في السنوات الأخيرة أصبحت الطائرات المسيرة جزءا مهما من إستراتيجيات الشركات التكنولوجية الكبرى، خاصة في مجال توصيل الطلبات.

وبصفتها واحدة من الشركات العالمية الكبرى في مجال التجارة الإلكترونية كانت "أمازون" رائدة في تبني التكنولوجيا لتسريع عمليات التوصيل وتحسين تجربة العملاء.

واستثمرت الشركة في تقنية الطائرات المسيرة لتوصيل الطلبات من خلال مشروع "برايم إير" الهادف إلى توصيل الطلبات خلال أقل من 30 دقيقة.

لكن المشروع تعرض مؤخرا لانتكاسة كبيرة، إذ أعلنت الشركة توقف رحلات الطائرات المسيرة في بعض المناطق، مما أثر في استثماراتها وخططها المستقبلية في قطاع التوصيل.

حلم التوصيل في 30 دقيقة

في عام 2013 تعهد جيف بيزوس بملء السماء بأسطول من الطائرات المسيرة لتوصيل الطرود الفردية إلى منازل العملاء في غضون 30 دقيقة من خلال مشروع "برايم إير" الذي أُطلق رسميا في عام 2022.

لكن المشروع واجه تحديات تقنية معقدة، حيث بلغت تكلفة توصيل الطرد الواحد عبر الطائرات المسيرة 484 دولارا في التجارب الأولية، مع توقعات بخفض التكلفة إلى 63 دولارا بحلول 2025، وهو لا يزال مرتفعا مقارنة بأسعار التوصيل التقليدية.

وفي ذلك الوقت كان العملاء المشاركون في التجارب يطالبون بتثبيت علامة مادية في فسحة المنزل لتحديد موقع التسليم، مع تعيين الشركة شخصا مسؤولا عن مراقبة مسار تحليق الطائرة المسيرة.

إعلان

وبلغت تكلفة تصنيع الطائرات المسيرة 146 ألف دولار لكل واحدة، وكان مداها 5 كيلومترات.

كما واجهت "أمازون" مشكلات متكررة تتعلق بسلامة الطائرات المسيرة، إذ سجلت حوادث متكررة بين عامي 2021 و2023، كان أبرزها حريق اندلع بسبب فقدان الطائرة السيطرة في الهواء.

وتتعرض الشركة لضغوط متزايدة لمواكبة المنافسين، مثل "ألفابت"، و"وول مارت"، و"يونايتد بارسل سيرفيس".

وعلى الرغم من حصول الشركة على إذن من إدارة الطيران الفدرالية الأميركية (إف إيه إيه) لتحليق طائرتها خارج نطاق الرؤية البصرية لمشغليها من بعد وبدء عملياتها التجريبية رسميا فإن الواقع كان أكثر تعقيدا.

وبعد ما يقارب عقدا من الزمان وعلى الرغم من إنفاق أكثر من ملياري دولار في الجهود المبذولة لبناء قسم للطائرات المسيرة من الصفر وتجميع فريق يضم أكثر من ألف شخص حول العالم فإن الشركة بعيدة كل البعد عن إطلاق خدمة توصيل بالطائرات المسيرة، حيث اقتصرت عمليات التسليم على تجارب ضيقة في أريزونا وتكساس.

أوقفت "أمازون" طواعية جميع عمليات التسليم التجارية باستخدام الطائرات المسيرة بعد تحطم طائرتين من أحدث نماذجها في طقس ممطر بمنشأة اختبار (الفرنسية) حوادث متكررة

وعلى مدى 4 أشهر في عام 2021 وقعت 5 حوادث في موقع اختبار في "بيندلتون" بولاية أوريغون.

وفي حين أن الحوادث حتمية في برنامج اختبار الطيران لكن هذه الطائرات المسيرة هي التي كانت "أمازون" تأمل في نشرها للاختبارات العامة.

وفي مايو/أيار 2021 انفصلت مروحة طائرة مسيرة، مما تسبب في انقلاب الطائرة وتحطمها فيما كانت محركاتها الأخرى لا تزال تعمل.

وخلال يونيو/حزيران 2021 تعطل محرك طائرة مسيرة أثناء انتقالها من الصعود العمودي إلى الحركة الأمامية، ولم تعمل ميزة الأمان التلقائية المصممة لهبوطها في مثل هذه الحالات، وانقلبت الطائرة وفشلت أيضا وظيفة الأمان المستقرة.

إعلان

وفي ذلك الوقت، كانت "أمازون" قد قللت من أهمية بروتوكولات السلامة لصالح استمرار الاختبارات.

ووفقا للسجلات، كان هناك ما لا يقل عن 4 حوادث إضافية في عام 2022، منها 3 كانت نتيجة انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أوقفت "أمازون" عملياتها مؤقتا بعد تحطم طائرة مسيرة في بندلتون عندما نفدت طاقة بطاريتها، وفقا لتقرير المجلس الوطني لسلامة النقل.

الحلم المؤجل

وفي قرار مفاجئ أوقفت "أمازون" طواعية جميع عمليات التسليم التجارية باستخدام الطائرات المسيرة بعد تحطم طائرتين من أحدث نماذجها في طقس ممطر بمنشأة اختبار.

ووقعت الحادثة في ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث تحطمت طائرتان مسيرتان من طراز "إم كي 30″، واشتعلت النيران في إحداهما على الأرض بسبب خلل برمجي مرتبط بالتحليق في طقس ممطر.

وعلقت الشركة فورا عمليات التسليم باستخدام الطائرات المسيرة في تكساس وأريزونا لإصلاح برنامج الطائرة.

ويأتي هذا القرار بعد أن أوقفت الشركة خدمات توصيل الطائرات المسيرة في أبريل/نيسان الماضي في لوكفورد بولاية كاليفورنيا.

ويعد التوقف بمنزلة الانتكاسة الأحدث لبرنامج يتجه نحو الخدمة التجارية على نطاق واسع بعد أكثر من 11 عاما من إعلان جيف بيزوس عن مبادرة لبناء طائرات مسيرة قادرة على توصيل المنتجات إلى العملاء في أقل من نصف ساعة.

ويكشف القرار عن التحديات التكنولوجية عندما يتعلق الأمر بتحدي الجاذبية والعمل في الطقس العاصف وحمل مواد التوصيل التي يمكن أن تختلف في الحجم والوزن، حيث أثرت هذه التحديات التقنية في توقيت طرح برنامج "برايم إير".

وعلى الرغم من التقدم الكبير في تكنولوجيا الطائرات المسيرة فإن هناك العديد من العقبات التقنية التي واجهت المشروع، ومن أبرزها مشكلات الاستقرار والملاحة الجوية.

وتحتاج الطائرات المسيرة إلى أنظمة ملاحة دقيقة لتحديد مسارها بشكل آمن، خاصة في البيئات الحضرية المليئة بالمباني والعوائق.

إعلان

ولم يكن اعتمادها على النظام العالمي لتحديد المواقع (جي بي إس) كافيا لضمان دقة الملاحة، مما أدى إلى مشكلات في تحديد المواقع والهبوط الآمن.

كما يواجه المشروع مشكلات فيما يتعلق بالبطارية ومدى الطيران المحدود، إذ تعتمد الطائرات المسيرة على بطاريات الليثيوم أيون التي تعاني قيودا في الطاقة والمدى، مما يجعلها غير قادرة على تغطية مسافات طويلة أو حمل شحنات ثقيلة، وقللت الحاجة المستمرة إلى إعادة شحن الطائرات كفاءتها التشغيلية، خاصة في عمليات التوصيل المكثفة.

وأثرت الرياح القوية والأمطار وتقلبات الطقس المفاجئة بشكل كبير في استقرار الطائرات أثناء الطيران، مما زاد معدل الأعطال.

ينعكس توقف "أمازون" عن تشغيل رحلات الطائرات المسيرة في بعض المناطق مباشرة على استثماراتها في قطاع التوصيل الجوي (غيتي) الاستثمارات والخطط المستقبلية

ينعكس توقف "أمازون" عن تشغيل رحلات الطائرات المسيرة في بعض المناطق مباشرة على استثماراتها في قطاع التوصيل الجوي، مع تخوف من حدوث خسائر مالية في البنية التحتية والمعدات بسبب تداعيات القرار.

وأنفقت الشركة مئات الملايين من الدولارات على تطوير الطائرات ومراكز التحكم وبرمجيات الذكاء الاصطناعي، ويعني توقف الرحلات أن الشركة قد تضطر إلى إعادة توجيه مواردها، مما ينعكس على الميزانية المخصصة للمشروعات المستقبلية.

وقد تتجه "أمازون" إلى الاعتماد أكثر على الروبوتات الأرضية والشراكة مع شركات لوجستية أخرى لتعويض خسائر مشروع التوصيل الجوي.

وأدت المشكلات التقنية إلى الحد من خطط توسيع خدمة "برايم إير" إلى مناطق جديدة، مع تأخير خطط التوسع في الأسواق الأوروبية والآسيوية، حيث توجد تحديات تنظيمية إضافية.

ويؤثر تأخر تنفيذ المشروع في العملاء الذين كانوا يتطلعون إلى خدمة أسرع وأكثر كفاءة، حيث كان من المتوقع أن تكون الطائرات المسيرة بديلا فعالا عن التوصيل التقليدي، لكن أصبح البعض يشكك في إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا قريبا.

إعلان

ويشعر بعض العملاء بالقلق بشأن مدى أمان هذه الطائرات عند التحليق فوق المنازل أو بالقرب من المناطق السكنية.

وقد يُنظر إلى فشل مشروع "برايم إير" في تحقيق أهدافه على أنه إخفاق في تحقيق وعود التكنولوجيا، وقد يؤثر ذلك في الصورة العامة للشركة بصفتها شركة تكنولوجيا متقدمة، مما قد يمنح المنافسين فرصة لتعزيز حضورهم في قطاع التوصيل.

وعلى الرغم من هذه النكسات فإن طموحات "أمازون" تظل في مجال الطائرات المسيرة عالمية.

وفي الأشهر الأخيرة أجرت الشركة أول رحلة تجريبية لها في إيطاليا، وتتطلع إلى الحصول على الموافقات للعمل بالمملكة المتحدة.

ومع ذلك، يثير قرار التوقف الحالي تساؤلات بشأن إمكانية أن يصبح التوصيل بالطائرات المسيرة ركيزة أساسية دائمة للشركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الطائرات المسیرة فی فی قطاع التوصیل عملیات التسلیم وعلى الرغم من مسیرة فی فی عام

إقرأ أيضاً:

الشركة المتحدة للتنمية تفوز بجائزتين ضمن جوائز السلامة الدولية لعام 2025

حصدت الشركة المتحدة للتنمية جائزتين مرموقتين ضمن جوائز السلامة الدولية لعام 2025، المقدمة من المجلس البريطاني للسلامة عن كل من جزيرة اللؤلؤة وجزيرة جيوان، وذلك في إنجاز يعكس التزامها العميق بأعلى معايير الصحة والسلامة.

وأكد بيان للشركة اليوم، أنها حصلت على جائزة التميز عن مشروع جزيرة جيوان، وجائزة الجدارة عن جزيرة اللؤلؤة، لتكون من بين عدد محدود من المؤسسات العالمية التي نالت هذا الاعتراف الدولي المرموق من بين أكثر من 900 جهة مشاركة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا، المملكة المتحدة، الإمارات، المملكة العربية السعودية، مصر، تركيا، سنغافورة، وغيرها.

وأضاف البيان، يسلط هذا الإنجاز الضوء على التزام الشركة المستمر بتعزيز ثقافة السلامة كركيزة أساسية لعملياتها. إذ تبنّت الشركة خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المبادرات الرائدة في مجال إدارة الصحة والسلامة المهنية، شملت تطوير سياسات متقدمة للتدريب والوقاية، وتطبيق أحدث أنظمة مراقبة السلامة في مواقع العمل، وتعزيز الاستجابة للطوارئ ضمن مشاريعها العقارية.

وقال السيد ياسر صلاح الجيدة، الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للتنمية، "نحن فخورون بالحصول على هذا التقدير الدولي الذي يعكس التزامنا العميق بتطبيق أعلى معايير الصحة والسلامة في جميع مشاريعنا، ويؤكد سعينا الدائم إلى خلق بيئة عمل ومجتمع آمنين ومستدامين، بما يتماشى مع رؤيتنا الاستراتيجية ورؤية دولة قطر الوطنية 2030."

وأشار البيان إلى أن هذه الجوائز تؤكد المكانة الريادية التي تحتلها الشركة المتحدة للتنمية في قطاع التطوير العقاري على المستويين المحلي والدولي، حيث تواصل الشركة الاستثمار في البنية التحتية الذكية، وتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وتعزيز جودة الحياة ضمن مشاريعها. وتعد جزيرتا اللؤلؤة وجيوان نماذج حية لمجتمعات متكاملة وعصرية، تجمع بين الابتكار، والسلامة، والاستدامة.

وتحرص الشركة على ترسيخ هذه القيم ضمن جميع مراحل التخطيط والتنفيذ والتشغيل، بما يسهم في ترسيخ سمعتها كشركة مسؤولة ومبتكرة، ويعكس التزامها الحقيقي تجاه المجتمع والبيئة، ودورها المحوري في دعم رؤية دولة قطر 2030 في بناء مدن مستدامة وذات جودة حياة عالية.

مقالات مشابهة

  • رئيس الأعلى للإعلام يستقبل رئيس الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية
  • عرض جديد من فودافون كاش: سحب حتى 5000 جنيه شهريًا برسوم ثابتة
  • آمنة الضحاك: تمكين الشباب جوهر المسيرة التنموية في الإمارات
  • الشركة اليمنية للغاز تحدد سعر أسطوانة الغاز المنزلي
  • رئيس الشركة: سيارات تويوتا ذات المنشأ الصيني غير ملائمة لأجواء العراق
  • ChatGPT وPerplexity لا يمكنهما تحدي جوجل.. إليك السبب
  • مياه قنا تنظم قافلة مائية لقرية المراشدة
  • هبوط اضطراري لمقاتلة بريطانية من طراز إف-35 في مطار ياباني بسبب عطل فني
  • صندوق تنمية المهارات يؤهل عدداً من كوادره في خدمة العملاء
  • الشركة المتحدة للتنمية تفوز بجائزتين ضمن جوائز السلامة الدولية لعام 2025