تزداد حدة الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، مع اتهامات صريحة له بإطالة أمد الحرب في قطاع غزة لأهداف سياسية، وسط دعوات عسكرية لتحويل الإنجاز الميداني إلى مسار تفاوضي.

ووفق مسؤولين عسكريين تحدثوا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن إسرائيل حسمت المعركة عسكريا في غزة، ولم يعد هناك ما يمكن تحقيقه ميدانيا، مؤكدين أن المماطلة في التوصل لاتفاق تضعف موقف إسرائيل الدولي وتزيد عزلتها.

وحذر هؤلاء من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأت تتخذ خطوات تضر بإسرائيل، كان آخرها قرار البنتاغون سحب حاملة الطائرات "ترومان" من الشرق الأوسط دون إرسال بديل لها، ما عُدّ مؤشرا على تغير في حسابات واشنطن.

وفي هذا السياق، أوضحت كيرستين فونتين روز، مستشارة ترامب لشؤون الخليج، في حديثها لبرنامج "مسار الأحداث"، أن سحب الحاملة مرتبط باعتبارات لوجيستية وإنسانية، وليس رسالة سياسية لنتنياهو كما يُروَّج.

وأكدت فونتين روز أن الحاملة أمضت فترة طويلة خارج الوطن، وأن توقيت سحبها جاء بعد تراجع تهديدات الحوثيين، ما أتاح الفرصة لإعادة الجنود إلى عائلاتهم، مضيفة أن هذه الخطوة لا تعني تخلي واشنطن عن إسرائيل.

إعلان

رسائل مزدوجة

أما الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، فرأى أن سحب الحاملة يحمل رسائل مزدوجة، منها التزام واشنطن بوقف إطلاق النار مع الحوثيين، ورغبتها في التهدئة، لكنه في الوقت نفسه يعكس عزلة نتنياهو وتراجع الدعم الأميركي له.

وقال حنا إن نتنياهو تُرك عسكريا وسياسيا، في وقت تركّز فيه واشنطن على ما سماه "الجيو اقتصاد" بدلا من "الجيو سياسة"، مشيرا إلى أن التباعد الأميركي-الإسرائيلي بات ملموسا رغم دعم واشنطن المالي والعسكري لإسرائيل.

من جانبه، أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أن نتنياهو لا يسعى لإنهاء الحرب، رغم إدراك المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنها استنفدت أدواتها الميدانية، معتبرا أن استمرار القتال يخدم بقاءه السياسي.

وأضاف مصطفى أن وقف الحرب يعني نهاية نتنياهو السياسية وسقوط حكومته، ولهذا يربط مصيره الشخصي بمواصلة الحرب، رغم دعوات الخبراء للانتقال إلى مسار سياسي بعد انتهاء الفائدة العسكرية للعملية الجارية في غزة.

وأشار إلى أن نتنياهو بدأ منذ أشهر يتحدث عن "تغيير الشرق الأوسط"، لكن الواقع الجديد في الإقليم يتشكل من دون إسرائيل، بسبب إصراره على المضي في الحرب، مما أفقد تل أبيب تأثيرها في التحولات الجارية.

وبينما يستمر الجمود التفاوضي، أظهرت تسريبات إعلامية أن واشنطن بدأت تضغط لتفعيل خطة تنهي الحرب، تشمل وقف إطلاق نار، وتبادل أسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وتولي جهة عربية إدارة القطاع.

الخطة الأميركية

وذكرت فونتين روز أن الخطة الأميركية المطروحة تقضي بأن تسلم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسلحتها لدولة عربية، على أن تغادر قياداتها غزة، مقابل دخول السلطة الفلسطينية في عملية إصلاح داخلي تمهيدا لإدارة القطاع مستقبلا.

وأكدت فونتين روز أن الولايات المتحدة تسعى لإنشاء مجلس استشاري عربي-دولي لإدارة غزة، مع تشكيل قوة أمنية فلسطينية مدربة، وسط دعم سعودي وإماراتي ومصري لضمان استقرار الوضع خلال السنوات المقبلة.

إعلان

ورغم ذلك، أقرّت فونتين روز بأن الولايات المتحدة لن توقف دعمها الأمني لإسرائيل طالما بقيت تهديدات من أطراف كإيران وحزب الله والحوثيين، معتبرة أن واشنطن ملتزمة بضمان تفوق إسرائيل النوعي في المنطقة.

لكن مهند مصطفى لفت إلى أن إدارة ترامب لم تستخدم بعد أدوات ضغط حقيقية على إسرائيل، رغم أنها الجهة الوحيدة القادرة على وقف الحرب، مؤكدا أن واشنطن لا تزال تمنح نتنياهو هامش مناورة سياسيا وعسكريا.

 

ارتباط لا تبعية

واعتبر مصطفى أن إسرائيل مرتبطة أمنيا بأميركا، لكنها ليست تابعة لها، ما يصعّب على واشنطن فرض سياسات تتعارض مع توجهات الحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل دعم أميركي لرفض تسليم المساعدات للمنظمات الدولية.

وأشار إلى أن استمرار الحرب يهدد حياة الأسرى الإسرائيليين ويضاعف الكلفة الاقتصادية والعسكرية، ومع ذلك يتم تجاهل توصيات مراكز أبحاث إسرائيلية حذرت من عواقب العملية العسكرية الشاملة في رفح.

من جانبه، يرى العميد حنا أن الجيش الإسرائيلي بلغ ذروة قدرته العسكرية، وأن مواصلة القتال في غزة ستكون بلا جدوى ميدانية، إذ لم يعد هناك بنك أهداف واضح، خاصة بعد التهجير المكثف والقصف واسع النطاق.

وأوضح أن المقاومة الفلسطينية أظهرت قدرة على التكيف، ما جعل أي اجتياح بري محتمل مرهقا ومكلفا، لافتا إلى أن الفجوة بين التطلعات السياسية والعسكرية داخل إسرائيل باتت جلية أكثر من أي وقت مضى.

وعن الغارات الإسرائيلية على اليمن، اعتبر حنا أن نتنياهو يسعى لتوسيع رقعة التوتر لعرقلة أي جهود تبريد إقليمية، خصوصا في ظل تحركات دولية تهدف للتوصل إلى اتفاق يشمل غزة والجبهات المحيطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إلى أن

إقرأ أيضاً:

كاتب إسرائيلي يدعو المعارضة الإسرائيلية لـ إسقاط نتنياهو

دعا الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي يوسي هدار، إلى التحرك من أجل إسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بسبب افتقاده للقيادة والمسؤولية الوطنية.

اقرأ ايضاًعشرات الإسرائيليين أُفرج عنهم يوجهون رسالة لنتنياهو وترامب.. ماذا قالوا؟

وأكد الكاتب أنه "يجب التحرك لإسقاط نتنياهو في أسرع وقت ممكن لأنه أثبت أنه لا يستحق المنصب الرفيع".

وأشار إلى أن الأمل قد يأتي من معسكر "اليمين الليبرالي"، وتحديدا من شخصيات مثل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ورئيس حزب إسرائيل أفيغدور ليبرمان، داعيا هؤلاء إلى عدم التزام الصمت، لأن "الوقت يعمل ضد إسرائيل طالما بقي نتنياهو في السلطة".

وبحسب مقال للكاتب في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، نقلته قناة "الجزيرة"، فقد شنّ هدار هجوما لاذعا على نتنياهو، محمّلا إياه مسؤولية ما وصفه بانهيار الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي، وتدمير العلاقات الحيوية مع الولايات المتحدة، قائلا إن "المصلحة الشخصية والبقاء في السلطة هما الهدفان الوحيدان اللذان يوجهان سلوك نتنياهو".

ودعا هدار المعارضة الإسرائيلية إلى التحرك لإسقاط نتنياهو، قائلا إن ما يميز نتنياهو هو "افتقاده للقيادة والمسؤولية الوطنية"، مشيرا إلى أنه "سحق كل ما تبقى من أسس متينة لدولة إسرائيل، وهو الآن على وشك سحق علاقاتها مع أقرب حليف استراتيجي – الولايات المتحدة".

وبحسب هدار، فإن نتنياهو ساهم في إخراج إسرائيل من دائرة التأثير الإقليمي والدولي، وفق تعبير الكاتب، مشيراً إلى أن "تصرفات نتنياهو الساخرة والمخزية والمضللة" ساهمت في ذلك.

ويرى الكاتب، أن ما جرى في عهد نتنياهو ليس مجرد فشل سياسي، بل "كارثة استراتيجية"، فحتى في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يتردد نتنياهو في استفزازه وتشويه سمعته، وهو ما جعل الإدارة الأميركية، وفق هدار، تتجه إلى خطوات "صادمة" أبرزها التفاهم مع الحوثيين دون إشراك إسرائيل، والحديث عن الدفاع عن المصالح الأميركية فقط، حتى في حال استُهدفت إسرائيل.

كما أشار إلى استمرار المفاوضات مع إيران رغم اعتراضات تل أبيب، وصفقات الأسلحة النوعية مع السعودية وتركيا، ورفع العقوبات عن سوريا، وهي خطوات –بحسب الكاتب– تعكس تراجع مكانة إسرائيل في حسابات واشنطن، نتيجة "التهور السياسي" لنتنياهو.

اقرأ ايضاًرقم صادم.. 10 آلاف شهيد وجريح في غزة منذ استئناف الحرب

كما انتقد محاولات نتنياهو تمرير ما سماه بـ "قانون المراوغة" (القانون الذي يبحثه الكنيست الإسرائيلي والذي سيمكن الحريديم من الاستمرار في التهرب من الخدمة في الجيش لو تم إقراره)، وتحميل جنود الاحتياط أعباء إضافية في ظل إنهاك الجيش، قائلا، إن كل ذلك "يصبّ في مشروعه للبقاء السياسي، حتى على حساب انهيار الدولة".

ويؤكد الكاتب، أن الانقلاب القضائي الذي قادته حكومة نتنياهو بمساعدة وزرائه هو الذي أدى إلى "الانقسام الأكبر في تاريخ إسرائيل"، وكان سببا مباشرا في "الكارثة الوطنية" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين فشلت إسرائيل في إحباط هجوم غير مسبوق من غزة.


المصدر: معاريف + الجزيرة


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند كاتب إسرائيلي يدعو المعارضة الإسرائيلية لـ "إسقاط نتنياهو" فوائد أكل الخيار قبل النوم إسحق دار يعلن عن اتفاق هندي باكستاني بتمديد وقف إطلاق النار محادثات موسكو وكييف تأخذ منحى آخر.. كيف تصاعدت حدة التصريحات؟ الكشف عن موعد انتهاء مسلسل ليلى.. وشخصية أساسية تودع العمل Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • استطلاع: المعارضة الإسرائيلية تتقدم على معسكر نتنياهو
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: سلاح الجو الإسرائيلي بدأ بشن غارات في اليمن
  • محللون إسرائيليون: هذه أسباب تراجع الآمال بإبرام صفقة في غزة
  • محللون: ترامب جاد في الاتفاق مع إيران رغم معارضة إسرائيل
  • كاتب إسرائيلي يدعو المعارضة الإسرائيلية لـ إسقاط نتنياهو
  • تصاعد الجدل داخل إسرائيل حول غزة: بين إعادة الاحتلال وإنهاء العمليات العسكرية
  • ويتكوف يقدم خيارات لنتنياهو لدفع المفاوضات.. بينها صفقة جزئية
  • غزة تتألم.. عشرات الشهداء منذ فجر اليوم وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي
  • اعترافات من داخل الجيش الإسرائيلي: غزة على شفا مجاعة