مسنة في غزة تستذكر 77 عاما قضتها بين النكبة وأهوال الحرب
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
غزة- على مدخل خيمتها المقامة على أنقاض منزلها المدمر في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، تعيش المسنة عزيزة أبو سعدة مرة أخرى المشهد ذاته المحفور في ذاكرتها عندما وضعت قدميها في المخيم نفسه قبل 77 عاما، بعدما اضطرت للرحيل مع ذويها من بلدتها الفلسطينية الأصلية التي احتلتها إسرائيل.
وفي الخيمة ذاتها، وجع أكبر تتحمله المسنة التي هجرتها العصابات الصهيونية برفقة عائلتها عندما كانت طفلة في العاشرة من عمرها، حيث قطعت مسافات طويلة رغم صغرها آنذاك هربا من النيران والقذائف المدفعية.
ورغم ما خطه الزمن من تجاعيد على وجهها، فإن ذاكرة المسنة عزيزة تحتفظ بتفاصيل ما حل بالشعب الفلسطيني زمن النكبة، وكيف انتقلت من قرية كرتيا إلى بلدة حمامة ومن ثم المجدل، وصولا إلى مدينة غزة.
وتقع كرتيا شمالي شرق غزة، على بعد كيلومتر واحد شمالي غرب الفالوجا، وهي واحدة من 530 قرية فلسطينية دمرتها العصابات الصهيونية عام 1948، مما أدى لتهجير ما يزيد على 700 ألف فلسطيني، من بينهم 200 ألف لجؤوا إلى قطاع غزة.
خط الزمنمن قرية لأخرى انتهت محطات نزوح عائلة أبو سعدة في حي الشجاعية شرق غزة، قبل أن ينتقلوا إلى غرب المدينة ومن ثم اتخاذ مخيم جباليا للاجئين مكانا لإقامتهم، بعدما هيأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خياما كانوا يعتقدون أنها مؤقتة لحين العودة.
إعلانوبدأت حياة الطفلة عزيزة في ذلك الوقت بالاعتماد على المعونات التي تقدمها وكالة الأونروا، واليوم تعود وهي في سن الـ87 من عمرها، تنتظر المعونات في المخيم المدمر ذاته، بينما تمنعها عنها قوات الاحتلال.
وبلسان مثقل تتحدث المسنة الفلسطينية عن ما عاشته منذ صغرها، بدءا بالنكبة بكل تفاصيلها، والعدوان الثلاثي عام 1956، ومن ثم احتلال قطاع غزة عام 1967، ومرورا بالانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، والحروب الإسرائيلية على القطاع، وصولا لحرب الإبادة الدائرة هذه الأيام.
ولم تجد أقسى من هذه الحرب طوال عقود عمرها الثمانية -كما تقول عزيزة- ولم تر في حياتها مثل كثافة القذائف والصواريخ التي تتساقط على غزة، ولم تمر أمامها فظاعة مثل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في غزة.
ورغم أنها عاشت مشاهد قاسية في صغرها وهي تهرب مع ذويها بالقليل من احتياجاتهم على أمل العودة، لكن فقدان عزيزة لحفيدها في هذه الحرب، واضطرارها للنزوح من مكان لآخر كان أشد قساوة.
وتشير عزيزة إلى تطور الحياة داخل مخيم جباليا، أحد مخيمات اللاجئين الخمسة داخل قطاع غزة، والذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر ويقطنه أكثر من 100 ألف لاجئ، وتذكر حين تحولت المعيشة من الخيمة لمنازل تلفها حجارة رملية وتغطيها ألواح من القرميد، ثم توسعها لمنازل بحجارة إسمنتية تسقفها ألواح من الأسبست، ومن ثم إعادة بنائها بطبقات إسمنتية.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، رفضت عزيزة الاستجابة لتهديدات جيش الاحتلال بالنزوح من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، وبقيت صامدة في منزلها داخل أزقة المخيم الذي تعرض للتوغل البري 3 مرات خلال الحرب، حتى اضطرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للخروج عبر الممر الذي حدده جنود الاحتلال للنزوح تجاه مدينة غزة.
إعلانولم يشفع لها كبر سنها أمام الجنود المدججين بالسلاح، الذين تمركزوا بالقرب من المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة، وطلبوا منها السير لمسافات طويلة وحيدة دون مرافق يساعدها، مما اضطرها للزحف على ركبتيها علها تتمكن من الوصول لمكان آمن.
وتقول المسنة الفلسطينية إنها لأول مرة في حياتها تشاهد أعدادا كبيرة من الدبابات والجرافات الإسرائيلية والجنود الذين يصوبون سلاحهم تجاه كل متحرك، في حين تعلو أصوات الطائرات في سماء المنطقة.
لقد كانت المشاهد المخيفة كما تصفها الحاجة عزيزة الأصعب عليها منذ احتلال فلسطين، بسبب الدمار الهائل الذي خلفه جيش الاحتلال في مخيم جباليا، والجثث التي تناثرت في الشوارع دون أن يتمكن أحد من انتشالها.
وبعد أيام قليلة من مغادرة عزيزة شمال غزة، تعرضت لجلطة قلبية كادت أن تودي بحياتها، في ظل عجز المستشفيات عن تقديم الخدمات الصحية، وعلى إثرها لم تعد تقوى على الحركة.
"الحرب هدتنا" تقول عزيزة، فقد أعادتها الحرب الإسرائيلية القاتلة على قطاع غزة إلى الخيمة من جديد، بعدما دمرت الطائرات الحربية منزلها خلال اجتياح شمال قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وتجزم المسنة الفلسطينية بأن خيمتها التي عاشتها في طفولتها عقب النكبة لم تكن أسوأ من خيمتها الحالية التي تعيش فيها هذه الأيام، حيث لم تجد ما تأكله بعدما منعت قوات الاحتلال إدخال المساعدات الغذائية لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وتقول "بعد النكبة، كانت الأونروا تصرف لنا القليل من الغذاء، لكن الآن لا نجد من يقف معنا أمام إسرائيل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مخیم جبالیا قطاع غزة ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الإغاثة الطبية: جهود البحث عن المفقودين في غزة تصطدم بالتحديات التي فرضها الاحتلال
أكد مدير جمعية الاغاثة الطبية في قطاع غزة الدكتور محمد أبو عفش، أن جهود البحث عن المفقودين في غزة تصطدم بالتحديات التي فرضها الاحتلال.
وقال الدكتور أبو عفش، في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية اليوم الأحد، إن ملف المفقودين الشائك عملت عليه أكثر من مؤسسة سواء شبابية أو تابعة للصليب الأحمر أو تابعة لوزارة الصحة الرسمية"، مشيرا إلى أن هناك أعداد كبيرة لدى المنظومة الطبية من المفقودين سواء من الطواقم الطبية التي كانت تعمل في مستشفى الشفاء أو في الأماكن التي اجتاحتها قوات الاحتلال.
وأضاف أن التقارير اليومية والأسبوعية التي تصدر من وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة تشير إلى أن هناك ما يقرب من 10 آلاف مفقود ولا يعلم مصيرهم حتى الآن، فيما تشير التقارير أيضا إلى أن هناك عائلات كبيرة بأكملها تم ادراجها في عداد المفقودين في مناطق الاجتياح الأخيرة في منطقة الشجاعية أو شمال غزة في جباليا أو بيت لاهيا وبيت حانون وخان يونس.
وأوضح أن ما يصل إلى وزارة الصحة وتصدر به شهادات رسمية من وفاة يتم رصده، ولكن هناك أعدادا كبيرة لم يتم رصدها نتيجة النزوح الكثير الذي يحدث، وهناك أماكن كاملة من شمال غزة نزحت إلى الجنوب ما يصعب من إجراءات التحري والتقصي عن المفقودين.
وأشار إلى أنه كان قد طلب من الصليب الأحمر بإحضار نسب وإعداد المعتقلين والاحتلال رفض الإفصاح عن الاعداد الحقيقية للمعتقلين المتواجدين لديه منذ السابع من أكتوبر إلى الآن.
وقال إن الاحتلال لا يسمح بدخول أي آليات للبحث عن المفقودين حتى لا تتمكن طواقم الدفاع المدني من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في بعض الأماكن التي يتم قصفها، كما أنه يمنع دخول أي وسائل للتعرف على الحمض النووي الخاص بهؤلاء المفقودين.
يشار إلى أن ملف المفقودين من القضايا المؤلمة التي خلفها العدوان الإسرائيلي على القطاع، كما أن القيود المشددة التي يفرضها جيش الاحتلال على المعابر تعيق مهمة البحث والكشف عن آلاف المفقودين.
اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية بغزة: المستشفيات تستقبل 200 إصابة يوميا والأمراض المزمنة منتشرة بالقطاع
«الإغاثة الطبية في غزة»: استهداف متعمد للجائعين خلال استلام المساعدات الإنسانية
الإغاثة الطبية بـ غزة: المؤسسات الدولية لا يمكنها فرض خطتها لتوزيع المساعدات