معنى الصلوات المسنونة وحكمها بالكتاب والسُنة النبوية
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الصلوات المسنونة المؤكَّدة منها ما لا يتبع فرائض، ومنها ما يتبع، فالتابع للفرائض أو له وقت معين غير الفرائض تُسَمَّى رواتب، ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم لا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ" رواه البخاري.
الصلوات المسنونة:وقد ورد تحديد الرواتب والترغيب في فعلها والمحافظة عليها في عدة أحاديث؛ منها حديث ابن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: "حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ" رواه البخاري في "صحيحه".
وعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ»، قالت أم حبيبة: فما تَرَكْتُهُنَّ منذ سمعتُهُنَّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رواه مسلم. وزاد الترمذي: «أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ».
رواتب الصلوات المسنونة
والسنن الرواتب ليست على درجة واحدة من التأكيد -وضابطه مواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها-؛ فبعضها آكد من بعض، فالعشر ركعات الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من الرواتب المؤكَّدة، لا سيما ركعتا الفجر فهي آكد الرواتب؛ لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَد مِنْه تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ" متفق عليه، وفي لفظٍ: "لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا".
الصلوات المسنونة بالسُنة
وعنها -أيضًا- رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ركعتا الفجر خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رواه مسلم؛ ولذلك نُقِلَ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يكن يَدَع ركعتي الفجر أبدًا؛ ففي "المصنف" لابن أبي شيبة من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "أَمَّا مَا لَمْ يَدَعْ صَحِيحًا وَلَا مَرِيضًا فِي سَفَرٍ، وَلَا حَضَرٍ غَائِبًا وَلَا شَاهِدًا -تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: فَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ".
الصلوات المسنونة
قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 305، ط. مؤسسة الرسالة): [.. ولذلك لم يكن يدعُها -أي: النبي صلى الله عليه وآله وسلم- هي والوتر سفرًا ولا حضرًا، وكان في السفر يواظب على سنة الفجر والوتر أشدّ من جميع النوافل دون سائر السنن، ولم ينقل عنه في السفر أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى سنةً راتبةً غيرهما] اهـ بتصرف.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنها ى الله ع ه وآله ی الله ع
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
لماذا لم يذكر الله تعالى الواو عند ذكر أبواب النار وذكر الواو عند ذكر أبواب الجنة؟ قال الله تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا» عن أهل النار، وعن أهل الجنة: « حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا »؟
أحسن ما قيل في هذا، وهو في سورة الزمر أنه لما قال ربنا تبارك وتعالى: «وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا»، فأبواب جهنم والعياذ بالله مؤصدة، كما قال ربنا تبارك وتعالى: إنها عليهم مؤصدة، وهذا فيه إذلال ومهانة؛ لأن هؤلاء الذين يساقون سوقًا والعياذ بالله إلى جهنم، فإنهم وإن توقعوا ما ينتظرهم، لكنهم لم يروه عيانًا بعد، ولا يمكن لهم أن يتصوروا أهواله، ولذلك ففي توقيفهم عند الأبواب الموصدة لجهنم والعياذ بالله مزيدٌ من الإذلال والنكاية والمهانة لهم، فإذا فُتحت أبواب جهنم، فإنهم سيجدون ما يفوق ما كانوا يظنونه من أهوال وعذاب والعياذ بالله.
وأما أهل الجنة، وهنا لما قال ربنا تبارك وتعالى: «وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا»، فهذا السوق إنما هو من باب المشاكلة اللفظية، وإلا فإنهم يكرمون، وهم في موضع الإكرام والإجلال والمكافأة من ذي العزة والجلال سبحانه وتعالى، ولذلك فإن الأبواب تكون مفتوحة، فيأتونها والأبواب مفتوحة، الواو هنا هي واو الحال، والحال أن أبواب الجنان مفتوحة لهم، وهذا يتناسب مع ما يعهده الناس من أن الضيف إذا أريد إكرامه، وإذا أُنزل منزلة الإجلال والاحترام والتقدير وحسن الضيافة والوفادة، فإن الأبواب لا تكون موصدة عند مقدمه، بل تكون مفتوحة، وهذا هو حال أهل الجنة، فإن الله تبارك وتعالى أنزلهم هذه المنزلة العالية الرفيعة، فيأتون وفودًا إلى ربهم، إلى الجنة، وتكون الأبواب مفتوحة لهم، وهذا فيه من الإكرام وإنزالهم المنزلة الرفيعة والتقدير والاحترام ما لا يخفى.
وعلى هذا، بحث المفسرون في جواب هذا الشرط؛ لأنه قال: «حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا»، وقالوا إن السياق هو الذي يُؤخذ منه جواب الشرط، فهو يقدّر بحسب هذا السياق، فمنهم من يقول: أي دخلوها، ومنهم من يقول: أُكرِموا، وجدوا النعيم، كل ما يناسب، كل ذلك من الاتساع في المعنى ليتصوروا ما يتصوّر في نوع الجزاء الذي ينتظرونه وأكثر مما يتوقعونه.
وعلى خلاف أولئك، فإن هؤلاء -أي أهل الجنة- بين ربنا تبارك وتعالى أن أبواب الجنة مفتوحة، فقال: جنات عدن يدخلونها مفتحة لهم الأبواب، فأبواب الجنة مفتوحة، وهذا يتناسب مع ما ورد في سياق كتاب الله عز وجل، بعضهم ذكر أن هذه الواو تسمى «واو الثمانية»، وهي محل نظر عند أهل العلم، فكثير من أهل التفسير والنحاة وأهل اللغة يقولون بأن «واو الثمانية» غير معروفة عند أهل اللغة، عند أهل الإعراب، تلك المذكورة في سورة الكهف، وهي مذكورة في أكثر من موضع، ومنها هذا الموضع.
قالوا: في هذا الموضع إن أبواب الجنة ثمانية، فهؤلاء يقولون إن الواو «واو الثمانية» تأتي إذا كان هناك عدد تضمّن معنى الثمانية، فلا يلزم أن يكون هنالك ذكر، وإنما إذا كان هناك ذكر لثمانية أو معنى للثمانية أو عدة ثماني متعاطفات، ففي الثامنة تأتي الواو، ولكن هذه الواو، المعروفة بواو الثمانية، محل جدل؛ فمن أهل العلم من توقف فيها وقال: هي غير معهودة ولا معلومة، ومنهم من قال: إنها موجودة، واستشهد لها بمواضع في كتاب الله عز وجل: «وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»، وفي آية التوبة لما عدّ الله تبارك وتعالى خصال المؤمنين: التائبون العابدون، ثم قال: والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وهنا، لأن أبواب الجنة ثمانية، فهناك معنى الثمانية متضمّن في الآية الكريمة، فاستُعمل معها الواو، ومنهم من توقف، ومنهم من مال إليها، ومنهم من نفاها كما تقدم، وأنا من هذا الصنف؛ يعني أجد القول بالتوقف أكثر إقناعًا، وبالتتبع رأيت أن علماء الأندلس والمغرب هم أكثر ذكرًا لواو الثمانية؛ أي ذكرها صاحب الهداية، وذكرها القرطبي، وذكرها عدد من المفسرين من أهل المغرب والأندلس من المتقدمين، وأقصد بالمتقدمين من بعد القرن الخامس والسادس وما بعد، ومنهم من نسبها إلى بعض النحاة المتقدمين،
فالحاصل أن هذا القول ذكرته ليناسب المقام، ولأن هناك من أهل التفسير من ذكره، حتى من المتأخرين؛ يعني العلامة ابن عاشور ذكر هذا القول، وكأنه يميل إليه ويستحسنه، ونقل أيضًا عن ابن هشام في «المغني» ميله إلى هذا القول، والله تعالى أعلم.
ما صحة هذا الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان هذا الأمر في حمير، فنزعه الله عز وجل منهم، فجعله في قريش، وسيعود إليهم»؟
هذه الرواية صرّح غير واحد من أهل العلم أنها منكرة، وأقل ما يقال فيها بأنها ضعيفة لا تثبت؛ لتوارد علل في سند هذه الرواية، ففيها عدد من الضعفاء والمدلِّسين، وإن حاول بعض المعاصرين تصحيح هذه الرواية أو تجويدها، إلا أن الصحيح أنها لا تثبت، وبعضهم ذكر أن المتن قويم، لكن لا حاجة إلى الاشتغال بالمتن ما دام السند واهيًا ضعيفًا.
والمقصود بـ«الأمر» هنا أي الملك والخلافة، نعم، وأنها كانت في حمير، ثم بمبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتولّيه أمر الأمة، آلت الخلافة إلى قريش، وهذه الرواية تذكر أن الأمر سيرجع بعد ذلك إلى حمير، وحمير قبيلة في جنوب الجزيرة العربية، مقرها أو أكثر أهلها في اليمن، في أودية اليمن، ولكن الرواية لا تصح، وبناءً على ذلك، لا حاجة إلى الاشتغال ببيان ما يتعلق بهذا الأثر من معانٍ، لأن الرواية كما تقدم صرّح غير واحد بأنها منكرة، عدّوها من الأحاديث المنكرة، والله تعالى أعلم.