الجديد برس| قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، إنّ الاحتلال الإسرائيلي صعّد حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين في قطاع غزة عبر واحدة من أوسع الهجمات وأكثرها فتكًا منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين أول من 2023، وتيرة الإبادة اشتدت بشكل همجي غير مسبوق ما يشكل خرقا خطيرا لأحكام القانون الدولي، وسط صمت عالمي غير معقول.
وشدد المرصد “الأورومتوسطي”، في بيان لها اليوم الجمعة، اطلعت عليه “وكالة سند للأنباء”، على أن الاحتلال ينتهج سياسة الأرض المحروقة والتدمير الشامل لما تبقّى من الأحياء والبنية التحتية في قطاع غزة، ضمن نهج مستمر منذ أكثر من 19 شهرًا يتّسم بالقتل الجماعي، والتجويع، والتدمير المنهجي لمقومات الحياة، لكن وتيرته خلال الـ 24 ساعة الماضية اشتدت وتيرته بشكل همجي. وأشار المرصد، إلى أنّ الاحتلال صعّد في الأيام الأخيرة من عدوانها على مختلف أنحاء القطاع، عبر تدمير منهجي لما تبقى من المنازل والمرافق المدنية، وارتكاب مجازر جماعية بحق السكان، وهذا خرق خطير لأحكام القانون الدولي، بما في ذلك حظر ضم الأراضي بالقوة. ووثق فريق “الأورومتوسطي”، الميداني استشهاد أكثر من 115 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء في محافظة شمال غزة وحدها خلال أقل من 12 ساعة منذ فجر اليوم الجمعة، إثر قصف إسرائيلي طال ما لا يقل عن 10 منازل في تل الزعتر بجباليا وحي السلاطين في بيت لاهيا، وجرى تدميرها بالكامل فوق رؤوس قاطنيها، في مجازر جماعية تؤكد تصاعد نمط القتل الجماعي المنهجي ضد المدنيين في القطاع. وأوضح أنّ أكثر من نصف الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض، بسبب عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إليهم في ظل انعدام الإمكانيات، فيما تكدّست عشرات الجثامين إلى جانب المصابين في أروقة مستشفيي “الإندونيسي” و”العودة”، في مشهد يجسّد الانهيار الكامل للمنظومة الصحية. ولفت إلى توغل محدود للقوات الإسرائيلية من محورين شمال بيت لاهيا وشرق جباليا، تحت غطاء من القصف العنيف، وسط مخاوف من توسّع العمليات البرية، ما يهدد حياة مئات آلاف المدنيين الذين يعيشون أصلًا في خيام تحت القصف والتجويع والقتل اليومي. وبيّن المرصد أن المدفعية الإسرائيلية استهدفت المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الخروج والبحث عن مأوى بعد موجات القصف العنيفة والمتتالية، ما أسفر عن استشهاد 10 أشخاص في منطقة “الدوار الغربي” ببيت لاهيا، و8 آخرين في “عزبة عبد ربه” بجباليا. ونوه إلى أنّ جيش الاحتلال فعّل سياسة التدمير الشامل للمباني شرقي خانيونس خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع استكماله تدمير أحياء بأكملها في رفح، بمشاركة شركات مدنية إسرائيلية، في مشهد يعكس تعمّدًا واضحًا لمحو المدينة من الخريطة. وأكد الأورومتوسطي، على أن المجازر الأخيرة، ولا سيما في خانيونس وشمال غزة، تمثّل تصعيدًا خطيرًا في استهداف المدنيين، إذ تستخدم
إسرائيل قوة نارية هائلة دون تمييز، وفي غياب أي مبرر أو وجود لأعمال قتالية، ما يؤكد أن السكان المدنيين أنفسهم هم الهدف المباشر للهجمات، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي. وقال المرصد، إن سياسة التدمير الشامل
التي تنفذها “إسرائيل” لا تندرج ضمن أهداف عسكرية مشروعة، بل تُشكّل جزءًا من نهج ممنهج للإبادة الجماعية، يقوم على تفكيك المجتمع الفلسطيني في غزة ماديًا وبشريًا، وحرمانه من مقومات البقاء، بهدف إفنائه ومنع أي إمكانية لاستمراره أو عودته. وطالب الأورومتوسطي، المجتمع
الدولي بالتحرّك العاجل لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح تحقيقات جديّة في الجرائم المرتكبة، والمباشرة بإجراءات فعالة والعمل على ضمان حماية المدنيين، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي شجعت “إسرائيل” على المضي قدمًا في ارتكاب انتهاكات جسيمة دون محاسبة. ودعا المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على “إسرائيل” بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها. وطالب بتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح “إسرائيل” مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين. وجدد دعوته لفتح تحقيقات جنائية ضد الشركات الإسرائيلية والدولية المتورطة في تزويد جيش الاحتلال بالأسلحة والمعدات الثقيلة المستخدمة في تنفيذ جرائم الإبادة، بما في ذلك الجرافات، وأنظمة المراقبة، وبرمجيات التجسّس التي تتيح تعقّب المدنيين واستهدافهم. وناشد الدول التي تملك قوانين للولاية القضائية العالمية، بإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الإبادة الجماعية، والمباشرة في إجراءات محاكمتهم، ولو غيابيًا، التزامًا بمسؤولياتها القانونية الدولية في المعاقبة على الجرائم والانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب. كما طالب المرصد بإنشاء آلية دولية مستقلة لحفظ الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، تتولى توثيق الأدلة الرقمية، وصور الأقمار الصناعية، وشهادات الضحايا والناجين، وحفظها لاستخدامها أمام الهيئات القضائية الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية. ودعا المحكمة الجنائية الدولية لتسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها “إسرائيل” باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية:
الإبادة الجماعیة
إقرأ أيضاً:
الأورومتوسطي: الاحتلال يصعّد الإبادة في أعنف هجماته منذ بدء عدوانه على غزة
في مشهد يعكس ذروة الوحشية والخرق الصارخ للقانون الدولي، صعّدت إسرائيل من عملياتها العسكرية في قطاع غزة عبر واحدة من أوسع وأشد الهجمات فتكًا منذ بدء عدوانها المستمر قبل أكثر من 19 شهرًا، وسط صمت دولي مثير للقلق.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21" أن ما يجري حاليًا ليس مجرد تصعيد عسكري، بل تنفيذ ممنهج لإبادة جماعية تستهدف الإنسان والأرض والبنية التحتية على حد سواء.
وبحسب التقرير، فقد نفذت قوات الاحتلال سلسلة من المجازر المروعة في شمال غزة، بما في ذلك تل الزعتر وبيت لاهيا، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 115 مدنيًا في أقل من 12 ساعة، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فيما لا تزال عشرات الجثث تحت الأنقاض، في ظل عجز فرق الإنقاذ بسبب الحصار وانهيار المنظومة الصحية بالكامل.
المشاهد القادمة من مستشفيي "الإندونيسي" و"العودة" تختصر حجم المأساة: جثامين مرمية في الممرات، مصابون ينازعون دون علاج، وفرق طبية عاجزة عن الاستجابة في ظل القصف المتواصل ونقص الإمكانيات.
سياسة الأرض المحروقة التي تنفذها إسرائيل لم تتوقف عند القتل المباشر، بل توسعت لتشمل التدمير الشامل للمنازل والأحياء السكنية التي سبق أن تعرضت لأضرار جزئية، في محاولة واضحة لـ"استكمال إبادة المدن"، وفق تعبير المرصد. ففي شرق خانيونس، وشمال غزة، ورفح، تقوم جرافات إسرائيلية، بمشاركة شركات مدنية، بهدم كل ما تبقى من مبانٍ يمكن أن تُعيد الفلسطينيين إليها يومًا.
هذا التصعيد يترافق مع تصريحات رسمية صادمة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي قال صراحة: "سندمر بيوت غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مأوى.. ولن يتبقى لهم سوى الرحيل"، وهو ما وصفه المرصد بأنه اعتراف مباشر بنية الاقتلاع السكاني الكامل، وتجسيد حي لجرائم الإبادة الجماعية الموثّقة.
وأضاف البيان: إن العدوان تجاوز مجرد "أهداف عسكرية"، ليصبح استهدافًا مباشرًا للمدنيين الفارين من الموت، حيث قصفت المدفعية الإسرائيلية فلسطينيين أثناء محاولتهم الفرار من المناطق المنكوبة، ما أدى إلى مقتل 18 شخصًا على الأقل في بيت لاهيا وجباليا.
كما اتهم المرصد الاحتلال بـفرض واقع استعماري جديد من خلال الإبادة والتجويع والتدمير، ما يمهّد لضم غزة فعليًا، في انتهاك صارخ لحظر ضم الأراضي بالقوة، وفق القانون الدولي.
نداء عاجل للمجتمع الدولي
في ختام تقريره، طالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع
الدولي بتحرّك فوري وحاسم، مؤكدًا أن الصمت العالمي والشلل السياسي هو ما شجّع إسرائيل على المضي في ارتكاب جرائمها دون رادع.
ودعا إلى:
ـ فرض عقوبات سياسية وعسكرية واقتصادية فورية على إسرائيل.
ـ حظر تصدير الأسلحة إليها أو التعاون معها عسكريًا أو استخباراتيًا.
ـ فتح تحقيقات دولية ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، بما يشمل إصدار مذكرات توقيف بحق المتورطين.
ـ ملاحقة الشركات المتورطة في تزويد الاحتلال بالمعدات المستخدمة في الجرائم، وسحب الاستثمارات منها.
ـ إنشاء آلية دولية لحفظ الأدلة الجنائية المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، تمهيدًا لتقديمها أمام المحاكم الدولية.
وأشار المرصد إلى أن الأوضاع في غزة تتجه إلى الكارثة الكاملة، داعيًا المحكمة الجنائية الدولية إلى الاعتراف رسميًا بأن ما يجري هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، محمّلًا الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي مسؤولية قانونية عن أي تقاعس في اتخاذ خطوات ملموسة لمحاسبة الجناة.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.