صراع سعودي – إماراتي على حضرموت ينذر بتفجير الأوضاع باليمن
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
يمانيون../
لا زال الخلاف والسباق السعودي – الإماراتي على تقاسم “الكعكة” في الأراضي اليمنية التي تحتلها دول العدوان بقيادة (السعودية ، الإمارات) والتي شنت عدوانها على اليمن واليمنيين منذ أكثر من عشر سنوات بحجج واهية ومبررات مدعية – كذبا وزورا – وبدعم دولي أنها قدمت لأجل مناصرة اليمنيين من بعضهم البعض ولأجل رفاهية الشعب اليمني الذي لم يلاق من دول العدوان سوى الإحتلال ونهب ثرواته وتدمير البنى التحتية وغياب الخدمات وتدهور الإقتصاد الوطني ورزع التنظيمات الإرهابية وتمزيق النسيج الإجتماعي ودعوات الإنفصال و.
وفي إطار مخططات الإحتلال والتقسيم التي يواصل تنفيذها تحالف دول العدوان السعودي – الإماراتي تسعى دول العداء هذه – وداعميها الأمريكان والبريطانيين والصهاينة – إلى الاستمرار في تنفيذ أجنداتها الاستعمارية ومطامعها التي لم ولن تتحقق إلا من خلال خلق الفوضى ودعم الفصائل المسلحة الموالية لها ضد بعضها البعض وجعلها تتناحر من وراء حجاب ليسهل تنفيذ تلك المساعي الشيطانية لدول الشر ضد اليمن أرضا وإنسانا.
ولا شك ان من ضمن أولويات تلك الأطماع والمخططات السعودية – الإماراتية هو الاستيلاء على محافظة حضرموت أكبر المحافظات اليمنية مساحة والتي تعادل مساحتها تلث مساحة اليمن كاملة، كما تعد المحافظة الأغنى بالمخزون النفطي والسمكي والمعادن الثمينة.
ووفق المعلومات الموثقة: تمتلك حضرموت موقعاً مترامي الأطراف، وتمثل 36% من مساحة اليمن، وتكتنز 70% من ثروات اليمن، وترتبط جغرافياً بمأرب وشبوة والمهرة، وتمتد إلى الحدود الدولية مع سلطنة عمان والسعودية، وتمتلك مخزوناً استراتيجياً كبيراً من النفط، إضافةً إلى إطلالتها على البحر العربي، وصولاً إلى أعالي البحار.
وبحسب مراقبين فإن هذه المقومات الطبيعية والجغرافية والطاقوية تجعل من حضرموت محطة يسيل لها لعاب دول العدوان على اليمن، أبرزها السعودية والإمارات، ومن ورائهما أميركا وبريطانيا، وهذا ما يفسر الحرب الباردة بين الإمارات والسعودية عبر خطواتهما المتوالية، وخصوصاً الأخيرة منها.
وبحسب سياسيين وعسكريين فإن ثمة تهديدات محدقة بمحافظة حضرموت، بعضها من وجهة نظر سعودية، والبعض الآخر من وجهة نظر محلية، تتلخص على النحو التالي:
التهديد الأول: الوجود العسكري الأميركي في مطار الريان وغيره من المواقع الاستراتيجية، وتردد المسؤولين العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين الأميركيين إلى المحافظة، وهو، في اعتقاد خبراء عسكريين، من أهم التهديدات وأخطرها.
التهديد الثاني: مساعي الإمارات لتوسيع نفوذ ذراعها مايسمى ب (الانتقالي) عسكريا وسياسياً وديموغرافياً تمهيداً لإعلان فصل الجنوب عن الشمال، ولأنَّ (الانتقالي) هو الذي يحمل طموح الإمارات وأطماعها وأجندتها في السيطرة على الموانئ والمطارات والجزر الاستراتيجية في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، وهو تهديد خطر أيضاً.
التهديد الثالث: التهديد السعودي بقضم حضرموت وضمّها أو في أقل الأحوال تأسيس فيدرالية حضرموت، على أن يتم تسييد الشخصيات ذات الميول الوهابي من الشخصيات ورجال المال والأعمال الحضارم الذين يحملون الجنسية السعودية لخدمة أهدافها وأطماعها التي أشرنا إليها سابقاً، وهو تهديد خطر قديم ومتجدد.
وبين تلك التهديدات تشهد محافظة حضرموت اليمنية تنافسًا حادًا بين السعودية والإمارات للسيطرة على مواردها الغنية واستراتيجيتها الجيوسياسية، فيما تشير تقارير محلية ودولية أن هذا الصراع المعقد والمشكلات الداخلية بالمحافظة سببه الأطماع المتزايدة لدول العدوان (السعودية والإمارات).
وتتميز حضرموت بأهمية استراتيجية لكل من السعودية والإمارات بالنسبة للسعودية، تعد حضرموت حيوية لأمنها القومي بفضل الحدود الطويلة التي تربطها بالسعودية، بالإضافة إلى العلاقات القبلية والاقتصادية التي تجمعها مع العديد من القبائل الحضرمية الكبيرة المقيمة في السعودية.
أما الإمارات، فقد رأت في حضرموت فرصة لزيادة نفوذها في اليمن، خاصة بعد تدخلها وعدوانها العسكري ضمن دول العدوان في عام 2015. رغم أن الإمارات لم يكن لها تاريخ طويل في حضرموت قبل هذا التدخل، إلا أنها استغلت العدوان لتعزيز وجودها السياسي والعسكري. وقد ركزت استراتيجيتها على السيطرة على السواحل والموانئ والجزر الاستراتيجية جنوب اليمن، وذلك لتعزيز نفوذها في المحيط الهندي والقرن الأفريقي. كما أنشأت الإمارات مليشيات محلية مثل مايسمى ب “قوات النخبة الحضرمية” للسيطرة على مناطق مثل المكلا، وقدمت الدعم اللوجستي والعسكري لهذه القوات لضمان ولائها وتثبيت نفوذها.
ووفق تقارير وإحصائيات فقد تبنت السعودية والإمارات استراتيجيات متعددة لتعزيز نفوذهما في حضرموت، حيث عملت كل منهما على دعم فصائل محلية وإقامة تحالفات مع القوى المؤثرة على الأرض.
في المقابل، تبنت الإمارات سياسة تهدف إلى تعزيز سيطرتها على الأرض من خلال تأسيس فصائل عسكرية محلية ذات ولاء قوي لها. وقد ركزت الإمارات على تشكيل مليشيات مثل مايسمى ب“قوات النخبة الحضرمية” التي أصبحت أداة رئيسية لفرض سيطرتها في المكلا والمناطق المحيطة.
إلى جانب ذلك، دعمت الإمارات ما يسمى ب“المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي يرفض بشكل علني تشكيل ما يسمى ب“مجلس حضرموت الوطني” المدعوم من السعودية، ونظمت فعاليات واحتجاجات استفزازية تهدف إلى تعزيز موقفها في مواجهة النفوذ السعودي.
ويرى مهتمون بالشأن المحلي أن الخيار الأخطر في التنافس السعودي الإماراتي بحضرموت يتمثل في تصاعد التنافس بين السعودية والإمارات إلى مستوى يؤدي إلى مواجهات مباشرة بين الفصائل المدعومة من الطرفين في حال تحقق هذا السيناريو، فإن الوضع قد يتفاقم بشكل سريع، مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار في حضرموت واليمن ككل.
كما أن الصراع المباشر بين الفصائل المدعومة من السعودية والإمارات – بحسب مراقبين – قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع الأمنية في المنطقة، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على جهود تحقيق الاستقرار في اليمن.
وتؤكد معطيات الواقع أن حضرموت أصبحت ساحة للصراع الجيوسياسي بين السعودية والإمارات، مع سعي كل منهما لتعزيز نفوذهما في المحافظة دون الإهتمام بتبعات ذلك الصراع على المواطن الذي تتفاقم جراحه يوما بعد يوم بسبب العدوان الغاشم الذي اصبح يحتل مناطق الجنوب اليمني ومنها حضرموت، فقد أصبح الاحتلال السعودي الإماراتي لجنوب اليمن وشرقه أمراً واقعاً، وصارت هاتان الدولتان تعبثان بكل شيء هناك، فأعاقتا حركة الموانئ والمنشآت الغازية والنفطية والمطارات واحتلتا الجزر ورفضتا تشغيل مصافي عدن وسيطرتا على واردات النفط والغاز وتم تحويلها إلى بنوك الرياض، وأنشأتا الميليشيات المسلحة وغذّتا الصراع فيما بينها وأصبحتا تتبعان السياسة الاستعمارية نفسها التي كانت بريطانيا تتبعها أثناء احتلالها لجنوب الوطن “فرق تسد”.
والمؤسف أن العالم كله يعرف جيداً حقيقة الأوضاع المأساوية التي تعيشها الجمهورية اليمنية في ظل الاحتلال السعودي الإماراتي، لكن الشيء الأكثر أسفا وألما أننا نعيش في وقت بلغ الانهيار القيمي والأخلاقي أقصى مدى له، وباتت المبادئ السامية تباع وتشترى بالدولار وأصبح البعض يبرر لتواجد الإحتلال بصور عدة دون خوف من الله ولا وازع من ضمير.
26سبتمبر : رفيق الحمودي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السعودیة والإمارات دول العدوان فی حضرموت
إقرأ أيضاً:
“اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
يمانيون|تقرير|محسن علي
عندما انطلقت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، لم يكن أحد يتوقع أن تمتد ساحة المواجهة المباشرة آلاف الكيلومترات جنوباً لتصل إلى باب المندب, لكن بعد 24 يوماً فقط، في 31 أكتوبر 2023، أعلنت القوات المسلحة اليمنية في صنعاء دخولها رسمياً في المعركة “إسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة”, كان هذا الإعلان بمثابة نقطة تحول استراتيجية، حوّلت الصراع من مواجهة محصورة في غزة إلى طوفان جديد امتد حتى أحد أهم ممرات التجارة الدولية,وعلى مدى عامين، أثبتت الجبهة اليمنية أنها الأكثر تأثيراً واستدامة في نصرة غزة، فارضةً معادلات جديدة على الكيان الصهيوني المجرم وحلفائه، ومقدمةً تضحيات جسيمة في سبيل هذا الموقف.
استراتيجية “اليد الطويلة”.. مراحل التصعيد اليمني
لم تكن العمليات اليمنية عشوائية، بل اتبعت استراتيجية تصعيدية مدروسة يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى (أكتوبر – نوفمبر 2023): الضربات المباشرة
بدأت باستهداف مباشر لجنوب إسرائيل (إيلات) بالصواريخ والطائرات المسيرة، بهدف إعلان الموقف وإشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتركيعها في ظل تنامي القدرات العسكرية اليمنية بشكل أذهل العالم بأسره.
المرحلة الثانية (نوفمبر 2023 – فبراير 2024): حصار السفن الإسرائيلية
انتقلت صنعاء إلى مرحلة أكثر إيلاماً بالاستيلاء على سفينة “غالاكسي ليدر” وفرض حصار بحري على السفن المرتبطة بالكيان، مما شل حركة ميناء (أم الرشراش) ما يسميه العدو بـ إيلات بشكل شبه كامل.
المرحلة الثالثة (فبراير 2024 – حتى الآن): توسيع دائرة الاستهداف
رداً على العدوان الأمريكي-البريطاني، أعلنت صنعاء توسيع عملياتها لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية، محولة البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مباشرة.
المرحلة الرابعة (مايو 2024 – حتى الآن): نحو المحيط الهندي والمتوسط
أعلنت صنعاء عن استهداف أي سفينة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية في أي مكان تطاله الأيدي اليمنية، بهدف إطباق الحصار
أبرز العمليات النوعية التي شكلت فارقاً
على مدى عامين، نفذت القوات اليمنية مئات العمليات، لكن بعضها كان له أثر استراتيجي بارز:
الاستيلاء على “غالاكسي ليدر” (19 نوفمبر 2023)
كانت هذه العملية بمثابة الصدمة الأولى التي أظهرت جدية التهديد اليمني وقدرته على تنفيذ عمليات معقدة وتحولت السفينة إلى “مزار سياحي” ورمز لقدرة اليمن على فرض سيادته البحرية.
إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” (فبراير 2024)
شكل إغراق سفينة تجارية بريطانية بصواريخ بحرية تصعيداً خطيراً، وأثبت أن التحذيرات اليمنية ليست مجرد تهديدات، وأن تكلفة العدوان على اليمن ستكون باهظة.
استهداف حاملة الطائرات “أيزنهاور” (مايو ويونيو 2024)
لم يكن استهداف “أيزنهاور” مجرد عملية عسكرية، بل كان حدثاً استراتيجياً أعاد تعريف موازين القوى في المنطقة، وكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية التقليدية في مواجهة التكتيكات الحديثة مع الفارق الكبير بين الطرفين, ورغم نفي واشنطن، أعلنت صنعاء استهداف حاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور” بالعديد من العمليات المشتركة ، مما أجبرها في النهاية على الانسحاب من البحر الأحمر,و مثلت هذه العملية تحدياً غير مسبوق لهيبة البحرية الأمريكية ونجاح المعادلة التي فرضتها صنعاء: “لا أمن في البحر الأحمر بدون أمن في غزة”.
عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية
أعلنت صنعاء عن تنفيذ العديد من العمليات المشتركة مع فصائل المقاومة في العراق لاستهداف موانئ حيفا وأهداف حيوية أخرى، مما يدل على مستوى عالٍ من التنسيق داخل محور المقاومة.
الكشف عن صواريخ فرط صوتية (فلسطين 2) وطائرات (يافا) المسيرة
في يوليو 2025، أعلنت صنعاء عن استهداف مطار بن غوريون بصاروخ “فلسطين 2” الباليستي الفرط صوتي، وهدف حساس في يافا المحتلة بواسطة طائرة (يافا) المسرة وهو ما يمثل قفزة نوعية في القدرات الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير وقدرتهما على تجاوز أحدث منظومات الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية على مستوى العالم.
تضحيات يمنية وفشل استراتيجي للخصوم
لم يأتِ الموقف اليمني بلا ثمن, فقد شنت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية على الأراضي اليمنية، مما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء وسقوط عدد من الجرحى من العسكريين والمدنيين والإعلاميين والسياسيين والذي كان آخرها استهداف رئيس مجلس حكومة البناء والتغييير وعدد من الوزراء في الجريمة الإرهابية الصهيونية بصنعاء خلال الأشهر الماضية, ورغم هذه التضحيات، لم تتراجع صنعاء عن موقفها، بل زادت من وتيرة عملياتها
في المقابل، يمثل استمرار العمليات اليمنية فشلاً استراتيجياً مدوياً للولايات المتحدة وإسرائيل فعلى الرغم من تشكيل تحالف “حارس الازدهار” وإنفاق مليارات الدولارات، فشلت القوات الأمريكية والبريطانية في تحقيق هدفها المعلن وهو “ضمان حرية الملاحة” للسفن الإسرائيلية, لقد عجزت أعتى القوات البحرية في العالم عن إيقاف الهجمات اليمنية أو اعتراضها بالكامل، مما كشف عن عجزها وأجبرت 5 حوامل الطائرات الأمريكية على الانسحاب من المنطقة بعد استهدافها بشكل متكرر.
خسائر إسرائيلية وأهمية الإسناد اليمني
كانت تداعيات الحصار اليمني كارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، وتحديداً على ميناء إيلات الذي أُصيب بشلل تام وتوقفت فيه الحركة الملاحية بنسبة تقارب 100%، وتحول إلى مدينة أشباح اقتصادياً كما تكبدت إسرائيل خسائر غير مباشرة بمليارات الدولارات نتيجة اضطرار سفنها إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
وهنا تبرز الأهمية الاستراتيجية لاستمرار الدعم اليمني؛ ففي ظل الحصار الخانق الذي يعانيه قطاع غزة، يمثل الحصار البحري الذي يفرضه اليمن ورقة الضغط الاقتصادية والعسكرية الوحيدة الفعالة والمستمرة ضد الكيان الإسرائيلي, إن استمرار اليمن في عملياته لا يمثل فقط دعماً لصمود غزة، بل هو عامل حاسم في موازين القوى، يرفع تكلفة العدوان على الكيان والقوات الغربية المساندة له، ويُبقي القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام العالمي.
عامان من الصمود والتأثير
بعد عامين من الانخراط المباشر والتضحيات الجسيمة، نجحت الجبهة اليمنية في تحقيق أهداف استراتيجية لا يمكن إنكارها, على رأسها فرض حصار اقتصادي فعال على الكيان المجرم, وأثبت اليمن أن التضامن الفعلي يتجاوز الكلمات ويتحقق بالأفعال والتضحيات ,وأن أمن البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بإنهاء العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهي المعادلة التي لا تزال قائمة بفضل صمود اليمن وتضحياته.