الثورة / أحمد كنفاني

لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته قبائل تهامة بمحافظة الحديدة والساحل الغربي، انتصارًا للقضية الفلسطينية، ودعمًا للقوات المسلحة في معركة الدفاع عن حياض الوطن.

حيث تمكنت قبائل تهامة في الحديدة باصطفافها اللافت وحضورها الكبير والحاشد في ميادين النفير العام، وإعلان جهوزيتها الكاملة للمشاركة الفاعلة في معركة إسناد غزة ومواجهة التصعيد للعدو الصهيوني، وإعلان البراءة من الخونة، من تسجيل موقف وطني شجاع، يضاف إلى رصيدها النضالي المشرف.

من منا لا يعرف قدر القبائل اليمنية العريقة والضاربة بجذورها منذ القدم، فقبائل تهامة كـ”الزرانيق والمنافرة جنوب الحديدة، صليل والجرابح شمال الحديدة، وأبناء زبيد وغيرها “، سجل لها التاريخ تواجدًا كبيرا، على مر المراحل، وتعتبر من أكبر قبائل تهامة والساحل الغربي، وشكلت مزيجًا فريدًا بين السلطة القبلية والسلطة السياسية، ونموذجًا متميزا بين البداوة والحضارة في أجمل صورها، مع الاحتفاظ بالقيم والهوية الإيمانية اليمنية العربية الرفيعة، وتعد من أكثر القبائل تأثيرًا سياسيًا وهذا ما جعلهم في واجهة المشهد السياسي حتى يومنا هذا.

دوما تتقاطر جموع قبائل المديريات الشمالية والشرقية والجنوبية ومدينة الحديدة كالسيول الهادرة في وقفات حاشدة لإعلان النفير والنكف القبلي والتعبئة والتحشيد، تلبية واستجابة لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي – يحفظه الله، غير عابئة بتهديدات العدو الصهيوني ومن كان على شاكلتهم، حيث تداعى أبناء قبائل تهامة من كل حذب وصوب، ورفعوا شعارات تناهض العدوان وتدعم القوات المسلحة في نصرة فلسطين والدفاع عن الوطن.

منذ وقت مبكر من العدوان الأمريكي السعودي والمواجهة المباشرة مع دول الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، أكدت قبائل تهامة والساحل الغربي في عدة لقاءات لمشائخها، مع قيادات السلطة المحلية، دعمها في صد أي خروقات تستهدف الوطن وأمنه واستقراره، ووقوفها جنباً إلى جنب مع قائد الثورة والقيادة السياسية والسلطة المحلية بمحافظة الحديدة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” نصرة للشعب الفلسطيني بمراحلها المختلفة.

دور وطني

يقول محافظ الحديدة عبدالله عبده عطيفي في تصريح لـ”الثورة”: “ما تشهده الحديدة بمختلف مديرياتها، من وقفات ونفير هو امتداد لحالة وعي، ترسخت بفعل المشروع القرآني، فقبائل تهامة والساحل الغربي على قلب رجل واحد تسطر وتكتب موقفا تاريخيا قائما على إدراك ديني ووطني”.

ويضيف : “الوثائق التي وقعت في هذه الوقفات تعبر عن التزام عملي، وهي إعلان واضح أن هذه المحافظة برجالها وعتادها وسلاحها على الجاهزية التامة للمشاركة حيثما دعت الحاجة”.

ويسترسل بالقول “هنا لا يسعنا إلا أن نتقدم باسم كل أبناء الحديدة واليمن جميعًا لقبائل تهامة والساحل الغربي بجزيل الشكر، وبالغ العرفان على مواقفها الوطنية وحضورها المشرف في خوض معركة الدفاع عن سيادة الوطن واستقلاله ونصرة الشعب الفلسطيني المكلوم المستضعف الذي يعاني ويلات الإبادة والتدمير من قبل العدو الصهيوني المحتل أمام مرأى ومسمع من جميع دول العالم دون أن يحرك ساكنا.

وحدة الصف

من جانبه يؤكد وكيل أول محافظة الحديدة أحمد مهدي البشري، أن الحضور المهيب في وقفات قبائل تهامة يتميز بطابعها الشعبي الصادق، والانتماء الوطني الصادق، حيث الحضور لا يقتصر على المشايخ والوجهاء، بل يشمل فئات متعددة من شرائح المجتمع، في مشهد يتكامل فيه القرار القبلي مع الحضور الشبابي والتعبئة العامة.

ويشير الوكيل البشري، إلى أن وثيقة الشرف القبلي التي تليت في أغلب الوقفات، جاءت محملة بعبارات الحزم والوضوح، مؤكدة البراءة من كل من تورط في الخيانة أو الارتباط بالمشروع الصهيوأمريكي، ومشددة على وحدة الصف القبلي والمجتمعي في وجه العدو ومشاريعه الاستعمارية.

من جانبه يوضح مدير فرع هيئة شؤون القبائل الشيخ إبراهيم شراعي، أن الحديدة شهدت منذ مطلع مارس من العام الجاري 2025م أكثر من 50 وقفة قبلية مسلحة في عموم مربعات المحافظة لإعلان النفير والتعبئة وثبات الموقف الداعم للشعب الفلسطيني.

فيما يقول الشيخ ثابت إبراهيم المعمري عن عزلة المعامرة في الجراحي : إن العدوان على اليمن لن يزيد اليمنيين إلا إصراراً وثباتاً في الوقوف بوجه الظالمين والانتصار للأقصى وشهداء غزة والأراضي المحتلة ودعم المقاومة الباسلة في فلسطين.

ويؤكد أن كل وقفة ترتفع فيها اللافتات والشعارات المعبرة عن إدراك عميق لطبيعة المعركة وأبعادها، الوجوه السمراء وهم يحملون البنادق على الأكتاف، وعمائم تهامية ترفرف في وهج الشمس، وكلمات حماسية تسري في وجدان الجمع كأهازيج تعبئة حقيقية، وتجدد التفويض المطلق لقائد الثورة في اتخاذ الخيارات لنصرة فلسطين والرد على العدوان الصهيوني على اليمن.

بدوره يضيف رئيس مجلس التلاحم القبلي بالمربع الجنوبي الشيخ محمد منصر : أن الزخم القبلي في الحملة الوطنية لنصرة الأقصى والتعبئة والاستنفار والالتحاق بالدورات العسكرية المفتوحة مستمر، استعداداً للمواجهة المباشرة في مواجهة العدو الصهيوني.

ويؤكد الشيخ منصر، أن أبناء القبائل التهامية في كل لقاء ووقفة، يجددون التوقيع على وثيقة الشرف القبلية، في مشهد يتقدم فيه الموقف الشعبي إلى صدارة الجبهة السياسية والميدانية.

 

مشهد نضالي

يؤكد عدد من الوجهاء والمشايخ ممن التقتهم “الثورة” بالقول : “إن المشاركين في هذه الوقفات، بلباسهم التهامي التقليدي، وصرخاتهم المدوية المناهضة للعدوان الصهيوني على غزة واليمن، أعادوا تشكيل المشهد النضالي في تهامة، وأثبتوا أن القبيلة اليمنية لا تزال قوة مركزية في معادلة الدفاع والبناء والتصدي، ومجددين تأييدهم لعمليات القوات البحرية والقوة الصاروخية والطيران المسيّر المتواصلة في منع مرور السفن الصهيونية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة عبر البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وكذا السفن الحربية التي تعمل على حمايتها.

وشددوا على ضرورة مواصلة التعبئة وإلحاق المقاتلين بمراكز التدريب والتأهيل والنفير الشعبي المسلح، استعداداً للمشاركة الفاعلة إلى جانب أبطال الجيش في صد أي تهديد قد يتعرض له اليمن مستقبلا.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

قبائل المهرة .. 7 سنوات من مواجهة المشاريع الأجنبية

 

برزت مواقف قبائل محافظة المهرة الأصيلة ثاني أكبر محافظة يمنية بمساحة 93 ألف كم مربع، والواقعة على الحدود مع سلطنة عُمان شرقي اليمن، منذ الأيام الأولى لوصول قوات تحالف العدوان التي رفضت تواجدها بعيدا عن تنفيذ الأجندات الأجنبية.
وتشكلت في الـ25 من يونيو 2017م أولى بذور المقاومة الشعبية السلمية في المهرة، عبر ما عرف بـ”لجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة” الذين احتفلوا قبل أيام قليلة بالذكرى السابعة لانطلاق ملحمتهم الوطنية في وجه القوات الأجنبية، تعبيراً عن استمرار رفضهم للتواجد الأجنبي والدفاع عن أراضيهم والسيادة الوطنية بالطرق السلمية.

يمانيون / تقرير/ محمد محمود

 

مواجهة الأطماع السعودية 
بدأت قبائل المهرة تحركاتها في مواجهة المشروع السعودي القديم، الذي يعود إلى بداية تسعينيات القرن الماضي وذلك عقب وصول قواتها إلى ميناء نشطون وسيطرتها على مطار الغيضة المدني خلال نوفمبر 2017م، وشروعها بمد أنبوب النفط من أراضيها في منطقة الخرخير الحدودية عبر الأراضي اليمنية بالمهرة وصولا إلى بحر العرب، بعيدا عن أي اتفاقيات مستغلة حالة العدوان على اليمن، بعد فشلها في تنفيذ المشروع خلال العام 1994م.
واتجه أحرار القبائل إلى انتزاع العلامات الإسمنتية الأرضية التي ثبِتت من قبل شركة سعودية بعد وصول قوات بلادها إلى المهرة بشهر واحد، لتحديد مسار مد أنبوب النفط المزمع إنشاؤه في منطقتي طوف شحر وضحية، بطول 30 كم داخل الأراضي اليمنية وقاموا بطرد المدرعات السعودية من مناطقهم، رغم تبرير القوات السعودية تلك الأعمال العدائية برغبة المملكة في إنشاء طريق إسفلتي من أراضيها إلى المهرة.

 

خطاب وطني يرفض التواجد الأجنبي

وقف رجال القبائل بقيادة المشايخ والوجهاء المخلصين، أمثال الشيخ علي سالم الحريزي، في وجه المشروع الأجنبي رافضين كل المغريات المالية والمناصب التي عرضتها السعودية لتمرير مخططاتها في المهرة، ليدركوا حينها خطورة المؤامرة التي تستهدف اليمن بشكل عام والمهرة بشكل خاص، والتي تبعد قرابة 2000 كم عن خط المواجهات مع صنعاء. ليتولى الشيخ عامر سعد كلشات رئاسة لجنة الاعتصام السلمي بهدف توحيد الجهود المجتمعية المناهضة للتواجد الأجنبي، حتى وفاته في القاهرة خلال العام 2021م.

دخلت المهرة مرحلة جديدة من الخطاب الوطني المطالب برحيل القوات الأجنبية، بتعيين الشيخ علي سالم الحريزي رئيسا للجنة خلفا للشيخ كلشات بينما استمرت السعودية في تفكيك وضرب تماسك النسيج المجتمعي لأبناء المهرة المناهضين لتواجدها باستقدام عدد من مشايخ السلفية وإنشاء مركز لهم في مديرية قشن خلال العام 2017م، للمدعو “يحيى الحجوري”، بذرائع دعوية لتعليم القرآن، واجه الأهالي التوجهات السعودية بتظاهرة رافضة لتواجد تلك العناصر في قشن، التي بدأت تتكاثر حتى وصل بها الحال إلى تكفير كل من يعارض تجنيد السعودية لعناصرهم المتطرفة ضمن مليشيا ما يسمى “درع الوطن” في المهرة، خلال الأشهر الماضية.

لم تقف القوات السعودية وعملاؤها من المرتزقة عند ذلك المستوى، بل لجأت إلى شن حرب إعلامية لتشويه مواقف مشايخ المهرة المطالبين بخروج القوات الأجنبية، وعلى رأسهم الشيخ الحريزي، وإسقاط الاتهامات بحقهم بالتبعية لأنصار الله في صنعاء، وتارة أخرى بتجارة المخدرات، وغيرها من الأساليب التي تحاول ثنيهم عن مواصلة نضالهم السلمي ضد التواجد الأجنبي في المهرة.

 

الوقوف في وجه أمريكا 

لا يزال رجال قبائل المهرة يسطرون ملحمة نضالية لا تنكسر، رافضين الخنوع والخضوع للاحتلال الأجنبي، وسط مطالباتهم الواعية بخطورة بقاء القوات الأجنبية في مطار الغيضة المدني المغلق أمام رحلات الطيران، التي أصبحت زيارات السفير الأمريكي لدى حكومة المرتزقة تتكرر إليه، كان آخرها بصحبة قائد الأسطول الأمريكي الخامس وعدد من القيادات العسكرية السعودية خلال مارس 2023م، داخل مطار الغيضة في انتهاك صارخ للسيادة اليمنية.

ختاماً : 

إن محاولة السعودية ابتلاع المهرة لمد أنبوب النفط عبر أراضيها واعتزامها إنشاء ميناء نفطي على بحر العرب محاولة يائسة لإيجاد خط بديل لنقل النفط الخام من حدودها الشرقية ومنطقة البرع الخالي إلى الموانئ اليمنية عبر بحر العرب، وهي خطوة تندرج ضمن المخاوف الأمريكية والإسرائيلية منذ عقود، خوفاً من توجه جمهورية إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي لوحت به خلال الأيام الماضية رداً على الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية.

مقالات مشابهة

  • نتائج معركة البحر الأحمر على اليمن تفرض نفسها في ميزانية الدفاع الأمريكية - شاهد
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: سنضرب اليمن مثل إيران
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: سنعامل اليمن مثل طهران وسنقطع يد الحوثيين
  • عملية جراحية نادرة تنقذ حياة رضيع بمستشفى الثورة في الحديدة
  • انتصاراً لغزة .. اليمن يواجه العدو الصهيوني بقراره الحر وسلاحه السيادي
  • تدشين أنشطة وبرامج الجولة الثانية من دورات طوفان الأقصى للعام1447هـ بمحافظة الحديدة
  • تعلن محكمة غرب الأمانة الابتدائية بأن على المدعى عليهم/ عبده القبلي وآخرين الحضور إلى المحكمة
  • مستشفى الثورة في الحديدة يكرم مدربيه تقديراً لإسهاماتهم في برنامج التعليم الطبي المستمر
  • قبائل المهرة .. 7 سنوات من مواجهة المشاريع الأجنبية
  • زكاة الحديدة : صرف 70 مليون ريال مساعدات للنازحين في حيس والخوخة وجبل راس