أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الأمة الإسلامية منذ بداياتها لم تكتفِ بمعرفة سطحية عن رسول الله ﷺ، بل أرادت أن تعيش معه، وتحيى سيرته بكل تفاصيلها، لتجعل منه القدوة والأسوة الحسنة في كل شؤون الحياة.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، اليوم الخميس، أن المسلمين لم يكتفوا بمعرفة نسب النبي ﷺ أو قبيلته أو من حوله فقط، كما يفعل المستشرقون أو غير المسلمين، بل أرادوا أن يذهبوا أعمق من ذلك ليجيبوا عن السؤالين الكبيرين: "لماذا؟" و"كيف؟"، وهما مفتاحا اكتشاف الحقائق، قائلًا: "السؤال عن الكيفية والسبب هو الذي يقودنا لفهم أعماق الأحداث، وليس مجرد سردها".

كفى بالعالم حروبًا .. شيخ الأزهر يدعو الهند وباكستان إلى الحوار وضبط النفسدعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل

وأضاف أن فكرة توثيق السيرة النبوية ظهرت مبكرًا، وكان من أوائل من فكروا فيها العالم موسى بن عقبة، أحد كبار الثقات، الذي ألّف كتابًا في السيرة لم يصلنا كاملًا، لكن الله أذن أن نرث بعضًا منه، ثم جاء ابن إسحاق فجمع مغازي النبي، وتلاه تلميذه ابن هشام الذي استفاد من كل ما سبقه، وقدم لنا سيرة نبوية شاملة، ربط فيها بين حياة النبي ﷺ وأيام العرب الأولى، لفهم عمق الأحداث لا مجرد ملابساتها.

وأشار د. علي جمعة إلى أن بعض العلماء، مثل السهيدي، لم يكتفوا بقراءة نصوص ابن هشام، بل وقفوا عند كل كلمة، وبحثوا أصولها ومعانيها، وفرقوا بين التمثال والصنم والنُصُب والوثن، مستعينين بعلوم اللغة والتاريخ والحديث، في دلالة على حضارة إسلامية تبني علومها لبنة لبنة، بدقة وصبر.

وفي السياق ذاته، ذكر أن الدكتور صلاح المنجد قد ألّف كتابًا بعنوان "معجم ما أُلِّف في رسول الله ﷺ"، أحصى فيه أكثر من 450 كتابًا عن النبي، كانت مطبوعة قبل 20 عامًا فقط، مشيرًا إلى أن العدد الآن قد يتجاوز 500 عنوان، بخلاف ما لم يصلنا أو فقده الزمن.

وشدد د. علي جمعة على أن علم السيرة لم يكن هدفه فقط معرفة النبي ﷺ أو حتى الإيمان به، بل أن نرتقي لمرحلة "معايشته" كقدوة وأسوة حسنة، قائلاً: "نحن أمة اهتمت برسولها، وجعلت من سيرته علمًا مستقلًا، لا لنقرأه للبركة فقط، بل لنعرف كيف نحيا به، ونفهم به العالم، ونتعامل مع واقعنا كما تعامل هو مع واقعه بكل تعقيداته وتفاصيله".

وأكد على أن قضية توثيق السيرة ستكون محورًا مهمًا للحديث لاحقًا، لكن الأهم الآن هو الفكرة نفسها: كيف نعيش مع رسول الله ﷺ ونجعل سيرته أداة لفهم الحياة والارتقاء بالروح والعقل والواقع.

طباعة شارك علي جمعة الأسوة الحسنة السيرة النبوية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة الأسوة الحسنة السيرة النبوية علی جمعة

إقرأ أيضاً:

يسري جبر: النبي أول خلق الله من جهة نوره وروحه وليس جسده

قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن ما يرد في مدائح بعض المنشدين والعبارات المتداولة من وصف النبي ﷺ بأنه "أول خلق الله"، لا يُعد خطأً إذا فُهم في إطاره الصحيح، وهو الإطار الروحي لا البشري.

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن سيدنا آدم عليه السلام ليس أول مخلوق خلقه الله، فقد وُجدت قبل خلق آدم الملائكة، والجن، والعرش، والكرسي، واللوح، والقلم، والجنة، والنار، وغيرها من العوالم، مشيرًا إلى أن آدم هو أول إنسان خلقه الله، أما أن يكون أول الخلق بإطلاق فذلك غير صحيح.

يسري جبر يحذر: هذا مصير من يهمل القرآن بعد تعلمه في حياة البرزخلماذا أُبتلى رغم التزامي ديني؟.. يسري جبر يجيبحكم الإنابة في الحج لمن تعذر عليه أداء الفريضة.. يسري جبر يجيبهل صوت المرأة عورة؟.. يسري جبر يوضح الرأي الشرعي

الدكتور يسري جبر: النبي له مقامان

وبيّن الدكتور يسري جبر أن النبي ﷺ له مقامان؛ مقام البشرية، وفيه وُلد في مكة المكرمة بعد حادثة الفيل، وكان من ذرية آدم؛ ومقام الروح والنور، وفيه يكون أول ما خلق الله، لأن نوره الشريف كان أصلًا لكل الخلق، ورحمةً أوجد الله بها هذا الوجود.

وأشار إلى أن المقصود بكون النبي ﷺ أول الخلق، هو أن نوره سبق الخلق كله، وهو المعنى الذي أشار إليه الحديث الشريف: "كنت نبيًّا وآدم بين الماء والطين"، كما أن نوره كان سببًا في ظهور الخلق، لأن السبب دائمًا يسبق المسبب.

وأضاف أن الحديث: "أول ما خلق الله القلم..." يحمل معنى إضافيًا لا يتعارض مع كون النبي ﷺ أول الخلق من جهة النور، لأن القلم خلق لتسجيل المقادير، لكنه نفسه مخلوق بنفَس الرحمة التي تجلّت أولًا في النور المحمدي.

وأوضح الدكتور يسري جبر، أن هذه المعاني تُفهم في ضوء الروح، لا الجسد، وأن من أراد أن يعرف قدر النبي ﷺ، فعليه أن يتأمل في هذه المعاني التي تكشف مقامه المحمود ونوره السابق، داعيًا إلى أن يعلّمنا الله ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويجعلنا من أهل المحبة والفهم والاتباع.

طباعة شارك الدكتور يسري جبر يسري جبر الأزهر النبي وصف النبي أول خلق الله آدم أول إنسان خلقه الله أول الخلق

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: النبي مؤسس لدولة قائمة على الرحمة والعدالة والقانون
  • إيمان أبو قُورة: حب الوطن من الإيمان.. والهجرة النبوية تغرسه في نفوس أبنائنا
  • دعاء المرور على المقابر للرجال والنساء .. وارد في السنة النبوية
  • دعاء الاستفتاح في الصلاة.. اعرف ما ورد عنه في السنة النبوية
  • حث عليها النبي .. أفضل الدعوات لا يعادلها شيء
  • كيف وسع النبي مفهوم العبادة وجعل الخير في كل عمل.. علي جمعة يوضح
  • السيرة النبوية والتأسيس الأخلاقي.. قراءة فلسفية جديدة في شخصية الرسول
  • لماذا حذر النبي من النوم بعد الفجر؟.. لـ9 أسباب فانتبه
  • يسري جبر: النبي أول خلق الله من جهة نوره وروحه وليس جسده
  • بردة النبي لروي متحدة رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة