عادل الباز يكتب: كيف نرد على عدوان الإمارات؟ (2)
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
1 قلتُ في الحلقة الأولى إن ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو أن بعض الكُتاب انقادوا لسابلة الأسافير، الذين يقودهم دائمًا الغضب الأعمى في ردهم على عدوان الإمارات. وذكرتُ أن هناك صنفين: أحدهما لا يعرف كيف يرد، ويقدّم أفكارًا ما أنزل الله بها من سلطان، والآخر لا يعرف ماذا يفعل أصلًا، ولذا هم مبلسون. وللأسف، فإن بعض قادة الدولة من النوع الأخير.
2
في الجانب القانوني، لا أود أن أتحدث كثيرًا عن المهزلة التي كان بطلها وزير العدل، والتي حدثت أمام العالم، ظللت حائرًا في مثل هذه المهازل، التي تحدث رغم أن لدينا من الخبرات القانونية العالمية المجرّبة ما يكفي. ومع ذلك، يعرضنا وزير العدل لهذه الفضيحة القانونية! عجيب يا أخي هذا الوزير… وزير يُكوِّن لجنة استشارية قانونية في آخر ديسمبر اى قبل شهرين من بداية المداولات في محكمة العدل الدولية، وبعد أن أكمل كل شيء سارع بدعوة قانونيين كبار (من خلال الواتس اب .. اي والله) ليعرض عليهم الملف بعد فوات الأوان، فيعتذرون له لأن دعوته تلك ليست لأجل مشاورات حقيقية بل مجرد استهبال وتمومة جرتق.
ثم إن هذا الوزير العجيب يستعين بقاضٍ فاسد، ويكتشف مبكرًا أن القاضي الذي استعان به (الخصاونة) قاضٍ فاسد ومستهبل، تم كشف ذلك بعد تسريب المكالمة الشهيرة التي يعتذر فيها عن الظهور علنًا لأنه قاضٍ من ضمن قضاة محكمة العدل ويتقاضى راتبًا منها، وبذا لا يحق له أن يظهر أمام المحكمة عن السودان.!
هل هناك استهبال وفساد أكثر من ذلك؟ المحيّر أكثر أن هذا القاضي الفاسد، الخصاونة، تقاضى مليونًا وسبعمائة ألف دولار من خزينة الشعب السوداني!! خسرنا القضية، واستفادت الإمارات أكثر مما خسرت، ثم عاد الوزير الجاهل إلى أهله يتمطى، واستمر وزيرًا إلى لحظة كتابة هذا المقال. يا بلادي، كم فيك من مهازل !!.
لو سألت وزير العدل: ما هي الخطة القادمة في هذا المسار القانوني أم أننا أغلقنا باب الرد القانوني على العدوان الإماراتي؟ لن تجد له إجابة، وإلى أن يُلهم الله وزيرنا بإجابة فاسدة يهدر فيها مزيدًا من الأموال، تكون الحرب قد انتهت وضاعت حقوقنا.
اقترح في الجانب القانوني
تأسيس “مجموعة قانونية سودانية مستقلة في الخارج”: تتكون من محامين سودانيين وأجانب مختصين في القانون الدولي الإنساني، تُكلّف حصريًا بمتابعة ملف العدوان الإماراتي أمام المحاكم والهيئات الدولية.
رفع دعاوى في المحاكم الأوروبية ضد شركات توريد السلاح التي تخرق قرارات حظر التسلح أو تصدّر أسلحة للميليشيات بطريقة غير قانونية.
إعداد ملف قانوني لجرائم الحرب: يتضمن أدلة موثقة (صور، شهادات، تقارير حقوقية) يمكن استخدامه أمام محكمة الجنايات الدولية أو الأمم المتحدة.
مخاطبة المقررين الخاصين للأمم المتحدة (مثل مقرر الأسلحة، حقوق الإنسان، المرتزقة) لفتح ملفات علنية ضد الإمارات.
اعلم ان هناك جهودًا كثيرة في هذا الصدد ولكنها مبعثرة وغير منسقة وينقصها التمويل ولذا هي غير فعالة، يمكن عبر آلية محددة ومركزية نحصل على الحد الأدنى من النتائج الجيدة.
هنالك مسارات قانونية اقترحها بعض الناشطين في بريطانيا، يمكن للوزير متابعتها، ويمكن دعم تلك الجهود القانونية، على الأقل لإبقاء قضية السودان ضد الإمارات تحت نظر الإعلام العالمي وفي ردهات المحاكم. وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية نشرت تقريرًا في 5 مايو 2025 يتناول تسليم ملف شكوى قانونية يوثق جرائم حرب التي ارتكبتها قوات الدعم السريع (RSF) في السودان إلى وحدة جرائم الحرب التابعة لشرطة العاصمة البريطانية (سكوتلاند يارد). يأتي هذا التقرير في سياق الحرب الأهلية المدمرة التي تشهدها السودان منذ ثلاث سنوات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
3
داخليًا، يمكن فتح بلاغات قانونية ضد الميليشيا وداعميها وعملائها، بلاغات جنائية وليست سياسية. يمكن فعل الكثير في الجانب القانوني، سواء نجحت أم لم تنجح، لكنها على الأقل تسبّب إزعاجًا وتُبقي قضية العدوان والتعويضات حاضرة في الأجندة، ولو استمرت عشرات السنين.
كل ذلك ممكنًا، تُرى ماذا تفعل وزارة العدل الآن؟ وماذا يفعل النائب العام؟ وأين القانونيون والمحامون الوطنيون؟ معقول كلهم في مدرجات المتفرجين ينتظرون نهاية المباراة: نصر، هزيمة، أم تعادل؟ تُرى متى يسارعون إلى نجدة وطنهم إذا لم يفعلوا الآن ما سيفعلون.؟
4
أفضل ما حدث في هذه الحرب هو ما جرى في الجبهة الإعلامية، رغم كل شيء استنفر وتحوّل الشعب السوداني بأكمله إلى جهاز إعلامي ينافح عن وطنه، وأصبح الرأي العام لأول مرة يتشكّل من أسفل، ويتم الرد على الشائعات وسفالات أبواق الإعلام المرتزق من المواطنين مباشرة.
وبهذا الطوفان الإعلامي الوطني، دون تدخل الدولة وأجهزتها أو تمويلها، سقطت كل سرديات الحرب المضادة، وانتصر الجيش في الفضاء والأسافير، وتم فضح أبواق الميليشيا وعملائها حتى أصبحوا يتخوّفون من لقاء الناس في الطرقات.
رغم الآلة الإعلامية الضخمة التي كانت جاهزة لدعم التمرّد، كان صوت الشعب أقوى، لأن قضيته عادلة. تحول الكل إلى جيش إعلامي مستنفر وجاهز، في وقتٍ كانت فيه كل أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة مدمّرة تمامًا، ولا صوت للسودان. بوصول الأستاذ خالد الإعيسر إلى سُدّة الوزارة، أصبح للسودان صوت ووجود، وحكومة تتحدث للناس. الإعلام الرسمي الآن بحاجة إلى رؤية، واستراتيجية، وخطة، وكوادر مؤهلة، وكل ذلك بحاجة إلى موارد وزمن.
5
التعامل الإعلامي في الرد على العدوان الإماراتي بحاجة إلى خطة عملية تركز على عدة محاور، منها:
1/ تغيير أساسي في سردية الحرب: من تمرد لقوات الدعم السريع إلى عدوان خارجي تقوده الإمارات، تظاهرها بعض الدول الإفريقية وتدعمها دول أوروبية، وتنفذ الإمارات عدوانها بواسطة ميليشيات الجنجويد.
2/ الاستمرار في الكشف عن الانتهاكات والمجازر، بل وحتى الإبادة، التي ترتكبها الميليشيات بأسلحة إماراتية.
3/ رصد وكشف أنواع الأسلحة التي تموّل بها الإمارات الميليشيا، مصادرها، الطرق التي تسلكها، والدمار الذى تحدثه في البنية التحتية.
4/ الفضح المستمر لتحركات الإمارات وكشف أجندتها في المحافل الإقليمية والدولية.
5/ تزويد الإعلام الإفريقي بالجرائم التي ترتكبها الميليشيات الممولة إماراتيًا ضد القبائل الإفريقية في السودان.
6/ التعامل مع الإعلام الأجنبي من خلال الاتصال المباشر مع كبرى المؤسسات الإعلامية العالمية، وتيسير دخولها للبلاد لمعرفة الأوضاع عن قرب.
7/ إطلاق حملة عالمية عبر وسم موحد (Hashtag) باللغتين الإنجليزية والفرنسية، مع محتوى مرئي ومقاطع قصيرة توثق العدوان ولابد أن يكون ذلك فعل مستمر.
8/ تأسيس “مرصد الإعلام السوداني” لمتابعة تغطية العدوان وتحليل الروايات المضللة، والرد عليها في الوقت المناسب بلغات مختلفة.
9/ إنتاج وثائقيات قصيرة (5-10 دقائق) تبث على المنصات الرقمية وتُترجم للغات حية، توثق ضحايا الأسلحة الإماراتية والانتهاكات ضد المدنيين.
10/ بناء قاعدة بيانات للصحفيين المتعاطفين مع قضايا الشعوب، خصوصًا في إفريقيا وآسيا وأمريكا، لتزويدهم بالمعلومات الضرورية التي توضح طبيعة العدوان الإماراتي وحجمه.
11/ تشجيع الإصدارات والمواقع باللغة الإنجليزية والفرنسية، وتأسيس شبكات توزيع لها في العواصم المهمة حول العالم وفي القارة الإفريقية.
6
كي تعمل كل تلك المحاور باتساق، ويتوحد الخطاب الإعلامي، ويتم تنسيق رد العدوان عبر كافة الوسائط، نحن بحاجة إلى مركز إعلامي موحد للتخطيط والمتابعة ورسم الخطط ومكافحة الإعلام المضاد داخل السودان وخارج السودان، يعمل بالداخل بتناغم مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والإعلام الخارجي.
نتابع في الحلقة القادمة مقترحاتنا للرد الاقتصادي.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العدوان الإماراتی بحاجة إلى وزیر ا
إقرأ أيضاً:
٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
كانت الفوضی تضرب بأطنابها علی كل أرجاء بلادنا، تقودها حكومة هَشَّة، تتشاكس أحزابها علی مقاعد الوزارات ويحل رٸيس وزراٸها كل الحكومة ويحتفظ بمقعده وحده من أجل أن يزيح وزيراً واحداً من وزراء الحزب المٶتلف معه، ويدير البلاد بلا حكومة لمدة قد تطول وتقصر، وتتبدل إنتماءات بعض النواب من حزبٍ لحزب، ويتمدد التمرد شيٸاً فشيٸاً كل يوم وينسحب الجيش من محطة إلی محطة، بسبب الإهمال المتعمد له حتی أُضطر قادته إلی رفع مذكرتهم الشهيرة شديدة اللهجة، التی قابلها رٸيس الوزراء بإتهام الجيش بعدم الإنضباط!!
وكانت الضاٸقة المعيشية قد بلغت من السوء مبلغاً لا يُحتمل، وزادت الجريمة عن الحد، وتطلَّع الناس إلیٰ الجيش لينقذهم من هذا الوضع الذی تَرَدت فيه البلاد وقال ناٸب رٸيس الوزراء من تحت قبة البرلمان: يعنی في فساد نقول مافي!! يعني في محسوبية نقول مافي!! يعني فی غلاء نقول مافی!! والله ديمقراطيتكم دی لو شالها كَلِب مافی زول بيقول ليهو جَرْ !!!
– كان العميد الركن عمر حسن احمد البشير فی منطقة غرب النوير هو القاٸد الوحيد الذی حقق إنتصاراً علی المتمردين فی محطة ميوم بعد إستبسال كبير،حيث كانت قوته تفتقر لأبسط التعيينات والمهمات، فقد كانت التعيينات وقتها تُباع فی القيادة العامة!!
حتی إنه أُضطر إلی شراء أحذية (شِقييانة)وقماش دمورية من سوق كادقلی لكسوة جنوده، واستخدم التراكتورات الزراعية، بدلاً عن العربات القتالية فی متحرك ميوم وكان التمرد يحيط بكادقلی عاصمة جنوب كردفان ويتوقع إسقاطها بين لحظة وأخریٰ،وظهر بطل ميوم فی برنامج جيشنا التلفزيونی، بعدما قام الناٸب عمليات بزيارة الموقع المحرر وفضح فی ذلك اللقاء الإهمال الذی يلقاه الجيش من الحكومة الحزبية الخاٸرة،التی تَلقَّیٰ رٸيس وزراٸها المنتخب ديمقراطياً،إهانةً بالغةً من قاٸد التمرد الذی لم يقبل الإجتماع به إلَّا بصفته الحزبية فقط !!
– وفی فجر الجمعة الثلاثين من يونيو 1989م، تحركت ثلةٌ مٶمنة من أبناء الوطن الخُلَص لإنقاذ الوطن من براثن الفوضیٰ،وكان شعارهم أو سر الليل هوالوطن الغالی واستيقظ المواطن علی إيقاع الموسيقی العسكرية التی كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر،وعمت الفرحة ربوع البلاد،بعدما أذاع راديو أم درمان (البيان رقم واحد) بصوت العميد الركن عمر حسن أحمد البشير
و تشكَّل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطنی من ضُبَّاط فيهم من قباٸل السودان البديرية والنوبة، والدناقلة والشلك، والزغاوة والجعليين، والدينكا والشايقية، والإستواٸيين والرباطاب،والعبدلاب،،ألخ ومن الوحدات،المظلات والمدرعات والمشاة والطيران والبحرية،،ألخ فی لوحة تمثل الوحدة فی التنوع وهذا ما يُميِّز القوات المسلحة دون غيرها من المٶسسات السودانية،ومن هنا بدأت بلادنا صفحة جديدة،من مسيرة الهيبة والعزة،التی إمتدت بعد ذلك من فيض دماء المجاهدين من أبناء السودان الذين كسروا شوكة التمرد،وبَرَع المجتمع السودانی فی رفد جيشه بأبناٸه مجاهدين وبزاد المجاهد، وشاركت الأمهات بزف فلذات أكبادهن إلیٰ سوح الفداء، وبحلييهِن حتی دعون إلیٰ جبل الذهب،وتمددت طرق الأسفلت فی كل إتجاه وشُيِّدَت الجسور،ووصل الإرسال الإذاعی والتلفزيونی للفضاء اللامتناهِ بعدما كان لا يتجاوز حدود عاصمة البلاد،وقامت ثورة التعليم العالی،حتی تضاعف عدد الجامعات عشر مرات، وانفجرت ثورة الإتصالات،واستُخرِج البترول، وعمَّ الإمداد الكهرباٸی كل أرجاء البلاد،وعاش الناس الوفرة والرخاء وسط الحصار الغربی المطبق،وانحصر التمرد فی ركنٍ قصِی، وانحسر الفقر.
وتبوأ السودان مقعده اللاٸق بين الأمم وأصبح رٸيس السودان محطَّ الأنظار حيثما حلَّ وأينما ذهب، وإزداد بذلك حنق دول الإستكبار العالمی وزاد نشاط عملاء أجهزة المخابرات العالمية بالخارج والداخل،وبلغ الكيد للسودان لدرجة أن يُعلَن البشير مطلوباً لدی المحكمة الجناٸية الدولية، لكن الشعب رفض ذلك القرار فی إباءٍ وشمم.
وبالمقابل إبتلع بعض المواطنين الطُعم.
– واليوم فی الذكریٰ 36 لقيام ثورة الإنقاذ الوطنی لن نبكی علی اللبن المسكوب،ولنترك الصورة الماثلة تتحدث بين عهدٍ وعهد،ولن نقول (ياحليلك يا البشير !!) فقد أوفیٰ الرجل بما عاهد عليه الشعب ،منذ الليلة التی قَبَضَ فيها وإخوانه علی (جمر القضية)،ولم يُفلتها فی أشدَّ الظروف صعوبةً وحتَّیٰ الآن، وهو فی محبسه كالأسد لا يشكو ولا يتبرم،إلیٰ أن يَقْضِیَ اللهُ أمراً كان مفعولاً .
– ولا يزال أُصبع إخوان عمر وأبناٸه علی الزناد ذوداً عن حياض الوطن والعقيدة أن تُهدم، وعن عزة الشعب السودانی أن تُمَرَغ فی وحل العمالة والإرتزاق،وسيشهد التاريخُ الذی لا يُحابی أحداً،بأنَّ البشير قام بإكرام قادته السابقين ولم يُبقی عليهم فی المعتقل إلَّا بقدر ما تحتاجه عملية تأمين الثورة الوليدة ولأيامٍ معدودات، وسيُحسب للبشير بأنَّه منع الإعلام من بث الصورة المزرية لرٸيس الوزراء لحظة إعتقاله،وقال أكرِموا عزيز قومٍ ذُلَّ.
-فهلَّا أكرمنا الرجل الذی قاد جيشنا علی مدیٰ ثلاثة عقود، ناهيك عن إنه أكثر زول لبس الكاكی فی السودان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب