أحمد مراد (الخرطوم، أبوظبي)

أخبار ذات صلة "الهوية والجنسية" تعفي رعايا السودان من غرامات تصاريح الإقامة وأذونات الدخول الإمارات.. عامان من دبلوماسية السلام في مواجهة أطماع وتضليل "سلطة بورتسودان"

حذر المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الخرطوم، عدنان حزام، من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان بمستويات خطرة، واصفاً الواقع المعيشي لملايين السودانيين بـ«الكارثي»، جراء تداعيات النزاع الدائر منذ أبريل 2023، وهو ما أفرز أكبر «أزمة نزوح» على مستوى العالم.


وكشف حزام، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن نحو 25 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية وإغاثية عاجلة لتلبية الاحتياجات الأساسية، من غذاء ودواء ومياه وطاقة، ما يتطلب تحركاً إقليمياً ودولياً سريعاً لتكثيف جهود العمل الإنساني والإغاثي في السودان.
 وأوضح أن ملايين السودانيين يُعانون تراجعاً حاداً في خدمات الرعاية الصحية، خاصة مع خروج ما بين 70 و80% من المنشآت الصحية في مناطق النزاع من الخدمة، والنسبة الباقية من المستشفيات والمراكز الصحية تعمل بموارد وإمكانات وكوادر بشرية محدودة للغاية.
 وأفاد حزام بأن السودان يشهد حالياً واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، جراء النزاع المسلح الدائر في العديد من المدن والولايات السودانية، ما يشكل تهديداً خطيراً لحياة ملايين المدنيين السودانيين، لا سيما مع استهداف المنشآت المدنية ومرافق الخدمات الحيوية والبنية التحتية.
 وقال متحدث «الصليب الأحمر»، إن الأزمة الإنسانية في السودان تُشكل تحدياً كبيراً للمنظمات الإنسانية والإغاثية، سواء الإقليمية أو الدولية، خصوصاً مع اشتداد القتال، وتفاقم الكلفة البشرية، وتدهور الواقع المعيشي لملايين السودانيين في مناطق النزاع.
وأضاف أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل على تكثيف جهود الاستجابة الإنسانية، مع التركيز على الأنشطة المنقذة للحياة، عبر دعم المنشآت الصحية التي ما زالت تعمل، وتوفير المستلزمات الطبية والدوائية، وخاصة المواد اللازمة للعمليات الجراحية، لافتاً إلى إمداد أكثر من 88 مستشفى ومركزاً صحياً بالمواد الجراحية والدوائية، بما في ذلك المستشفيات والمراكز الصحية القريبة من خطوط ومناطق القتال.
وشدد حزام على اهتمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدعم خدمات مياه الشرب، وتزويد مئات الآلاف من الأسر السودانية بالمياه النظيفة، إذ تدعم اللجنة مؤسسات المياه في مختلف الولايات السودانية، عبر توفير المواد اللازمة لعملية تنقية وتعقيم المياه، إضافة إلى توفير قطع الغيار التي تحتاج إليها محطات المياه، وتزويد المحطات الرئيسية بمضخات كبيرة، ما أسهم في إيصال المياه النظيفة إلى أكثر من مليوني سوداني.
ودعا الأطراف المتنازعة إلى الالتزام بقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني التي تنص على حماية المدنيين، وعدم استهداف المنشآت المدنية، وإتاحة مناخ عمل آمن للعاملين في المجال الإنساني، وهو ما تعهدوا عليه في المباحثات التي جرت في مدينة جدة السعودية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أزمة السودان الرعاية الصحية المساعدات الإنسانية الصليب الأحمر السودان الخرطوم

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي

الرقص على رؤوس الأفاعي مقولة شهيرة ارتبطت بالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في توصيفه لواقع سياسي معقد تطلّب إدارة توازنات دقيقة داخليًا وخارجيًا. واليوم، تكاد العبارة تنطبق على المشهد السوداني، وسط تحولات إقليمية كبرى تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط. فالحرب بين إيران وإسرائيل بصرف النظر عن مالاتها تعبّر عن مرحلة جديدة تتشابك فيها المصالح، وتتنوع أدوات النفوذ، حيث أضحت المواجهة العسكرية جزءًا من مشروع استراتيجي أوسع يعيد رسم خرائط الهيمنة الإقليمية في المنطقة.
في هذا السياق، يجد السودان نفسه في موقع بالغ الحساسية، تتقاطع فيه التحديات الداخلية مع صراعات إقليمية متسارعة، تجعله جزءًا من معادلات تتجاوز حدوده.

ويأتي الحراك الأميركي في المنطقة، مدعومًا بتأييد غير مشروط لإسرائيل، وتمويل الحرب عبر قوى خليجية – بحسب مراقبين – ضمن مشروع لإعادة هندسة النظام الإقليمي، وإنتاج أنظمة سياسية عربية جديدة، لا تكتفي بالولاء، بل تندمج بالكامل في مشروع التطبيع وفق المشروع الإبراهيمي . إذ لم يعد المطلوب أنظمة موالية فحسب، بل بنى سياسية وثقافية تتماهى مع تصوّر إسرائيلي-أميركي للمنطقة، يُعيد ضبط الإقليم وفق معايير الهيمنة الناعمة والتحكم المستدام.
وسط هذه المتغيرات، يبرز السودان كحالة استثنائية تحمل إمكانات استراتيجية واعدة، إذا أُحسن توظيف التوازنات الإقليمية، واللعب على خطوط التماس بحذر وذكاء. ورغم الجراح الداخلية المفتوحة، وتعقيد الأزمات السياسية والاجتماعية، فإن السودان يمتلك موقعًا جيوسياسيًا بالغ الأهمية، وموارد طبيعية وبشرية ضخمة، وموقعًا إقليميًا يربطه بالقرن الأفريقي ومحيط البحر الأحمر والخليج العربي في آنٍ واحد. وإذا كان بعض الفاعلين الإقليميين مهددين بالذوبان أو السقوط في فوضى ممنهجة، فإن السودان، إن أحسن ترتيب بيته الداخلي، قادر على التحوّل من دولة كانت على هامش الصراع إلى دولة مركزية مؤثرة في معادلات ما بعد الصراع.
ومع اتساع رقعة الحرب في الخليج، وارتفاع كلفتها، وتزايد احتمالات الانهيار في بعض دوله، قد يصبح السودان الوجهة الأقرب والأكثر قابلية لاستقبال تدفقات بشرية واقتصادية هائلة، سواء من مواطنيه العائدين من هناك، أو من عربٍ قد تدفعهم الأوضاع إلى الهجرة بحثًا عن أمن مفقود. هذه الموجات المتوقعة من النزوح العربي والخليجي نحو السودان قد تُشكل، إذا أُديرت بوعي، رافعة اقتصادية ضخمة تسهم في تحريك عجلة الإنتاج، وتوسيع السوق المحلي، وزيادة الطلب على الخدمات والسلع والمساكن، فضلًا عن إمكانية استثمار رؤوس الأموال الهاربة في قطاعات واعدة كالتعدين، الزراعة، والطاقة والثروة الحيوانية .
إن التحول الإقليمي المقبل لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمتد إلى بنية الأمن في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وإذا نجح السودان في استعادة الاستقرار، فقد يتحول جيشه – بما أثبته من كفاءة قتالية – إلى ركيزة إقليمية لحفظ التوازن. ومع تراجع الأدوار الخليجية، تتعاظم قيمة السودان كفاعل استراتيجي، ويغدو جيشه طرفًا مطلوبًا في معادلات الأمن الإقليمي، بما يعزز نفوذه السياسي والتفاوضي في لحظة تعاد فيها هندسة المنطقة.
لكن جميع السيناريوهات تظل مرهونة بقدرة السودان على التقاط لحظته التاريخية، باعتبارها فرصة لتأسيس مسار استراتيجي جديد. فالنجاح مرهون بالتحرك المدروس، وتجنّب استنساخ تجارب الماضي، وامتلاك رؤية وطنية عقلانية تتجاوز الانقسامات، وتؤسس لدولة فاعلة لا منفعلة. ويتطلب ذلك قيادة تدرك حساسية التوقيت، وتبني سياساتها الخارجية على براغماتية هادئة توازن بين المصالح الوطنية والنفوذ الإقليمي ، بعيدًا عن الشعارات والاستقطاب الأيديولوجي.
السودان لم يعد فاعلًا هامشيًا في الإقليم، بل أضحى مركزًا استراتيجيًا في قلب التحولات الجيوسياسية الجارية. فالخرائط الجديدة تُرسم خلف الكواليس، والفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الخليجي في البحر الأحمر لا بد أن يُملأ. وإن لم يبادر السودان إلى ملئه، فسيفعل ذلك فاعلون آخرون.

لذا، فإن اللحظة تقتضي وعيًا استراتيجيًا عقلانيًا، يتجاوز الحسابات العاطفية والماضي المثقل بالجراح، ويدرك أن التحولات الكبرى – مهما بدت مدمّرة – تحمل في طياتها فرصًا لمن يُحسن قراءتها بذكاء وواقعية.
وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة لقد آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي. وليس في ذلك مجازفة متهورة، بل استجابة لطبيعة اللحظة التاريخية التي لا تسمح بالتقوقع أو الانتظار. فالأفاعي تتحرك، والخرائط يُعاد رسمها، والمصالح تتبدل. ومن يمتلك القدرة على السير فوق الحبال المشدودة دون أن يسقط، هو من سيكون له نصيب في صناعة التاريخ وكتابته. وربما يكون السودان، بثقله الجيواستراتيجي، أمام بوابة مختلفة، لا تفتحها القوة وحدها، بل يُفتح قفلها بالعقل، والرؤية، والبصيرة.

إبراهيم شقلاوي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الصحة والهلال الأحمر تبحثان تعزيز الخدمات الصحية في سوريا
  • مناقشة تطوير أعمال مدينة لوى الصحية
  • استعراض مراحل سير أعمال مدينة الرستاق الصحية
  • جامعة حلوان تستضيف اجتماع قطاع العلوم الأساسية بالمجلس الأعلى للجامعات
  • الصليب الأحمر الدولي: مخلفات الحرب تهدد اليمنيين وتعيق جهود الإغاثة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي
  • الهلال الأحمر توقع اتفاقية شراكة استراتيجية مع الصليب الأحمر البريطاني
  • "الصليب الأحمر" يعلن مقتل خامس متعاونيه في قطاع غزة
  • الصليب الأحمر تعلن استشهاد متعاون خامس معها في قطاع غزة
  • العرباوي: نعمل على تعزيز المكتسبات الاجتماعية و تحقيق الاحتياجات الأساسية للمواطنين