ChatGPT وPerplexity لا يمكنهما تحدي جوجل.. إليك السبب
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
قال الرئيس التنفيذي لشركة Airbnb، براين تشيسكي، إن روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وClaude وPerplexity لا يمكن اعتبارها حتى الآن بديلا لمحرك البحث جوجل، الذي لا يزال يشكل البوابة الأهم للوصول إلى الإنترنت.
وفي مكالمة أرباح الربع الثاني من السنة المالية 2026، أشار تشيسكي إلى الإمكانيات الكبيرة التي يحملها الذكاء الاصطناعي، لكنه أوضح في الوقت نفسه أن هذه التكنولوجيا لا تزال في طور التطور، وستحتاج إلى وقت طويل قبل أن تتمكن من قيادة المشهد أو أن تحل محل أدوات البحث التقليدية.
وأوضح تشيسكي أن روبوتات الدردشة الذكية هي أدوات قوية بالفعل، خاصة في مجالات مثل خدمة العملاء والتخصيص، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى يمكنها من استبدال الإحالات التي يقدمها محرك جوجل.
وأضاف أن هناك اعتقادا مبالغا فيه حول كون هذه الأدوات هي “جوجل الجديد”، مؤكدا أننا لا نزال في مرحلة استكشاف إمكانياتها.
كما لفت إلى أن النماذج التي تعمل بها هذه الروبوتات، مثل تلك المستخدمة في ChatGPT، ليست حصرية، بل يمكن لأي شركة، بما فيها Airbnb، استخدام نفس واجهات برمجة التطبيقات (APIs) أو اللجوء إلى نماذج أخرى متاحة في السوق.
لذلك، يرى أن التميز الحقيقي في الذكاء الاصطناعي لا يكمن فقط في استخدام أفضل نموذج، بل في كيفية تخصيص الواجهة وتدريب النموذج بشكل يناسب المهمة المطلوبة.
وعن استخدام Airbnb للذكاء الاصطناعي، كشف تشيسكي أن الشركة نجحت في تقليل نسبة العملاء الذين يحتاجون إلى التواصل مع موظف حقيقي بنسبة 15%، وذلك بفضل وكيل خدمة العملاء المعتمد على الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
وبين أن النظام الحالي تم تطويره بالاعتماد على 13 نموذجا مختلفا، ودرب على عشرات الآلاف من المحادثات، وهو حاليا متاح باللغة الإنجليزية في السوق الأمريكي.
وأضاف أن الشركة تعتزم توسيع نطاق الخدمة لتشمل لغات أخرى هذا العام، مع توقعات بأن تصبح أكثر تخصيصا واستقلالية في العام المقبل.
فمثلا، إذا أراد أحد المستخدمين إلغاء حجز ما، سيتمكن الوكيل الذكي ليس فقط من شرح كيفية الإلغاء، بل من تنفيذ العملية تلقائيا، كما سيتاح له مساعدة المستخدمين في التخطيط للرحلات وحجزها.
وفي ختام حديثه، أكد تشيسكي أن الذكاء الاصطناعي بالفعل يغير طريقة تفاعل الشركات مع العملاء، لكنه يرى أنه حتى الآن يعد أداة مساعدة أكثر من كونه بديلا كاملا للبشر أو للأنظمة القائمة مثل محركات البحث.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي جوجل روبوتات الدردشة الذكية محرك جوجل الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
عندما يقفز الذكاء الاصطناعي على حواجز اللغة؟
مؤيد الزعبي
لطالما كانت اللغة حاجزًا يقف بين الإنسان والشعوب الأخرى، وفي الوقت ذاته كانت بوابةً لاكتشافهم، والبعض يجدها رحلة يخوضها ليتعلّم ويتعرّف ويكتسب المهارة التي تمكّنه وتُميّزه عن غيره بامتلاكه لغة الآخر، وكثيرًا ما كانت اللغة مصدر رزق؛ إذ شكلت مهارة الترجمة أو التحدث بلغة أجنبية مسارًا مهنيًا لكثيرين، لكن اليوم، ومع التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي واقتحامها عالم الترجمة من أوسع أبوابه، يبدو أن الأبواب القديمة بدأت تُغلق أمام المترجمين، فيما تُفتح في المقابل أبواب جديدة أمام البشرية بأكملها؛ أبواب الاستكشاف والتفاعل الثقافي.
وقد أصبح بإمكاننا بفضل هذه التقنيات أن نتعرف إلى ثقافات جديدة، ونمارس طقوسًا مختلفة، ونتذوق ألوانًا من الفنون والموسيقى، ونتحاور مع عقول وأفكار من شتى بقاع الأرض، ونبني صداقات تتجاوز الحدود والمسافات، في تواصلٍ لم تعرفه البشرية بهذه السهولة من قبل.
مع كل هذا الانفتاح المذهل، يحق لنا أن نتساءل: هل يمثل هذا التطور نعمةً تُقرّبنا أكثر وتعمّق تواصلنا الإنساني؟ أم أنه يحمل وجهًا آخر، يخفي في طيّاته خطر ذوبان الخصوصية الثقافية واللغوية التي تضمن تنوع الحضارات واستمرارها؟ أود أن أتحاور معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح، لنتأمل معًا الوجهين المختلفين لهذا التحول التكنولوجي الذي يعيد صياغة علاقتنا بالعالم وبأنفسنا.
حضرتُ قبل أيام حفل إطلاق منتجات شركة IFLYTEK أثناء معرض جايتكس في دبي؛ حيث عرضت سماعات وأجهزة ترجمة فورية محمولة تتحوّل بها محادثاتك مع شخص يتكلم لغة مختلفة إلى لغتك الأم، ويتحول الحوار الفوري إلى حوارٍ بلا فواصل أو حواجز لغوية تقريبًا. وهذه التقنية لا تنهي فقط الحاجة إلى مترجم بشري في بعض السياقات؛ بل تفتح أمام البشر بابًا جديدًا للتعرّف على عوالم وثقافات، وكم من دولة فكرت السفر إليها وكانت اللغة هي الحاجز الوحيد الذي يقف أمامك، ولكن مع الذكاء الاصطناعي بات الأمر ممكنًا وسهلًا، ولن أخوض اليوم في دقة الترجمة فمثل هذه التقنيات مازالت في طور التقدم والتطوير وستصل يومًا لما نصبوا إليه من ترجمة دقيقة وسلسة.
الذكاء الاصطناعي بات اليوم يتعرف فوريًا على اللهجات واللهجات الفرعية، وليس فقط يمكنه فهم اللغة الرسمية؛ بل طريقة النطق ومخارج الحروف أيضًا، ويومًا بعد يوم تصبح الآلة أكثر قدرة على فهم اللهجات واللغات، ومع استخدام الأجهزة المحمولة أو السماعات سيجعل الترجمة ترافقك في الطريق، في الاجتماعات، في السفر، في التبادل الثقافي، وأيضًا في المكالمات الهاتفية بحيث تتم الترجمة فوريًا في أذنك، والأجمل من كل هذا أن الذكاء الاصطناعي يتيح لك ليس فقط فهم ما يقول الآخر، بل أيضًا تلمّس إحساسه، ثقافته، عادات التعبير، وذلك من خلال محاكاة الذكاء الاصطناعي لصوت ونبرة المتكلم، وهذا يخلق احتكاكًا ثقافيًا أكثر عمقًا مما لو اعتمدنا فقط على وسيط بشري أو على الترجمة الكتابية التقليدية، وتخيل كيف يمكن نقل التجربة لتصبح تجربة تفاعلية يومية نستخدمها في كل شيء من حولنا، من موسيقى وأفلام ونقاشات ومحاضرات وندوات.
مع كل هذا السحر.. ثمة تساؤل يجب أن نعود لطرحه؛ هل هذا التطور نعمة للتعرف على ثقافات جديدة وللتقريب بين البشر، أم أنه يحمل في طيّاته مخاطر؟ هل ستُمحى خصوصية اللغة الأصلية وتختفي الفوارق التي تُميز الشعوب في طريقة التعبير؟ وهل سيصبح “التنوّع اللغوي والثقافي” مجرد تاريخ مسحته التقنية والآلة؟
هذه التساؤلات جميعها مهمة؛ فنحن كبشر حاولنا قدر المستطاع أن نحافظ على ثقافاتنا وتاريخنا عبر اللغة، ولطالما كانت اللغة بحد ذاتها ثقافة لها أسلوبها الذي يميزنا ويكسبنا نوعًا من الخصوصية، ولكن كل هذا معرض للذوبان في ظل تقنيات ستعطينا القدرة على التواصل بشكل أفضل من جانب وتسلبنا خصوصيتنا الثقافية من جانب آخر، إلا لو استطعنا أن نستغل التكنولوجيا والتقنية في المحافظة على موروثنا اللغوي والثقافي بدلًا من أن نمحيه وهذا جانب طويل قد نتناقش فيه في مقال قادم.
أتفقُ مع أن التكنولوجيا جعلت العالم أقرب ولكن علينا أن نستخدم هذا التقدم لنمهد لمساحات مشتركة من الفهم الفكري والتبادل الثقافي؟ وعلينا أن نستفيد من تقنيات الترجمة الخوارزمية أن صح تسميتها هكذا بلا أن نفقد اللغة والثقافة التي نمثلها، فقوة الثقافة ليست فقط فيما نترجمه وننقله عن الاخر بل فيما لا يُمكن ترجمته وهو ما يميز ثقافة عن أخرى، وهو ما يعطي أي شعب خصوصيته في الكثير من الجوانب.
في النهاية يجب أن نعترف بأن الذكاء الاصطناعي قد يمنحنا مفاتيح العالم، لكنه لن يمنحنا روحَه، وبالنسبة لي اللغة هي روح الثقافات، واللغة أكثر من مجرد أداة تواصل؛ إنها هويتنا وذاكرتنا المجتمعية، وتاريخنا كأمة، لذلك حين نعبر إلى المستقبل فلنعبر بأعين منفتحة على الآخر دون أن نغلق أعيننا عن أنفسنا، وأقصد هنا أنه لا يجب لنا الانخراط في فهم الآخر لدرجة أن نذوب نحن وسط ثقافته؛ بل يجب أن نحافظ على ثقافتنا ولغتنا حتى تعيش للغد.
رابط مختصر