قتل يفغيني بريغوجين قائد شركة ـ ميليشيا «فاغنر»، ونائبه وكبار معاونيه، وبقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. وهذا الطبيعي، حيث احترقت الطبخة وبقي الطباخ الحقيقي.. بقي بوتين لأنه يجيد الطبخة السياسية، وفق قواعد اللعبة الروسية.
احترقت طبخة بريغوجين حين لعب «الروليت» الروسية بلا عقل، وليس بلا قلب. وهو الذي حذره رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو من التهديدات المحتملة لحياته حين تمرده على بوتين وتقدمه نحو موسكو وقتها، وكان رد بريغوجين: «لا يهمني.
.. سأموت».
وبالطبع لم يصبح الرئيس بوتين طباخ روسيا الحقيقي لأنه بلا قلب، بل لأنه ذو عقل، ومهما وصفه خصومه، أو وصفوا طبيعة حكمه، حيث انتهج العقلية التي يمكن أن تدار بها روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، ووفق قواعد اللعبة هناك.
بينما نسي بريغوجين قواعد اللعبة، كأنه ساذج حالم يشاهد السياسة عبر وهم شاشة «سي إن إن» ما بعد أوباما وترمب، وفي وقت كان فيه بوتين يتذكر أنه في طريق السلطة لا صديق، ولا حسابات مكررة، وأن الرصاصة إذا أطلقت لا تعود.
كان بريغوجين الذي وصفه بوتين بأنه «رجل ذو مسار معقّد» شجاعاً جاهلاً، وكل جاهل جريء، حيث أطلق الطلقة وركض أسرع منها معتذراً لبوتين، وقبل وساطة بلاروسيا. وهناك تم اصطياده، ووفق مقولة «الانتقام طبق من الأفضل أن يقدم بارداً».
تم إمهال بريغوجين إلى حين، ومد له الحبل، ثم سحب «الحبل ـ الطائرة» من السماء على بريغوجين ومعاونيه. ولو كان ميكافيلي حياً بيننا لاستلقى ضحكاً على ما فعله بريغوجين، ولن يضعه حتى هامشاً في آخر صفحة كتاب، بل كان سينظر له على أنه من طرائف السياسة.
حسناً، ما العبر؟ هل انتصر بوتين؟ بالطبع لا، كونه خاض صراعاً داخلياً، مما يعني أن لديه أزمة لم يعالجها، وإنما تخطى أغرب لحظاتها. والعبر تقول إن صديق بوتين هو من يطيعه فقط، ولا يتجرأ عليه.
لدى بوتين معركة داخلية وخارجية، والقوي داخلياً قوي خارجياً. والعبر تقول إن من يتبعون «فاغنر» هم أعداء بوتين، ومن يتبعون بوتين يعون أن من يطلق النار في السياسة يخسر نصف المعركة.
القوي لا يستخدم «الرصاص» في السياسة، وإنما الحيلة، وذات يوم في تاريخنا الإسلامي صرخ الخليفة المعتضد في عماله، أو رجاله، قائلاً: «أين حيل الرجال؟» حيث استنكر عنفهم، وقلة دهائهم.
الحيل أعيت بوتين في أوكرانيا ومع قائد «فاغنر» لأن من يخرج مارد الميليشيات لا يستطيع إعادته إلى القمقم، ولو صفيت قيادات الميليشيات، فالدولة شيء، والميليشيات شيء آخر، حيث الرجال غير الرجال.
قتل بريغوجين واهتزت الهيبة في موسكو، وبالسياسة الهيبة مرة واحدة، ولا تمنح مرتين. فإما مهاب أو أسد جريح، ولكل حدث تبعات، والأيام حبلى بالمفاجآت. ولا مفاجآت في روسيا وإنما نهايات وبدايات، وكلها لعبة روليت.
ولمن يتساءل عن هذا المصطلح فهو لعبة تجريب المسدس بالرأس أو الفم برصاصة واحدة، تصيب أو تخطئ، وأصابت الرصاصة هذه المرة طائرة بريغوجين ورجاله الآن، لكن للغدر بقية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
(ذا اتلانتك).. اتفاق “أمريكا أولا” مع الحوثيين يكشف شكل السياسة الخارجية لإدارة ترامب
المصدر: ذا اتلانتك
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
قالت مجلة ذا اتلانتك الأمريكية إن اتفاق الولايات المتحدة مع جماعة الحوثي على وقف إطلاق النار يشير إلى شكل السياسة الخارجية الأمريكية بالخروج من الصراعات دون انهائها.
وقال روبرت وورث الكاتب والمؤلف المتخصص بالشرق الأوسط في تعليقه على الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأمريكي: بالنسبة لأي شخص تساءل كيف تبدو السياسة الخارجية “أمريكا أولا”، قدم دونالد ترامب مثالا حيا اليوم عندما أعلن وقف إطلاق النار مع الحوثيين، الميليشيا اليمنية التي تعرضت لقصف أمريكي على مدى الأسابيع السبعة الماضية.
وقال ترامب إن الحوثيين “استسلموا” ووافقوا على عدم استهداف السفن الأمريكية بعد الآن، قاطعا اجتماعا مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بإعلان مرتجل بدا أنه فاجأ بعض فريقه. وفي المقابل، ستوقف الولايات المتحدة غاراتها على الحوثيين.
وقال ورث: بعبارة أخرى، استخرجت الولايات المتحدة نفسها من الصراع لكنها لم تنهيه. لا يوجد ما يشير إلى أن الحوثيين سينهون هجماتهم على السفن الغربية أو الهجمات على إسرائيل. وضربت الهجمات بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل بصاروخ يوم الأحد، مما أدى إلى اندلاع جولة من العنف قصفت فيها إسرائيل مواقع في أنحاء اليمن اليوم، مما أدى إلى اشتعال النيران في المطار الرئيسي في البلاد.
وأصدر الحوثيون تصريحات تحدي متحدية قالوا فيها إن الهجمات الإسرائيلية “لن تمر دون رد” وأن الحركة “لن تتخلى عن موقفها من غزة”.
وأضاف وورث: حتى أن بعض المحللين تساءلوا عما إذا كانت الهدنة الأمريكية ستنطبق على بريطانيا وحلفاء غربيين آخرين تعرضت سفنهم للضرب من قبل الحوثيين.
محذراً من أنه إذا لم يحدث ذلك “فسوف يأخذ معنى “أمريكا أولا” إلى آفاق جديدة ، والعلاقة عبر الأطلسي إلى مستويات منخفضة جديدة”.
ويشير إلى أنه في محادثة سيجنال سيئة السمعة بين كبار مسؤولي ترامب في مارس/آذار، قال نائب الرئيس جي دي فانس إنه متردد في شن حرب على الحوثيين إذا كان ذلك يعني تقديم خدمة لحلفاء أمريكا الأوروبيين، الذين تعرضت سفنهم أيضا لهجوم من قبل الحوثيين.
لكن البيان الصادر عن وزير الخارجية العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، الذي شاركت بلاده في المحادثات التي أدت إلى الاتفاق، يبدو أنه يشير إلى أن الهدنة ستشمل دولا غربية أخرى: ستضمن “التدفق السلس للشحن التجاري الدولي”، بحسب البيان.
وقالت ذا اتلانتك: يعد الاتفاق فترة راحة مرحب بها لإدارة ترامب، التي كانت حربها ضد الحوثيين تهدد بأن تصبح مستنقعا. على الرغم من أن الضربات الأمريكية الأخيرة ألحقت بعض الضرر بالجماعة اليمنية، إلا أنها لم تحقق هدف ترامب المتمثل في “إبادة الميليشيا تماما”. سيظل الحوثيون يشكلون تهديدا قويا لمنطقة الخليج بأكملها، بعد أن أثبتوا خلال الأشهر ال 18 الماضية أنهم يستطيعون تعطيل الشحن الدولي كما يحلو لهم.
لم يصدر الحوثيون أي تصريحات رسمية حول الهدنة، ويتساءل بعض المحللين كيف سيبرر قادة جماعة إسلامية متجذرة في كراهية أمريكا وإسرائيل التعامل مع إدارة أمريكية لا تتظاهر حتى بأنها تكبح جماح حرب إسرائيل في غزة.
“إذا كنت حوثيا، فهذه هي اللحظة الأخيرة التي ستعقد فيها صفقة كهذه، مع استمرار اشتعال النيران في غزة وجزء كبير من اليمن تحت الهجوم الإسرائيلي”، قال لي برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون.
قد يكون أحد التفسيرات للتوقيت هو أن إدارة ترامب والإيرانيين يدورون حول صفقة جديدة لاحتواء طموحات إيران النووية. كانت إيران الراعي العسكري الرئيسي للحوثيين وراعيهم، ولها نفوذ كبير عليهم. ربما كانت طهران تنوي تقديم وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية في المحادثات النووية، كما اقترح لمحمد الباشا، المحلل اليمني ومؤسس تقرير باشا. يقود مبعوث ترامب ستيفن ويتكوف المحادثات الإيرانية، وسارع إلى إعادة نشر إعلان وزير الخارجية العماني عن صفقة الحوثيين مساء الثلاثاء.
ويمكن أن يكون إعلان ترامب مرتبطا أيضا برحلته المقبلة إلى الخليج، حيث سيلتقي بقادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. كان السعوديون يحثون النظام الإيراني على إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، بل وأرسلوا وزير دفاعهم للقاء آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، الشهر الماضي.
وذكر ترامب رحلته القادمة خلال اجتماع المكتب البيضاوي مع كارني الثلاثاء وأضاف أنه قبل مغادرته سيكون لديه “إعلان كبير جدا جدا للإدلاء به”. إذا تبين أن هذا الإعلان هو صفقة جديدة لاحتواء طموحات إيران النووية، فربما يكون للحوثيين علاقة به.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةرسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...
يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...
نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...
نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...
التغيرات المناخية اصبحت القاتل الخفي ، الذي من المهم جدا وضع...