جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-19@20:22:30 GMT

موهبة مدفونة

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

موهبة مدفونة

 

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

ورد في الأثر الإسلامي عن حفيد الرسالة المحمدية الإمام جعفر بن محمد الصادق: "إِنَّ اَللَّهَ مَنَّ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوا فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ وَبَالًا".

 لدينا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أفراد يتميزون بمواهب إبداعية وعلمية وفنية، بما يملكونه من قدرات خاصة جدًا وربما خارقة أحيانا، ومما يؤسف له أن تبقى تلك المواهب في بعض الأحيان مهمشة، لا تعرف إلا على نطاق محدود في المجتمع، بسبب غياب الفرص الكافية لإبراز قدراتها وطاقاتها.

ويعود ذلك لأسباب متعددة، ومن أبرزها ضعف الدعم الأسري والمجتمعي، وهو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى دفن الموهبة وتعطيلها في المجتمع، فتفقد بذلك قيمتها وتأثيرها.

إن الموهوبين، مهما كانت قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية كالتقنية والرقمية أو الرياضية والحركية أو القيادية والاجتماعية أو العلمية الأخرى كالابتكار والاختراع وسواها، إلا أنهم بحاجة ماسة إلى البيئة الحاضنة التي تعينهم على الوصول إلى أهدافهم المنشودة، ولا يأتي ذلك إلا بالتشجيع المستمر، ويكون ذلك بزرع الثقة الكاملة في نفوسهم، وهو دعم ينبغي أن يكون سخيا من قبل الاسرة والمجتمع، ولكن عندما يغيب ذلك الدعم لتلك المواهب والطاقات حتما ستبدأ بالذبول والأفول والاختفاء من المجتمع في صمت مريب ومؤسف.

عندما تضعف رعاية الموهوبين ولا توجه مواهبهم وطاقاتهم توجيها سليما، فإن ذلك يشكل خطورة بالغة على المجتمع؛ إذ قد يُسيء الموهوبون استغلال مواهبهم فيما يضرهم ولا ينفع مجتمعهم، خصوصًا في ظل توفر بيئات تنافسية فاسدة في الداخل أو الخارج.

لقد باتت دولنا بحاجة ماسة إلى أن تحذو حذو الدول المتقدمة التي تولي اهتماما بالغا بالموهوبين، مثل سنغافورة وهي من الدول التي تهتم بالموهوبين، خاصة في مهارات وقدرات الناشئة في مجالات الرياضيات والعلوم، إذ تقوم بتأسيس مدارس وجامعات عالية المستوى يلتحق بها الموهوبون ويجدون فيها من التأهيل والتعليم ما يساعدهم على الابتكار وإيجاد الحلول لمشاكل وتحديات الواقع، ما يجعلهم شركاء في الخطط الوطنية للتنمية محليا وعالميا. وهكذا هو الحال في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المتقدمة.

ويعد اكتشاف المواهب المدفونة في المجتمع أمرًا في غاية الأهمية، وذلك للإسهام في بناء مجتمع ناجح وعليه، ينبغي أن نسأل أنفسنا: كيف نستطيع أن نكون من الداعمين للموهوبين في المجتمع؟

يتطلب دعم الموهوبين وعيا عميقا وجهودا متكاملة ومتواصلة من مختلف الأطراف، بدءا من الأسرة والمدرسة، مرورا بالمجتمع المحلي وانتهاءً بالمجتمع العالمي والانساني، بكل مؤسساته الاجتماعية.

وهنا نذكر بعض الأمثلة التي توضح سبل هذا الدعم:

أولًا: لا بُد من اكتشاف الموهبة بشكل مبكر وذلك من خلال ملاحظة مهارات الأطفال والناشئة حتى يتمكن الأهل من معرفة ميول الطفل الموهوب وتوجيهه بشكل أفضل. ثانيًا: تكثيف الرعاية الأسرية وذلك بتشجيع الأبناء الموهوبين وعدم التقليل أو الاستخفاف بمواهبهم وامكانياتهم، وتوفير البيئة المناسبة والمحفزة التي تجعلهم يسيرون بخطى موجهة ومدروسة نحو أداء واجبهم بشكل أفضل وأجمل في خدمة مجتمعهم ووطنهم. ثالثًا: توفير البرامج التعليمية الخاصة وذلك من خلال اعداد مناهج وأنشطة متكاملة تتناسب مع طاقاتهم ومستوياتهم العقلية والإبداعية، سواء داخل الأسرة أو خارجها. رابعًا: ربط الموهوبين بالمربين والمرشدين من الكادر التعليمي، من خلال المعلمين والمتخصصين في مجالات ميولهم وتوجهاتهم، وهي خطوة مهمة لتنمية قدراتهم بالشكل الصحيح الذي يليق بهم وبإمكانياتهم الإبداعية. خامسًا: دعم الموهوبين ماليًا ومعنويًا واشراكهم في المسابقات المختلفة والإشادة بإنجازاتهم وإمكانياتهم وعدم تجاهلهم على مستوى الاسرة والمجتمع. سادسًا: تسليط الأضواء الإعلامية على الموهوبين والتعريف بهم وإبراز إسهاماتهم العلمية والعملية. سابعًا: إنشاء المراكز المتخصصة لرعاية الموهوبين وذلك لتنمية مواهبهم وقدراتهم العقلية بشكل أفضل مما هو عليه الآن.

اليوم وأكثر من أي وقت مضى يحتاج عالمنا العربي والإسلامي إلى مضاعفة الجهود لاحتواء المواهب واكتشاف الطاقات والإمكانيات وصقلها، والاستفادة من قدراتها في دفع عجلة الابتكار والتطور العلمي. الموهوبون هم من يستطيعون المساهمة في التقدم العلمي بشكل أفضل وأسرع، مما يجعل الوطن في مستوى الدول المتقدمة علميا. وبذلك يتم تحقيق الإنتاجية ورفع كفاءة المؤسسات الوطنية، مما يرفع من سمعة الوطن ويعلي من رصيده الحضاري بين سائر الأمم المتقدمة والمتحضرة.

أخيرًا.. وحتى لا تكون المواهب الإنسانية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وبالًا على الجميع علينا شكر الله تعالى على نعمة وجودها بيننا كما ينبغي على الجميع معاملة الموهوبين ليس كطلاب يمتلكون إمكانات عقلية جبارة فحسب؛ بل كمشروع إنساني ووطني يجب استثماره استثمارًا جيدًا، وذلك من خلال رعاية الموهوبين والاهتمام بهم. وليس هذا من باب البطر أو الترف الاجتماعي أو الأسري كما يظن البعض، بل هو مسألة في غاية الأهمية يفرضها الاستعداد لبناء مستقبل واعد تقع مسؤوليته علينا جميعا في داخل مجتمعاتنا واوطاننا، لذا علينا إدراك هذه الحقيقة أن من يستثمر الإنسان الموهوب اليوم سيصنع فرقًا ملموسًا غدًا.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إنشاء «استوديوهات جاكس للأفلام» للإنتاج العالمي في الرياض

أعلنت هيئة الأفلام إنشاء "استوديوهات جاكس للأفلام" في العاصمة الرياض، لتكون منشأة إنتاج متكاملة وحديثة تُعد من الأبرز في المنطقة، وذلك ضمن جهودها لتطوير بنية تحتية سينمائية رائدة تعزز مكانتها مركزًا عالميًا لصناعة الأفلام والإنتاج الإعلامي.

ومن المقرر الانتهاء من المشروع خلال عام 2025، حيث تمتد "استوديوهات جاكس للأفلام" على مساحة تتجاوز 7,000 م2، وتضم استوديوهي صوت مساحة كل منهما 1,500 م2، إلى جانب وحدة إنتاج افتراضي متطورة مدعومة بأحدث تقنيات الشاشات من شركة "سوني".

كما تشمل المنشأة قاعة سينما خاصة للعرض، ومساحات للاستقبال والفعاليات، ومناطق مخصصة للتحضير الإنتاجي، وبما يخدم الاحتياجات المتنوعة للإنتاج السينمائي العصري.
وتقع المنشأة في موقع استراتيجي في مدينة الرياض، يتيح سهولة الوصول إلى مختلف الوجهات الخدمية، كما تتميز بقربها من منظومة متنامية من الكفاءات في المجالات الإبداعية والتقنية، مما يوفّر لصنّاع الأفلام جميع احتياجاتهم ضمن نطاق لا يتجاوز 20 دقيقة.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله بن ناصر القحطاني إن استوديوهات جاكس للأفلام تجسد محطة أساسية في استراتيجيتنا لبناء منظومة سينمائية بمعايير عالمية في المملكة. مع التطوير السريع لصناعة الأفلام في المملكة بصفته أحد أهم الوجهات الإنتاجية في المنطقة، صُمّمت هذه المنشأة لتواكب أعلى المعايير الدولية، والإسهام في تمكين المواهب المحلية واستقطاب الكفاءات العالمية.

من جانبه بين المدير العام لتنمية القطاع وجذب الاستثمار في هيئة الأفلام عبدالجليل الناصر، أن استوديوهات جاكس للأفلام، ستقدم واحدة من أكبر وأكثر منصات الإنتاج الافتراضي تقدمًا في العالم، بأحدث التقنيات من شركة سوني. مما يتيح إمكانيات إبداعية غير محدودة.

وتعد هذه الخطوة امتدادًا لاستثمارات الهيئة طويلة المدى في تطوير البنية التحتية وتنمية المواهب، وتوطيد الشراكات مع الجهات العالمية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، ويُعزز من قدرة المملكة على استضافة الإنتاجات المحلية والدولية المشتركة.

جاء هذا الإعلان خلال مشاركة هيئة الأفلام في الدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث احتضنت الهيئة جناح السعودية الذي شهد حضورًا عالميًا من صناع الأفلام والمنتجين والمختصين في قطاع الإعلام، كما حظي الجناح بدعم عدد من الشركاء المحليين، وشارك في المهرجان جهات وطنية متعددة تمثل مختلف قطاعات صناعة الإعلام والترفيه، بما يشمل تطوير المحتوى، والإنتاج، والتوزيع، والتعاون الدولي، في إطار رؤية موحدة تهدف إلى دعم المواهب الوطنية وتعزيز مكانة المملكة على خارطة صناعة السينما العالمية.

أخبار السعوديةالعاصمة الرياضهيئة الأفلامصناعة الأفلامصناعة الأفلام في المملكةاستوديوهات جاكس للأفلامقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • مسؤول بـ «موهبة»: حققنا 14 جائزة كبرى في معرض آيسف
  • موهبة أرجنتينية تطرق أبواب ريال مدريد في الميركاتو الصيفي
  • جامعة حلوان تنظم البرنامج التدريبي المميز مهارات النجاح
  • طلاب عرب: جائزة «إبداع» فرصة لاكتشاف المواهب الواعدة
  • قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب وعروض مسرحية بالمحافظات
  • بعد آيسف 2025.. المملكة تحصد 6 ميداليات في أولمبياد الأحياء الدولي
  • إنشاء «استوديوهات جاكس للأفلام» للإنتاج العالمي في الرياض
  • فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الطلبة الموهوبين رياضيًا بالمدارس العسكرية الرياضية للعام الدراسى 2025 / 2026
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب