«تريندز»: تعزيز الوعي حول حوكمة الذكاء الاصطناعي العسكري
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أكدت ندوة «الذكاء الاصطناعي الأخلاقي من أجل حوكمة دفاعية مسؤولة»، التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة والتعاون الوثيق مع اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري (GC REAIM)، على الأهمية المتزايدة لتطوير أطر أخلاقية وتنظيمية قوية ومتينة لمواكبة التطورات المتسارعة وغير المسبوقة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في القطاعات الحسّاسة والاستراتيجية مثل الدفاع.
واستضاف مركز «تريندز» الحدث المهم على مدى ثلاثة أيام بمقره الرئيس في أبوظبي، بدعم من مكاتبه الخارجية المنتشرة حول العالم، وذلك ضمن فعاليات الاجتماع الرابع للجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، حيث سيتم رفع مخرجات الاجتماع إلى الأمم المتحدة كخطة استراتيجية عالمية.
شارك في الندوة نخبة متميزة من الخبراء والمتخصصين رفيعي المستوى من مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك القطاعات الحكومية والدفاعية والأكاديمية المرموقة والشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا، حيث اجتمعوا لتبادل الرؤى والأفكار واستكشاف الدور المتنامي لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي، مع التركيز بشكل خاص على الجوانب الأخلاقية الدقيقة وأطر الحوكمة الفعالة والتطبيقات العملية في القطاعات الحيوية والاستراتيجية، التي تخدم الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
كلمة افتتاحية
افتُتحت أعمال الندوة بكلمات افتتاحية قيّمة ومستنيرة ألقتها شخصيات بارزة وقيادية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوكمة، وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الافتتاحية، أهمية الشراكة بين المركز واللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري (GC REAIM) في تعزيز الوعي والتفاهم حول حوكمة الذكاء الاصطناعي العسكري.
وأشار إلى أن هذا التعاون يهدف إلى دعم وضع معايير أساسية تنظم التطورات المتسارعة في هذا المجال وتوجّهها لخدمة الأمن والسلام العالميين.
كما استعرض مشاركة المركز في فعاليات أخرى ذات صلة، وأكد على التزام «تريندز» بدعم جهود حوكمة الذكاء الاصطناعي.
وتلت كلمة الدكتور العلي كلمات ترحيبية للدكتور تيم سويجس، مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية وأمين سر اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي، المسؤول في المجال العسكري، وكلمة رئيسية لجيمس أنتوني موريس، رئيس أكاديمية ربدان، حيث تم التأكيد على أهمية الموضوع وضرورة تضافر الجهود الدولية.
رؤى خليجية
عقب ذلك، بدأت الجلسة الأولى وأدارها ستيفن سكاليت، المستشار العلمي في قطاع «تريندز» غلوبال، وشارك فيها كل من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة ابتسام المزروعي، الرئيسة التنفيذية والمؤسِّسة لشركة AIE3، وأحمد الخوري، نائب الرئيس الأول للاستراتيجية والتميّز في مجموعة EDGE، وشمسة القبيسي، الباحثة في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، وعبدالله الكعبي، المدير التنفيذي الأول لاستشارات التكنولوجيا في PwC الشرق الأوسط.
واستعرض المتحدثون رؤى دول الخليج وجهودها، في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، بشكل مسؤول في المجال العسكري.
استخلاص العبر
أما الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور تيم سويجس، مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية، والمستشار العلمي للجنة العالمية للذكاء الاصطناعي، المسؤول في المجال العسكري، وشارك فيها كل من نور المزروعي، باحث أول ورئيس برنامج الذكاء الاصطناعي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، والدكتور بتروس فيولاكيس، الأستاذ المساعد في أكاديمية ربدان، والدكتورة دينيس غارسيا، الأستاذة المتفرغة بجامعة نورث إيسترن، وعضوة اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة ياسمين أفينا، الباحثة في برنامج الأمن والتكنولوجيا بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح (UNIDIR) وخبيرة في اللجنة العالمية، والدكتور لي تشيانغ، الأستاذ المشارك في القانون ومدير معهد القانون العسكري بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون وخبير في اللجنة العالمية.
وقد ناقش المشاركون الدروس المستفادة من مبادرات حوكمة التسلح السابقة وتطبيقها على مجال الذكاء الاصطناعي العسكري.
المشهد العالمي
في الجلسة الثالثة، التي أدارتها صوفيا رومانسكي، المحلّلة الاستراتيجية في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية ومنسقة مشاريع اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، وشارك فيها كل من الدكتور مايكل هورويتز، مدير بيري وورلد هاوس وأستاذ ريتشارد بيري بجامعة بنسلفانيا وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة إنغفيلد بودي، الأستاذة المشاركة في مركز دراسات الحرب بجامعة جنوب الدنمارك وخبيرة في اللجنة العالمية، والدكتور جياكومو بيرسي باولي، رئيس برنامج الأمن والتكنولوجيا بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح (UNIDIR) وخبير في اللجنة العالمية، والسيد ناصر الراشدي، الرئيس التنفيذي لشركة 5iR Technology Consultancy، استعرض المشاركون الوضع الحالي للمناقشات الدولية المتعلقة بحوكمة الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
آليات عملية
الجلسة الختامية التي أدارها عيسى المناعي، الباحث في «تريندز» وشارك فيها كل من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والفريق خوسيه ماريا ميان مارتينيز من وزارة الدفاع الإسبانية، والدكتور نيلس آرني نورلاندر، المقدم (متقاعد) والأستاذ المساعد في الدفاع والأمن بأكاديمية ربدان، وجيسيكا دورسي، الأستاذة المساعدة في القانون الدولي والأوروبي بجامعة أوتريخت وخبيرة في اللجنة العالمية. وقد ناقش المشاركون الآليات العملية لتطبيق مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي على امتداد دورة حياته في التطبيقات العسكرية.
حوكمة قوية وفعالة
تم التأكيد بشكل خاص خلال الندوة على الحاجة الملحة لتطوير أُطر حوكمة قوية وفعّالة، لتوجيه عملية نشر واستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الدفاعي. كما نوقشت بعمق المخاطر الرئيسة المحتملة، مثل تطوير الذكاء الاصطناعي المستقل بشكل كامل في تطبيقات الدفاع والرعاية الصحية، وتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل واحتمالية فقدان الوظائف، وقضية المساءلة الخوارزمية المُعقدة.
بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد بشكل متكرّر على الحاجة إلى وضع معايير عالمية متفق عليها، وضمان الرقابة البشرية الفعالة على أنظمة الذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات اللازمة بين صانعي السياسات والجهات التنظيمية لمواكبة التطورات السريعة في هذا المجال.
وخلُصت الندوة المهمة إلى مجموعة من العناصر الرئيسة للعمل المستقبلي، شملت ضرورة التعاون الوثيق مع مبادرة AI71 لتطوير مهارات جميع المعنيين في صناعة الدفاع في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع التطوير المشترك لحلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة مع المستخدمين النهائيين لضمان التطبيقات العملية والأخلاقية لهذه التقنية، والاستثمار بشكل مكثّف في أبحاث وأطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، مع التركيز بشكل خاص على مبادئ الشفافية والعدالة والتوافق الدولي، ومعالجة التحديات المعقدة المتعلقة بقابلية تفسير أنظمة الذكاء الاصطناعي واتخاذ القرارات المستقلة، وتعزيز التعاون التنظيمي العالمي الفعّال.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي مركز تريندز للبحوث والاستشارات تريندز مركز تريندز محمد العلي مرکز تریندز للبحوث والاستشارات حوکمة الذکاء الاصطناعی مجال الذکاء الاصطناعی فی اللجنة العالمیة فی مرکز
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي لن يُقصي أطباء الأشعة
صراحة نيوز ـ اعترف جيفري هينتون، الباحث الرائد المُلقب بأبي الذكاء الاصطناعي والحائز على جائزة تورينغ، بأنه كان متسرعًا في تصريحه السابق بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل أطباء الأشعة بالكامل.
وفي مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال هينتون إنه ركّز حينها على تحليل الصور دون أن يأخذ بالحسبان تعقيدات العمل الطبي، مما جعله يبالغ في تقدير سرعة تطور الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: “لقد اتجهنا في المسار الصحيح، لكن الواقع أثبت أن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل أطباء الأشعة، بل يجعلهم أكثر كفاءة ويساعدهم في تحسين الدقة”.
وكان هينتون قد أثار جدلًا واسعًا عام 2016 حين قال إن تدريب أطباء أشعة جدد بات غير ضروري، مشبّهًا المهنة بشخصية كرتونية تواصل الجري بعد تجاوز الحافة دون أن تدرك أنها في الهواء.
وقال هينتون إن تقنيات التعلّم العميق ستتفوق على البشر خلال خمس سنوات فقط. وفي مقطع الفيديو الشهير لتلك المحاضرة، يظهر الباحث ريتشارد ساتون، وهو أحد أبرز المتخصصين في التعلّم المعزز، وهو يوافقه الرأي.
وجاء الواقع مغايرًا؛ إذ ذكرت نيويورك تايمز أن مؤسسات مثل مؤسسة مايو كلينك الطبية تُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم أطباء الأشعة عوضًا عن استبدالهم. فمنذ عام 2016، ارتفع عدد أطباء الأشعة في المستشفى من نحو 260 إلى أكثر من 400 طبيب، أي بزيادة تُقدَّر بنحو 55%.
ومع أن هينتون لم يكن مخطئًا تمامًا، إلا أن الذكاء الاصطناعي أحدث بالفعل تحولًا ملحوظًا في المجال، إذ تستخدم مايو كلينك اليوم أكثر من 250 نموذجًا للذكاء الاصطناعي ضمن قسم الأشعة، بعضها مطوّر داخليًا وبعضها الآخر من شركات خارجية، كما بدأت هذه الأدوات تُستخدم أيضًا في تخصصات أخرى مثل أمراض القلب.
وتساعد هذه الأنظمة في تسريع تحليل الصور، وتحديد مناطق الاشتباه، واكتشاف حالات مثل الجلطات الدموية أو الأورام. كما يوفّر أحد النماذج قياسات تلقائية لحجم الكلى، وهو إجراء كان يُنجز يدويًا في السابق، ويستهلك وقتًا طويلًا.
وقال الدكتور ماثيو كالستروم، رئيس قسم الأشعة في مايو كلينك، إن الذكاء الاصطناعي يُستخدم كـ”زوج ثانٍ من العيون”، فهو يتولى المهام التكرارية، لكن الحكم الإكلنيكي (السريري) يظل مسؤولية الطبيب، وأكد أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الممارسات اليومية في الطب.
ويُعد تراجع هينتون عن تصريحاته السابقة درسًا في التواضع لتوقعات الذكاء الاصطناعي. فالكثير من التصريحات الحالية، مثل تلك التي يُدلي بها الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان ومؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، تتنبأ بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل العديد من المهن، وهي تصريحات غالبًا ما تبالغ، وتفتقر إلى التمييز بين أتمتة المهام الفردية واستبدال المهن بالكامل، كما حدث مع تصريح هينتون عام 2016 حين اختزل طب الأشعة في مجرد تحليل صور.
وحتى مع التقدّم التقني، فإن عوامل ثقافية وتنظيمية وقانونية تظل تشكّل عوائق أمام الاعتماد الشامل على الذكاء الاصطناعي.
وتحمل هذه القصة رسالة أوسع لمجتمع الباحثين في الذكاء الاصطناعي، وهي تجنّب إصدار توقعات شاملة بشأن مهن لا يدركون أبعادها الكاملة.