفير برامج تعليمية وتدريبية تهدف إلى تنمية المهارات اللازمة لسوق العمل، ورفع مستوى الوعي بأهمية الاعتماد على الذات، وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات الناشئة، وتوفير التمويل والدعم الفني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع العمل الحر والعمل عن بعد، وتوفير الأدوات والمنصات اللازمة لذلك، وخلق فرص عمل مناسبة للشباب، وتوفير بيئة عمل محفزة ومجزية، وتعزيز ثقافة العمل والإنتاجية، وتشجيع الشباب على المبادرة والإبداع والابتكار، إلى جانب توفير برامج لدعم الأسر المنتجة، وتمكين المرأة والشباب من المشاركة في التنمية الاقتصادية، فضلًا عن تعزيز الشفافية في إدارة الموارد، ومكافحة الفساد، مما يعزز ثقة الشباب في الحكومة.

ومن خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن للمجتمع والحكومة والقطاع الخاص العمل معًا لتحفيز الشباب على الاعتماد على أنفسهم والمساهمة في بناء مجتمع مزدهر ومستدام.

وأخيرًا.. إن الدول التي تفتقر إلى كفاءات الشباب الوطنية تواجه تحديات كبيرة في التنمية والابتكار، ويعتمد النمو الاقتصادي والاجتماعي على قوة العمل الشابة، والأفكار الجديدة، والقدرة على التكيف مع التغيرات. ودون شباب الوطن، قد تواجه الدول صعوبة في الحفاظ على التنافسية، وتطوير التكنولوجيا، وتلبية احتياجات السكان المتغيرة. إضافة إلى ذلك، قد تعاني الدول من نقص في العمالة الوطنية، وانخفاض في الإنتاجية، وتراجع في مستوى المعيشة.

لذلك، فإنَّ وجود شباب وطني نشط ومشارك أمر ضروري لاستمرار الدول وازدهارها، أما الدول التي تفتقر إلى الشباب فتواجه خطر الشيخوخة والانحدار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تخريج الدفعة الأولى من مبادرة “تأهيل الشباب لسوق العمل” بكفر الشيخ

شهدت محافظة كفر الشيخ تخريج الدفعة الأولى من مبادرة “تأهيل الشباب لسوق العمل”، التي أطلقتها أمانة التضامن الإجتماعي المركزية بحزب حماة الوطن بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، وبلغ عدد الخريجين 48 شابًا وشابة تم تأهيلهم مهنيًا في عدد من التخصصات الفنية.

يأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضمن جهود الدولة لبناء الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.

رئيس برلمانية حماة الوطن: قانون الفتوى يؤكد أن مصر ستظل منارة للإسلام الوسطيإسكان النواب: اللجنة البرلمانية المشتركة تستمع للملاك حول تعديلات الإيجار القديمبرلماني: ندعم وزارة الزراعة لتحقيق خطتها في زيادة الإنتاج الزراعى وسد الفجوة الغذائيةتحرك برلماني بشأن تأخير توريد أدوية الأورام للمعاهد

وتستهدف المبادرة تدريب الشباب مهنيًا من خلال وحدات تدريب متنقلة مجهزة بأحدث التقنيات، تجوب محافظات الجمهورية بمعدل محافظة كل شهر، ضمن خطة مستدامة تسعى لتأهيل أكبر عدد من الشباب في المجالات الفنية والمهنية.

وأقيم حفل التخرج بحضور قيادات حزبية وتنفيذية على رأسهم اللواء أ.ح أحمد العوضي، النائب الأول لرئيس حزب حماة الوطن، واللواء أ.ح وليد فاروق حافظ، مدير المعهد الفني للصناعات المتطورة بقطاع التدريب بوزارة الإنتاج الحربي، والدكتور محمد توفيق مبروك، رئيس الإدارة المركزية للتخطيط والإدارة الاستراتيجية بالوزارة، والنائب محمد الشهاوي، أمين عام محافظة كفر الشيخ بالحزب، إلى جانب أعضاء أمانة التضامن الاجتماعي المركزية بالحزب.

وقالت الدكتورة مها الأنصاري، أمين أمانة التضامن المركزية بحزب حماة الوطن، خلال كلمتها في حفل التخرج: “نحتفل اليوم بثمار عمل وجهد كبير، نحتفل بتخريج أول دفعة من شباب المبادرة التي أطلقناها بكل فخر بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس، الذي يضع دائمًا بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة.”

وأضافت الأنصاري: “انطلقت هذه المبادرة من إيماننا بأن مستقبل مصر يبدأ من شبابها، وأن العمل المهني والفني ليس فقط وسيلة للرزق، بل هو طريق للكرامة والتمكين وبناء وطن قوي منتج. ولأجل ذلك وفرنا التدريب بأحدث الوسائل ومن دون أي مقابل.”

وأشارت إلى أن المبادرة تهدف إلى تمكين الشباب وفتح آفاق جديدة أمامهم بعيدًا عن شبح البطالة والهجرة غير الشرعية، من خلال توفير فرص تدريب حقيقية تُواكب المعايير الدولية وتُعد الشباب للانخراط الفوري في سوق العمل أو إنشاء مشروعاتهم الخاصة.

وتعد هذه الدفعة باكورة مراحل المبادرة التي تنفذ من خلال سيارات تدريب متنقلة مجهزة بكامل الإمكانيات الفنية والتكنولوجية الحديثة، وتجوب محافظات الجمهورية تباعاً، حيث تقدم ورشًا عملية في مجالات النجارة، وصيانة الأجهزة المنزلية، واللف الكهربائي، وصيانة الشاشات، والتركيبات الكهربائية، وغيرها، على أيدي نخبة من المدربين المتخصصين.

وشهد الحفل تكريم الخريجين وتوزيع شهادات اجتياز البرنامج التدريبي، وسط إشادة من الحضور بجودة التدريب ومستوى الأداء، مع التأكيد على أهمية استمرارية المبادرة وتوسيع نطاقها لتشمل أكبر عدد من الشباب في مختلف المحافظات.

طباعة شارك عبد الفتاح السيسي محافظة كفر الشيخ تأهيل الشباب لسوق العمل أمانة التضامن الإجتماعي حزب حماة الوطن التضامن الإجتماعي

مقالات مشابهة

  • تخريج الدفعة الأولى من مبادرة “تأهيل الشباب لسوق العمل” بمحافظة كفر الشيخ
  • تخريج الدفعة الأولى من مبادرة “تأهيل الشباب لسوق العمل” بكفر الشيخ
  • مدبولي: يجب تقوية دور الأمم المتحدة للتعامل مع تحديات الدول النامية
  • أمانة الشباب بالإسكندرية تناقش خطة العمل خلال الفترة المقبلة
  • الهوة الطبقية تنهش مجتمع العراق
  • زيادة الإنتاج وحماية العمال وتوفير الوظائف .. جبران يستعرض جهود وزارة العمل أمام الرئيس السيسي
  • كارول سماحة تتحدى الأحزان: "وصية وليد أن تستمر الحياة".. والمسرحية تُعرض في موعدها
  • عاجل.. السيسي من موسكو: علاقتنا بروسيا إستراتيجية.. وفرص التعاون واعدة
  • الرئيس السيسي من موسكو: علاقتنا بروسيا استراتيجية وفرص التعاون واعدة
  • شباب الأقصر تنفذ دورة تدريبية عن إدارة الفرق التطوعية بمركز الضبعية