أدركت الدولة الغضّة بواسع علمها، وثاقب رأيها، أنَّ الجيش الذي تحاربه بالوكالة، لم ينتصر في جبل موية، وسنجة، والجزيرة، والخرطوم، وتسير جحافله الآن غرباً لتدك آخر معاقل التتار الجدد، بالسحر والأرواح، وخوارق الطبيعة، ولكن لأنه جيشٌ جريءٌ يجيد الحرب، ويتقن النزال، ولا أعلم إذا كانت هذه الدولة الهشّة التي تعض شقيقاتها بنابٍ مسموم، وتصاولهم بمخلب قاتل، تدرك أنَّ هذا الجيش اللجب الذي تورّطت في مناجزته، قد ظفر بشهرة لم يظفر بها أحد سواه في الجزء الشمالي الشرقي لقارة أفريقيا.
نقول لحكام هذه الدولة الذين نعرف أنهم ليسوا أهل إيمان، ولا أصحاب دين، إن جيشنا الذي يؤدي واجبه كأحسن ما تُؤدى الواجبات، لم يكتفِ بهذه الأعباء الثقال التي تنهض بها كل جيوش العالم، ولكنه زاد عنها بالحركة والنشاط، الذي جعل شعوب المنطقة تحتفي به، وتثني عليه، لأنه سار وفق قواعده ومثله العليا، التي تحتم عليه أن يتضامن مع محيطه الذي يعرفه جيداً، ويفهم دقائقه. لأجل ذلك رأينا لجنود السودان مشاركات خارج نطاق حدودهم، أبصرناهم يضطربون في بيئات ليست غريبة عليهم، وغايتهم من هذا الاضطراب أن يُعربوا عن ذاتهم التي ترغب في مساعدة الغير على نيل الحرية، ولكي يعيدوا الأمور إلى نصابها. لأجل هذا شاركوا مصر في كل حروبها منذ الاستنزاف حتى أكتوبر الأخضر، وكان تواجدهم سائغاً إبّان الحرب الأهلية في لبنان، وفي الكويت حينما أراد الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم في ستينيات القرن المنصرم أن يشمخ فيها بأنفه.
إذن سادة تلك الدولة التي سوف تثكلها قريباً مدارج الفتون، لن تظل أبراجها وعماراتها الشامخة وادعة آمنة، فنخبها السياسية كانت جامحة الخيال، حينما ظنّت أن خارطة السودان غيداء فاتنة، يمكن الحصول عليها بتلك الشرذمة من الرعاع الذين لا أجد رزءاً في موقفي هذا، بأن أدمغهم بالجبن، وأنهم أحطّ الناس مرتبة، وأنأى الخلائق بعداً عن الشرف والوطنية.
دويلة الشر اعتقدت أنها ستُخرج من الهوام رجالاً، ومن البراغيث أفيالاً، وأن هذه الجموع من طغام الناس وبغاثهم، في كل صورهم وأشكالهم، يستطيعوا أن يسحقوا جيشاً عرمرماً، ويجعلوه في حرجٍ وفي عُسرٍ شديد، كلا، لم ولن يحدث هذا، فمما لا يندّ على ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن هذا الجيش الذي تطمئن إليه قلوبنا، وتستريح إليه نفوسنا، صاحب فلسفة عميقة رفيعة لا يدركها كل إنسان، فلسفة غذّت عقولنا وأرواحنا، فلسفة شامخة ناضجة، مكنتنا من أن نفهم قيمة جيشنا، ونجعله هادينا الأوحد في حياتنا، فقد آمنا به وكفرنا بما غيره، وأيقنّا بأنه قد تجرد عن الشعور بالفردية، وتسامى عن كل شهوة أرضية. نحن نعشق جيشنا الذي اعتلى ذروة المجد، ونتعصّب لهذه الأفكار والآراء التي تزعم بأنه رمز النضال، وأنه موئل انعتاقنا الأبدي، فلولا هذا الجيش الكاسر الصنديد، لأمست تلك الدويلة التي لا تُؤمن بوائقها تتحكم حتى في سمعنا وبصرنا، وحسّنا وفكرنا.
إن حربك معنا أيها المأفون الواهم، أنت وحاشيتك، قد اتخذت سُبلاً ومواطن أخرى، وها نحن نراك قد انحرفت عن صورها الراتبة المعهودة، وكأنك قنطت من رهط المغامرين الخبثاء، الذين تظاهر بعضهم على بعض، ونشأت بينهم الغوائل، فعمدتم إلى المسيرات التي اتخذت صبغتكم الدموية، عساها تشفي غليلكم، وتستلّ سخميتكم من القوات المسلحة السودانية التي أودت بحياة مجموعة مقدّرة من ضباط جيشكم الفينان، ثُلّة قضت نحبها في مدينة نيالا. فما أن سمعتم بخبر "نفوقهم" حتى هاج كبرياؤكم، وثارت ضغينتكم، فأمطرتم بورتسودان وغيرها من مدن السودان بهذه البعثة المباركة من المسيرات التي لن تغيّر أعاليها وأسافلها شيئاً من إحكام الصلة بسهول، وهضاب، ومدن، ونجوع، ليس بينها وبين القوات المسلحة شيء من الإهمال أو الغفلة.
إذن أسدر في غيّك، وتمادَ في ضلالك، وأرسل مسيرات غضبك وامتعاضك، فهي لن تُلهي الجيش عن إكمال مهمته، فالجيش، والقوات المشتركة، و"ألوية البراء بن مالك" التي تعج متحركاتها بالتهليل والتحميد، وتصخب بالتسبيح والتمجيد، هذه الألوية تندمج مع الجيش دونما نفور، ولن يمضي غير قليل حتى تمتد أياديهم من كل جانب لتخنق "تتر العصر"، وتبطش بعد ذلك بمن عاونهم ومكّن لهم.
لن يستمر هذا الحال طويلاً، ولن ينظر الناس إلى قصورك وأبراجك معجبين، فسوف يُخني عليها الذي أخنى على لُبَد. فهذا مصير كل من يرى في الأنانية دستوراً للحياة، وينساق وراء نزواته وهواه.
د. الطيب النقر
nagar_88@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة هذا الجیش
إقرأ أيضاً:
الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة في إفادات إعلامية يؤكد القوات المسلحة بخير والشعب السوداني بخير
في إفادات إعلامية جدد العميد الركن نبيل عبدالله الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة التأكيد علي تماسك القوات المسلحة والشعب السوداني و الثقة في النصر الحاسم في حرب الكرامة التي تخوضها البلاد و قال : نحن في السودان والقوات المسلحة واثقون تماما من أننا سننتصر في هذه الحرب التي اعتبرناها تحديا لكرامتنا الوطنية واعتبرناها حربا وجودية من أجل أن يستقر السودان ومن أجل أن تنعم أجيالنا القادمة بوطن واحد موحد متماسك وقوي وبإذن الله ستسجلها صفحات التأريخ .. هذه المرحلة الهامة من تأريخنا الوطني بأننا أمة رفضت بإباء وشمم أن تركع وواجهت كل المصاعب والتحديات وإنتصرت بإذن الله ..قواتنا المسلحة بخير وشعبنا السوداني بخيرإرادتنا وعزيمتنا ماضية لن تنكسر إطلاقا مهنا ظنوا ..وندد سيادته بالقوى والأيادي الخارجية التي تقف من خلف المليشيا الإرها_بية ومحاولاتهم اليائسة لتركيع الشعب السوداني مضيفا : يظنون أننا دولة فقيرة وأمة يمكن أن تكون مقهورة لينفردوا بها لكي يحققوا مآربهم في السودان ولكن هيهات بإذن الله ..سنؤكد للعالم ومحيطنا العربي والإقليمي والدولي أننا أمة أبية وأمة قوية وأمة إرادتها ماضية وأبنائها لن يتنازلوا عن أي شيء علي حساب كرامتهم وعزتهم الوطنية .و أختتم إفادته بالتأكيد مجددا علي حتمية النصر للقوات المسلحة وشعب السودان مهما بذل الأعداء قائلا : نحن بخير والقوات المسلحة بخير ندير معركتنا وحربنا هذه و نحن موقنون بأن النصر آت لا محالة مهما بذلت الأموال المشبوهة ومهما بذلت الإمارات من أموال ( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة) ثم يهزمون وسيضرب السودان مثلا أعلي في البسالة والتضحية والفداء ..إعلام القوات المسلحة إنضم لقناة النيلين على واتساب